رياح القواعد التقليدية تهب على اقتصاد تركيا بعد تشكيل الحكومة الجديدة

شيمشك أكد أنه لا خيار سوى العودة إلى أساس «عقلاني»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح وزير المالية والخزانة الجديد محمد شيمشك في أنقرة - 3 يونيو 2023 (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح وزير المالية والخزانة الجديد محمد شيمشك في أنقرة - 3 يونيو 2023 (رويترز)
TT

رياح القواعد التقليدية تهب على اقتصاد تركيا بعد تشكيل الحكومة الجديدة

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح وزير المالية والخزانة الجديد محمد شيمشك في أنقرة - 3 يونيو 2023 (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح وزير المالية والخزانة الجديد محمد شيمشك في أنقرة - 3 يونيو 2023 (رويترز)

كشف وزير الخزانة والمالية التركي الجديد محمد شيمشك، عن ملامح السياسة الاقتصادية التي سيطبقها في المرحلة المقبلة من أجل إعادة الاقتصاد إلى المسار الطبيعي وفق القواعد التقليدية.

وقال شيمشك، خلال تسلمه مهام منصبه من سلفه نور الدين نباتي الأحد، إنه «لم يبق أمام تركيا خيار سوى العودة إلى أساس عقلاني، فالاقتصاد التركي القائم على القواعد والذي يمكن التنبؤ به سيكون مفتاح وصولنا إلى الرفاهية المنشودة».

وأضاف «خفض التضخم إلى خانة الآحاد على المدى المتوسط ضمن أولويات الحكومة... الشفافية والاتساق وقابلية التنبؤ والامتثال للمعايير الدولية ستكون مبادئنا الأساسية لتحقيق هدف رفع مستوى الرفاهية الاجتماعية».

وأكد شيمشك، الذي سبق له تولي حقيبة الاقتصاد في فترات سابقة في حكومات إردوغان قبل التحول إلى النظام الرئاسي عام 2018، أن الحكومة ستعطي الأولوية للاستقرار المالي الكلي من خلال تعزيز الجودة والقدرات المؤسسية، في ظل ظروف من التحديات العالمية المتزايدة والتوترات الجيوسياسية.

وأوضح أنهم سيباشرون أعمال البرنامج متوسط المدى دون إضاعة وقت، مضيفا «سيكون إرساء الانضباط المالي وضمان استقرار الأسعار لتحقيق نمو مرتفع مستدام هدفنا الرئيسي».

وتابع: «خفض التضخم إلى خانة الآحاد على المدى المتوسط​​، وتسريع التحول الهيكلي الذي سيقلل من عجز الحساب الجاري، لهما أهمية حيوية بالنسبة لبلدنا».

وشدد على أن دعم البنك المركزي في مكافحة التضخم عبر السياسات المالية والإصلاحات الهيكلية سيكون سياسة رئيسية لوزارته.

ويحظى شيمشك باحترام الأسواق المالية بسبب خبرته في كثير من المؤسسات الدولية، ومنها صندوق النقد والبنك الدوليان ومؤسسة ميريل لينش، وأدائه خلال فترة توليه منصب وزير المالية ونائب رئيس الوزراء بين عامي 2009 و2018. وأصر إردوغان على عودته إلى وزارة الخزانة والمالية، بعدما تركها في 2018 ليتولاها صهر إردوغان برات ألبيراق، لبعث الطمأنينة لدى دوائر رأس المال الدولية.

وتحدثت وسائل الإعلام التركية خلال فترة الانتخابات عن رفض شيمشك العودة إلى الحكومة بسبب رغبته في استمرار عمله بالخارج في مجال الاستشارات مع مؤسسات مالية دولية مرموقة، وعن تمسكه حال عودته بعدم التدخل في عمله وتسليمه ملف الاقتصاد وترك حرية القرار له.

وكشفت مصادر عن أنه سيطلب تعيين حفيظ جاي أركان، صاحب الخبرة في «السياسات النقدية التقليدية»، في منصب رئيس البنك المركزي التركي بدلا من شهاب كاوجي أوغلو.

وقال الخبير الاقتصادي التركي، فاتح أوزاتاي، إن تولي شيمشك وزارة الخزانة والمالية سيولد رياحاً إيجابية في البداية، لكن يجب تحقيق «عائد معقول» في وقت قصير بشأن قضايا، مثل مكافحة التضخم وسعر الصرف والنمو وعجز الحساب الجاري.

وتساءل عن قدرة شيمشك على أن يوقف تدخلات إردوغان في الملف الاقتصادي وإقناعه بالعدول عن النظرية غير التقليدية القائمة على أن الفائدة المرتفعة هي سبب التضخم المرتفع، وتعديل النموذج الاقتصادي الذي كلف تركيا انهيارا في سعر الليرة وارتفاعا غير مسبوق للتضخم وعجز الحساب الجاري، وتآكل الاحتياطي النقدي للبنك المركزي.

ولفت خبراء إلى أن تعيين إردوغان جودت يلماز في منصب نائب الرئيس يحمل مؤشرا آخر على التركيز على الاقتصاد كأكبر التحديات التي تواجهه إلحاحا في ولايته الثالثة والأخيرة، حيث ستوجد شخصيتان مهمتان مسؤولتان عن الاقتصاد في مجلس الوزراء.


مقالات ذات صلة

تركيا: المعارضة تشيد بنموذج إسطنبول وتتعهد بالعودة للسلطة

شؤون إقليمية أوزيل خلال زيارته رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو السبت (من حساب أوزيل على «إكس»)

تركيا: المعارضة تشيد بنموذج إسطنبول وتتعهد بالعودة للسلطة

أشاد زعيم المعارضة التركية بأداء رئيس بلدية إسطنبول التي يقول إنها أصبحت نموذجاً لما يستطيع حزبه تحقيقه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكشنار ودعت السياسة خلال المؤتمر العام الاستثنائي لـ«حزب الجيد» في أنقرة السبت

أكشنار تودّع الحياة السياسية والحزبية في تركيا

أطلّت رئيسة حزب «الجيّد» التركي القومي المعارض للمرة الأخيرة خلال المؤتمر العام الاستثنائي للحزب بعد تحقيقها نتائج هزيلة في الانتخابات المحلية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا أنصار المعارضة يحتفلون بالفوز في أنقرة الأحد (أ.ف.ب)

إردوغان ينتقد تضخيم المعارضة لنتائج الانتخابات المحلية

المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا يعلن نتائج طلبات الاعتراض التي قدمتها الأحزاب السياسية على نتائج الانتخابات المحلية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أثار اتصال بين إردوغان وأكشنار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية التركية (د.ب.أ)

تركيا: اندماج «ورثة أربكان» يفجر جدلاً واسعاً

أثارت تكهنات حول اندماج محتمل لحزبَي «السعادة» و«الرفاه من جديد» جدلاً واسعاً على خلفية نتائج الانتخابات المحلية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الشعب الجمهوري أووزغور أوزيل واعضاء مجلس الحزب أمام المجلس الأعلى في أنقرة الأحد (إكس)

تركيا: «الشعب الجمهوري» يحشد أنصاره في معركة استعادة هطاي

تواصلت الاعتراضات على نتائج الانتخابات المحلية في بعض مناطق تركيا، وأصبحت ولاية هطاي جنوب البلاد محوراً لأزمة جديدة بعد انتهاء أزمة ولاية وان شرق البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.