أعاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الدستور الجديد إلى أجندة البلاد بعدما تراجع الجدل حوله في الفترة الأخيرة، موجها انتقادات للمعارضة بسبب رفض دعوته لوضع الدستور.
وقال إردوغان: «إن الدستور الجديد ليس ترفاً بالنسبة لتركيا، لكنه ضرورة طال انتظارها، والخطوة التي سيتم اتخاذها في هذا الاتجاه ستمكن من تحقيق هدف (قرن تركيا) بسرعة أكبر». وأضاف إردوغان خلال لقاء مع ممثلي عدد من منظمات المجتمع المدني في موغلا جنوب غربي تركيا أنه «مع تغير العالم، من غير الطبيعي أن يظل الناس على حالهم، وأن واجب السياسة هو تقديم إجابات معقولة عن الأسئلة والمشكلات وتصحيح الأخطاء، إرادة الناس هي التغيير». وتابع بأن «إدارة التغيير أصعب بكثير في دول مثل تركيا، التي تضررت ديمقراطيتها بسبب الدستور الانقلابي الذي تم وضعه قبل 42 عاماً، عام 1982، ولهذا السبب، كنا نؤكد بإصرار منذ فترة طويلة أنه من الضروري أن تتخلص تركيا من أعباء الدستور الانقلابي، وأن دعوتنا هذه ليست بسبب قلقنا من فقد السلطة، كما تدعي المعارضة، بل على العكس من ذلك، لأننا نرى الحاجة إلى دستور جديد في بلادنا، ولكن لدينا معارضة لا تفهم أن دورها ليس معارضة كل شيء على طول الخط».
وقال إردوغان إنه «حتى لو صمّت المعارضة آذانها عن دعواتنا الصادقة، فإننا بحاجة إلى دستور ديمقراطي وشامل وليبرالي يصنعه المدنيون، وهو ليس رفاهية أو ترفاً بالنسبة لتركيا، بل هو ضرورة طال انتظارها».
وبدأ حديث إردوغان عن الدستور الجديد لتركيا في عام 2021، لكنه أعاد طرح الأمر بقوة عقب انتخابه رئيسا للبلاد مجددا في 28 مايو (أيار) 2023، مؤكدا حاجة تركيا إلى دستور ديمقراطي ليبرالي شامل يتخلص من آثار حقبة الانقلابات.
وقام رئيس البرلمان نعمان كورتولموش بجولة على الأحزاب الممثلة بالبرلمان، في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين، لمناقشة موقفها من مشروع دستور يفترض أن يطرحه حزب العدالة والتنمية الحاكم مع شريكه في «تحالف الشعب»، حزب الحركة القومية، لكن لم يتم الكشف بعد عن مضمونه.
وأعلن زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، أن حزبه لن يشارك في وضع دستور جديد مع من لا يلتزمون بالدستور الحالي للبلاد.
وأكدت باقي أحزاب المعارضة أن شرطها للمشاركة في النقاشات حول الدستور الجديد هو أن ينص على عودة النظام البرلماني، الذي استبدل به النظام الرئاسي عام 2018 بموجب تعديلات دستورية أجريت عام 2017.
وقال وزير العدل، يلماظ تونتش، في تصريحات، الاثنين، إن تركيا تحكم بدستور وضعه الانقلابيون الذين لم يأتوا بالانتخابات، وإن التعديلات المتكررة عليه جعلته يبدو مثل «حزمة مرقعة»، وهناك مواد تفسرها مؤسساتنا القضائية بشكل مختلف، لذا علينا أن نقدم لأمتنا دستوراً جديداً ديمقراطياً تشاركياً، حتى لا تتحول هذه التفسيرات المتناقضة إلى أزمة في المستقبل.
وترى الأوساط السياسية في تركيا، ولا سيما المعارضة، أن إردوغان يهدف من وراء دعوته لوضع دستور جديد للبلاد إلى الحصول على حق الترشح للانتخابات الرئاسية مجددا، بعدما بات غير مؤهل الترشح مرة أخرى بموجب الدستور الحالي.
وبينما تدور المناقشات الساخنة حول الدستور الجديد، أعلنت شركة «آسال»، الاثنين، نتائج أحدث استطلاع لها حول أبرز الشخصيات التي يرغب الشعب التركي في أن تترشح لرئاسة تركيا.
وللمرة الأولى منذ الانتخابات المحلية التي أجريت في مارس (آذار) الماضي، وتقدم فيها حزب الشعب الجمهوري للمرة الأولى منذ 22 عاما على حزب العدالة والتنمية الحاكم، جاء الرئيس رجب طيب إردوغان في المرتبة الأولى بنسبة 26.5 في المائة، تلاه رئيس بلدية أنقرة من حزب الشعب الجمهوري، منصور ياواش، في المرتبة الثانية بنسبة 17 في المائة، متراجعا من المرتبة الأولى.
كما تراجع رئيس بلدية إسطنبول، من حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو إلى المرتبة الثالثة بنسبة 13 في المائة.
وكانت مفاجأة الاستطلاع هي ظهور اسم وزير الخارجية، هاكان فيدان، بين المرشحين، وحصوله على المرتبة الرابعة بنسبة 6.3 في المائة، تلاه رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال في المرتبة الخامسة بنسبة 5.1 في المائة، فيما رفض 21.7 في المائة الإجابة أو قالوا إنه لا فكرة لديهم.