4 عوامل تحدد توجهات الاقتصاد العالمي الفترة المقبلة

«رفع الفائدة» يتصدر تحديات الدول العربية

مديرو الحسابات ببورصة نيويورك يتابعون تحرك أسعار الأسهم على الشاشات خلال كلمة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (رويترز)
مديرو الحسابات ببورصة نيويورك يتابعون تحرك أسعار الأسهم على الشاشات خلال كلمة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (رويترز)
TT

 4 عوامل تحدد توجهات الاقتصاد العالمي الفترة المقبلة

مديرو الحسابات ببورصة نيويورك يتابعون تحرك أسعار الأسهم على الشاشات خلال كلمة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (رويترز)
مديرو الحسابات ببورصة نيويورك يتابعون تحرك أسعار الأسهم على الشاشات خلال كلمة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (رويترز)

حدد تقرير اقتصادي صدر مؤخراً 4 عوامل ستحدد اتجاهات الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن هذه العوامل تتمثل في التطورات في شرق أوروبا والعلاقات الأميركية الصينية، إضافة إلى التغير المناخي وتصاعد الحمائية.

وبين تقرير لصندوق النقد العربي أن هذه العوامل هي الواضحة، في الوقت الذي قد تطرأ على الساحة الاقتصادية الدولية عوامل أخرى يصعب التنبؤ بها.

ولفت التقرير، الذي صدر بعنوان «آفاق الاقتصاد العربي»، إلى أن العامل الأول يتمثل في التطورات في شرق أوروبا، في إشارة إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، مشيراً إلى أن التوقعات تشير إلى أن تلك التطورات قد تستمر لسنوات، ما يضع أسواق السلع الأساسية كالطاقة وبعض المنتجات الزراعية أمام تحديات عديدة.

بينما يتمحور العامل الثاني في العلاقات الأميركية الصينية، حيث تمثل أميركا والصين نحو 42 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي، ستحدد طبيعة العلاقات بين البلدين -الاختلاف أو التعاون- جزءاً مهماً من اتجاهات الاقتصاد العالمي للسنوات القادمة.

وبين صندوق النقد العربي أن التغير المناخي يمثل العامل الثالث، حيث يحظى موضوع التغير المناخي باهتمام متزايد لدى صانعي السياسات، وصار له تأثيرات ممتدة يتوقع أن تحدد اتجاهات الاقتصاد العالمي لسنوات قادمة، في الوقت الذي عدت قضية تصاعد الحمائية العامل الرابع، حيث يتوقع أن يكون لتصاعد الحمائية آثار عميقة على طبيعة الاقتصاد العالمي، وتأثيرات على سلاسل التوريد العالمية وعلى مسار العولمة الاقتصادية.

أسعار الفائدة

قال التقرير إنه في عام 2018 شهدت أسعار الفائدة ارتفاعا بسرعة أكبر، لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية، حيث رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة أربع مرات على مدار العام. وبين صندوق النقد العربي أن تلك الخطوة عكست الثقة المتزايدة في قوة الاقتصاد الأميركي، فضلا عن المخاوف بشأن التضخم.

وأضاف: «في عام 2020 كان لجائحة كوفيد- 19 تأثير كبير على أسعار الفائدة العالمية، حيث نفذت العديد من البنوك المركزية حول العالم إجراءات طارئة لخفض أسعار الفائدة من أجل تحفيز النشاط الاقتصادي في مواجهة جائحة كورونا»، في الوقت الذي أشار إلى أنه في بعض الحالات تم تخفيض أسعار الفائدة إلى مستويات قريبة من الصفر.

وأكد التقرير أنه في عام 2021 وما بعده، أخذت أسعار الفائدة في الارتفاع مرة أخرى مع تعافي الاقتصاد العالمي من جائحة كورونا، وفي عام 2022 شهدت أسعار الفائدة ارتفاعا كبيرا بلغ أعلى مستوى له منذ أربعين عاما، حيث تم رفع أسعار الفائدة الأميركية إلى ما يقارب 5 في المائة حتى نهاية فبراير (شباط) 2023.

تحفيز النمو

شدد تقرير صندوق النقد على أنه على مدى السنوات العشر الماضية، مرت أسعار الفائدة العالمية بتطورات وتغيرات مختلفة، وحدد بعض التطورات الرئيسية، حيث قال: «في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008، نفذت العديد من البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم سياسات أسعار الفائدة المنخفضة في محاولة لتحفيز النمو الاقتصادي، وأدى ذلك إلى فترة طويلة من أسعار الفائدة المنخفضة تاريخياً التي استمرت لعدة سنـوات».

وتابع: «ابتداء من عام 2015، كانت هناك بعض العلامات على زيادة تدريجية في أسعار الفائدة العالمية، كانت هذه العملية بطيئة وحذرة، مع بقاء أسعار الفائدة منخفضة نسبيا بشكل عام».

انعكاسات على الاقتصادات العربية

أكد صندوق النقد العربي أن أسعار الفائدة تعد من المتغيرات الهامة التي تؤثر في تكلفة الاقتراض وعوائد الودائع والنشاط الاستثماري والطلب في الاقتصاد بشكل عام، وهي بذلك تؤثر بشكل مباشر على النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم.

وقال: «يتسبب رفع أسعار الفائدة في بروز عدد من التحديات، حيث يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الاستثمار والنمو الاقتصادي، وتقليل الإقراض وزيادة تكاليف الديون، وارتفاع البطالة، وتدني مستويات المعيشة»، وأضاف: «بما أن اقتصادات الدول العربية مرتبطة بشكل كبير بالاقتصاد العالمي، فقد شهدت أسعار الفائدة في الدول العربية تطورات مماثلة للتطورات العالمية». وأكد أن استجابة الدول العربية للتغيرات العالمية في أسعار الفائدة تختلف من دولة إلى أخرى، ففي حين توائم بعض الدول أسعار الفائدة المحلية مع أسعار الفائدة العالمية، تقوم دول أخرى باستجابات مختلفة بحسب طبيعة أنظمة الصرف ومرونة النظام المالي، وهيكل الاقتصاد.

وقال: «بالنسبة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، يتوقف تأثير رفع أسعار الفائدة على عنصرين أساسيين هما: أسعار النفط، وقوة الطلب المحلي».

وأضاف: «عمليا، لا يزال تأثير رفع أسعار الفائدة بين دول الخليج المصدرة للنفط في عام 2022 محدوداً حتى الآن، حيث إن تأثيره على نمو القطاع غير النفطي محدود بسبب ارتفاع أسعار النفط التي تدعم السيولة وتعزز ثقة المستثمرين والمستهلكين».

في حين لفت إلى أن الدول العربية ذات الدخل المتوسط والمنخفض، يتوقع أن تكون هناك آثار سلبية لرفع أسعار الفائدة مقارنة بالدول ذات الدخل المرتفع، خاصة الدول ذات نسب المديونية العالية.

وتابع: «علاوة على أثر ذلك على نشاط القطاع الخاص، تتكبد تلك الدول تكلفة أكبر من أجل خدمة الدين، كما أنها معرضة أكثر من غيرها للحاجة إلى الاقتراض من السوق الدولي، وهو خيار قد يبدو غير مناسب في الظروف الحالية، خاصة أن بعضها ما تزال تعاني من التبعات الاقتصادية لجائحة (كوفيد-19)، إضافة لارتفاع تكلفة استيراد الغذاء والطاقة».

وبين صندوق النقد العربي أنه في حين تبدو خيارات السياسة النقدية محدودة في العديد من الدول العربية في ضوء التطورات الدولية والمحلية، يمكن أن تلعب السياسة المالية دوراً مهماً في تقليل الأثر الانكماشي للسياسة النقدية المتشددة في الدول التي تملك حيزاً مالياً مع مراعاة ألا تؤدي السياسة المالية لرفع معدلات الفائدة.

ولفت إلى أنه في الدول ذات الحيز المالي المحدود، فإن تعزيز الإيرادات وتطوير إدارة الدين العام يعدان خطوتين مهمتين لخلق حيز مالي يسمح بدعم الفئات الهشة من المجتمع، والاستمرار في الإنفاق الرأسمالي، وتعزيز الثقة باستدامة الدين.


مقالات ذات صلة

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

العالم ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز) play-circle 00:17

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد مع البيت الأبيض في الخلفية... الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع بواشنطن الاثنين (أ.ب)

في تحول عن خطط حملته... ترمب يناقش فرض تعريفات جمركية على الواردات الحيوية فقط

يستكشف مساعدو الرئيس المنتخب دونالد ترمب خططاً لفرض تعريفات جمركية على جميع البلدان، ولكنها ستغطي فقط الواردات الحيوية، وفقاً لثلاثة أشخاص مطّلعين على الموضوع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مجموعة من الناس يتناولون الطعام بمطعم في بكين (رويترز)

نمو نشاط الخدمات في الصين بأسرع وتيرة منذ 7 أشهر خلال ديسمبر

توسع نشاط الخدمات في الصين بأسرع وتيرة له في 7 أشهر خلال ديسمبر، مدفوعاً بارتفاع الطلب المحلي، رغم تراجع الطلبات الذي يعكس تنامي المخاطر التجارية على الاقتصاد

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا شاشات تنقل خطاب ماكرون بمناسبة السنة الجديدة في باريس (أ.ف.ب)

ماكرون في مواجهة تحديات داخلية وخارجية في 2025

سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطابه بمناسبة العام الجديد، إلى استنهاض مواطنيه وحثّ الأوروبيين على الدفاع عن مصالحهم.

ميشال أبونجم (باريس)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي النرويجي في أوسلو (رويترز)

«المركزي النرويجي» يثبت الفائدة... ويخطط لخفضها في مارس 2025

أبقى البنك المركزي النرويجي سعر الفائدة دون تغيير عند 4.50 في المائة، وهو أعلى مستوى له في 16 عاماً، كما كان متوقعاً.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

مؤشر مديري المشتريات بأميركا يسجل أعلى مستوى في 33 شهراً نهاية 2024

مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)
TT

مؤشر مديري المشتريات بأميركا يسجل أعلى مستوى في 33 شهراً نهاية 2024

مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)

اختتم الاقتصاد الأميركي عام 2024 على نحو قوي، حيث بلغ مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات 56.8 في ديسمبر (كانون الأول)، مرتفعاً من 56.1 في نوفمبر (تشرين الثاني) ومسجلاً أعلى مستوى له في 33 شهراً.

وعلى الرغم من أنه أقل من التقدير الأولي البالغ 58.5، فإن الأداء القوي لقطاع الخدمات طغى على الضعف المستمر في قطاع التصنيع.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب أيضاً إلى 55.4 من 54.9 في الشهر السابق، مما يؤكد زخم النمو القوي.

وأشار كريس ويليامسون، كبير اقتصاديي الأعمال في «ستاندرد آند بورز»، إلى أن «النشاط التجاري في اقتصاد الخدمات الواسع ارتفع في الشهر الأخير من عام 2024 على خلفية زيادة دفاتر الطلبات وازدياد التفاؤل بشأن آفاق العام المقبل».

وقد عززت قوة القطاع نمو الناتج المحلي الإجمالي، الذي من المتوقع أن يظل «قوياً»، بعد أن سجل توسعاً بنسبة 3.1 في المائة في الربع الثالث من عام 2024.

ويرتبط التفاؤل جزئياً بتوقعات السياسات الصديقة للأعمال في ظل إدارة ترمب المقبلة، بما في ذلك الإصلاحات الضريبية المحتملة وإلغاء القيود والتعريفات الانتقائية التي تهدف إلى دعم الصناعات المحلية. وقد عززت مثل هذه الإجراءات المعنويات بين مقدمي الخدمات، حيث توقع كثير منهم نمواً أسرع في عام 2025.

ومع ذلك، حذّر ويليامسون من أن الزخم الحالي للاقتصاد قد يجعل صانعي السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي مترددين في خفض أسعار الفائدة بقوة. وقد لعبت الخدمات المالية، على وجه الخصوص، دوراً حاسماً في الأداء الاقتصادي في أواخر عام 2024، مدعومة بتوقعات انخفاض تكاليف الاقتراض.

وسيكون التحدي في الأشهر المقبلة هو تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي المستمر والتداعيات المحتملة لتغير توقعات أسعار الفائدة.