وسط حالة واسعة من اللغط العالمي حول تأثير وجدوى العقوبات الغربية على روسيا منذ غزوها لأوكرانيا، تتواصل مساعٍ أميركية وأوروبية لضغط الاقتصاد الروسي، بينما تشير موسكو إلى أن هذه الإجراءات لم تؤثر على اقتصادها.
وقالت وكالة الإعلام الروسية يوم الاثنين، نقلاً عن تحليل بيانات من البنك المركزي، إن المستثمرين الأجانب الذين غادروا روسيا بعد بيع أعمالهم بها في الفترة من مارس (آذار) 2022 إلى مارس 2023، سحبوا نحو 36 مليار دولار من البلاد.
وغادرت عشرات من كبريات الشركات في العالم أو قلصت عملياتها في روسيا، في ردود فعل على غزو موسكو لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022. وقلل البنك المركزي الروسي الأسبوع الماضي من أهمية تأثير تخارج الشركات الأجنبية، قائلاً إن تلك الفترة شهدت نحو 200 عملية بيع، شمل 20 في المائة فقط منها بيع أصول كبيرة تزيد على مائة مليون دولار.
وتصف موسكو أفعالها في أوكرانيا بأنها عملية عسكرية خاصة، بينما تصفها كييف وحلفاؤها الغربيون بأنها عدوان بلا داعٍ للاستيلاء على الأراضي.
وعلى الرغم من العقوبات المفروضة من قبل الغرب، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن تفاؤله بشأن الآفاق الاقتصادية لبلاده، وذلك خلال اجتماع مع ممثلين لقطاع الأعمال يوم الجمعة الماضي، قائلاً: «أنا مقتنع بأن روسيا لديها مستقبل جيد». وذكر بوتين أن هناك بعض المشكلات الاقتصادية التي يجب التغلب عليها؛ لكن سلاسل التوريد تعود إلى مسارها مجدداً ببطء. وقال: «أمر مدهش، حتى بالنسبة لي».
وتم فرض عقوبات قاسية، وانسحب كثير من الشركات الغربية من السوق الروسية، في أعقاب الغزو الروسي الشامل على أوكرانيا، ما تسبب في تعرض اقتصاد البلاد للانكماش.
لكن زعيم الكرملين دلل على أن انسحاب الشركات الغربية «كان توفيقاً وسط سوء حظ»؛ لأنه تسبب في ظهور مجالات جديدة للمنتجين الروس. وبعد فترة وجيزة من بدء الحرب، شكلت الحكومة الروسية لجنة خاصة للموافقة على بيع ممتلكات مستثمرين أجانب. ومنذ ذلك الحين، باعت شركات غربية كثيرة أصولها في روسيا بأقل من قيمتها بكثير.
وأوضح بوتين أنه لا يريد أن «تتم مكافأة الشركات التي أوقفت الإنتاج في روسيا برأسمال» لانسحابها من السوق الروسية. ومن جهة أخرى، يعمل بوتين على تعزيز تحالفات جديدة لدعم الاقتصاد. وقال، الخميس، إن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، يتجه إلى أن يصبح واحداً من مراكز عالم يتشكل متعدد الأقطاب؛ موضحاً حسب وكالة «تاس»: «ألاحظ بثقة استمرار ترسخ التعاون داخل إطار عمل الاتحاد الأوراسي، واتخاذ اتحادنا باستمرار وضع أحد المراكز المستقلة والذاتية، لعالم يتشكل متعدد الأقطاب».
وشدد الرئيس الروسي على أن التفاعل بين الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي «يتم تأسيسه دائماً على أسس المنفعة المتبادلة، ومراعاة بعضنا مصالح بعض، مع التركيز على دعم التنمية الاقتصادية المستدامة، وزيادة رفاهية شعوب كل الدول» في الاتحاد.
كما اقترح بوتين إنشاء وكالة تصنيف أوراسية تابعة للاتحاد الأوراسي؛ مشيراً إلى أن إنشاء وكالة تصنيف أوراسية يضمن توفر أدوات تقييم مناسبة لخدمة النشاط الاقتصادي المتنامي في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وقال: «سيكون من المفيد إنشاء وكالة تصنيف أوراسية، والتي من شأنها أن تضمن توفر أدوات التقييم المناسبة لخدمة النشاط الاقتصادي المتنامي في منطقة الاتحاد. ولكن المطلوب هنا، بالطبع، مبادئ رئيسية ومعايير صارمة وقدرة على الامتثال لهذه المعايير، حتى نتأكد من موضوعية التقييم، وهنا تكمن الفائدة الحقيقية، فإذا لم يتوفر ذلك، فلا جدوى من الفكرة».
وخلال الشهر الجاري، جمد الاتحاد الأوروبي أكثر من 200 مليار يورو (215 مليار دولار) من أصول البنك المركزي الروسي، منذ غزو موسكو لأوكرانيا، حسبما ورد في إحصاءات جديدة.
وأفادت «بلومبرغ» الخميس الماضي، بأن دول الاتحاد الأوروبي أبلغت عن الأرقام الجديدة الخاصة بالأصول المحظورة، بعد فرض حزمة العقوبات العاشرة التي أجبرت البنوك على الكشف عن معلومات بشأن حجم ممتلكاتها. وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، كريستيان ويجاند، إن «الاتحاد الأوروبي ملتزم بضمان أن تدفع روسيا تعويضات عن الأضرار التي تسببت بها في أوكرانيا». ولهذا السبب فإن الاتحاد الأوروبي «يستكشف سبلاً لاستخدام الأصول الروسية المجمدة والمعطلة لهذا الغرض».
في الوقت نفسه، قام الاتحاد الأوروبي بتجميد 24.1 مليار يورو من الأصول الروسية الخاصة بأفراد وكيانات تخضع لعقوبات منذ غزو أوكرانيا قبل أكثر من 14 شهراً.