«فيتش» تضع تصنيف أميركا «تحت المنظار»

تمهيداً لاحتمال خفضه

يستضيف الرئيس الأمريكي جو بايدن محادثات سقف الديون مع رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي (جمهوري من كاليفورنيا) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن ، الولايات المتحدة.-- رويترز
يستضيف الرئيس الأمريكي جو بايدن محادثات سقف الديون مع رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي (جمهوري من كاليفورنيا) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن ، الولايات المتحدة.-- رويترز
TT

«فيتش» تضع تصنيف أميركا «تحت المنظار»

يستضيف الرئيس الأمريكي جو بايدن محادثات سقف الديون مع رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي (جمهوري من كاليفورنيا) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن ، الولايات المتحدة.-- رويترز
يستضيف الرئيس الأمريكي جو بايدن محادثات سقف الديون مع رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي (جمهوري من كاليفورنيا) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن ، الولايات المتحدة.-- رويترز

وضعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني التصنيف الائتماني «الممتاز» للولايات المتحدة تحت المراقبة من أجل خفض محتمل؛ مما يزيد المخاطر مع اقتراب مفاوضات رفع سقف الدين الأميركي من اللحظات الحاسمة.

ووضعت «فيتش» تصنيف البلاد «AAA» تحت المراقبة السلبية مساء الأربعاء؛ تمهيداً لخفض محتمل إذا فشل المشرّعون في زيادة المبلغ الذي يمكن أن تقترضه وزارة الخزانة قبل نفاد أموالها، وهو ما قد يحدث في الأسبوع المقبل.

وقالت الوكالة في بيان إنّ قرارها هذا «يعكس التوتّرات السياسية المتزايدة التي تعيق حلّ المشكلة عبر رفع سقف الدين العام أو تعليق العمل به، في وقت يدنو فيه بسرعة الموعد النهائي» لبلوغ الدين العام الأميركي السقف المحدّد له قانوناً. ويتعيّن على الكونغرس أن يرفع في أسرع وقت ممكن سقف الدين العام أو أن يعلّق العمل به لتجنّب وقوع الولايات المتّحدة، لأول مرة في تاريخها، في وهدة التخلّف عن السداد.

ويمكن أن يؤثر خفض التصنيف الائتماني على تسعير أدوات دين الخزانة الأميركية التي تقدر بتريليونات الدولارات. وأعاد قرار «فيتش» للأذهان ما حدث في 2011 عندما خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيف الولايات المتحدة قبل أن تبدأ سلسلة من التخفيضات الأخرى، فضلاً عن عمليات بيع في سوق الأسهم.

وتراجعت الأسهم في آسيا يوم الخميس مع استمرار حذر المستثمرين تجاه الأسهم المحفوفة بالمخاطر؛ تحسباً لتضرر الاقتصاد العالمي إذا تخلفت الحكومة الأميركية عن سداد ديونها. وقال توني سيكامور، المحلل لدى «آي جي ماركتس» في سيدني بأستراليا «هذا ليس بالأمر المفاجئ تماماً في ضوء الفوضى التي تشهدها مفاوضات سقف الدين».

ووصلت إدارة الرئيس جو بايدن والجمهوريون في الكونغرس إلى طريق مسدودة بشأن رفع سقف الديون الاتحادية البالغ 31.4 تريليون دولار، مع اعتبار كلا الجانبين مقترحات الطرف الآخر مبالَغاً فيها بشدة. وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، فإنّ الدين العام يمكن أن يبلغ السقف المحدّد له قانوناً في غضون تسعة أيام لا أكثر.

وقالت وكالة التصنيف الائتماني في تقرير «لا تزال (فيتش) تتوقع التوصل لحل بخصوص سقف الدين قبل الموعد النهائي»، ولكنها أضافت «ومع ذلك، نعتقد أن المخاطر زادت إلى حد أنه لن يتم رفع أو تعليق سقف الدين قبل الموعد النهائي، وبالتالي يمكن أن تبدأ الحكومة في التخلف عن سداد بعض التزاماتها».

وقالت «فيتش» إن الإخفاق في التوصل لاتفاق «سيكون مؤشراً سلبياً على الحوكمة الأوسع نطاقاً واستعداد الولايات المتحدة للوفاء بالتزاماتها في الوقت الملائم»، ومن غير المرجح أن يتسق هذا مع تصنيف «AAA».

وأكّدت الوكالة أنّها ستراقب من كثب تطوّرات وضع سقف الدين العام الأميركي، مشيرة إلى أنّه إذا لم تدفع الولايات المتّحدة ديوناً تستحقّ في 1 أو 2 يونيو (حزيران) المقبل، فسيتم اعتبارها متخلّفة عن السداد، وستصبح الديون اللاحقة التي تستحقّ في غضون 30 يوماً «بالغة المخاطر»؛ ما يعني أنّ درجة هذه الديون ستصبح «سي سي سي»... أمّا بالنسبة إلى بقية الديون، فقالت «فيتش» إنّ تصنيفها سيظلّ من دون تغيير؛ إذ إنّ الولايات المتّحدة تمتلك أكبر احتياطي من الأموال في العالم.

ووصف متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية الخطوة التي اتخذتها «فيتش» بأنها تحذير، وقال إنها تؤكد الحاجة إلى التوصل لاتفاق. وقال البيت الأبيض إنه «دليل آخر على أن التخلف عن السداد ليس خياراً مطروحاً».

محادثات مستمرة

وفي أحدث جولات المفاوضات الخاصة بهذا الشأن، عقد مفاوضون ممثلون للرئيس الديمقراطي جو بايدن ورئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي، ما وصفها الجانبان بمحادثات مثمرة يوم الأربعاء، محاولين التوصل إلى اتفاق لرفع سقف ديون الولايات المتحدة. وبعد اجتماع في البيت الأبيض استمر أربع ساعات، قال مكارثي إن المفاوضات شهدت تحسناً وستستمر خلال المساء... وتوقع أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق، رغم أن العديد من القضايا لا يزال دون حل.

وقال مكارثي للصحفيين «أحرزنا بعض التقدم... وهذا أمر إيجابي جداً»، وتابع «أريد أن أتأكد من توصلنا إلى الاتفاق الأنسب. وبوسعي أن أرى أننا نعمل في اتجاه ذلك».

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن المحادثات لا تزال مثمرة. وأضافت في إفادة صحافية في أثناء المناقشات «إذا استمرت بحسن نية، فسنتمكن من التوصل إلى اتفاق».

لكن البيت الأبيض والديمقراطيين في الكونغرس اتهموا الجمهوريين بأخذ الاقتصاد رهينة للدفع ببرنامج لا يمكنهم إقراره لولا ذلك. وقالوا إن على الجمهوريين تقديم المزيد من التنازلات لأنهم سيحتاجون إلى أصوات الديمقراطيين لتمرير أي اتفاق.

ويسابق المفاوضون الزمن، وسط التحذيرات. ويقول خبراء الاقتصاد إن تعثر الحكومة عن السداد من شأنه أن يؤدي إلى انهيار وول ستريت ودفع الاقتصاد نحو الركود، مع تضرر المواطنين العاديين أيضاً. وقد يكون مقدمو الخدمات الطبية، الذين يعتمدون على المدفوعات الحكومية، من أوائل الجهات المتضررة.

وقال كبار الجمهوريين في مجلس النواب إنهم سيوقفون انعقاد المجلس بدءاً من الخميس من أجل عطلة يوم الذكرى التي تستمر أسبوعاً، لكنهم سيستدعون المشرّعين للتصويت إذا لزم الأمر، بحسب «بانشبول نيوز»... ويصر مكارثي على أن أي اتفاق يجب ألا يتضمن رفع الضرائب ويتعين أن يخفض الإنفاق، لا أن يثبته كما اقترح بايدن.


مقالات ذات صلة

أسواق آسيا تتراجع مع تحول التركيز إلى الاقتصاد الأميركي

الاقتصاد تجار العملات بالقرب من شاشة تعرض مؤشر أسعار الأسهم الكورية المركب «كوسبي» (أ.ب)

أسواق آسيا تتراجع مع تحول التركيز إلى الاقتصاد الأميركي

انخفضت أسهم آسيا بشكل عام يوم الخميس مع تحول اهتمام السوق إلى البيانات القادمة حول الاقتصاد الأميركي بعد أن أعلنت «إنفيديا» عن نتائجها المالية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد صورة مركّبة للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

خطاب شعبوي يطغى على خطط ترمب وهاريس لمعالجة الاقتصاد

مع اقتراب موعد أول مناظرة بين الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، ونائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس، يدخل الاقتصاد في خطاباتهما الشعبوية.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد مستثمر يراقب شاشة تعرض معلومات الأسهم في «سوق الأسهم السعودية (تداول)» بالرياض (رويترز)

آمال خفض «الفائدة الأميركية» تدفع معظم الأسهم الخليجية للمكاسب

أغلق معظم أسواق الأسهم بمنطقة الخليج على ارتفاع بنهاية تداولات الاثنين، بعد إشارة رئيس «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي جيروم باول إلى احتمال خفض سعر الفائدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ومحافظا بنك إنجلترا أندرو بيلي وبنك كندا تيف ماكليم خلال استراحة خارج قاعة مؤتمر جاكسون هول (رويترز)

التوقعات القاتمة تنذر بأوقات مضطربة للاقتصاد العالمي والأسواق المالية

طغت العلامات المتزايدة على ضعف النمو والمخاطر الناشئة في سوق العمل على تجمع لصُناع السياسات العالميين بمؤتمر جاكسون هول السنوي.

«الشرق الأوسط» (جاكسون هول)
الاقتصاد نائبة الرئيس كامالا هاريس على اليسار والمرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ب)

شركات أميركية معرضة لخسائر جمة مع قرب الانتخابات الرئاسية

بينما بات المناخ السياسي أكثر استقطابا من أي وقت مضى في أميركا، تجد الشركات الكبرى نفسها في مرمى نيران الانتقادات والاتهامات بدعم مرشح ما في الانتخابات الرئاسية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)
من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)
TT

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)
من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)

بدأ وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، جولة اقتصادية بشرق آسيا، تشمل الصين وسنغافورة، حيث سيلتقي مسؤولي الشركات العالمية الرائدة في صناعة السيارات والأتمتة والحلول التكنولوجية، إضافة إلى القطاعات الاستراتيجية الأخرى.

وسيبحث وفد منظومة الصناعة والتعدين، خلال جولته التي تستمر من 1 إلى 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، عن فرص استثمارية متبادلة في القطاع الصناعي، تماشياً مع أهداف «رؤية 2030» لتنويع الاقتصاد وتحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة على مستوى العالم.

ويشارك الوفد في اجتماعات استراتيجية مع كبار المسؤولين الحكوميين من مختلف الوزارات في الصين وسنغافورة.

وستشمل الاجتماعات الرئيسية في غوانغزو الصينية لقاءات مع مسؤولي «جاك غروب» لصناعة السيارات، وشركة «جنرال ليثيوم» لتصنيع بطاريات السيارات، إلى جانب اجتماع مع شركة «هواوي» الصينية؛ عملاق الاتصالات والحلول الذكية في العالم.

ويشمل جدول الوفد في سنغافورة، زيارة ميناء «تواس»، الذي يعدّ أكبر ميناء آلي في العالم.

أكبر شريك تجاري

ترتبط المملكة بعلاقات استراتيجية متينة بالصين تمتد لأكثر من 80 عاماً، وقد شهدت نمواً متسارعاً خلال العقد الأخير في شتى المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية وغيرها.

وتعدّ الصين أكبر شريك تجاري للمملكة، حيث فاق حجم التبادل التجاري بينهما 100 مليار دولار خلال عام 2023.

وخلال عام 2023، شملت الاستثمارات الصينية في السعودية ما قيمته 5.6 مليار دولار في قطاع تصنيع المعدات الأصلية للسيارات، إضافة إلى استثمارات بحجم 5.26 مليار دولار في المعادن. فيما بلغ حجم الاستثمار في قطاع أشباه الموصلات 4.26 مليار دولار.

يضاف إلى ذلك التقارب الثقافي الكبير بين المملكة والصين الذي نتج عنه اعتماد تدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية.

وتتمتع هونغ كونغ، التي تعدّ منطقة إدارية خاصة للصين، بعلاقات اقتصادية متميزة بالمملكة، حيث بلغ إجمالي حجم الصادرات السعودية غير النفطية إليها نحو 267 مليون دولار خلال عام 2023، أبرزها المعادن العادية ومصنوعاتها والأجهزة الطبية، فيما بلغ حجم الواردات من هونغ كونغ نحو 1.78 مليار دولار في العام ذاته؛ أبرزها الجلود والمواد النسيجية والمصنوعات المرتبطة بها.

تعزيز التنافسية

من ناحية أخرى، تعدّ سنغافورة من البلدان المتقدمة اقتصادياً وصناعياً، فاقتصادها من أكثر اقتصادات العالم تنافسية، وتعدّ نموذجاً فريداً لتطوير القدرات البشرية، والاستفادة من الحلول التكنولوجية والأتمتة في القطاعات المختلفة، مما يعزّز من وجود فرص مشتركة بين المملكة وسنغافورة للاستثمار في قطاعات الحلول التكنولوجية وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والأتمتة في القطاعين الصناعي واللوجيستي، خصوصاً أن المملكة تعمل على مبادرة مهمة لـ«مصانع المستقبل»، تستهدف أتمتة 4 آلاف مصنع، من خلال تحويل تلك المصانع من الاعتماد على العمالة الكثيفة ذات المهارات المنخفضة إلى الكفاءة التشغيلية والأتمتة وتطبيق الحلول والممارسات الصناعية المتقدمة، وفقاً لمعايير عالية تحقّق كفاءة الإنتاج وتحسّن ربحية هذه المصانع وتعزّز تنافسيتها.

الحلول الابتكارية

يعدّ قطاع صناعة السيارات من أبرز القطاعات الواعدة التي ركزت «الاستراتيجية الوطنية للصناعة» على تطويرها، وأيضاً على نقل المعرفة والحلول الابتكارية والتقنيات المتقدمة إليها، وتصنّف السوق السعودية واحدة من أهم أسواق السيارات في المنطقة، حيث تمثل مبيعاتها في المملكة 40 في المائة من إجمالي المبيعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأُصدر العام الماضي ترخيص لأول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية «سير»، وافتُتح أول مصنع في المملكة لصناعة المركبات الكهربائية «لوسد»، حيث تستهدف المملكة صناعة أكثر من 300 ألف سيارة سنوياً بحلول عام 2030.

تعزيز التعاون

وتتوافق زيارة وفد منظومة الصناعة والثروة المعدنية إلى الصين مع مستهدفات السعودية بأن تصبح مركزاً محورياً لصناعة السيارات في المنطقة، ورائدة في الحلول المبتكرة لصناعة مركبات صديقة للبيئة بشكل خاص؛ منها السيارات الكهربائية التي أطلقت المملكة مشروعات مهمة لصناعتها.

كما أجرت البلاد مباحثات الشهر الماضي مع جمهورية تشيلي، التي تعدّ ثاني أكبر دولة منتجة لمعدن الليثيوم في العالم، تستهدف تعزيز التعاون في مجال إنتاج هذا المعدن المكوّن الأساسي لبطاريات السيارات الكهربائية.

وتستهدف المملكة استقطاب استثمارات نوعية في 12 قطاعاً صناعياً واعداً ركزت «الاستراتيجية الوطنية للصناعة» على تطويرها، وفي مقدمتها قطاعات السيارات والأدوية والأغذية، معتمدة على بيئة استثمارية محفزة في قطاعها الصناعي.

ويتوقع أن تؤدي زيارة الصين وسنغافورة إلى توقيع شراكات تعزز العلاقات الثنائية، ومن المتوقع أن تركز هذه الشراكات على تعزيز النمو المتبادل من خلال الاستثمارات النوعية المشتركة، والتنمية المستدامة، والتنويع الاقتصادي، خصوصاً في القطاعات الصناعية الاستراتيجية.