تكلفة التمويل المستدام أقل وطأة من تداعيات الفقر في القارة السمراء

انطلاق أعمال الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الأفريقي في شرم الشيخ

المشاركون في جلسة «حشد التمويل المناخي لتيسير التحول الأخضر في الاقتصاديات الناشئة» خلال فعاليات اجتماعات بنك التنمية الأفريقي بشرم الشيخ (الشرق الأوسط)
المشاركون في جلسة «حشد التمويل المناخي لتيسير التحول الأخضر في الاقتصاديات الناشئة» خلال فعاليات اجتماعات بنك التنمية الأفريقي بشرم الشيخ (الشرق الأوسط)
TT

تكلفة التمويل المستدام أقل وطأة من تداعيات الفقر في القارة السمراء

المشاركون في جلسة «حشد التمويل المناخي لتيسير التحول الأخضر في الاقتصاديات الناشئة» خلال فعاليات اجتماعات بنك التنمية الأفريقي بشرم الشيخ (الشرق الأوسط)
المشاركون في جلسة «حشد التمويل المناخي لتيسير التحول الأخضر في الاقتصاديات الناشئة» خلال فعاليات اجتماعات بنك التنمية الأفريقي بشرم الشيخ (الشرق الأوسط)

اتفق وزراء ومسؤولون في القارة الأفريقية على أن كلفة التمويل المستدام (بغرض التنمية المستدامة) أقل وطأة على الشعوب من تداعيات الفقر الذي تعيشه دول ومدن كاملة في القارة السمراء.

ففيما تتزايد التحديات العالمية التي تواجه العالم أجمع، فإنها تأتي أشد وطأة على شعوب دول أفريقيا الفقيرة، ناقش متخصصون كيفية «تعبئة تمويل القطاع الخاص للمناخ والنمو الأخضر في أفريقيا»، إذ رأوا أن أفريقيا «إذا تمكنت من تحقيق النمو الشامل والتنمية المستدامة، يمكنها انتشال الملايين من الناس من براثن الفقر وتوفير مستقبل أفضل لمواطنيها».

غير أن البعض يرى أن تحقيق النمو الشامل والتنمية المستدامة، لن يتأتى إلا بالعمل المشترك بين دول القارة والتكامل الاقتصادي، وفي هذا السياق، خصص البنك الأفريقي للتنمية اجتماعاته السنوية المنعقدة حالياً في مدينة شرم الشيخ المصرية في الفترة من 22 إلى 26 مايو 2023، لكلفة التمويل وربطه مع معدل الفقر، مع التعويل على القطاع الخاص.

المشاركون في الجلسة الأولى لاجتماعات بنك التنمية الأفريقي قبل انطلاق المناقشات (الشرق الأوسط)

في هذا الصدد قالت وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط، خلال جلسة بعنوان: «حشد التمويل المناخي لتيسير التحول الأخضر في الاقتصاديات الناشئة»، إن التمويل العادل والكافي يسهم في تقليل مخاطر الاستثمار في الدول الناشئة، وذلك باستعراض نماذج تمويلية مبتكرة لفتح المجال أمام استثمارات القطاع الخاص، كما أنه يسلط الضوء على مختلف المشروعات الناجحة المتوافقة مع التغيرات المناخية التي يمكن تكرارها وتطويرها في البلدان النامية.

تشير التقارير الصادرة عن مبادرة سياسات المناخ إلى أن إجمالي الاستثمارات التي يحتاج إليها العالم سنوياً حتى 2030 للحفاظ على زيادة درجة حرارة الأرض عند مستوى 1.5 درجة تبلغ نحو 4.5 تريليون دولار، بينما تبلغ احتياجات الدول النامية نحو 842 مليار دولار، أما القارة الأفريقية فتحتاج إلى 250 مليار دولار.

وفي هذا السياق، قالت الوزيرة إن التدفقات الفعلية للتمويل المناخي بين 2019 و2020، تبلغ نحو 632 مليار دولار تمثل 14 في المائة من الاحتياجات الفعلية، من بينها 80 مليار دولار للدول النامية تمثل 9 في المائة من احتياجاتها، و29.5 مليار دولار لأفريقيا تبلغ نحو 11.8 في المائة من احتياجاتها الفعلية، لافتة إلى أن القطاع الخاص أتاح نحو 306 مليارات دولار من التمويل المناخي تم توجيه 14 مليار دولار للدول النامية، و4 مليارات دولار فقط لقارة أفريقيا.

من جانبها أشارت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد، إلى دور الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تعزيز جهود التكيف مع آثار تغير المناخ، وقالت إن «القطاع العام يمكن أن يسهم بدور كبير في الاستثمار في مجال البنية التحتية والذي يساعد بشكل كبير على جذب استثمارات القطاع الخاص في مجال التكيف من خلال خلق مناخ داعم لها وضمانات أكثر للحماية من المخاطر، خصوصاً مع الدور المهم الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في الفترة القادمة في الاستثمار في مشروعات التكيف، في ظل الخطوات العالمية المهمة». لافتةً إلى أهمية دعم القطاع البنكي وتمويله للمشروعات الخاصة بالتغييرات المناخية.

ولفتت الوزيرة إلى أن «رابطة الطاقة والغذاء والمياه التي سلطت مصر الضوء عليها ودعت للاستثمار فيها من خلال منصة (نوفي)، هي نموذج مهم للربط بين مشروعات التخفيف والتكيف وتشجيع الاستثمار في التكيف، حيث تقوم فكرتها على الربط بين مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بمشروعات تحلية المياه وزراعة محاصيل جديدة أكثر قدرة على التكيف مع الظروف المناخية»، مشيرة أيضاً إلى ضرورة تشجيع القطاع الخاص على تنفيذ مشروعات تدعم صغار المزارعين، إحدى أكثر الفئات تأثراً بتغير المناخ، وتضمين المجتمعات المحلية بها.

وأوضحت وزيرة البيئة أن الاستثمار في التكيف يتطلب حلولًا مبتكرة، لذا قدمت مصر خلال مؤتمر المناخ (COP27) مبادرة الحلول القائمة على الطبيعة كإطار عمل حقيقي يربط بين الأزمات العالمية للتنوع البيولوجي والمناخ، ويحقق منافع متعددة للإنسانية والطبيعة، والتي يمكن وصفها بالأرقام، حيث ستعالج 26 في المائة من تداعيات تغير المناخ، وتوفر نحو 104 مليارات دولار بحلول 2030 تصل إلى 303 مليارات دولار في 2050، كما ستوفر منافع كبيرة للإنسانية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

محافظ البنك المركزي المصري يتوسط الحضور خلال فعاليات اجتماع بنك التنمية الأفريقي (الشرق الأوسط)

وأكد رائد المناخ العالمي والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بتمويل أجندة 2030 المصرية، محمود محيي الدين، الربط بين النمو الاقتصادي الأخضر وخفض معدلات الفقر، من خلال زيادة الاستثمارات في القطاعات التي تراعي الحياد الكربوني ومن ثم جودة المعيشة وقلة البطالة لتنعكس على معدلات الفقر بالخفض.

وذكر رامي أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزي المصري، أن البنك المركزي المصري يشجع البنوك على تمويل التنمية المستدامة والمشروعات التي تراعي البعد البيئي، مشيراً إلى إطلاق «المركزي المصري» الكثير من المبادرات لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة ومواجهة تحديات البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

تتضمن المبادرات التي أطلقها «المركزي المصري»، ضمن فعاليات «اليوم العربي للشمول المالي»، السماح للبنوك بالوجود خارج فروعها في محافظات الجمهورية المختلفة خصوصاً في المناطق النائية، والتفاعل مع المواطنين من خلال فتح حسابات دون مصاريف ودون حد أدنى، وتشجيع عملاء المحافظ الإلكترونية على تفعيل محافظهم واستخدامها، وتقديم ورعاية أنشطة التثقيف المالي.

ومن منطلق الدور المهم الذي يقوم به الشمول المالي في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية، وتعزيز جهود الاستدامة والحفاظ على البيئة، قام المركزي المصري بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي بإطلاق مشروع لزيادة إنتاجية صغار المزارعين ورفع مستوى معيشتهم عن طريق توحيد الحيازات، وتنويع مصادر الدخل وزيادتها، بالإضافة إلى تبطين المساقي الزراعية، وتشجيع استخدام وسائل الري الحديث لتعزيز كفاءة استخدام المياه، واستخدام لوحات الطاقة الشمسية في الزراعة، بما يعكس أهمية الشمول المالي في تعزيز جهود الاستدامة والحفاظ على البيئة.

من جانبه، طالب جورج إلومبي، نائب رئيس البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير، خلال الندوة التي أدارها أليو مايغا، المدير الإقليمي بمجموعة المؤسسات المالية في أفريقيا بمؤسسة التمويل الدولية، باختيار المشروعات للتمويل بعد الدراسات المناسبة التي تراعي البعد الاجتماعي والبيئي والاستثماري.


مقالات ذات صلة

ترمب يعد حزمة دعم واسعة النطاق لقطاع الطاقة الأميركي

الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

ترمب يعد حزمة دعم واسعة النطاق لقطاع الطاقة الأميركي

يعمل الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، على إعداد حزمة واسعة النطاق في مجال الطاقة، لطرحها خلال أيام من توليه المنصب.

الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منتجات تابعة لـ«أسمنت الجوف» (حساب الشركة على «إكس»)

«أسمنت الجوف» السعودية و«أنجي» الفرنسية لبناء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية 

وقّعت شركتا «أسمنت الجوف» السعودية و«أنجي» الفرنسية اتفاقية بناء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في مدينة طريف (شمال المملكة)، وتشغيلها لمدة 25 سنة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «الشركة السعودية للكهرباء» (موقع الشركة)

«السعودية للكهرباء» توقع اتفاقيات شراء طاقة بـ4 مليارات دولار

وقّعت «الشركة السعودية للكهرباء» اتفاقيات شراء طاقة مع «الشركة السعودية لشراء الطاقة» (المشتري الرئيس)، بإجمالي 15 مليار ريال (4 مليارات دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح «طاقة» في معرض «ويتيكس 2024» (منصة إكس)

تحالف يضم «طاقة» الإماراتية يبرم اتفاقيتين لبيع 3.6 غيغاواط من الكهرباء إلى السعودية

وقّع تحالف شركة «أبوظبي الوطنية للطاقة» (طاقة) اتفاقيتين لبيع الكهرباء لمدة 25 عاماً مع الشركة «السعودية لشراء الطاقة» الحكومية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

محضر «الفيدرالي»: المسؤولون أيَّدوا وتيرة تدريجية لخفض أسعار الفائدة

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

محضر «الفيدرالي»: المسؤولون أيَّدوا وتيرة تدريجية لخفض أسعار الفائدة

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أيَّد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي التحرك «تدريجياً» نحو خفض أسعار الفائدة، في ظل النمو الاقتصادي الأميركي الأقوى من المتوقع، وتلاشي المخاوف بشأن صحة سوق العمل، وفقاً لمحضر اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني).

ويشير محضر الاجتماع إلى أن مسؤولي البنك المركزي الأميركي لم يعودوا يرون حاجة ملحة للوصول بسرعة إلى مستوى أسعار «محايدة» لا يعوق النمو، بعد خفض كبير بنحو نصف نقطة في سبتمبر (أيلول).

وفي اجتماع نوفمبر، خفَّضت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة إلى نطاق 4.5- 4.75 في المائة، وهو الخفض الثاني.

ويجتمع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، وهو اجتماعه الأخير قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ومن المتوقع أن يمضي البنك المركزي قدماً بخفض آخر بنحو ربع نقطة، على الرغم من أن المسؤولين يراقبون البيانات الواردة من كثب.

وقال رئيس البنك، جيروم بأول، في وقت سابق من هذا الشهر، إن الاقتصاد الأميركي القوي يعني أن البنك المركزي لا يحتاج إلى «التسرع» في خفض أسعار الفائدة.

ولا يزال التضخم -على الرغم من انخفاضه الحاد عن ذروته في عام 2022- أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة.

وأشار مسؤولو البنك المركزي إلى أن التضخم كان يتراجع، وفقاً للمحضر؛ لكن البعض حذَّر من أنه قد يستغرق وقتاً أطول من المتوقع، نظراً للقوة الأساسية للاقتصاد، واحتمال أن تؤدي المخاطر الجيوسياسية وانقطاعات سلسلة التوريد إلى إبطاء الانخفاض.

وأظهر أحدث تقرير لمؤشر أسعار المستهلك ارتفاع التضخم إلى 2.6 في المائة، بعد زيادة بنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري.

واتخذ المسؤولون أيضاً موقفاً أكثر تفاؤلاً مما كان عليه في اجتماعهم السابق بشأن آفاق سوق العمل، قائلين إنه «لا توجد علامة» على التدهور السريع.

ومع ذلك، فإن التوقف المؤقت في خفض أسعار الفائدة سيكون مبرراً «إذا ظل التضخم مرتفعاً»، كما أشار المحضر، وهو ما يعكس وجهة نظر توم باركين، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، وعضو التصويت في لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية لهذا العام، لصحيفة «فايننشيال تايمز» في مقابلة الأسبوع الماضي. وقال: «إذا كان التضخم يظل أعلى من هدفنا، فهذا يجعل من الضروري توخي الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة... إذا كانت معدلات البطالة تتسارع، فإن هذا يجعل القضية أكثر توجهاً نحو المستقبل».

وحسب أسواق العقود الآجلة، يفضل المتداولون خفضاً آخر بمقدار ربع نقطة مئوية في ديسمبر. وقال نيل كاشكاري، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، هذا الأسبوع، إن خفض أسعار الفائدة في ديسمبر «معقول»، في حين أيد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستن غولسبي فكرة تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية.