الاقتصاد العالمي رهينة الدين الأميركي

انتهاء مفاوضات رفع سقف الديون دون تقدم وبايدن ما زال متفائلاً

شخص يسير بدراجته أمام لوحة تظهر حجم الدين الأميركي في واشنطن العاصمة في 19 مايو 2023 (أ.ف.ب)
شخص يسير بدراجته أمام لوحة تظهر حجم الدين الأميركي في واشنطن العاصمة في 19 مايو 2023 (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد العالمي رهينة الدين الأميركي

شخص يسير بدراجته أمام لوحة تظهر حجم الدين الأميركي في واشنطن العاصمة في 19 مايو 2023 (أ.ف.ب)
شخص يسير بدراجته أمام لوحة تظهر حجم الدين الأميركي في واشنطن العاصمة في 19 مايو 2023 (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يراقب فيه المستثمرون، استثماراتهم في الأسواق والأصول عالية المخاطر، بحذر شديد، نتيجة قرب موعد التخلف عن سداد دين الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، دون إحراز تقدم في آخر اجتماع عقده المفاوضون مساء الجمعة، يظل الاقتصاد العالمي رهينة مفاوضات رفع سقف الدين الأميركي.

فقد بلغت المفاوضات في الولايات المتحدة بين الإدارة الديمقراطية وخصومها الجمهوريين مرحلة معقدة السبت، مع تأكيد البيت الأبيض أن شروطهم «المبالغ فيها» لرفع سقف الدين العام لن تنال موافقة الرئيس جو بايدن، رغم إبداء الأخير تفاؤله بالتوصل إلى حلّ في مهلة تتيح لأكبر اقتصاد في العالم تفادي التخلف عن السداد.

وقال النائب الجمهوري باتريك ماكهنري إن اجتماعاً بين البيت الأبيض ومفاوضين من الحزب الجمهوري بشأن رفع سقف الديون الأميركية انتهى مساء الجمعة دون إحراز تقدم. وقال ماكهنري إنه غير واثق من أن المفاوضين سيصلون إلى الهدف الذي ينشده كيفن مكارثي رئيس مجلس النواب والمتمثل في حل أزمة رفع سقف الدين خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأضاف النائب الجمهوري جاريت جريفز أن توقيت الاجتماع المقبل مع البيت الأبيض «غير محدد الآن».

غير أن بايدن قال للصحافيين على هامش قمة مجموعة السبع في مدينة هيروشيما اليابانية: «ما زلت أعتقد أننا سنتمكن من تجنّب التخلف عن السداد».

معركة سياسية مضمونها اقتصادي

يخوض الديمقراطيون والجمهوريون معركة سياسية عنوانها اقتصادي مرتبط برفع سقف المديونية العامة، من دون أن يظهر إلى الآن في الأفق إمكان التوصل إلى حلّ قبل الأول من يونيو (حزيران)، وهو التاريخ الذي حذّرت وزارة الخزانة الأميركية من أن واشنطن قد تصبح بحلوله، غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها.

ويشترط الجمهوريون الذين يمسكون بالغالبية في مجلس النواب (أحد مجلسَي الكونغرس)، أن يتعهّد بايدن بداية بإجراء تخفيضات كبيرة في الميزانية العامة لكي يوافقوا على رفع سقف الدين. من جهتها، ترى الإدارة الديمقراطية أن الجمهوريين يحوّلون خطوة لطالما كانت روتينية، إلى سلاح سياسي في مواجهة بايدن، وعينهم على الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024.

تلقّى بايدن الموجود في هيروشيما لحضور قمة مجموعة السبع، صباح السبت موجزاً من فريقه بشأن المباحثات. وتراجعت الآمال الجمعة بحلّ قريب، مع تأكيد الطرفين أن المفاوضات صعبة.

وأعلن رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن ماكارثي ليل الجمعة «توقّفاً» في المفاوضات، قائلاً للصحافيين: «نعم، يجب أن نتوقف».

رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي يرد على أسئلة لوسائل الإعلام بمبنى الكابيتول (إ.ب.أ)

أتى ذلك بعيد كشف مسؤول في البيت الأبيض وجود خلافات «فعلية بين الأطراف المعنيين بشأن قضايا الميزانية وستكون المناقشات صعبة».

إلا أن المباحثات استؤنفت بعد ساعات من ذلك، مما حدا بالمتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان - بيار للتأكيد أن الإدارة الديمقراطية تبقى «متفائلة». غير أن مدير الاتصالات في البيت الأبيض بين لابولت عكس موقفاً أقل تفاؤلاً.

وقال في بيان صحافي إن «الجمهوريين يأخذون الاقتصاد رهينة ويدفعوننا إلى شفا التخلف عن السداد، مما قد يكلّفنا ملايين الوظائف ويدفع البلاد نحو الركود (الاقتصادي) بعد عامين من النمو الثابت للوظائف والأجور». وأكد أن بايدن لن يقبل طروحات الجمهوريين «المبالغ فيها»، وشدد على إمكان رسم «مسار للمضي قدماً لبلوغ اتفاق من الحزبين إذا عاد الجمهوريين إلى طاولة المفاوضات بحسن نيّة».

تحتاج الحكومة الأميركية لاقتراض المزيد من المال لمواصلة الإنفاق، مما يعني أن رفض الجمهوريين رفع سقف الدين سيحول دون وفائها بالتزاماتها، مما ستكون له تداعيات يرجّح ألَّا تقتصر مفاعيلها على الولايات المتحدة، بل ستمتد تداعياتها على الاقتصاد العالمي.

ويرى الجمهوريون أن رفع الدين العام إلى ما فوق 31 تريليون دولار هو إجراء يصعب القبول به، وأنه يجب الاتفاق على إجراء تخفيضات تتيح موازنة أكبر بين الواردات والنفقات، عوضاً عن الاكتفاء كل مرة برفع سقف المديونية العامة.

أولوية الإدارة الأميركية

من جهتهم، لا يعارض الديموقراطيون البحث في خفض الميزانية، لكنهم يرفضون جعل رفع سقف الدين رهينة لذلك. ويؤكدون أن الأولوية قبل البحث في أي خطوة هي ضمان قدرة الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها والحفاظ على مصداقيتها المالية. وشدد ماكارثي الجمعة على أنه «لا يمكننا إنفاق المزيد من المال السنة المقبلة».

ويرى الديمقراطيون أن مطالب الجمهوريين تدفعها أجندة الجناح اليميني المتطرف الذي بات يهيمن على السياسات العامة للحزب.

وحذّر مدير الاتصالات في البيت الأبيض لابولت من أن مطالب الجمهوريين بشأن التخفيضات في الميزانية ستتسبّب في خسائر كبيرة في الوظائف وإضعاف شبكة الأمان الاجتماعية، في مقابل تمديد الإعفاءات الضريبية للأثرياء.

في المقابل، يطرح الديمقراطيون زيادة الضرائب على الأغنياء والقبول بتخفيضات أقل في الميزانية. وعكس بايدن في تصريحاته للصحافيين، رغبته في استكمال البحث بطول أناة.

وقال: «هذه عملية تفاوض، تتم على مراحل». وأضاف رداً عن سؤال عما إذا كان قلقاً بقوله: «على الإطلاق».

سيعود بايدن إلى واشنطن الأحد بعد قمة مجموعة السبع، وهو ألغى زيارتين كان من المقرر أن يقوم بهما في أعقابها إلى أستراليا وبابوا غينيا الجديدة، لاختصار رحلته والعودة من أجل استكمال المباحثات بشأن الدين.


مقالات ذات صلة

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الاقتصاد الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

في ظل الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد الليرة السورية (رويترز)

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

قال عاملون بالصرافة في دمشق، اليوم (السبت)، إن الليرة السورية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 مقابل الدولار، بحسب «رويترز».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند المستهدف.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.