لبنان: تجدّد الجدل المالي لا يطمئن المودعين في البنوك

إبهام حكومي متعمّد في مقاربة الفجوة المالية

استحدث التعميم الأساسي رقم 165 الصادر حديثاً مقاصة جديدة لدى البنك المركزي أنيط بها القيام بعمليّات التسوية الإلكترونيّة العائدة للأموال النقديّة السائلة (الفريش) بالليرة وبالدولار (رويترز)
استحدث التعميم الأساسي رقم 165 الصادر حديثاً مقاصة جديدة لدى البنك المركزي أنيط بها القيام بعمليّات التسوية الإلكترونيّة العائدة للأموال النقديّة السائلة (الفريش) بالليرة وبالدولار (رويترز)
TT

لبنان: تجدّد الجدل المالي لا يطمئن المودعين في البنوك

استحدث التعميم الأساسي رقم 165 الصادر حديثاً مقاصة جديدة لدى البنك المركزي أنيط بها القيام بعمليّات التسوية الإلكترونيّة العائدة للأموال النقديّة السائلة (الفريش) بالليرة وبالدولار (رويترز)
استحدث التعميم الأساسي رقم 165 الصادر حديثاً مقاصة جديدة لدى البنك المركزي أنيط بها القيام بعمليّات التسوية الإلكترونيّة العائدة للأموال النقديّة السائلة (الفريش) بالليرة وبالدولار (رويترز)

استعادت الجدليات الخاصة بإعادة الهيكلة وبمصير المدخرات «المحتجزة» في المصارف اللبنانية، حيويتها في الردهات الحكومية والنيابية. وفي أوساط القطاع المالي، من دون تحقيق أي تقدم نوعي يشير إلى تسريع وتيرة صدور التشريعات الناظمة وبإرساء حلول مُرضية توازن بين مشروعية حقوق المودعين المقيمين وغير المقيمين من جهة، ووقائع توزع مسؤوليات المعالجة لدى ثلاثي الجهاز المصرفي والبنك المركزي والدولة.

وأسهم شيوع معلومات بإمكانية إصدار تراخيص من قِبل البنك المركزي لمصارف تجارية ورقمية جديدة، وصدور تعميم تنظيمي لإدارة التدفقات الدولارية الجديدة (الفريش) في تظهير حدة التناقض في المقاربات الخاصة بمسار خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي وبمصير كتلة الودائع المحررة بالعملات الصعبة والبالغة نحو 94 مليار دولار تمثل نحو 98 في المائة من إجمالي الودائع العالقة في البنوك.

وزاد في حدة الغموض غير البناء، وفقاً لمسؤول مصرفي كبير، احتدام الخلافات والنقاشات الساخنة والتلويح بالطعن أمام مجلس شورى الدولة، بشأن إقدام الحكومة في جلستها الأخيرة على إضفاء التغطية الرسمية من قبل السلطة التنفيذية على اتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة من قبل «المركزي»؛ «لإلزام المصارف بسقف السحوبات المتاحة للمودعين (سحباً أو تحويلاً)، وفقاً للتعاميم ذات الصلة، والتعامل بشكل يساوي فيما بينهم وعدم إعطاء أي أولوية لوديعة على أخرى أو على أي التزام آخر بالعملة الأجنبية مهما كان نوعه أو مصدره، والاستمرار بمنح عملائها حرية التصرف بالأموال الجديدة (الفريش)».

وضمن السياق عينه، استحدث التعميم الأساسي رقم 165 الصادر حديثاً، مقاصة جديدة لدى البنك المركزي، أنيط بها القيام بعمليّات التسوية الإلكترونيّة العائدة للأموال النقديّة السائلة (الفريش) بالليرة وبالدولار، حيث نصّ على أنه يتوجّب على المصارف فتح حسابات جديدة بالليرة اللبنانيّة وبالدولار الأميركي لدى مصرف لبنان مخصّصة بشكل حصري لإجراء العمليّات المتعلّقة بمقاصة الشيكات والتحاويل الإلكترونيّة الخاصّة بالأموال النقديّة. ويجب على المصارف فتح هذه الحسابات خلال مهلة أقصاها 10 مايو (أيّار) الحالي، على أن تتضمّن هذه الحسابات الأموال الكافية، وبناءً على تقديرات كل مصرف، لاستعمالها كمؤونة لضمان نجاح عمليّات التسوية.

حقائق

73 مليار دولار

الفجوة المالية في لبنان

ولاحظ المسؤول المصرفي، أن الإبهام المتعمّد من قِبل الحكومة في مقاربة أثقال الفجوة المالية التي تقدرها بنحو 73 مليار دولار وتوزيع مسؤولياتها، والمتمدّد طرداً إلى عدد من النواب، يشكل النواة الصلبة لتبديد آمال المودعين باسترجاع حقوقهم ضمن سياقات خطة التعافي المنشودة، والمعزّزة باستكمال موجبات الاتفاق النهائي مع إدارة صندوق النقد الدولي، فضلاً عن إرساء منهجية واضحة لإدارة الدين العام وضمان تدفقاته واستدامته.

ووفق بيانات محدثة، يضيف المسؤول، تقر ورقة حكومية وردت إلى لجنة الاقتصاد النيابية، بأن إجمالي توظيفات المصارف لدى البنك المركزي تناهز 85 مليار دولار. وهي قيود مثبتة في الميزانية، إنما غير قابلة للسداد أو «محتجزة» عملياً بسبب إنفاق الجزء الوازن منها على تمويل مصروفات الدولة وعجوزات الموازنات وسياسات نقدية ومالية أقرّتها السلطات التنفيذية والتشريعية المتعاقبة.

خطة الحكومة الاقتصادية الواردة بصيغ متعددة ومعدلة، والتي جرى تنسيقها وتفنيدها خلال جولات التفاوض والتشاور مع بعثة صندوق النقد، تضمنت حرفياً كلمة «شطب» الحصة الأكبر من التزامات البنك المركزي

رئيس البرلمان نبيه بري

وفي مقابل التشديد المطمئن للمودعين وللمصرفيين على السواء بشأن «قدسية» الحقوق وسدادها والذي أكده تكراراً رئيس مجلس النواب نبيه بري، فإن خطة الحكومة الاقتصادية الواردة بصيغ متعددة ومعدلة، والتي جرى تنسيقها وتفنيدها خلال جولات التفاوض والتشاور مع بعثة صندوق النقد، تضمنت حرفياً كلمة «شطب» الحصة الأكبر من التزامات البنك المركزي الموظفة لديه من قِبل المصارف. ثم جرى «تلطيفها» بعبارة «إلغاء» قسم من التزامات البنك المركزي بالعملة الصعبة تجاه المصارف؛ وذلك بهدف تصحیح رأس مال البنك المركزي وإغلاق الحساب المفتوح لدیه بالعملة الصعبة. 

بالتوازي، يلفت المسؤول المصرفي، إلى أن ما شهدته توظيفات المصارف لدى القطاع الخاص اقتطاعات هائلة في قيمها الأصلية. وهو ما تسبب باختناقات حادة في مورد حيوي ضامن لانسياب سداد الودائع. فعشية انفجار الأزمتين النقدية والمالية بلغت محفظة التمويل والتسليفات للأفراد والشركات اكثر من 50 مليار دولار للقطاع الخاص المحلي، بينها نحو 41 مليار دولار كعقود مبرمة بالعملات الصعبة. وانحدر الرقم المجمع حالياً إلى أقل من 10 مليارات دولار، كقيود دفترية، بسبب إتاحة السداد الملزم للبنوك بشيكات الدولار المحلي أو باحتساب الدولار بالسعر الرسمي السابق البالغ نحو 1515 ليرة.


مقالات ذات صلة

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

الاقتصاد منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند المستهدف.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

حثت الصين الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد دعوات إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

قال رئيس البنك المركزي الألماني إن الاقتصاد سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

هيئة أميركية تعيد فتح تحقيق بشأن «نيورالينك» واستحواذ ماسك على «تويتر»

أعادت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية فتح تحقيق هذا الأسبوع بشأن شركة «نيورالينك»، وأمهلت ماسك 48 ساعة لدفع تسوية في الاستحواذ على «تويتر».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
TT

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

قال مصدر لوكالة «رويترز» للأنباء إن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مددت مهلة حتى يوم الاثنين المقبل، أمام إيلون ماسك، للرد على عرضها لحسم تحقيق في استحواذ الملياردير على «تويتر»، مقابل 44 مليار دولار في عام 2022.

وغرد ماسك، أمس (الخميس)، بنسخة من رسالة أرسلها محاموه إلى رئيس الهيئة، جاء فيها أن موظفي الهيئة منحوه 48 ساعة للموافقة على دفع غرامة أو مواجهة اتهامات.

وقال المصدر إن الهيئة أرسلت إلى ماسك عرض تسوية، يوم الثلاثاء، سعياً للحصول على رد في 48 ساعة، لكنها مددت العرض إلى يوم الاثنين بعد طلب مزيد من الوقت.

وانخرطت الهيئة وهي أعلى سلطة في تنظيم الأسواق الأميركية وماسك في معركة قضائية، معلنة عن التحقيق الذي أجرته الوكالة في استحواذه على منصة التواصل الاجتماعي التي غيّر ماسك اسمها منذ ذلك الحين إلى «إكس».

ورفض متحدث باسم مكتب الشؤون العامة في هيئة الأوراق المالية والبورصات التعليق، ولم يرد محامي ماسك بعد على طلبات التعليق.

وكانت الهيئة تحقق فيما إذا كان ماسك قد انتهك قوانين الأوراق المالية في عام 2022 حين اشترى أسهماً في «تويتر»، بالإضافة إلى البيانات والملفات التي قدمها فيما يتعلق بالصفقة. وقد سعت إلى إنفاذ أمر استدعاء قضائي لإجبار ماسك على الإدلاء بشهادته بشأن هذه المسألة.

ويتعلق التحقيق بالملف الذي قدمه ماسك في الآونة الأخيرة إلى الهيئة بشأن مشترياته من أسهم «تويتر»، وما إذا كان أراد التربح أم لا.