لوح الكرملين أمس، بقطع إمدادات الغاز في حال أصرت بلدان الاتحاد الأوروبي على رفض دفع قيمته بالعملة الروسية. وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إن بلاده «لن تضخ الغاز مجانا». في الوقت ذاته، أعلنت الخارجية الروسية عن توجه لفرض قيود واسعة على دخول مواطني البلدان «غير الصديقة» إلى روسيا. ميدانيا، ترافقت التحضيرات لانطلاق جولة المفاوضات الجديدة بين وفدي روسيا وأوكرانيا، مع اتساع نطاق المواجهات في ماريوبول التي شهدت عمليات تمشيط واسعة لإحكام السيطرة عليها.
وأفاد بيسكوف في حديث مع الصحافيين أمس، بأن الدوائر الروسية المختصة تناقش حاليا بالتعاون مع شركة «غازبروم» تفاصيل تحويل مدفوعات الغاز الطبيعي المصدر إلى «دول غير صديقة» إلى العملة الروسية الروبل. «وأوضح أن عمليات إمداد الغاز معقدة للغاية. هذه ليست عملية شراء لبعض المنتجات في متجر حيث تشتري وتدفع عند الخروج، بل تمر بمسار طويل ونعمل حالياً على إعداد الآليات المطلوبة لإتمام عمليات الدفع بالروبل». وردا على سؤال حول رد فعل موسكو في حال رفضت أوروبا الدفع بالروبل، قال بيسكوف إن بلاده «سوف تتعامل مع المشكلة عندما تظهر» في إشارة إلى أن موسكو ما زالت تتوقع أن توافق بعض البلدان المستوردة على آليات الدفع بالروبل.
«الغاز ليس مجاناً»
في الوقت ذاته، حذر الناطق الرئاسي من أن «هناك حقيقة لا لبس فيها، نحن لن نقدم الغاز مجانا لأي طرف. يمكننا أن نؤكد ذلك بيقين مطلق» وأضاف: «في الوضع الراهن من الصعب أن نتحدث عن احتمال انخراط روسيا في نشاط خيري لصالح الأوروبيين». من جهة ثانية، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن روسيا ستفرض قيوداً على دخول مواطني الدول غير الصديقة. وأوضح خلال اجتماع للجنة التعاون الدولي في حزب «روسيا المتحدة» الحاكم أنه «سيتم إضفاء الطابع الرسمي على هذا القرار على شكل مرسوم رئاسي، ويجري الآن وضع مسودة الوثيقة».
وأوضح الوزير: «يفرض هذا القانون عدداً من القيود على الدخول إلى أراضي روسيا. وفي الوقت نفسه، يضع ضوابط لمنع تهديد حياة وصحة مواطني البلدان الثالثة الذين انتهى بهم المطاف في أراضي أوكرانيا». وقال لافروف خلال الاجتماع، إن الولايات المتحدة وحلفاءها «أعلنوا صراحة حرباً هجينة شاملة على روسيا. والغرض من هذه المواجهة، لا يخفيه الغرب وهو يتمثل في تدمير الاقتصاد الروسي، وتقويض الاستقرار السياسي الداخلي وإضعاف روسيا بشكل كبير في نهاية المطاف، ودفعنا إلى هامش الحياة الدولية».
لقاء بوتين وزيلينسكي
من جانب آخر، قال لافروف، إن عقد لقاء بين رئيسي الاتحاد الروسي وأوكرانيا، فلاديمير بوتين فلاديمير زيلينسكي «يعد أمرا ضروريا، بمجرد أن تتضح آفاق حل جميع القضايا الرئيسية المتعلقة بمصير دونباس، ونزع السلاح وتقويض النازية من أوكرانيا». وفي إشارة إلى الشروط التي تضعها روسيا لإنجاح المفاوضات، قال لافروف: «عندما نتفاوض الآن مع الجانب الأوكراني، فإننا نسعى إلى وضع ضمانات مؤكدة بأن المواطنين في دونباس لن يعانوا مرة أخرى من تصرفات نظام كييف. ونحن ملزمون بالتأكد من أن أوكرانيا سوف تلتزم الحياد، ولن تكون منصة لحلف شمال الأطلسي لتوجيه تهديدات عسكرية ضد روسيا، وأن تتوقف أوكرانيا عن كونها بلداً عسكرياً باستمرار، فضلا عن تقويض الجهود الرامية إلى تشجيع الآيديولوجية والممارسات النازية في أوكرانيا». وزاد الوزير «نزع السلاح وتقويض النازية في أوكرانيا عنصران لا غنى عنهما في الاتفاقات التي نعمل عليها ». ورأى أن «هناك حاجة إلى اجتماع الرئيسين بمجرد أن يكون لدينا الوضوح فيما يتعلق بنتائج كل هذه القضايا الرئيسية.
لقد لفتنا الانتباه إلى هذه المشاكل لسنوات عديدة. الغرب لم يستمع إلينا، والآن هم يسمعون صوتنا جيدا، حسناً، على الأقل هناك نوع من التقدم».
وكانت موسكو أعلنت وصول وفد أمس، إلى تركيا وسط توقعات محدودة من جولة المفاوضات الجديدة التي تنطلق اليوم برعاية من جانب أنقرة. وهي الجولة المباشرة الأولى التي يعقدها الطرفان منذ ثلاثة أسابيع، عقد خلالها المفاوضون عدة مرات مشاورات عبر تقنية الفيديو كونفرنس.
تسرب إشعاعي
على صعيد آخر،، أعلنت الهيئة الروسية لحماية حقوق المستهلكين أنها تراقب مستوى الإشعاع في الاتحاد الروسي بعد تزايد المخاوف من وقوع تسرب إشعاعي خطر بسبب اندلاع الحرائق في المنطقة المحظورة في محيط محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية.
وأكد بيان أصدرته الهيئة أن الوضع الإشعاعي في روسيا مستقر. وكانت كييف حذرت من اندلاع حرائق واسعة في محيط المحطة التي أحكمت موسكو السيطرة عليها في الأسبوع الأول من الحرب. ورغم تراجع مستوى الحرائق عدة أيام، تم الإعلان أول من أمس، عن اندلاع حريق ضخم جديد في الغابات المحيطة بالمنطقة. وأفادت أمينة المظالم الأوكرانية ليودميلا دينيسوفا بأن أكثر من 10 هكتارات من الغابات اشتعلت فيها النيران في منطقة تشيرنوبيل المحظورة بسبب العمليات العسكرية. وحذرت من ارتفاع مستويات التلوث الإشعاعي نتيجة انتشار الحرائق.
ميدانياً، وسعت القوات الروسية هجوما أمس، على مدينة ماريوبول التي تشهد طوال الأسبوع الأخير مواجهات ضارية تحولت إلى قتال شوارع بعدما نجح المهاجمون في تحقيق تقدم واسع في عدد من الأحياء. ونقلت وسائل إعلام روسية أمس، مقاطع فيديو قالت إنها تظهر «عمليات تمشيط واسعة تجري في وسط المدينة لملاحقة كتائب القوميين الأوكرانيين والقضاء عليهم».
ورجح مسؤولون في دونيتسك إحكام السيطرة على ماريوبول قريبا، وقال رئيس الإقليم الانفصالي دينيس بوشلين إن «القتال قد انتقل بالفعل من الضواحي إلى وسط المدينة».
وزاد أن عمليات «التطهير جارية بالفعل في المناطق الوسطى، والتركيز الرئيسي للقوميين الآن في مصنع آزوفستال. هناك تحصينات خطيرة، لكن رجالنا، على ما أعتقد، سوف يصححون الوضع في المستقبل القريب جداً، وبعد ذلك سنكون قادرين على القول بأن المدينة تحت سيطرتنا تماما». ويشارك في القتال إلى جانب الجيش الروسي وقوات إقليم دونيتسك آلاف المقاتلين الشيشان الذين تم نقلهم من محيط العاصمة كييف إلى مناطق الجنوب. وأعلن الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف أمس، أنه «موجود في ماريوبول» مع المقاتلين الذين يقودهم.