غريفيث يغادر صنعاء ويتحدث عن «تقدم» بشأن استئناف المشاورات

«الصحة العالمية» تضع 12 شرطاً لتسيير الجسر الجوي من العاصمة اليمنية إلى الخارج

موكب المبعوث الأممي لدى مغادرته صنعاء أمس (إ.ب.أ)
موكب المبعوث الأممي لدى مغادرته صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

غريفيث يغادر صنعاء ويتحدث عن «تقدم» بشأن استئناف المشاورات

موكب المبعوث الأممي لدى مغادرته صنعاء أمس (إ.ب.أ)
موكب المبعوث الأممي لدى مغادرته صنعاء أمس (إ.ب.أ)

أنهى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الزيارة التي قام بها إلى صنعاء وبحث خلالها مع قيادة الجماعة الحوثية إمكانية استئناف المشاورات المتوقع عقدها في جنيف بعدما كانت الجولة السابقة لهذه المشاورات قد فشلت بسبب عدم حضور وفد الحوثيين.
وقال غريفيث في صفحة البعثة الأممية على «تويتر» أمس إنه «عقد اجتماعات بنّاءة في صنعاء مع قيادة (أنصار الله/ الحوثيين)، و(المؤتمر الشعبي العام - جناح صنعاء)، والوفد المفاوض». ولفتت البعثة إلى أن «غريفيث حقق تقدماً في ما يتعلق بسبل استئناف المشاورات وتدابير بناء الثقة؛ بما في ذلك إطلاق المساجين، والوضع الاقتصادي، وإعادة فتح مطار صنعاء». ومن المقرر أن يزور المبعوث الأممي اليوم الأربعاء العاصمة السعودية الرياض للقاء الحكومة اليمنية والمسؤولين في «التحالف».
وأفادت مصادر سياسية تابعة لـ«المؤتمر الشعبي» بأن غريفيث تلقى من زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي موافقة على حضور وفد جماعته إلى جولة المشاورات المرتقبة التي يتم التحضير لها في جنيف. وتابعت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن غريفيث حصل على التزام من زعيم الميليشيات بالانخراط بحسن نية في جولة المشاورات المقبلة، لكن دون تفاصيل حول طبيعة الالتزامات الأممية التي قدمها غريفيث للجماعة. وكانت الميليشيات الحوثية حالت دون وصول وفدها المفاوض في 6 سبتمبر (أيلول) الحالي إلى جنيف لحضور جولة المشاورات التي رتب لها غريفيث مع وفد الحكومة الشرعية، مشترطة تخصيص طائرة عمانية لنقل الوفد ونقل العشرات من جرحاها وقادتها إلى مسقط أولاً قبل التوجه إلى جنيف.
وعلى رغم المساعي الأممية والتسهيلات التي قدمها التحالف الداعم للشرعية من أجل وصول الوفد الحوثي، فإن الجماعة أصرت على مطالبها في سياق مواقفها المتعنتة الرامية إلى إفشال مساعي السلام وإطالة أمد الحرب.
ويسعى المبعوث الدولي إلى إحراز تقدم في مهمته الأممية عن طريق التوصل إلى اتفاق بين الحكومة الشرعية والميليشيات لبناء الثقة قبل الدخول إلى تفاصيل المفاوضات حول الأوضاع الأمنية والعسكرية والترتيبات السياسية. وتشمل جوانب بناء الثقة، كما هو مطروح على أجندة المشاورات ملفات الأسرى والمختطفين والوصول الإنساني للمساعدات وفتح مطار صنعاء ورواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية. ووصل غريفيث إلى صنعاء الأحد الماضي، قادما من مسقط، بعد لقائه هناك رئيس وفد الجماعة والمتحدث باسمها محمد عبد السلام، قبل أن يتوجه إلى العاصمة صنعاء للقاء قادة الجماعة وزعيمها الحوثي شخصيا. وكان المتحدث باسم الجماعة ذكر في تغريدة على «تويتر» أن غريفيث قابل زعيم الحوثيين وبحث معه سبل استئناف عملية السلام وتطورات الأوضاع الاقتصادية وأن الحوثي على حد زعمه «أبدى حرصه على السلام والأمن والاستقرار».
وفي حين شملت زيارة المبعوث الأممي لقاء أعضاء وفد الميليشيات ورئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط وزير خارجيتها هشام شرف، شملت لقاءه عددا من قادة حزب «المؤتمر» الخاضعين للجماعة برئاسة صادق أمين أبو راس. وأفادت المصادر بأن المبعوث الدولي وجد تصلبا من قيادات الجماعة فيما يخص استمرار تمسكهم بشروطهم المتعنتة لحضور المشاورات، وهو ما دفعه لطلب مقابلة زعيم الجماعة لانتزاع موافقته على حضور الوفد للمشاورات وعرض المقترحات الأممية المطروحة بشأن جوانب بناء الثقة بين الوفدين المفاوضين. وكان قادة الجماعة أبلغوا غريفيث أنهم يشترطون فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية التجارية وصرف رواتب الموظفين قبل الانخراط في المفاوضات، إلى جانب توفير ضمانات تتعلق بطريقة نقل الوفد المفاوض إلى جنيف وعودته إلى صنعاء.
وتتهم الحكومة الشرعية الجماعة الحوثية بأنها غير جادة في تحقيق السلام وتخفيف معاناة الشعب اليمني، إضافة إلى أنها تحاول الاستثمار في الأوضاع الإنسانية لاستدرار عطف المنظمات الغربية، على الرغم من أن انقلابها على الشرعية وإصرارها على التمسك به هو السبب الرئيسي فيما آلت إليه الأوضاع في البلاد، على حد تعبير المسؤولين الحكوميين.
وكان المبعوث الدولي أثار غضب وفد الحكومة الشرعية، لجهة تصريحاته التي أطلقها عقب فشل الجولة الماضية من المشاورات، وتجنب فيها تحميل الميليشيات الحوثية مسؤولية تعطيل مسار السلام بسبب تخلف وفدها عن الحضور.
ومن المرتقب أن يتوجه المبعوث الأممي عقب مغادرته صنعاء إلى العاصمة السعودية الرياض للقاء وفد الحكومة الشرعية وقياداتها في سياق مساعيه الرامية إلى عقد جولة جديدة من المشاورات. ويرجح أغلب المراقبين للشأن اليمني، أن الميليشيات الحوثية، ستحاول كل مرة إجهاض أي مسعى أممي لإحراز تقدم على طريق السلام، لجهة أنها لا تملك قرارها وإنما تتلقى تعليماتها من إيران. وفيما يراهن المبعوث البريطاني على تحقيق ما أخفق فيه سلفه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يؤكد المسؤولون في الحكومة الشرعية أنهم يدعمون أي مساع للسلام ما دامت تستند إلى المرجعيات الثلاث المتفق عليها.
على صعيد منفصل، ذكرت «منظمة الصحة العالمية» أمس، أنها وضعت 12 شرطا لتسيير الجسر الجوي الطبي من صنعاء لعلاج الحالات الحرجة للمدنيين خارج البلاد. وقال ممثل المنظمة في اليمن نيفيو زاغاريا في بيان بثته المنظمة أمس إن «الهدف هو مساعدة المرضى الذين يعانون من السرطان والأمراض المزمنة والتشوهات الخلقية لتلقي العلاج الذي يحتاجون إليه». وأضاف: «تم الاتفاق على 12 شرطاً ومن الضروري جداً أن يحصل الأشخاص الذين تنطبق عليهم هذه الشروط على الدعم والرعاية».
وفي الوقت الذي أبدى ناشطون يمنيون مخاوفهم من استغلال الجماعة هذا الجسر الطبي الذي تم التنسيق بشأنه مع التحالف الداعم للشرعية لتهريب قياداتها، أوضح المسؤول الأممي في بيانه أنه سيكون محصورا على «المرضى الذين يعانون من سرطان الدم والمراحل المبكرة من الأورام وسرطان عنق الرحم والغدة الدرقية الذين يحتاجون إلى العلاج الإشعاعي ونخاع العظام وزراعة الكلى». وأشار زاغاريا إلى أن «80 في المائة من المرضى لهذه الرحلة هم من النساء والأطفال وأن هذا الجسر هو أحد آمالهم الأخيرة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.