شهدت مدينة جدة بعد عصر يوم أمس، مراسم التوقيع على اتفاقية السلام بين إثيوبيا وجارتها إريتريا، بعد قطيعة وحرب استنزاف دامت أكثر من 20 عاماً. تمت الاتفاقية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
ووقع الاتفاقية كل من الرئيس الإريتري آسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، فيما حضر مراسم التوقيع بقصر السلام في جدة، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتأتي رعاية الملك سلمان بن عبد العزيز لاتفاقية المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا تأكيداً لما تمثله القيادة السعودية في تحقيق جهود السلام والمصالحة بين الفرقاء في كل أنحاء العالم، ما يجعلها «بيت الوفاق» عربياً وإسلامياً ودولياً، كما تمثل النهج السعودي في نشر السلام والتقريب بين الأشقاء والدعوة إلى التسامح والائتلاف.
فيما يعد قبول أمين عام الأمم المتحدة دعوة الملك سلمان لحضور مناسبة مراسم التوقيع، التأكيد الأممي على الدور الريادي الذي تقوم به الرياض إقليمياً وعالمياً، واعترافاً دولياً بدور المملكة الريادي في إرساء السلام، وأن خادم الحرمين الشريفين أصبح رمزاً للسلام في المنطقة والعالم، وقلد خادم الحرمين الشريفين كلاً من الرئيس الإريتري ورئيس الوزراء الإثيوبي قلادة الملك عبد العزيز.
وقبل بدء مراسم توقيع الاتفاقية، استقبل خادم الحرمين الشريفين أمس، في قصر السلام، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حيث استعرض الجانبان، مستجدات الأحداث على الساحة الدولية، ومختلف الجهود الهادفة لتحقيق السلام والاستقرار العالميين.
كما التقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، لاحقاً الأمين العام للأمم المتحدة، وشهد وبحث اللقاء جملة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً الجهود المبذولة لصون الأمن والسلم الدوليين.
من جانبه، وصف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، اتفاق السلام الذي تم توقيعه في جدة، بين إثيوبيا وإريتريا، لحل النزاع الذي دام لأكثر من 20 عاماً، باللحظة التاريخية التي تساهم في خلق بيئة سلام في عالمنا، وهو في حد ذاته مهم، في الوقت الذي تشهد فيه بعض دول العالم نزاعات كثيرة تستمر إلى الأبد.
وقال غوتيريش، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في مقر وزارة الخارجية السعودية بجدة: «أتقدم بالشكر لخادم الحرمين الشريفين على الدور الذي قام به، والحكومة السعودية على ما بذلوه من جهود في سبيل تسهيل اللقاءات التي أدت إلى هذا الإنجاز، والمساهمة في جمع كلا الطرفين، وهي تعد واحدة من أهم اللحظات التاريخية. وفي المقابل، أقدر الشجاعة والرؤية والحكمة لكل من الرئيس الإرتيري ونظيره الإثيوبي، اللذين تحليا بالقدرة على التجاوز، والتغلب على المقاومة الكبيرة السابقة وتجاوزها، حتى تمكنا من فتح فصل جديد في تاريخ دولتيهما، وكذلك تجاوبهما مع مبادرة السلام».
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أنه يشعر بأن هناك «رياحاً جديدة من الأمل تتهيأ على القارة الأفريقية، دون أن تقف على إثيوبيا وإريتريا، ومن الممكن أن نرى غداً في السعودية حضور الرئيس الجيبوتي ونظيره الإريتري، كما حصل على مستوى العالم بين دول أخرى، ونحن نتوقع تطوراً في العلاقات بين الدول».
في حين قال عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، إن هذا الاتفاق بين كل من إثيوبيا وإريتريا «جاء نتيجة جهود بذلتها كل هذه الدول، والجهود التي بذلها خادم الحرمين الشريفين وولي العهد. وقد امتدت هذه الجهود على مدى أشهر كثيرة، وكانت هناك زيارات متبادلة كثيرة، تم فيها بحث سبل وإمكانية الوصول إلى اتفاق بين البلدين المجاورين». وأوضح الجبير أنه «بسبب الشجاعة السياسية لقادة إريتريا وإثيوبيا، استطاعوا أن يتجاوزوا النزاع، ويصلوا إلى هذا الحل التاريخي، الذي نأمل أنه سيساهم في أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر، ومن شأنه أن يفتح المجال لمزيد من التعاون، ومزيد من التجارة والاستثمار، مما يخدم كل سكان هذه المنطقة الحساسة من العالم».
وأشاد الدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالجهود المخلصة والموفقة التي بذلها خادم الحرمين الشريفين «للتوصل إلى اتفاقية جدة للسلام بين إثيوبيا وإريتريا»، مؤكدا أن المكانة الدولية والإقليمية الرفيعة التي يحظى بها خادم الحرمين الشريفين، والتقدير والاحترام اللذين يكنهما زعماء إريتريا وإثيوبيا للملك سلمان، والدور المحوري الذي تقوم به السعودية لحفظ استقرار المنطقة وتعزيز الأمن والسلم فيها «كان لها أكبر الأثر في التوصل إلى هذه الاتفاقية التي من شأنها إنهاء الصراع وإحلال الأمن والسلم بين البلدين، ومنطقة البحر الأحمر والساحل الأفريقي، بما سيفتح المجال واسعا أمام مزيد من التعاون لتحقيق المصالح المشتركة لدول المنطقة والمنفعة والخير لشعوبها».
فيما أكد الدكتور يوسف العثيمين أمين عام منظمة التعاون الإسلامي أن المساعي «الحكيمة» التي يقودها الملك سلمان، أفضت إلى توقيع الرئيس الإريتري مع رئيس وزراء إثيوبيا على اتفاقية للسلام، بحضور ولي العهد السعودي.
وقال العثيمين: «إن القيادة السعودية كانت ولا تزال موضع تقدير وقبول من دول المنطقة، وهي التي تتجه إليها الأنظار لاحتواء الخلافات ورأب الصدع وتقريب وجهات النظر، في ما يحقق السلام والأمن والاستقرار، وقد شهدنا اليوم أحد النماذج الناجحة للوساطة السعودية، التي أثمرت عن توقيع اتفاقية جدة للسلام، بين دولتين جارتين ومؤثرتين في أمن الشرق الأوسط وأفريقيا»، مشددا على أن الاتفاقية تصب في نهاية المطاف في صالح دول المنظمة التي تنشد السلام والاستقرار بوصفهما أساس التنمية والازدهار، داعيا الدولتين إلى بدء صفحة جديدة من الوفاق الذي سيتجاوز أثره الإيجابي حدودهما إلى المنطقة برمتها.
من جهته قال الدكتور عبد الله آل الشيخ رئيس مجلس الشورى السعودي، إن «اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا خطوة إيجابية تنعكس ثمارها إيجاباً على شعبي البلدين وشعوب المنطقة، كما ستعزز آفاق السلام والتنمية، التي يمهد لها هذا الاتفاق الذي يمثل أساساً راسخاً لعلاقات سوية ومتينة في المنطقة»، في وقت تعبر فيه الجهود التي بذلتها القيادة السعودية لتحقيق المصالحة الإثيوبية - الإريترية عن استشعار السعودية أهمية هذه الخطوة التاريخية، كما أن مكانة المملكة السياسية يجعلها البلد الذي اختاره زعيما الدولتين المتصالحتين لتوقيع اتفاقية السلام النهائية، وتعزز الرعاية السعودية التاريخية للمصالحة الإثيوبية - الإريترية من أهمية وقوة الدور المحوري الذي تلعبه السعودية في المنطقة وما تضطلع به من مهام وتحظى به من ريادة، كما أن السعودية دأبت منذ عهد بعيد على قيادة مبادرات المصالحة ومساعي تحقيق السلام إقليمياً ودولياً، سواء بين الدول أو بين الانشقاقات داخل الدولة الواحدة.
حضر مراسم التوقيع الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، والدكتور عصام بن سعد بن سعيد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء «الوزير المرافق للرئيس الإريتري»، وخالد العيسى وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس الديوان الملكي، وعادل الجبير وزير الخارجية، ومحمد الجدعان وزير المالية، وأحمد قطان وزير الدولة لشؤون الدول الأفريقية «الوزير المرافق لرئيس الوزراء الإثيوبي»، وعبد الله المعلمي مندوب المملكة الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة، وعبد الله العرجاني سفير خادم الحرمين الشريفين لدى إثيوبيا، والدكتور عبد الله بن سلطان الشريف القائم بالأعمال بالنيابة بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى إريتريا.
وكان الملك سلمان بن عبد العزيز استقبل في وقت سابق من أمس بقصر السلام، كلاً من الرئيس آسياس أفورقي رئيس دولة إريتريا، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد علي.
كما كان في استقبالهما الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد، وقد أجريت للضيفين الإريتري والإثيوبي مراسم استقبال رسمية، كما أقام خادم الحرمين الشريفين مأدبة غداء تكريماً لضيوف المملكة بهذه المناسبة.
خادم الحرمين يرعى توقيع اتفاقية سلام بين إثيوبيا وإريتريا بحضور ولي العهد وغوتيريش
الأمين العام للأمم المتحدة أشاد بـ{اللحظة التاريخية}... والجبير يأمل أن يساعد الاتفاق أمن منطقة البحر الأحمر واستقرارها
خادم الحرمين يرعى توقيع اتفاقية سلام بين إثيوبيا وإريتريا بحضور ولي العهد وغوتيريش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة