النظام السوري يجند «شباب المصالحات»... والمعارضة لصد الهجوم على إدلب

«المرصد» يتحدث عن ضم 23 ألفاً من ريف دمشق والجنوب

النظام السوري يجند «شباب المصالحات»... والمعارضة لصد الهجوم على إدلب
TT

النظام السوري يجند «شباب المصالحات»... والمعارضة لصد الهجوم على إدلب

النظام السوري يجند «شباب المصالحات»... والمعارضة لصد الهجوم على إدلب

بدأت فصائل المعارضة السورية استعدادها لمواجهة القوات الحكومية، التي لا تزال تستخدم سلاح الجو والمدفعية في قصف مناطق سيطرة المعارضة وسط وشمال سوريا، في وقت جندت قوات النظام بمساعدة الجيش الروسي عناصر من المناطق التي كانت سيطرت عليها في الأسابيع الماضية جنوب البلاد.
واستعداداً لتلك المواجهة شكلت فصائل المعارضة غرف عمليات مشتركة، ومن بينها الجبهة الوطنية للتحرير التي تضم عددا من الفصائل.
وقال الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير النقيب ناجي أبو حذيفة لوكالة الأنباء الألمانية الجمعة إن «الجبهة تضم 15 تجمعاً وفصائل ثورية، أبرزها جبهة تحرير سوريا وجيش الأحرار وتجمع دمشق وصقور الشام وجيش الأحرار وجيش إدلب الحر وفيلق الشام وجيش النصر، اندمجوا وشكلوا غرفة عمليات واحدة لمواجهة قوات النظام التي تعد لهجوم على أربعة محاور في ريف حماة الشمالي الغربي وريف حلب الجنوبي وريف إدلب الغربي وريف اللاذقية».
وكشف الناطق باسم الجبهة عن أن الفصائل الثورية المجتمعة في الجبهة الوطنية للتحرير تعتبر نواة جيش وطني ثوري يحافظ على مكتسبات الثورة، ويتصدى لقوات النظام التي تكتفي حالياً بالقصف الجوي والمدفعي، وأن الجبهة أنهت كل الاستعدادات لمواجهة قوات النظام بالدفاع وكذلك الهجوم.
وأكد النقيب أبو حذيفة أن سلاح الجو السوري استهدف أمس بلدة التمانعة في ريف إدلب الشرقي بالبراميل المتفجرة وسط تحليق مكثف من الطيران الحربي السوري والروسي في أجواء ريف إدلب الشرقي، وقصف أيضا محيط بلدة بداما في ريف إدلب الغربي بصواريخ محملة بمادة الفوسفور، كما قصفت مدفعية القوات الحكومية مدينة كفرزيتا بريف حماة الشمالي، وسط حركة نزوح كبيرة في المناطق التي تعرضت للقصف الجوي والمدفعي.
وقالت مصادر إعلامية مقربة من القوات الحكومية إن «الطيران المروحي استهدف مواقع المسلحين في بلدة اللطامنة ومحيطها في ريف حماة الشمالي، بالإضافة إلى تعرضها لقصف مدفعي أيضاً، وشنت مقاتلات حربية عدة غارات جوية على مواقع المسلحين في بلدة السكيك بريف إدلب الجنوبي الشرقي».
وكانت قوات النظام استهدفت بقصف مدفعي وصاروخي منطقة جسر الشغور في محافظة إدلب، تزامنا مع إرسالها تعزيزات عسكرية إلى المناطق المجاورة وإلقائها مناشير تدعو للانضمام إلى اتفاقات «المصالحة»، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

وتعد إدلب آخر معقل للفصائل بعد طردها تدريجياً من مناطق عدة في البلاد. وكررت دمشق في الآونة الأخيرة أن المحافظة على قائمة أولوياتها العسكرية، في وقت تحذر الأمم المتحدة من تداعيات التصعيد على 2.5 مليون شخص في المحافظة، نصفهم من النازحين.
وذكر المرصد أن قصفاً بالمدفعية والصواريخ استهدف مناطق عدة في منطقة جسر الشغور في الريف الجنوبي الغربي، على الحدود الإدارية الفاصلة بين محافظات إدلب وحماة (وسط) واللاذقية (غرب).
ورجح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن أن يكون القصف «تحضيراً لعمل عسكري قد تنفذه قوات النظام في هذه المنطقة تحديداً خلال الفترة المقبلة، في حين أن مصير بقية مناطق المحافظة متروك لاتفاق تركي - روسي».
وتعد محافظة إدلب الحدودية مع تركيا، آخر منطقة يسري فيها اتفاق خفض التصعيد، الذي تم التوصل إليه برعاية روسيا وإيران حليفتي دمشق وتركيا الداعمة للمعارضة.
ويأتي القصف مع إرسال قوات النظام منذ الثلاثاء «تعزيزات عسكرية تتضمن عتاداً وجنوداً وآليات وذخيرة» إلى المناطق المحاذية.
وتوزعت التعزيزات على ثلاث جبهات قريبة من جسر الشغور، الأولى من جهة الغرب في محافظة اللاذقية الساحلية، والثانية من جهة الجنوب في منطقة سهل الغاب في محافظة حماة، والثالثة مناطق سيطرة قوات النظام داخل إدلب.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد أكد في مقابلة مع وسائل إعلام روسية أواخر الشهر الماضي أن الأولوية الحالية لقواته هي استعادة إدلب، التي تسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) على نحو ستين في المائة منها، بينما توجد فصائل إسلامية أخرى في باقي المناطق وتنتشر قوات النظام في ريفها الجنوبي الشرقي.
وألقت مروحيات حربية تابعة للنظام الخميس مناشير على مدن عدة في ريف إدلب الشرقي، تحمل توقيع «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة»، وفق نسخ اطلع عليها مراسل الصحافة الفرنسية.
وورد في أحدها «الحرب اقتربت من نهايتها (...) آن الآوان لوقف سفك الدماء والخراب. ندعوكم للانضمام إلى المصالحة المحلية كما فعل كثير من أهلنا في سوريا». وورد في منشور آخر: «مصير أسرتك وأبنائك ومستقبلك رهن قرارك».
ومنذ اندلاع النزاع، يكرر النظام رغبته باستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية. وتمكنت قواته بدعم من حليفتها روسيا من استعادة السيطرة على مناطق واسعة عبر عمليات عسكرية أو جراء اتفاقات «مصالحة»، تعني عملياً استسلام الفصائل وتسليم سلاحها.
وشكلت إدلب خلال السنوات الأخيرة وجهة لعشرات الآلاف من المقاتلين الذين رفضوا اتفاقات تسوية مع النظام.
وخوفاً من إبرام اتفاقات مماثلة، اعتقلت فصائل معارضة العشرات في إدلب، قالت إنهم «من دعاة المصالحة» للاشتباه في تعاملهم مع النظام. وبحسب المرصد، طالت الاعتقالات نحو مائة شخص خلال هذا الأسبوع.
وبموجب اتفاق خفض التصعيد، تنتشر قوات تركية في عشرات نقاط المراقبة في إدلب، ما يشكل بحسب محللين تحدياً رئيسياً أمام أي هجوم تعتزم دمشق القيام به.
وقال المرصد أمس إن «شراهة النظام تزداد إلى ضم المزيد من العناصر إلى صفوف قواته، عبر عمليات تجنيد إجباري، مع كل توسع سيطرة لهم، عبر العمليات العسكرية والمصالحة». إذ رصد «استمرار عمليات التجنيد الإجباري وعمليات الالتحاق لمن هم في سن الخدمة الإلزامية، في صفوفها».
ومع استمرار عمليات تسوية الأوضاع في جنوب سوريا، ضمن محافظتي درعا والقنيطرة، رصد المرصد تجنيد مئات الشبان ضمن صفوف قوات النظام، من ضمنهم العشرات ممن التحقوا بصفوف قوات النظام بعد استكمال أوراق التجنيد الإجباري، وأكدت مصادر أن عمليات التجنيد بلغت أكثر من 3800 شخص في كل من ريفي درعا والقنيطرة، مع استمرارها في عملية التجنيد، فيما تعمد قوات النظام لمزيد من عمليات التجنيد في هاتين المحافظتين اللتين سيطرت عليهما مؤخراً عبر عمليات عسكرية واتفاقات «مصالحة»، انتهت بتهجير رافضي الاتفاق وبقاء من يقبل التسوية.
ومع استمرار عمليات التجنيد «يرتفع لنحو 23000 عدد من جرى تجنيدهم منذ مطلع أبريل (نيسان) من العاصمة دمشق وريفها، ضمن المناطق التي شهدت صفقات تغيير ديموغرافي عبر تهجير الرافضين للاتفاقات التي جرت بين الفصائل وممثلين عن المنطقة والنظام، بضمانات روسية كاملة، في جنوب دمشق، ومدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية وريف دمشق الجنوبي والقلمون الشرقي وسهل الزبداني ومضايا ووادي بردى وريف دمشق الغربي ومنطقة التل في ريف العاصمة دمشق». وأكدت مصادر أنه «جرت عملية التجنيد بطلب من القوات الروسية، فيما تجري تخوفات من ضباط ومجموعات داخل قوات النظام من هدف القوات الروسية من عمليات التهجير في كسب ود السكان المتبقين ضمن هذه المناطق والتقرب منهم، لجعل هذه القوات المشكلة من أبناء المناطق التي جرى تهجيرها».
عملية التجنيد المستمرة من قبل قوات النظام، التي جرى نحو ثلثيها في غوطة دمشق الشرقية، جاءت بعد قرار قوات النظام بتسريح الدورة 102 من قواتها، وتنفيذها لعملية تسريحهم، إضافة لسعي النظام لاستصدار قرار بحل القوات الرديفة التابعة للنظام، حيث كان حصل المرصد على معلومات من أن عناصر الدورة 102 المجندين في قوات النظام، الذين جرى الاحتفاظ بهم، وجرى تسريحهم، بلغ نحو 15000 عنصر مجند، ممن سرحوا من خدمة التجنيد الإجباري في صفوف قوات النظام، في حين أكدت مصادر أن «عشرات الآلاف من عناصر هذه الدورة التي جرى التحاقها بالخدمة الإلزامية في عام 2010، قتلوا وأصيبوا، بينما انشق الآلاف منهم، خلال الثورة السورية، والتحق معظمهم بصفوف الفصائل المقاتلة والإسلامية في المعارضة السورية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».