عقدت القمة الخليجية في الكويت أمس، في وقت قياسي، وسط غياب لأكثر من ثلثي قادة مجلس التعاون الخليجي. وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قد دعا في افتتاح القمة إلى إيجاد آلية لفض المنازعات في مجلس التعاون الخليجي، كما دعا إلى تغيير النظام الأساسي للمجلس. وقال أمير الكويت: «فلنعمل على تكليف لجنة تقوم بتعديل النظام الأساسي لهذا الكيان، (بما) يضمن لنا آلية محددة لفض النزاعات بما تشمله من ضمانات تكفل التزامنا التام بالنظام الأساسي». وأكد أن هذا الأمر سيعمل على «تأكيد احترامنا بعضنا البعض، وترتقي بها إلى مستوى يمكننا من مواجهة التحديات الإقليمية والدولية».
وبشأن الخلاف الخليجي مع إيران، اعتبر أمير الكويت أن التعامل الإيراني في المنطقة «مخالف لقواعد العلاقات بين الدول التي ينظمها القانون الدولي، والمتمثلة بحسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية»، مضيفا أن إيران «تشكل هاجسا كبيرا لنا، ونؤكد هنا أن المنطقة لن تشهد استقرارا ما لم يتم الالتزام الكامل بتلك المبادئ».
وبدأ أول مؤتمر قمة منذ اندلاع أزمة قطر، وسط غياب شبه جماعي لزعماء دول الخليج، بينما شارك فيها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وشدد أمير الكويت على أن «أي خلاف يطرأ على مستوى دولنا، ومهما بلغ، فلا بد أن يبقى مجلس التعاون بمنأى عنه، لا يتأثر فيه أو يعطل آلية انعقاده». وذكر أن «أحداثا مؤلمة وتطورات سلبية شهدتها المنطقة خلال الأشهر الستة الماضية، لكننا وبفضل حكمة إخواني قادة دول المجلس استطعنا التهدئة»، مؤكدا مواصلة هذا الدور في مواجهة الخلاف الأخير.
ولفت إلى أن الطريق ما زالت طويلة لتحقيق مزيد من الإنجازات التي تحقق آمال وتطلعات الشعوب، داعيا إلى التفكير الجدي للبحث في الآليات التي تحقق أهداف الدول الخليجية والأطر الأكثر شمولية التي تزيد تماسك وترابط الشعوب.
وتطرق الشيخ صباح الأحمد إلى تهديد الإرهاب للمنطقة، قائلا إن «المجتمع الدولي استطاع أن يحقق نصرا واسعا على الإرهاب في كل من العراق وسوريا، إلا أن ذلك الخطر ما زال يهدد استقرار العالم والبشرية جمعاء، فالأزمات والصراعات التي لا تزال دائرة تشكل بؤرا تغذي ذلك الإرهاب، فالكارثة الإنسانية والأزمة الطاحنة في سوريا لا تزال دائرة رغم ما يبذل من جهود دولية لإنهائها». وأضاف: «الأمل يبقى معقودا على نجاح الاجتماعات واللقاءات والحراك لتحقيق التوافق المنشود وإنهاء ذلك الصراع المدمر، ونشيد في هذا الصدد بدور الأشقاء في المملكة العربية السعودية وجهودهم البناءة في تحقيق اللقاءات بين مختلف أطياف المعارضة السورية، ونجاحهم في توحيد كلمة المعارضة».
وبخصوص اليمن، وصف أمير الكويت الوضع في هذا البلد بأنه «مأساوي»، ثم قال: «إننا نشيد أولا بالجهود التي يبذلها تحالف دعم الشرعية في اليمن، السياسية والاقتصادية والعسكرية، التي تعمل على دعم الشرعية وتقديم كل المساعدات الإنسانية للتخفيف من وطأة الظروف الصعبة التي يشهدها الأشقاء». وقال: «نؤكد هنا أن الحل الوحيد لهذه الأزمة سياسي، وندعو في هذا الصدد جماعة الحوثي إلى الامتثال لنداء المجتمع الدولي في الوصول إلى حل سياسي لهذه الأزمة بالحوار الجاد وفق المرجعيات الثلاث؛ المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، وقرارات مجلس الأمن لا سيما القرار 2216، ومخرجات الحوار الوطني».
وبخصوص السلام في منطقة الشرق الأوسط، قال الشيخ صباح الأحمد الصباح «إننا نأمل أن يتمكن المجتمع الدولي من تحريك هذه العملية الجامدة، لنصل إلى اتفاق سلام شامل وكامل يدعم استقرار المنطقة والعالم، وذلك وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية».
كذلك، قدم أمير الكويت التهنئة للعراق «على تحرير المناطق التي كانت تحت سيطرة ما يسمى تنظيم داعش. ونؤكد هنا مجددا سعينا إلى مواصلة العمل مع الحكومة العراقية لصيانة استقرار العراق. ونشدد على أهمية المشاركة في مؤتمر إعادة إعمار المناطق المتضررة مما يسمى (داعش) المقرر عقده في دولة الكويت منتصف شهر فبراير (شباط) من العام المقبل».
وفي ختام القمة، قال الشيخ صباح الأحمد: «لقد كانت مناسبة طيبة التقينا مع إخوة كرام في بلدهم الكويت. كما تمكنّا خلال هذه المناسبة من تبادل وجهات النظر حول التحديات التي تواجهنا، واستطعنا بتوفيق من الله أن نثبت مجددا صلابة كياننا الخليجي وقدرته على الصمود أمام التحديات عبر تمسكنا بآلية عقد هذه الاجتماعات، وما توصلنا إليه خلالها من قرارات ستسهم دون شك في إثراء تجربتنا المباركة، وتعزيز مسيرة عملنا الخليجي المشترك، بما يحقق آمال وتطلعات شعوبنا».
بدوره، علق وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح على دعوة أمير الكويت الحوثيين للاستجابة للمبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، فقال إنها منسجمة مع الموقف الخليجي المشدد على ضرورة عودة كل الأطراف اليمنية إلى الحوار، وفق المرجعيات الخليجية والدولية.
وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال صباح الخالد إن الكويت، التي استضافت حواراً سياسياً لفرقاء الأزمة اليمنية في أبريل (نيسان) من العام الماضي، تؤكد على الأطراف اليمنية الالتزام بالمقررات الدولية من أجل إنهاء الصراع بطريقة سلمية. ولم يؤكد الوزير الكويتي، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي رفقة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني، وجود مبادرة جديدة لاستضافة طاولة حوار يمنية من جديد.
وبشأن العلاقات مع إيران، قال وزير الخارجية الكويتي في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن الكويت تؤكد على الالتزام بالقانون الدولي، والالتزام بحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأضاف: «هذا ينطبق على إيران، وعلى الجميع».
من جهة أخرى، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش إن عقد الدورة الـ38 للقمة الخليجية في موعدها، وسط هذه الظروف الحساسة «هو خطوة إيجابية جداً»، وأضاف في تصريح للصحافيين عقب ختام أعمال القمة الخليجية في الكويت مساء أمس أن مجلس التعاون والمنظمات الإقليمية والعربية «لها كثير من التراكمات الناجحة اقتصادياً»، مشدداً على أن «دولة الكويت نجحت في هذه القمة».
قمة الكويت لمواجهة التحديات بمستوى تمثيل منخفض
الشيخ صباح الأحمد دعا إلى إبقاء مجلس التعاون بمنأى عن خلافات الدول الأعضاء
قمة الكويت لمواجهة التحديات بمستوى تمثيل منخفض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة