تركي الدخيل

البديع في فن التوقيع

تفاخر العرب على غيرهم من الأمم، وتفاضلوا على بقية الشعوب، بما حوت لغتهم من بيانٍ، قالوا عنه: «البيانُ بَصَرٌ، والعَيُّ عَمَى، كما أن العِلمَ بَصَرٌ، والجَهل عَمَى، والبيانُ من نِتاج العِلم، والعَيُّ مِن نِتاج الجَهل». ولذلك اعتبر أهل البلاغة «شِعرُ الرجلِ، قطعة من كلامه، وظنه قطعة من علمه، واختياره قطعة من عقله». وحثّ علماء اللغة، على الإيجاز، فاعتبر أكثم بن صيفي البلاغة هي الإيجاز، وقال جعفر بن يحيي لكُتَّابه: «إن قدرتم أن تجعلوا كُتُبَكُم توقيعاتٍ فافعلوا»، ونقل أبو هلال العسكري قول عربيٍ يحث على الإيجاز: «ما رأيتُ بليغاً إلا رأيتُ له في المعاني إطالةً، وفي الألفاظ تقصيراً».

المعلقات... أقدم أطلس للأمجاد!

في ليلة شتوية، تسامرتُ مع صديقٍ؛ حول التُراث والثقافة والآثار؛ تاريخها، وصمودها على مر الأزمان، فكانَ أنْ حَلَّى مجلسنا، سِفرٌ عظيم؛ أصدره مركز الملك عبد العزيز الثّقافي العالمي (إثراء)، يُقدّم معلقات الشعر العربي لجيل الألفية، في حُلّةٍ بهيّة، ولغةٍ سلسة، وترجمةٍ إنجليزية لطيفة، وطباعة قشيبة.

عنصريّة المتنبي... هل خَلَّدت كافور؟!

مولانا الجليل أبو نصري، نصره الله، وأستاذنا الأصيل: سمير (الأدب) عطا الله (لنا)، سلام ومحبة وتقدير.

المتنبي ومحمد بن سلمان والمنتخب السعودي!

صَنعَ أبطالُ المنتخبِ السعودي في مونديال قطر 2022، يومَ الثلاثاء الماضي، ملحمةً بطوليةً، أثارت إعجابَ العالمِ من شرقه لغربه، إذ فازت السعوديةُ على الأرجنتين، بهدفين لهدف. صالَ السعوديون في المباراة وجالوا، واستبسلوا في الهجوم والدفاع، فألجموا ميسي ورفاقَه، وكأنَّهم يردّدون أبيات الشاعر الأحسائي، علي بن المقرّب العيوني (ت 630هـ)، إذ قالَ: عَدِمتُ فُؤاداً لا يَبيتُ وَهمُّهُ كِرامُ المَساعي وَاِرتِقاءٌ إِلى المَجدِ لعَمري ما دَعدٌ بِهَمّي وَإِن دَنَت وَلا لِي بِهِندٍ مِن غَرامٍ وَلا وَجدِ وَلَكِنَّ وَجدي بِالعُلا وَصَبابتي لعارِفَةٍ أسدي وَمَكرُمَةٍ أُجدي إِلى كَم تَقاضاني العُلا ما وَعَدتُ

رحيل رئيس الوزراء الياباني آبي... أحزنني!

قطعت قنواتُ التلفزة بثَّها قبل أيام، لتعلنَ إصابة رئيس الوزراء الياباني الأسبق، تشينزو آبي، برصاصة أطلقها أحدُ مناوئيه، خلال إلقاء آبي كلمة في حشد من جماهيره، تمهيداً لعودته لرئاسة وزراء اليابان للمرة الخامسة، لكن الرصاصة، التي خرجت من مسدسٍ صُنِعَ منزلياً، كانت كفيلةً بإنهاء حياة السياسي الياباني الشهير، والذي ستزيد طريقة رحيله التراجيدية شهرته بعد موته. كنتُ قد أجريت مقابلة تلفزيونية مع آبي، في مارس 2017، وهي المقابلة الوحيدة له مع الإعلام العربي، وربَّما كانت المقابلة، أحدَ أسبابِ حزني على رحيل رئيس الوزراء الياباني الأطول خدمة بهذا المنصب، بأيام عددها 2883، إضافة لكونه حقَّق رَقماً قياسياً

الأدب: وصيّة هارون الرشيد ورسالة القصيبي

في كلِّ حضارة منظومة ثقافية تخدِم انتقالَ المحامِد المعنوية، والتقاليدِ الحسنة؛ من جيلٍ إلى جيل. تحافِظُ على جَمَاليَّة نقلِها، والأثر النفسي الإيجابي الذي تُحدثه في متلقيها، فينفعل بقيمها الصغير والكبير. ولدى العرب، لا تجد من لا ينفعِل، برواية بيت شعر، أو حكمة، أو غير ذلك من الآداب؛ التي صوغت بعناية، لتخلِّد السلوك الحسن، وتُورِث سامعها رغبة في محاكاته، ومجاراته. فالأدبُ، كما جاءَ في «لسان العرب»، هو «الَّذِي يَتَأَدَّبُ بِهِ الأَديبُ مِنَ النَّاسِ؛ سُمِّي أَدباً لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إِلَى المَحامِد، ويَنْهاهم عَنِ المقَابح».

كيفَ تَصنعُ فِكرةً؟

صُنّاع الأفكارِ المبتكرة، اللافتة، المختلفة، تلك التي لا تخطُرُ على أذهانِ معظمِ الناسِ؛ أكثر البشر إبداعاً.

سجالٌ مع أبي الطيب... عن المتنبي!

من جميل أبيات شاعرِ العربِ الأكبر أبِي الطيبِ المتنبي، قولُه: ذو العَقلِ يَشقَى في النَعيمِ بِعَقلِهِ وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ والمعنَى: أنَّ العاقل يشقَى بنعيم عقلِه، فهو في تفكيرٍ دائمٍ، وقلقٍ متواصل، في سبيل تحقيق أهدافه ومراميه، ووصول ما يتوقُ إليه من المراتبِ العالية، والدرجات السامية. أبو العلاء المعرّي، قال شارحاً: «العاقلُ وإن كانَ في النعيم، فإنَّه لا يهنأ به؛ لعلمِه بزوالِه، والجاهلُ وإن كانَ في الشقاوة، فهو يتلذَّذُ؛ لجهلِه بعواقبِه». ويظنُّ العبدُ الفقيرُ لربه، أنَّ في الشعرِ العاميِّ السعوديِّ، ما يشبهُ هذا المعنى، شبهاً قد يصلُ حدَّ التطابق.

الرُّزُّ طبق السعوديين الأول بعد العِز!

عادة ما تكون الوجبات الرئيسية في معظم بلدان العالم، من منتوجات البلد الزراعية، فيصنعون طبقهم الرئيسي من نتاج حصادهم، مثل: الحبوب أو الحنطة أو الشعير، ونحوها، فتتصدر الأكلة الرئيسية الموائد كلها. لعلَّ من الاستثناءات القليلة لما سبق، اتفاقَ دول الخليج: السعودية، والإمارات، وعمان، والبحرين، وقطر، والكويت؛ على أن وجبتَهم الرئيسية هي الأرز، الذي يستوردونَه، ولا يُزرع في بلدانهم! ويُقال للأرز بالعامية: الرُّزُّ؛ وهي عاميَّةٌ فصيحة، كما في «لسان العرب»، و«تاج العروس».

الارتياب من إصابة المتنبي بالاكتئاب!

مَا مَرَّ بِهِ شَاعِرُ اَلْعَرَبِ اَلْكَبِيرِ، أَبو الطَّيِّب المُتنبِّي، مِنْ بُؤْسٍ وَعَنَاءٍ وَمَشَقَّةٍ، تَصِلَ حَدَّ اَلضَّنْكِ، فِي كُلِّ مَرَاحِلِ حَيَاتِهِ، مُنْذُ طُفُولَتِهِ وَحَتَّى مقْتَلِهِ، يُمْكِنَ أَنْ يَكُونَ أَرْضِيَّةً خِصْبَةً لِمَا كسَا أَبْيَاتَ شَاعِرِنَا اَلْمُبَجَّلِ، بِالتَّشَاؤُمِ، وَالسَّوْدَاوِيَّةِ. وَيَجْزِمَ اَلْبَعْضُ بِأَنَّ المُتنبِّي عَانَى مِنْ اَلِاكْتِئَابِ، اَلَّذِي كَانَ يُعَاقِرُ شَاعِرَ اَلدُّنْيَا مِنْ حِينٍ لِآخَر، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ كُلّ أَوْقَاتِهِ.