استعدادات على ضفتي الحدود لـ«معركة الحسم» في جرود عرسال

{حزب الله} يعزز مواقعه في فليطة السورية... و«النصرة» تستنفر مقاتليها

جنود لبنانيون يراقبون طريقا يقود لبلدة عرسال الحدودية مع سوريا (رويترز)
جنود لبنانيون يراقبون طريقا يقود لبلدة عرسال الحدودية مع سوريا (رويترز)
TT

استعدادات على ضفتي الحدود لـ«معركة الحسم» في جرود عرسال

جنود لبنانيون يراقبون طريقا يقود لبلدة عرسال الحدودية مع سوريا (رويترز)
جنود لبنانيون يراقبون طريقا يقود لبلدة عرسال الحدودية مع سوريا (رويترز)

تضاعفت المؤشرات على قرب اندلاع معركة في جرود عرسال اللبنانية، وفليطة السورية، بين مسلحين متشددين من جهة، و«حزب الله» اللبناني من جهة أخرى، في مسعى من الأخير لطرد عناصر تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» من التلال الحدودية مع سوريا.
وبعد غارات متكررة شنها سلاح الجو السوري النظامي مستهدفاً مواقع لـ«جبهة النصرة» في الجرود خلال الأسبوع الماضي، حذر الجيش اللبناني عمال المقالع في محلة وادي حميد في عرسال بوجوب «توخي الحذر» خلال توجههم إليها، وعدم التجول بعيداً عنها، وذلك اعتبارا من اليوم الاثنين.
وأفاد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري بأن الجيش اللبناني طالب أصحاب المقالع والكسارات في جرود السلسلة الشرقية في عرسال بسحب المعدات والآليات حفاظا على الممتلكات الخاصة وأموال الناس من هذه الكسارات والمقالع.
وفي مقابل استنفار زعيم «النصرة» في القلمون السوري أبو مالك التلي لعناصره، حيث بدأ بحشد المقاتلين تحضيراً للمعركة، قالت مصادر سورية في القلمون لـ«الشرق الأوسط» إنه رصدت تحركات وتحضيرات لـ«حزب الله» المنتشر في جرود فليطة السورية الحدودية مع جرود عرسال اللبنانية، فضلاً عن تعزيز مواقعه في جرود نحلة اللبنانية المحاذية لجرود عرسال، حيث يثبت الحزب مواقع عسكرية له منذ نحو عامين. وأشارت إلى أن تلك التحضيرات «تشير إلى أن الحزب ينوي إطلاق هجومه من جرود فليطة والجراجير باتجاه الأراضي اللبنانية إلى الغرب».
هذه المعلومات، تلتقي مع ما أكدته مصادر ميدانية من الضفة اللبنانية للحدود، أنه «لم يلحظ أي تحرك استثنائي لمقاتلي الحزب في المنطقة داخل الأراضي اللبنانية»، مضيفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم ترصد أي تعزيزات استثنائية للجيش اللبناني في المنطقة»، ما يعزز الاعتقاد أن المعركة يقودها «حزب الله» من الضفة السورية للحدود.
بدورها، قالت مصادر أمنية، إن الجيش «على أهبة الاستعداد الدائم لمنع المسلحين المتشددين من التقدم إلى الأراضي اللبنانية»، وإن الانتشار المكثف على الحدود الشرقية «يسعى لإحباط أي محاولات للاقتراب أو التوغل في العمق اللبناني».
وكما التحضيرات للهجوم من قبل «حزب الله»، بدأ تنظيم «جبهة النصرة» استعداداته لإحباط إقصائه من المنطقة، رغم أن زعيم التنظيم «يراهن على معطيات ومتغيرات يمكن من خلالها توقيف هجوم حزب الله الذي بات قريبا على جرود القلمون في الجراجير وفليطة وعرسال»، حيث يشاركه «داعش» بتقاسم الطرف الشمالي من جرود عرسال ويمتد نفوذه إلى جرود رأس بعلبك والقاع شمالاً.
وقالت مصادر سورية إن التلي «طلب من عناصره إعلان النفير العام في المخيمات المؤيدة له في جرود عرسال والبعيدة عن البلدة، وأكبرها مخيم القارية الذي يمون على جزء منه، ومخيمات الجفر ووادي الحصن استعدادا لمعركة الجرود»، وذلك في سعي منه «لتجنيد نحو 100 مقاتل يلتحقون بـ250 مقاتلاً من النصرة ينتشرون في الجرود».
هذا الاستنفار لجبهة النصرة إيذانا ببدء المعركة، يضاف إليه استعداد 450 عنصرا من «داعش» ينتشرون في القسم الشمالي من جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع للقتال، وهم بالأصل يرفضون أي مفاوضات مع «حزب الله» للخروج من المنطقة.
هذا وتناقلت وسائل إعلام سورية معلومات عن أن التنظيمين عقدا اجتماعا تصالحيا ظهر السبت، حضره التلي عن «النصرة»، ووزعيم «داعش» في الجرود موفق الجربان المعروف بـ«أبو السوس» مع عدد من وجهاء المنطقة، واتفقا على فتح الحواجز بين الطرفين، وإزالة النقاط العسكرية والسواتر في منطقة سرج النمورة وسهل العجرم.
وتحدثت وسائل إعلام محلية لبنانية منذ مطلع الأسبوع الماضي عن اقتراب «معركة الحسم» في جرود عرسال، عقب إعلان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله الأسبوع الماضي «إن الموجودين في جرود عرسال هم تهديد للجميع بما فيها مخيمات النازحين السوريين، لأنهم كداعش التي كانت في الموصل»، قائلاً: «آن الأوان للانتهاء من هذا التهديد»، معربا عن اعتقاده «بأنها الفرصة الأخيرة، والتي يمكن من خلالها الوصول إلى تسويات معينة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».