استفار أمني في مصر لوقف «نزيف الإرهاب»

الجيش يعلن قتل 9 «تكفيريين شديدي الخطورة» وسط سيناء

رئيس أركان الجيش المصري خلال لقائه قائد القوات البرية للقيادة المركزية الأميركية بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس أركان الجيش المصري خلال لقائه قائد القوات البرية للقيادة المركزية الأميركية بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

استفار أمني في مصر لوقف «نزيف الإرهاب»

رئيس أركان الجيش المصري خلال لقائه قائد القوات البرية للقيادة المركزية الأميركية بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس أركان الجيش المصري خلال لقائه قائد القوات البرية للقيادة المركزية الأميركية بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

ضاعفت السلطات الأمنية في مصر جهودها خلال الساعات الماضية في محاولة منها لوقف نزيف الإرهاب، الذي ضرب البلاد بقوة على مدار الأسبوعين الماضيين. فبينما نجحت قوات الجيش في تصفية 9 من العناصر «التكفيرية» وصفتهم بأنهم «شديدو الخطورة» وسط شبه جزيرة سيناء، وجه وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار مساعديه باستنفار الجهود كافة لتحقيق أقصى درجات التأمين، وتكثيف الوجود الأمني بمحيط الكنائس والمنشآت والميادين الرئيسية.
وقتل وأصيب العشرات ما بين عسكريين وشرطيين وسياح أجانب، خلال الأيام الماضية، في استهداف لكمائن وعربة شرطة ومنتجع سياحي، شهدتها شمال سيناء والجيزة والغردقة. وجاءت تلك العمليات الإرهابية في وقت تفرض فيه السلطات حالة الطوارئ في عموم البلاد منذ أبريل (نيسان) الماضي.
وقال قيادي أمني رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن «تزايد العمليات الإرهابية في مصر مؤخرا، جاء بسبب المواجهة المصرية لدولة قطر، وفضح دورها في تمويل ودعم المنظمات الإرهابية في المنطقة».
وأوضح المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، أن «الجماعات الإرهابية تقوم الآن بهجوم مضاد بعد تضييق الخناق عليها»، مشيرا إلى أن «التحقيقات مع من تم ضبطهم مؤخرا أثبتت علاقة قطر بتلك الجماعات».
وقطعت مصر ومعها السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر الشهر الماضي، متهمة إياها بدعم وتمويل الجماعات المتشددة في المنطقة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين «المحظورة». كما أدرجت عشرات الأشخاص ممن لهم صلات بقطر على قوائم الإرهابيين.
وقال العقيد تامر الرفاعي المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة أمس إن «قوات إنفاذ القانون بالجيش الثالث الميداني، تمكنت بالتعاون مع القوات الجوية من القضاء على 3 تكفيريين شديدي الخطورة والقبض على آخر بوسط سيناء».
وأوضح المتحدث في بيان له أنه «تم تدمير عربة دفع رباعي و5 مخازن تحتوي على كميات من المواد المتفجرة والذخائر خاصة بالعناصر التكفيرية، في استمرار لجهود القوات المسلحة في مداهمة وتمشيط مناطق النشاط الإرهابي وملاحقة العناصر التكفيرية بوسط سيناء».
وأضاف أن «قوات الجيش الثالث الميداني أيضا نجحت بالتعاون مع القوات الجوية وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية في إحباط مخطط لتنفيذ عمل عدائي وذلك بعد اكتشاف وتتبع بؤرة إرهابية شديدة الخطورة، وتمكنت القوات من استهداف وتدمير سيارة محملة بكميات كبيرة من المواد المتفجرة والقضاء على 6 من العناصر التكفيرية المسلحة بإحدى المناطق الجبلية بوسط سيناء».
ويخوض الجيش المصري، بمعاونة الشرطة، حربا شرسة في شبه جزيرة سيناء، خاصة الجزء الشمالي منها، ضد تنظيمات متطرفة، دأبت على مدار السنوات الأربع الماضية، على تنفيذ أعمال إرهابية متفرقة ضد عناصر الجيش والشرطة، وكذلك استهداف المسيحيين.
ومن أبرز تلك التنظيمات جماعة «أنصار بيت المقدس»، التي بايعت تنظيم داعش الإرهابي، وغيرت اسمها إلى «ولاية سيناء» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 وقد أسفرت آخر تفجيراتها عن قتل أكثر من 20 من قوات الجيش، وإصابة 26 آخرين، بمدينة رفح يوم الجمعة قبل الماضي.
وفي بقعة أخرى، أعلن الجيش المصري أمس تدمير القوات الجوية لـ15 سيارة محملة بالأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة قبل اختراق الحدود الغربية مع ليبيا، والتي تشكل أحد المصادر الرئيسية لتسلل الإرهابيين إلى الأراضي المصرية؟
وقالت القوات المسلحة في بيان لها إنه «استمرارا لجهود القوات المسلحة في تأمين حدود الدولة على الاتجاهات الاستراتيجية كافة، بالتصدي بكل قوة لكل ما يؤثر على الأمن القومي المصري، وبناءً على معلومات استخباراتية تفيد بتجمع عدد من العناصر الإجرامية للتسلل إلى داخل الحدود المصرية باستخدام عدد من سيارات الدفع الرباعي على الاتجاه الاستراتيجي الغربي».
وأضافت أنه بـ«أوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة أقلعت تشكيلات من القوات الجوية لاستطلاع المنطقة الحدودية واكتشاف وتتبع الأهداف المعادية وتأكيد إحداثياتها والتعامل معها على مدار الـ24 ساعة الماضية، وقد أسفرت العملية عن استهداف وتدمير 15 سيارة دفع رباعي محملة بكميات من الأسلحة والذخائر والمواد المهربة، فيما تقوم القوات بملاحقة وضبط العناصر الإجرامية».
من جهته، قام اللواء خالد عبد العال مساعد وزير الداخلية مدير أمن القاهرة، خلال جولة مفاجئة أمس لمحيط الكاتدرائية المرقصية بالعباسية (شرق القاهرة) وعدد من الكنائس بكافة قطاعات المديرية؛ للتأكد من تطبيق الخطط الأمنية التي تم اعتمادها، وتوفير أقصى درجات التأمين لدور العبادة المسيحية، التي باتت هدفا مستمرا للجماعات الإرهابية.
وقال اللواء عبد العال إنه كلف خبراء المفرقعات بالتمشيط المستمر لمحيط دور العبادة المسيحية؛ لتحقيق أعلى درجات التأمين، بالإضافة إلى نشر الأقوال الأمنية وقوات الانتشار السريع التي تجوب أرجاء العاصمة كافة، وفي كافة الشوارع والميادين، بالإضافة إلى تكليف خدمات البحث الجنائي بتوسيع دائرة الاشتباه.
وكانت قوات الشرطة قد نفذت الأيام الماضية حملات أمنية كبيرة في القاهرة وعدة محافظات لتعقب فلول الجماعات المسلحة، حيث قتل عدد كبير منهم.
إلى ذلك، أكد الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، أهمية استمرار تنسيق الجهود المشتركة مع الولايات المتحدة الأميركية، للتصدي للتحديات التي تواجهها المنطقة وعلى رأسها الإرهاب.
جاء ذلك خلال لقاء الفريق حجازي، بالفريق مايكل جاريت قائد القوات البرية للقيادة المركزية الأميركية والوفد المرافق له. والذي تناول عدداً من الملفات والموضوعات ذات الاهتمام المشترك لتعزيز علاقات التعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين خصوصا في مجالات التدريبات المشتركة ونقل وتبادل الخبرات ودعم القدرات القتالية والفنية للقوات المسلحة.
وشدد الفريق حجازي على عمق علاقات التعاون العسكري التي تجمع القوات المسلحة لكلا البلدين وأهمية استمرار تنسيق الجهود المشتركة للتصدي للتحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها الإرهاب، بما يدعم الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
من جانبه، أعرب قائد القوات البرية للقيادة المركزية الأميركية، وفقا للبيان المصري، عن تطلعه لاستمرار التنسيق والعمل المشترك في المجالات كافة بما يحقق المصالح المشتركة لكلا البلدين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.