حرب عصابات في الرقة... و«داعش» يستهدف مساعد «النمر»

«قوات سوريا الديمقراطية» تستعيد حياً استراتيجياً في معقل التنظيم

حرب عصابات في الرقة... و«داعش» يستهدف مساعد «النمر»
TT

حرب عصابات في الرقة... و«داعش» يستهدف مساعد «النمر»

حرب عصابات في الرقة... و«داعش» يستهدف مساعد «النمر»

تخوض «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، حرب عصابات في أحياء مدينة الرقة وشوارعها، في مواجهة تنظيم داعش الذي يتخذ من تحصيناته في الخنادق والأنفاق منطلقاً لشنّ هجمات معاكسة. وتمكنت أمس «قوات سوريا الديمقراطية» من استعاد بعض النقاط العسكرية في حي الصناعة الاستراتيجي، الذي سيطر عليه التنظيم مجدداً.
وشنّت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس، هجوماً مضاداً ضد تنظيم داعش لاستعادة حي الصناعة الذي خسرته أول من أمس، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «استعادت (قوات سوريا الديمقراطية) نحو 30 في المائة من حي الصناعة بعدما شنت هجوماً مضاداً لاستعادته». وأضاف: «لا تزال الاشتباكات في (الصناعة) وجبهات أخرى في المدينة».
ويحظى الحي بأهمية استراتيجية؛ كونه على تماس مع المدينة القديمة التي يتحصن فيها مقاتلو التنظيم، إلا أن الأخير استعاد السيطرة على الحي، غداة هجوم معاكس شنه الجمعة، على مواقع «قوات النخبة السورية»، وهم مقاتلون عرب تدعمهم واشنطن ويقاتلون ضمن «قوات سوريا الديمقراطية».
وقال مصدر في «قوات النخبة» للوكالة الفرنسية، إن «الهجوم كان الأعنف لـ(داعش) الذي استخدم السيارات المفخخة والانتحاريين والطائرات المسيرة لإلقاء القنابل». لكن لقمان خليل، قائد الجبهة الشرقية في «قوات سوريا الديمقراطية»، أكد أن الوضع العسكري «غير مقلق». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «قواتنا لا تزال تتمركز في الأحياء التي حررتها في الجهة الشرقية من الرقة»، معترفاً بأن «تنظيم داعش سجّل تقدماً لافتاً قبل يومين بهجومه على حي الصناعة»، مؤكداً أن «الهجوم له غايته، وهو أنه جاء في اليوم نفسه الذي أعلن فيه (داعش) ولادة دولته المزعومة في الرقة، وأراد أن يظهر لعناصره ومؤيديه أنه قادر على المبادرة والسيطرة على مناطق محررة»، وأشار لقمان إلى أنه «بمقابل التمركز والثبات على الجبهات الشرقية، فإن قوات سوريا الديمقراطية تسجل تقدماً ملحوظاً على الجبهات الغربية من الرقة».
من جهته، أوضح عبد السلام أحمد، عضو «حركة المجتمع الديمقراطي» الكردية، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك أسباباً تحول دون تحقيق تقدّم سريع في معركة تحرير الرقة»، مذكراً بأن «مدينة الرقة تشكّل رمزية كبيرة لـ«الدواعش»؛ لكونها عاصمتهم الأولى في سوريا، ولذلك لديهم تحصينات وأنفاق وخنادق تساعدهم على المناورة والقتال لوقت طويل، عدا عن استخدامهم للألغام والمفخخات». وقال إن «العنصر الأهم هو أن هؤلاء الإرهابيين يتخذون من المدنيين دروعاً بشرية».
وعزا القيادي الكردي، التراجع داخل حي الصناعة بعد تحريره، إلى أن «هذا الحي يقع تحت سيطرة قوات النخبة، ويبدو أن تدريباتهم العسكرية ليست بالاحترافية التي تتمتع بها قوات سوريا الديمقراطية، أو وحدات الحماية (الكردية)، وربما ليست بارعة في حرب الشوارع وخوض ما يشبه حرب العصابات، وهو ما ساعد (الدواعش) على التقدم».
وأدى القصف الجوي الذي نفذته طائرات التحالف الدولي، ليل الجمعة - السبت على مدينة الرقة، إلى مقتل خمسة مدنيين، في وقت اتهمت مواقع إخبارية تابعة لفصائل المعارضة السورية «قوات سوريا الديمقراطية» بتعذيب مدنيين في مدينة الرقة، وردّ عبد السلام أحمد على هذه الاتهامات بالقول إن «هناك بعض القوى الداخلية التي انهزمت سابقاً أمام (داعش)، مثل مجموعات (الجيش الحر) المقيمة في تركيا، منزعجة الآن من انتصارات (قوات سوريا الديمقراطية)، وتنظم الآن حملة دعائية لتشويه صورة قواتنا وانتصاراتها»، لافتاً إلى أن «الوضع أحياناً يقتضي إجراء تحقيقات مع بعض الأشخاص، والتدقيق في هوياتهم، ومعرفة انتماءاتهم، بدل ترك الأمور في مهبّ الفوضى».

مساعد «النمر»
وليس بعيداً عن معارك الرقة، أصيب القائد الميداني لعمليات «مجموعات النمر» بقيادة العميد سهيل الحسن التابعة لقوات النظام وهو ضابط برتبة عقيد، بجروح خطرة فيما قتل اثنان من مرافقيه جراء استهدافهم من قبل تنظيم داعش على طريق أثريا - الرقة. وأفادت المعلومات، بأن السيارة التي كانت تقلّ الضابط، استهدفت بصاروخ موجه أطلقه مقاتلو «داعش» في المنطقة المذكورة.
وكانت قوات النظام بقيادة «مجموعات النمر»، بدأت قبل أيام بدعم من المسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، عملية تمشيط لقرى وتلال في ريف حلب الجنوب الشرقي، التي كانت تحت سيطرة التنظيم، وانسحب منها الأخير خلال ليل الجمعة - السبت، إلى مناطق سيطرته في البادية السورية، عبر مئات الأمتار التي كانت قوات النظام أبقتها من دون سيطرة بعد تقدمها على طريق الرصافة - أثريا. ومع هذا التقدم للنظام والميليشيات الموالية يكون انتهى وجود تنظيم داعش في محافظة حلب.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.