لافروف يقول إن العلاقة مع واشنطن «غير طبيعية»

حمّل المسؤولية لـ «الصراع السياسي الداخلي» في الولايات المتحدة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر خلال حضوره منتدى «قراءات بريماكوفية» في موسكو (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر خلال حضوره منتدى «قراءات بريماكوفية» في موسكو (أ.ب)
TT

لافروف يقول إن العلاقة مع واشنطن «غير طبيعية»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر خلال حضوره منتدى «قراءات بريماكوفية» في موسكو (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر خلال حضوره منتدى «قراءات بريماكوفية» في موسكو (أ.ب)

وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف العلاقات الأميركية - الروسية في وضعها الراهن بأنها «غير طبيعية»، وعبر عن أمله في أن يساهم اللقاء المرتقب في هامبورغ على هامش قمة العشرين بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب، في توضيح مسائل التعاون بين البلدين. من جانبه، شدد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، عراب الدبلوماسية الأميركية هنري كيسنجر على ضرورة انتقال روسيا والولايات المتحدة إلى «رؤية مشتركة للمستقبل عبر الجهود المشتركة» وأشار إلى تجربة سابقة للبلدين في مجال إعادة تحسين العلاقات. وكان كل من كيسنجر ولافروف تناولا العلاقات بين البلدين خلال مشاركتهما أمس في أعمال منتدى «قراءات بريماكوفية» السياسي الذي يبحث فيه كبار الخبراء السياسيين من روسيا ودول العالم القضايا المتعلقة بالسياسة الدولية والاقتصاد والأمن. وكما في اليوم الأول، كانت العلاقات الأميركية - الروسية موضوعاً رئيسياً تناوله المتحدثون في كلماتهم أمس، الثاني من أعمال المنتدى.
وفي مداخلته، قال وزير الخارجية الروسي إن «عالم اليوم يمنح أهمية خاصة للعلاقات الأميركية - الروسية، التي يرتبط بها حل كثير من القضايا الدولية، بداية من قضايا الاستقرار الاستراتيجي، وحتى حل النزاعات الإقليمية». وأشار لافروف إلى نظرة عدد كبير من دول العالم بقلق إلى ما وصلت إليه العلاقات بين موسكو وواشنطن، وحمل الوضع الداخلي الأميركي المسؤولية عن تدهور العلاقات الثنائية، وقال إن «تلك العلاقات أضحت رهينة الصراع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة»، وعبر عن أمله في أن يحمل اللقاء المعلن عنه بين الرئيس بوتين وترمب وضوحاً بشأن التعاون والتفاعل بين البلدين، وأن «تعلو البراغماتية الرامية لضمان المصالح الوطنية» في المحادثات بين البلدين.
ويتوقع أن يلتقي الرئيسان بوتين وترمب لأول مرة في هامبورغ الشهر الجاري، على هامش قمة العشرين، وتقول موسكو إنها تنطلق من أن اللقاء سيتم، وبعد صمت طويل أعلن البيت الأبيض في 29 يونيو (حزيران) الماضي أن اللقاء سيتم في هامبورغ، وقبل ذلك بيوم قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، إنه «لا تجري تحضيرات للقاء». وأكد لافروف أن المحادثات الهاتفية التي جرت بين الرئيسين، أظهرت توفر رغبة لدى البلدين في تجاوز كل الخلافات، وقال إن «بوتين وترمب ينطلق كلاهما من المصالح القومية لبلاده، وهما أفضل من يعرف ويفهم تلك المصالح».
ويظهر كلام وزير الخارجية الروسي أن موسكو تعول كثيراً على اللقاء بين بوتين وترمب لتجاوز المرحلة الحالية المعقدة من العلاقات بين البلدين. إذ فضل لافروف عدم عرض توقعاته لما سينتج عن ذلك اللقاء، لكنه شدد على أن أهم ما في الأمر هو «تجاوز المرحلة غير الطبيعية من العلاقات بين بلدينا»، موضحاً أن قادة البلدين وإن أجريا محادثات هاتفية، لكنهما لم يلتقيا حتى الآن.
ولفت إلى أنه التقى نظيره وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وأن الرئيس ترمب استقبلهما (لافروف وتيلرسون) بعد المحادثات في واشنطن، لكن مع ذلك، يرى لافروف أن «اللقاء بين الرئيسين إلى جانب محادثاتهما الهاتفية أمر مهم للغاية». ومع كل هذا الاهتمام بالعلاقات مع الولايات المتحدة فإن روسيا لا تريد عالماً تقف فيه قوى كبرى ضد أخرى، ولا عالما أحادي القطب بل عالما متعدد الأقطاب، هذا ما أكده لافروف حين أشار إلى أنه بوسع روسيا والصين والولايات المتحدة التوصل إلى تفاهم مشترك لحل القضايا العالمية، وقال: «لا يمكن الحديث بأنها ستكون بناءة الصيغة عندما تتحالف الولايات المتحدة والصين ضد روسيا، أو عندما تقف الصين وروسيا ضد الولايات المتحدة. وما أراه واقعياً هو عندما تدرك هذه القوى معا كيف يمكن لدولنا أن تساعد، نظراً لنفوذها في الشؤون الدولية والاقتصاد العالمي، على حل المشكلات الدولية».
أما وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، الأجنبي الوحيد الذي حصل على صفة عضو في أكاديمية العلوم الروسية، فقد ابتعد في مداخلته عن تقييم نتائج اللقاء المتوقع بين بوتين وترمب، لكنه شدد على ضرورة أن يعمل البلدان معا للانتقال إلى «رؤية مشتركة للمستقبل»، عبر «الجهود المشتركة»، وأشار إلى تجربة سابقة في مجال تجاوز الخلافات وتحسين العلاقات الثنائية، قائلا: «من الضروري الاستفادة اليوم من تلك التجربة»، وقال إنه شخصياً متفائل في هذا الشأن. ولخص كيسنجر واقع العلاقات بين البلدين اليوم بأنه «محاولة كل دولة لردع واحتواء الأخرى»، معربا عن قناعته بأن «الولايات المتحدة تسعى إلى شغل موقع القوة المهيمنة عالمياً» وأن روسيا تعمل على حماية مصالحها في الفضاء السوفياتي.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجه رسالة ترحيب إلى المشاركين في منتدى «قراءات بريماكوفية» تلاها نيابة عنه معاونه يوري أوشاكوف. وقال في تلك الرسالة إن «الحوار الصريح بين الخبراء والعلماء في (قراءات بريماكوفية)»، في ظل هذا الوضع الدولي المعقد، سيساعد على تجاوز الخلافات بين مختلف الدول»، وأعاد للأذهان أن الدور الحالي للمنتدى تحت عنوان «العالم في عام 2035» يشكل في حد ذاته رسالة إلى المستقبل، وأن حوار المشاركين سيساعد على «النظر خلف الأفق والتفكير فيما ينتظره العالم في العقد المقبل».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».