ابحر على نغم الطرب... واستيقظ كل يوم في مدينة

«ستارز أون بورد» مدينة عائمة مرصعة بالنجوم

ابحر على نغم الطرب... واستيقظ كل يوم في مدينة
TT

ابحر على نغم الطرب... واستيقظ كل يوم في مدينة

ابحر على نغم الطرب... واستيقظ كل يوم في مدينة

ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن السفر بالباخرة أو ما يعرف بالـ«كروز» (Cruise)، ولا أظن أنها ستكون الأخيرة، لأني أصبحتُ من المدمنين على هذا النوع من السفر الذي يبدأ لحظة الوصول إلى الباخرة.
ولكن ما يميز هذه الرحلة تحديداً أنها مرصَّعَة بالنجوم «حرفيّاً» وأقصد هنا نجوم الفن العربي، فتخيل نفسك في باخرة يبحر على متنها 4375 مسافراً و1360 عاملاً وفيها 14 مصعداً وأكثر من 7 مطاعم وملاعب وحمامات سباحة ومركز صحي ومسارح وقاعات سينما... وبالإضافة إلى كل هذا ستكون أمامك فرصة مشاهدة نجوم العالم العربي تحت سقف واحد يطربون مسمعك كل ليلة، وتستيقظ كل صباح في مدينة مختلفة على المتوسط، لتحط رحالك في مرافئ تنتظر وصول الركاب وتودعهم وقت المغيب.
هذا باختصار ما تقدمه باخرة «ستارز أون بورد» Stars On Board التي تمزج ما بين السفر والفن، فاختارت سفينة «فريدوم أوف ذا سيز» Freedom of the seas التي تعتبر من بين أكبر وأفخم السفن السياحية حول العالم، وستكون الرحلة المقررة للنجوم التي تنظمها «ستارز أون بورد» من أولى الرحلات لهذه السفينة في المتوسط وستنطلق من مرفأ برشلونة وستكون محطتها الأولى في جزيرة «إبيزا» Ibiza الإسبانية والمحطة الثانية في جزيرة مايوركا Palma de Mallorca في إسبانيا أيضاً، أما المحطة الثالثة فستكون في مدينة مارسيليا Marseille لتنتهي الرحلة في برشلونة حيثما بدأت.
رحلة ستارز أون بورد تبدأ في السابع عشر من أغسطس (آب) وتستمر على مدى أربع ليالي، تكتشف خلالها أجمل المدن وتتمتع بروعة البحر وتتذوق ألذ الأطباق على متن الباخرة خاصة وأن السعر يشمل الأكل في أي وقت من الأوقات.
تم اختيار الوجهات بعناية فائقة، وتنظم الرحلة بالتعامل مع طيران الإمارات ليكون الوصول إلى برشلونة من أي مدينة حول العالم سهلاً ومريحاً.
وفي أي وقت تصل به إلى برشلونة يمكنك التوجه إلى الباخرة ابتداء من الساعة 11 صباحا، معاملات التسجيل والإجراءات الأمنية سهلة جدا وستكون بحاجة إلى بطاقة ائتمان، لأنه يُمتنع الدفع بأي عملة على متن الباخرة وتكون البطاقة التي تحمل اسم المسافر هي عبارة عن مفتاح للغرفة وموصلة بحساب بطاقة الائتمان الذي تود تسجيله، فعندما تستعمل بطاقتك يتم تسجيل الدفع في بطاقة الائتمان.
وتنطلق الرحلة في تمام الساعة الخامسة، وتتسلم غرفتك عند الساعة الواحدة بعد الظهر، فعند الوصول يكون الغداء في الطابق الحادي عشر في مطعم «وينجاما» بانتظارك من خلال بوفيه ضخم فيه ما لذ وطاب من الأطباق العالمية، فتستطيع اختيار ما تشاء من المأكولات، وهناك من يتوجه إلى بركة السباحة أو إلى النادي الصحي، فكل هذه المرافق تكون مفتوحة ومتوفرة للزوار قبل وبعد انطلاق الباخرة في رحلتها.
ولكن لا تفوت عليك وقت مغادرة السفينة مرفأ برشلونة الجميل فترى في طريقك وأنت تبتعد عن الشاطئ روعة تلك المدينة الساحلية، وعند مغادرة الباخرة يدعو القطبان الركاب إلى المشاركة في حفل وداع المرفأ في الطابقين العلوين على أنغام الموسيقى.
عند قيامك بالحجز سيكون بإمكانك اختيار وقت العشاء الرسمي، فهناك من يفضل العشاء باكرا عند الساعة السابعة وآخرون يفضلون تناول العشاء عند الساعة التاسعة، فأنا أفضل الوقت المتأخر لكي يكون لديك الوقت الكافي بعد زيارة الوجهة المقررة، كما تنظم حفلات الفنانين نفسها 3 مرات كل ليلة لكي يتمكن الجميع من التمتع بتلك الحفلات التي يحييها كل من كاظم الساهر وإليسا ونوال الزغبي ووائل جسار وزياد برجي والشاب خالد وفارس كرم وجورج وسوف ويعقوب شاهين وسوزان نجم الدين وناصيف زيتون ونادر الاتات وغيرهم من نجوم الفن العربي.
وبما أن عدد الفنانين كبير ولا تتسع المسارح في السفينة لعدد الركاب الهائل فتم تقسيم الحفلات على الشكل التالي: الحفلة الأولى عند الساعة 7 مساء والثانية عند الساعة التاسعة والنصف والحفلة اليومية الثالثة عند منتصف الليل. ومن المهم جدا القيام بالحجز مسبقاً.

السفر مع الأطفال

هذه الرحلة تناسب سفر العائلات لأن هناك كثيراً من النشاطات على متن الباخرة التي تناسب جميع الأعمار، بمن فيها حاضنات الأطفال ونادٍ للمراهقين، مما يتيح فرصة الراحة المطلقة للأهل للاستفادة من الإجازة.
من بين النشاطات على سفينة «فريدوم أوف ذا سيز» التابعة لأسطول «رويال كاريبيان»، جبل للتسلق، برك سباحة، طابق خاص بالألعاب الإلكترونية، نادٍ صحي مطل على البحر وقاعة مخصصة للتزلج وقاعة سينما تعرض أجدد الأفلام الغربية.

رحلات منظمة

تقدم «ستارز أون بورد» برامج سياحية استكشافية لكل مدينة ترسو فيها السفينة ليوم كامل، ولكن سعر تلك الرحلات إضافي ولا يشتمله سعر تذكرة السفر، فيمكنك الحجز المسبق على متن الباخرة.
فعند وصولك في الصباح الباكر لوجهتك يعلمك الكابتن بالوصول ويحدد للركاب وقت العودة، وهنا يجدر التشديد على أنه من المهم جدّاً الالتزام بالوقت وإلا فستفوتك الباخرة لأنها لن تنتظر أي راكب.
ومن الممكن أيضاً الالتحاق برحلات خاصة خارج الباخرة، فعند وصولك إلى المرفأ ستقدم لك عدة عروض من شركات صغيرة خاصة تأخذك في رحلات استكشافية بأسعار جيدة تبدأ من 25 يورو لليوم الواحد. أنصح هنا بوضع برنامج بما تود أن تفعله في كل وجهة لكي تتمكن من تنظيم يومك والاستفادة من الوقت الذي يمر بسرعة.

الغرف والطعام

غرف الباخرة جميلة ومريحة وفيها ما يكفيك من مساحة لتوضيب أمتعتك وحاجاتك، هناك عدة أنواع من الغرفة تختلف باختلاف الأسعار، فمنها موجودة في الداخل من دون نافذة مطلة إلى الخارج وأخرى مع نافذة اصطناعية أو نافذة مطلة على داخل السفينة والأجمل هي بالطبع تلك التي تضم شرفة مطلة على البحر، تجلس فيها متى شئت، وهناك أيضاً الأجنحة بطابقين والأجنحة الرئاسية.
أما بالنسبة للأكل، فطيلة الرحلة يجب عليك أن تنسى موضوع التفكير بالسعرات الحرارية، فالطعام لذيذ ومتوفر في أي وقت من الأوقات عن طريقة البوفيه وفي المطاعم الغربية المتخصصة، كما توفر الباخرة خدمة التوصيل إلى الغرف من دون تكلفة إضافية على مدار الساعة.

قبل الإقلاع

من الضروري الحصول على فيزا «شينغن» التي تخولك الدخول إلى البلدان الأوروبية، وفي بعض المحطات الإيطالية يطلب منك حمل جواز سفرك عند مغادرة الباخرة.
إذا كان لديك الوقت فاحجز فندقاً في برشلونة وتمتع بروعة المدينة قبل بدء رحلتك على الباخرة أو بعد انتهائها، إذا قررت تمضية يوم كامل في برشلونة على طريق العودة يمكنك ترك حقائب السفر مع شركة Bag and Go الموجودة داخل الباخرة عند نقطة تسلم الحقائب، ومقابل 15 يورو للحقيبة الواحدة يتم ترحيل الأمتعة إلى المطار لتتسلمها في الوقت الذي يناسبك.
وإذا لم يكن لديك متسع من الوقت للتعرف على برشلونة فأنصحك بحجز تذكرة على إحدى الحافلات السياحية المكشوفة، التي تنطلق من ساحة كاتالونيا، ولقاء مبلغ 30 يورو للشخص الواحد تتعرف على أهم المعالم السياحية في المدينة مع إمكانية الترجل من الحافلة والصعود على أخرى ساعة تشاء. والتذكرة صالحة لـ24 ساعة. ومن المهم التنبه إلى أنه يمنع جلب أي نوع من المواد الغذائية إلى الباخرة.
وعند حجز تذكرة السفر على «ستارز أون بوردز» احجز الوقت الذي يناسبك للعشاء، لأنه لن تكون أمامك فرصة تغيير الوقت وإلا فلن تتوفر لك إلا إمكانية العشاء على طريقة البوفيه في مطعم «وينجاما».
وأنصح أيضاً الرجال والنساء بجلب أزياء أنيقة، فتخصص أمسية خاصة تعرف بـ«ليلة الكابتن» Captain Night حيث يتمكن المسافرون من مصافحة القبطان والتحدث إليه. وينتشر المصورون في كل مكان على متن الباخرة، لست مجبراً على الوقوف أمام عدساتهم وإنما إذا كنت في مزاج التقاط الصور فستجد صورك معلقة في اليوم التالي في القسم المخصص للصور، ولن تكون مجبَراً على شرائها.

على متن الباخرة

في كل ليلة تضع مدبرة الغرفة المخصصة بتنظيف غرفتك، ما يعرف باسم «كومباس» وهو عبارة عن دليل مفصل عن الوجهة التي ستحط الباخرة رحالها في الصباح التالي، مع عرض مفصل لوقت الوصول والرحيل والبرامج الفنية والنشاطات الرياضية وغيرها على متن الباخرة، فمن المهم الالتزام بهذه المعلومات التي تعرفك أيضاً على الوجهة التي ستزورها في اليوم التالي مع نبذة سريعة عما يمكنك القيام به في يوم واحد.
فترة المساء وبعد العودة من وجهتك، يمكنك التنزه في الطابق الخامس في Promenade وتنتشر فيه المقاهي ومحلات بيع الحلوى والأيس كريم والمشروبات، بالإضافة إلى محلات السوق الحرة التي تفتح أبوابها عندما تبحر الباخرة فقط.
في كل مساء تجلس على الطاولة ذاتها في المطعم الذي حجزته من قبل، فتنبه إلى مسألة «البقشيش» لأن نادلاً واحداً يعتني بك طيلة الرحلة بشكل لافت، وينتظر منك شكره من خلال وضع المال في مظروف تجده في الغرفة.

الرحلة في سطور

> في بادئ الأمر لم أكن من أنصار السفر على طريقة «الكروز»، ولكن وبعد تجربتي للسفر مع «رويال كاريبيان» غيرت نظرتي لهذا النوع من السفر، واهم ما في رحلة «ستارز أون بورد» هي أنها تجمع ما بين الفن والسفر، وهذه فرصة فريدة من نوعها، ومن ناحية التكلفة المادية فالسعر جيد جدّاً لا سيما أن سعر التذكرة يشمل الأكل وجميع الحفلات الفنية والنشاطات الرياضية مثل ركوب الأمواج والتزلج والتسلق.
كما أن اختيار الوجهات موفق جدا وأربع ليالٍ كافية للتعرف على بعض من أجمل المدن الأوروبية، واختيار الفنانين المشاركين بالرحلة أمر فريد، فمن شبه المستحيل بأن تتمكن من رؤية هذا الكم الهائل من الفنانين المعروفين في مكان واحد، ولهذا السبب أنصح الجميع بالقيام بهذه التجربة. رحلة ممتعة.

خطط لمحطاتك

> ليس من الضروري الحجز المسبق للرحلات المنظمة في الوجهات المحددة التي اختارتها «ستارز أون بورد» في إبيزا وبالما دي مايوركا ومارسيل، فمن السهل الانضمام إلى إحدى الرحلات خارج المرفأ. وأهم ما يمكن أن تفعله في التمتع بأربعين كيلومتراً من الشواطئ الخلابة والسباحة في مياه لازوردية صافية.
وفي بالما دي مايوركا التي تعتبر عاصمة جزر البليار لا بد من زيارة الكاتدرائية التاريخية والمشي في أزقة الجزيرة التي تحمل أسماء مشتقة من العربية.
يسكن مايوركا أكثر من 400 ألف نسمة ونصف سكان الجزيرة يسكنون في بالما.
أما بالنسبة لمارسيل فهي من بين أجمل المدن الفرنسية على الإطلاق، استقل حافلة من الجهة المقابلة للمرفأ القديم لتتعرف على تاريخها وعلى أهمية موقعها على المتوسط وتتوقف الحافلة عند محطة كنسية «لا دام دو لا غارد» وهذه المحطة رائعة لأنها تقدم لك فرصة هائلة لرؤية المدينة من فوق والتقاط أجمل الصور البانورامية.
ومن المحطات الجميلة الأخرى، محطة المرفأ القديم Vieux Port الذي تنتشر على طوله المطاعم المتخصصة ببيع الأسماك، ومن أشهر أطباق المدينة «بويابيس» Bouillabaisse وهو عبارة عن «يخنة سمك» ومن بين أشهر المطاعم المختصة بتقديمه «شي مادي» الواقع مقابل الواجهة البحرية.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».