لاغارد لـ «الشرق الأوسط»: التخطيط لاقتصادات دول الربيع العربي لا يحتمل التأجيل

مديرة صندوق النقد الدولي أكدت أن نموا بنسبة ستة في المائة ضروري لتحقيق المطالب

كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي أثناء زيارتها أول من أمس مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن (رويترز)
كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي أثناء زيارتها أول من أمس مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن (رويترز)
TT

لاغارد لـ «الشرق الأوسط»: التخطيط لاقتصادات دول الربيع العربي لا يحتمل التأجيل

كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي أثناء زيارتها أول من أمس مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن (رويترز)
كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي أثناء زيارتها أول من أمس مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن (رويترز)

شددت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد على ضرورة اتخاذ حكومات دول الانتقال العربي القرارات الحاسمة المبنية على التخطيط بعيد الأمد، حتى وإن كانت الحكومات الحالية حكومات مؤقتة أو انتقالية. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن البقاء في مرحلة الانتقال إلى الأبد، على الدول البناء للمستقبل بعيد الأمد، ولهذا أسس اقتصادية في غاية الأهمية» في هذه المرحلة.
وجاءت تصريحات لاغارد لـ «الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر «بناء المستقبل: الوظائف والنمو والمساواة في العالم العربي»، الذي استضافه صندوق النقد الدولي مع الأردن والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في العاصمة الأردنية، والذي اختتم أمس بالتشديد على ضرورة العناصر الثلاثة وهي الوظائف والنمو والمساواة، أي النمو الشامل والعادل ليتماشى مع متطلبات شعوب المنطقة. وركز المؤتمر على ستة بلدان معروفة بدول التحول العربي، أي الدول التي تمر بانتقال سياسي وهي الأردن والمغرب واليمن ومصر وتونس وليبيا. وأوضحت لاغارد: «نشعر بأنه من الضروري تقوية الوسط، الطبقة الوسطى في المجتمع. والوسط في الاقتصاد يعني الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم والوسط أيضا يعني الدولة متوسطة الحجم، التي لا تقوم بكل المهام بمفردها»، والتركيز على «الوسط» وخصوصا الحكومة المبنية على دولة بأسس قوية ولكن تفتح الطريق لشركات آخرين كان أحد أهم محاور المؤتمر.
وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول تصريحاتها بأن نسبة النمو الحالية في دول التحول العربي، (ثلاثة في المائة)، غير كافية لتتماشى مع احتياجات وتطلعات تلك الدول، قالت لاغارد: «في الوضع المثالي، دول التحول العربي تضاعف النسبة الحالية مما يعين الانتقال من ثلاثة إلى ستة في المائة، لن يحدث ذلك بين عشية وضحاها، وستكون عملية تدريجية ولكن آمل بأن يكون هذا هو الاتجاه وأن يصل إلى نمو نسبته ستة في المائة وهي النسبة الضرورية لخلق فرص العمل في المناطق». وحول كيفية الوصول إلى هذه النسبة من النمو، قالت لاغارد: «المطلوب مواصلة التركيز على الأساس الاقتصادي، أي إطار الاقتصاد الكلي، لأنه عندما يكون لدى الدولة وضع مالي عام صلب وفي صحة جيدة، يبعث ذلك الثقة ويمكن توقع طريقة تطور الاقتصاد، مما يعني أن الأطراف الأخرى مستعدة للاستثمار ومستعدة لخلق فرص العمل». وأضافت: «كلما زادت ثقة القطاع الخاص للاستثمار، زاد احتمال خلق فرص العمل».
من جهته، تحدث رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور خلال مشاركته في المؤتمر عن التجربة الأردنية، موضحا أن «القيادة الأردنية استبقيت الأحداث» في اتخاذ إجراءات جذرية تعالج التحديات التي واجهت المنطقة. وحول التدابير التي تتخذها دول أخرى تمر بتجارب مشابهة للأردن من حيث قرارات صعبة متعلقة برفع الدعم عن مواد أساسية وإجراءات تقشف، قال: «أخذنا قرارات صعبة وقاسية وفي ظروف صعبة.. الوصفة التي اقترحها تطوير القرار واتجه إلى الناس واضع ثقتك بهم، عليك أن تكون أنت ذا مصداقية معهم.. يجب ألا يأتي الإصلاح على يد من يروه الناس فاسدا». وتابع: «يجب أن تصل إلى القرار وكأن الناس صنعوه ليس أنت».
وكان لافتا تصريح رئيس الوزراء الأردني حول صندوق النقد الدولي إذ قال إن عليه أن يراعي ظروف الدول الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وألا يركز فقط على «السياسات المالية الصرفة»، مضيفا: «صندوق النقد لا يملي قراراته.. هو ملك لجميع الدول»، مشيرا إلى أن الصندوق لو مزج بين «خبرة موظفيه المالية الصرفة» وبين خصوصيات البلد المحدد مثل الوضع الاجتماعي والوصول إلى المناطق النائية «سيكون التوجه أحسن».
وكان رد لاغارد على النسور واضحا، إذ قالت في نفس الجلسة: «لسنا حفنة محاسبين - لو كان الأمر كذلك لما استمعنا إلى نداء الأردن بتخفيف بعض الإجراءات بسبب ضغوط اللاجئين السوريين»، مكررة أكثر من مرة أن صندوق النقط الدولي يقدم الخبرات والنصائح والبرامج المناسبة بناء على ظروف الدول.
وعاد رئيس الوزراء الأردني موضحا تصريحاته خلال خطاب مقتضب أمام المشاركين في غداء عمل، وقال «نحن ممتنون لصندوق النقد الدولي وللسيدة لاغارد.. أرجو ألا يساء فهم تصريحاتي».
وأكدت لاغارد في ختام المؤتمر عزمها على متابعة المحاور التي طرحها المؤتمر الذي شارك فيه أكثر من ثلاثمائة شخصية عربية وأجنبية، مضيفة: «سأترك عمان حاملة معي أفكارا وطاقة جديدة». وتابعت أنها ستتابع مع مسؤولي الدول العربية قضايا النمو والشفافية ومعالجة البطالة خلال الفترة المقبلة.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.