يعرب محمد يونس الذي يمضي فترة نقاهة في غرفة ضعيفة الإنارة في قرية كيموه بكشمير، عن غضبه لأنه لم يتمكن من الانضمام إلى المظاهرات التي يقوم بها شباب احتجاجا على القوات الهندية في منطقة كشمير الواقفة على شفير الانفجار.
وفي فبراير (شباط) الماضي، كان محمد (18 عاما) يجتاز حقلا للمشاركة في جنازة متظاهر عندما أطلق عليه جنود النار، وأصابوه بجروح في فخذه. وقال محمد لوكالة الصحافة الفرنسية «لو لم أكن عالقا في هذا السرير، لكنت خرجت أيضا للمشاركة في احتجاجات» هذا الربيع، في حين تشهد كشمير الهندية موجة جديدة من أعمال العنف.
عاش وادي كشمير في الأسابيع الأخيرة على وتيرة المواجهات بين الطلبة من رماة الحجارة، والجنود المدججين بالسلاح. وتعد المنطقة التي تسكنها أكثرية مسلمة، ويتمركز فيها نصف مليون جندي هندي، من أكثر المناطق التي تشهد انتشارا عسكريا كثيفا في العالم.
ومنذ العام الماضي، لقي أكثر من 100 شاب وشابة مصرعهم خلال مظاهرات، فازدادت مشاعر الغضب لدى قسم من السكان حيال الهند التي يعتبرونها قوة احتلال. وتنقسم هضبة كشمير في هيمالايا بين الهند وباكستان، اللتين تطالب كل منهما بكامل السيادة عليها. ومنذ التقسيم في 1947. تتنازع نيودلهي وإسلام آباد السيطرة على المنطقة، وقد نجم عن هذا النزاع تمرد انفصالي في الجانب الهندي.
وشهدت مدينة شوبيان في جنوب الوادي تجمعات جديدة أول من أمس ضد الهند بعد وفاة طالب في اليوم السابق، عندما نزل شباب إلى الشوارع لعرقلة عملية كانت تقوم بها قوات الأمن لمواجهة ما تعتبره تمردا. أصيب الطالب إصابة قاتلة في صدره لدى إطلاق نار لتفريق المتظاهرين، وفق ما أفاد سكان. وأكدت الشرطة أنه أصيب خلال تبادل لإطلاق النار مع متمردين.
خلال العقد الدامي في التسعينات، كانت نيودلهي تواجه مجموعات منظمة تتهم باكستان بتسليحها. لكن واجهة الاحتجاج على الهند تغيرت اليوم، فالانتفاضة المسلحة تلاشت وانتقل مشعل الاحتجاجات إلى الشباب.
ولدى حديثه عن سنوات شبابه، قال محمد أكبر، والد محمد يونس، «كنا خجولين. لكن على هذا الجيل أن يناضل». وأضاف أن الطلبة الكشميريين اليوم «ليسوا خائفين من الرصاص والجنود».
ولمواجهة هذا الغضب الذي يتردد صداه في الجامعات ويصل حتى إلى الشوارع، لا تعرف الهند ما هو الموقف الذي يتعين عليها اتخاذه. فخبرة جنودها في حرب العصابات تفوق خبرتهم في احتواء المظاهرات في المدن. وكل وفاة تنجم عن مواجهات مع هذه المظاهرات، تؤدي إلى تجمعات جديدة تتحول أعمال عنف تؤجج حلقة مفرغة يواجهها الطرفان.
وفي هذا الصدد، قال قائد الجيش الهندي الجنرال بيبين راوات، إنه يفضل «أن يطلق الشباب النار علينا، بدلا من أن يرمونا بالحجارة». وأضاف في تصريح لوكالة «تراست برس أوف انديا»، «سأكون عندئذ سعيدا. وعندئذ أستطيع أن أفعل ما أريد فعله».
وشهد وادي سريناغار مظاهرات دامية الصيف الماضي، بعدما قتلت القوات الهندية في يوليو (تموز) زعيما شابا متمردا، كان يجدد صورة الانتفاضة المسلحة عبر رسائله وصوره المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي أعقاب الهدنة التقليدية الناجمة عن برد الشتاء، استؤنفت الاحتجاجات الطلابية في أبريل (نيسان)، بعد غارة على جامعة في مدينة بولواما لاعتقال المشاغبين المفترضين. وفي حادث منفصل، أجج مشاعر الغضب شريط فيديو يظهر فيه الجيش الهندي وهو يستخدم كشميريا درعا بشرية لحماية قافلة من رمي الحجارة.
واعتقل الطالب وسيم أحمد بات سبع مرات منذ سبتمبر (أيلول)، فلم يتمكن من المشاركة في جنازة والده. وقال: «كل مرة كنت أتعرض للتعذيب». واعتقل نحو 3000 طالب متظاهر الصيف الماضي، كما قال مسؤول كبير في الشرطة، طالبا التكتم على هويته. وفي العمليات العسكرية، تخشى القوات الآن الشباب الذين يتصدون لها، أكثر مما تخشى المتمردين أنفسهم.
وفي الفترة الأخيرة في شوبيان، انتظر طلبة يرتدون البزة العسكرية أمام جامعتهم، بعدما تناهى إليهم أن قافلة للجيش على وشك الوصول، وتغاضوا عن دعوات أساتذتهم للدخول.
وبعد دقائق، وصلت الآليات العسكرية بأقصى سرعتها وقد أطلقت العنان لأبواق آلياتها. وهتف الطلبة «الهند، اخرجي» ورموا حجارة على القافلة.
وقال أستاذهم، الذي طلب التكتم على هويته، «أتفهم غضبهم. قتل ستة من طلابي العام الماضي». واعتبر مسؤول كبير في الشرطة أن «الأزمة التي نراها اليوم، لم يحن بعد أوان إيجاد حل لها».
الجيش الهندي يواجه غضب «شباب الحجارة» في كشمير
الاشتباكات أسقطت أكثر من 100 قتيل في سنة
الجيش الهندي يواجه غضب «شباب الحجارة» في كشمير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة