أنقرة تكشف خطة قديمة لتحرير الرقة بقوات عربية

الناطق باسم الرئاسة التركية قال إن واشنطن ستكتشف خطأ الاعتماد على «وحدات الحماية»

مقاتلة كردية ضمن قوات «غضب الفرات» خلال المعارك ضد «داعش» في ريف الرقة (حملة «غضب الفرات»)
مقاتلة كردية ضمن قوات «غضب الفرات» خلال المعارك ضد «داعش» في ريف الرقة (حملة «غضب الفرات»)
TT

أنقرة تكشف خطة قديمة لتحرير الرقة بقوات عربية

مقاتلة كردية ضمن قوات «غضب الفرات» خلال المعارك ضد «داعش» في ريف الرقة (حملة «غضب الفرات»)
مقاتلة كردية ضمن قوات «غضب الفرات» خلال المعارك ضد «داعش» في ريف الرقة (حملة «غضب الفرات»)

كشفت أنقرة رسميا للمرة الأولى عن بعض تفاصيل مقترحاتها الخاصة بتحرير مدينة الرقة معقل «داعش» في سوريا من خلال الاعتماد على قوات عربية بدلا عن «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تمثل المكون الأكبر لتحالف «قوات سوريا الديمقراطية» التي تقدمت بها منذ أشهر لواشنطن.
وقال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين في مقابلة تلفزيونية مساء أول من أمس، إن بلاده سبق أن قدمت للولايات المتحدة خطة بديلة للتخلي عن دعمها للميليشيات الكردية، التي تعتبرها أنقرة امتدادا لـ«حزب العمال الكردستاني»، تتمثل في تدريب ما بين 10 و12 ألف شخص في إطار «الجيش السوري الحر»، وضم العناصر العربية في تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» إليهم، ليصل عددها بذلك إلى 20 ألف مقاتل تقريبا.
وأوضح كالين أن هذه القوات، مع التحالف الدولي وبدعمه الجوي، يمكنها القيام بعملية الرقة المرتقبة التي قررت واشنطن الاعتماد فيها بشكل أساسي على تحالف «قوات سوريا الديمقراطية»، لافتا إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما السابقة لم تبحث الخطة التركية.
وتعتقد واشنطن، وفقا لبعض الخبراء العسكريين، أن القوات الكردية هي الأقدر على هزيمة «داعش»، ولا تثق كثيرا في «الجيش السوري الحر» بسبب حالة التشرذم بين بعض فصائله والتي قد تقود إلى تحالفات غير معلنة مع «داعش» تؤدي إلى خسارة الحرب.
وأشار كالين إلى أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعاد التشديد خلال لقائه نظيره الأميركي دونالد ترامب، ومسؤولي إدارته أثناء زيارته للولايات المتحدة في مايو (أيار) الماضي على خطأ القرار الأميركي تقديم بتسليح «وحدات حماية الشعب» الكردية في إطار الحرب على «داعش». وقال إن «الأميركيين استوعبوا حساسية تركيا بهذا الشأن، ولهذا صرحوا بأنهم بصدد اتخاذ خطوات لتهدئة مخاوف أنقرة الأمنية، ومنها إطلاع تركيا على تفاصيل الأسلحة التي يقدمونها للوحدات الكردية ومراقبتها حتى لا يتم استخدامها ضدها أو في أغراض أخرى غير محاربة داعش».
وتابع كالن: «نحن بالطبع منفتحون على هذا التعاون وسنستمر في العمل مع الولايات المتحدة العضو في التحالف ضد (داعش)، مثلما نعمل مع روسيا، إلا أنه من الواضح أن الأميركيين ارتكبوا خطأ في هذا الموضوع وسيرون نتيجته على المدى المتوسط أو القصير». ولفت إلى ما صرح به إردوغان بشأن ما ستشعر به الولايات المتحدة من ندم جراء دعم «وحدات حماية الشعب» الكردية بالسلاح وعودتها إلى تركيا لطلب المساعدة، عندما قال: «ستأتون إلينا في يوم ما لهذا السبب».
وحول ما يتردد بشأن اتفاق الميليشيات الكردية مع «داعش» على فتح ممر آمن جنوب مدينة الرقة، لخروج آمن من المدينة إلى تدمر، قال كالين إن المخابرات التركية «تتابع الأمر عن كثب وهناك علامات تؤيد ما يقال.. وهذا ليس أمرا جديدا، إذ سبق أن تعاونا بالشكل نفسه في مدينة منبج». مضيفا: «هذا يظهر كيف أن المنظمات الإرهابية تتعاون مع بعضها عندما يكون الأمر في مصلحتها».
وكان مصدر في وزارة الدفاع الروسية أكد الأسبوع الماضي أن الأكراد اتفقوا مع «داعش» لفتح ممر آمن لعناصره للخروج من الرقة باتجاه تدمر، وأن القوات الروسية في سوريا اتخذت خطوات لمنع حدوث ذلك.
وأشار إلى أن الطائرات الروسية استهدفت في 25 مايو (أيار) الماضي قافلة لـ«داعش» مؤلفة من 39 شاحنة محملة بالأسلحة كانت في طريقها من الرقة إلى تدمر، ودمرت منها 32 شاحنة صغيرة مزودة بمدافع رشاشة ثقيلة، كما تمت تصفية أكثر من 120 إرهابيا. وتم تكثيف عمليات المراقبة في سوريا على الطرق المحتملة لخروج عناصر «داعش» من الرقة.
وحمل كالين الإدارة الأميركية السابقة المسؤولية عن تدهور الأوضاع في عموم سوريا، لافتا إلى أن إدارة ترمب الحالية لم تعمل حتى الآن على إصلاح هذه الأخطاء لكنها مستمرة فيها.
واعتبر المسؤول التركي أن إنشاء المناطق الآمنة التي تدعو لها تركيا هو أفضل وسيلة لإبقاء السوريين داخل أراضيهم، لافتا في هذا الخصوص إلى أن عملية «درع الفرات» أثبتت للجميع سهولة إقامة تلك المناطق. وفيما يخص مناطق خفض التوتر التي اتفقت عليها روسيا وتركيا وإيران، قال كالين إن المفاوضات بشأن إقامة تلك المناطق لا تزال جارية بين المعارضة والنظام السوري، بواسطة كل من أنقرة وطهران وموسكو، وتسير بشكل إيجابي.
في سياق متصل، دعا نائب رئيس تحالف العشائر العربية التركمانية في سوريا عمر دادا تركيا وباقي دول العالم المعنية بالأزمة السورية إلى التصدي للخطر الذي يشكله «حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي» في سوريا، لافتا إلى أن ما يتردد عن تسليم «داعش» محافظة الرقة إلى تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» هو عبارة عن لعبة، مشيرا إلى أن تحالف العشائر يرفض وجود كلا التنظيمين في الرقة.
وندد دادا في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية بالدعم الأميركي المقدم لـ«وحدات حماية الشعب»، الذراع العسكري لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، معتبراً أن هذا الدعم دليل واضح على جهل الأميركيين برغبات الشعب السوري. وشدد على أن الشعب السوري لن يقبل بسيطرة «الاتحاد الديمقراطي» على محافظة الرقة.
وكان إردوغان قال خلال مأدبة إفطار أقامها لعمد القرى والأحياء (المخاتير) في أنقرة الليلة قبل الماضية، إن القوات التركية لن تتردد في الرد على أي هجوم ينطلق من الأراضي السورية على الأراضي التركية ولن تستأذن أحداً في هذا الأمر.
ودعا إردوغان جميع دول العالم إلى مراجعة سياساتها في التعامل مع المنظمات الإرهابية. وشدد على أن تركيا «لن تبقى صامتة إزاء أي محاولات لإقامة دولة إرهابية على حدودها مع سوريا»، قائلاً: «من ينتظر منا الصمت إزاء تأسيس دولة إرهابية على حدودنا فإنه يجهلنا».
وأثارت واشنطن غضب أنقرة بإعلانها الثلاثاء الماضي أنها بدأت في تقديم أسلحة خفيفة وبنادق كلاشينكوف لمقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية، مما اعتبرته أنقرة «أمراً بالغ الخطورة» وخطوة يجب أن يتم التراجع عنها وتتنافى مع علاقات التحالف والصداقة بين أنقرة وواشنطن.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.