برلين: مداهمات ضد مكاتب رجال شرطة متهمين بالتستر في قضية العامري

رئيس الأمن الألماني يؤكد أهمية التعاون مع الولايات المتحدة

شرطي مسلح خلال مداهمات في برلين (د.ب.أ)
شرطي مسلح خلال مداهمات في برلين (د.ب.أ)
TT

برلين: مداهمات ضد مكاتب رجال شرطة متهمين بالتستر في قضية العامري

شرطي مسلح خلال مداهمات في برلين (د.ب.أ)
شرطي مسلح خلال مداهمات في برلين (د.ب.أ)

حذر هانز - جورج ماسن، رئيس دائرة حماية الدستور الألمانية (مديرية الأمن العامة)، من مخاطر إرهابية جديدة تهدد ألمانيا. ووصف ماسن، في ندوة دولية حول الإرهاب عقدت يوم أمس ببرلين، الإرهابيين الجدد بالذين «ترعرعوا في الوطن» مقتبساً التعبير الإنجليزي «هومغرون». وأضاف ماسن أن الوضع تغير جذريا الآن، وما عاد الأمر يدور حول متشددين معروفين منذ سنوات، أو كوماندوز إرهابي يأتي من الخارج لممارسة عمليات إرهابية، وإنما حول إرهابيين ترعرعوا في ألمانيا، وحول أطفال زادوا تشدداً بفعل صلاتهم على الإنترنت. وقال ماسن، في الندوة المشتركة للأمن والاستخبارات وحضرها ممثلو الأجهزة الأمنية الدولية، إن سيناريوهات العمليات الإرهابية تغيرت أيضاً، وما عاد الأمر يدور حول إرهابيين يصممون قنابلهم بأنفسهم ويخططون للنجاة بحياتهم بعد تفجيرها، وإنما حول إرهابيين يأتون من سوريا وقد تدربوا على الكلاشنيكوف، ومستعدين للانتحار.
من جهته يرى رئيس الأمن الألماني أن أدوات تنفيذ العمليات الإرهابية تغيرت أيضاً، وصار الإرهابيون يستخدمون السكين والشاحنة والبلطة لقتل الناس. وطالب ماسن بغلق الثغرات في التحقيقات، وقال إن القيود الإلكترونية أيضاً بحاجة إلى «أقدام نعرفها» كي تؤدي دورها. وحذر ماسن من جديد من استهداف ألمانيا من قبل إرهابيي «داعش»، وأكد على ضرورة عدم الاستهانة بالخطر القادم من منظمة القاعدة، لأن التنظيم يريد استعادة سمعته المفقودة عن طريق عمليات إرهابية استعراضية كبيرة.
وأشار إلى أن المخابرات توفر المعلومات للدولة عند حصولها على هذه المعلومات، ولهذا لا بد من تعاون الأجهزة الأمنية الدولية من أجل توفير المعلومات. وكان ماسن، قبل انعقاد الندوة، أكد على أهمية التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة. وقال ماسن في البرنامج الإخباري الصباحي للقناة الأولى في التلفزيون الألماني «إيه آر دي»: «نحتاج إلى الأميركيين لأن لديهم معلومات جيدة وموثوق بها, لكن الأميركيين يحتاجوننا أيضاً. إنهم يحتاجون إلى معلومات الاستخبارات الألمانية والأوروبية».
يذكر أن رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الاشتراكي، الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب مطلع هذا الأسبوع بأنه يمثل خطورة أمنية، مشككاً في جدوى التعاون الاستخباراتي لألمانيا مع الولايات المتحدة. إلى ذلك, قال رئيس الكتلة توماس أوبرمان في تصريحات لصحف مجموعة فونكه الألمانية الإعلامية: «ترمب رئيس يتعين معه افتراض أنه سينقل معلومات حساسة لجهات روسية... لا يمكن مواصلة الوضع على ما هو عليه الآن».
وعلى صعيد التعاون الاستخباري مع الولايات المتحدة ضم رئيس مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن صوته إلى دعوات اعتماد النفس من قبل الأوروبيين في القضايا الأمنية. وطالب رئيس مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن، فولفجانج إشينجر، الأوروبيين ببذل جهود أكبر من أجل أمنهم.
وقال إشينجر يوم أمس، في تصريحات لإذاعة بافاريا الألمانية: «عبث الولايات المتحدة ببناء القيم والأهداف الغربية أمر جديد, هذا يعني أنه يتعين علينا نحن الأوروبيين فعل المزيد من أجل أمننا». وطالب إشينجر على وجه الخصوص بإحكام عمليات اتخاذ القرار داخل الاتحاد الأوروبي وإصلاح حق النقض (الفيتو)، وقال: «لماذا لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتخذ قراراته في القضايا التي تخص السياسة الخارجية بالأغلبية؟ بدون ذلك لن يكون لدينا قدرة على التصرف في قضايا صعبة وحرجة». ويرى إشينجر أن ظهور الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وقمة مجموعة السبعة في صقلية يمثل فرصة للأوروبيين، وقال: «ما فعله دونالد ترمب الآن من الممكن أن يعني جرس إيقاظ للأوروبيين... السياسة الترمبية تقدم فرصة بناء تاريخية يتعين انتهازها الآن». على صعيد الإرهاب أيضاً، نفذ المحققون الألمان حملة مداهمات وتفتيش لبيوت ومكاتب رجال شرطة تتهمهم النيابة العامة بالتستر على ملفات مهمة في قضية الإرهابي التونسي أنيس العامري. وقال مارتن شتلتنر، المتحدث باسم النيابة العامة ببرلين، إن المحققين صادروا أجهزة كومبيوتر وهواتف جوالة وأنظمة حفظ معلومات إلكترونية لأغراض التحقيق. وأكد أن الحملة شملت رجال شرطة آخرين تعتبرهم النيابة العامة شهوداً في قضية العامري. وقاد العامري (24 سنة) شاحنة في سوق لأعياد الميلاد في العاصمة الألمانية وقتل 12 شخصاً وأصاب أكثر من 50 في عمليته. وأقام أندرياس غايزل، وزير داخلية برلين، دعوى جزائية ضد عدد من ضباط الشرطة بتهمة إخفاء ملفات والتلاعب بالمعلومات وتزوير الوثائق في قضية العامري.
وقال غايزل إن عملية العامري يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي كان من المكن تجنبها لو أن الشرطة حبسته آنذاك بتهمة الاتجار بالمخدرات، لكن رجال شرطة برلين أخفوا التقرير حول نشاطه في مجال المخدرات. ولذلك فقد شكل برلمان ولاية برلين لجنة تحقيق خاصة في موضوع التلاعب بالملفات، وينتظر أن تعرض اللجنة نتائج التحقيق النهائية أمام البرلمان في فترة أقصاها الثالث من يوليو (تموز) القادم. إلى ذلك، كشف فرانك تزمرمان، خبير الشؤون الداخلية في برلمان برلين، أن حكومة العاصمة قررت تشكيل مركز مشترك من الأمن والإطفاء والنجدة لمواجهة مخاطر استهداف مصادر المياه ومحطات إنتاج الطاقة ومراكز الاتصالات. وأكد تزمرمان تشكيل مركز تنسيق بين القوى الأمنية على مستوى الاتحاد والولايات لمواجهة مخاطر استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والذرية من قبل الإرهابيين.
أشار إلى تخصيص الملايين لتأسيس هذه المراكز وتجهيزها وتسليحها وتدريبها.
جدير بالذكر أن شرطة برلين أنهت حالة طوارئ في شارع وإخلاء منازل في برلين بسبب سيارة مشبوهة صباح أمس الاثنين. وأغلقت الشرطة الألمانية أحد الشوارع في حي شونبيرغ البرليني بسبب سيارة مشبوهة عليها أسلاك مريبة وقربها حاوية وقود.
وذكرت الشرطة عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن خبراء من مكتب الشرطة الجنائية المحلي بولاية برلين توجهوا إلى موقع السيارة. واستخدم خبراء المتفجرات روبوتاً خاصاً لفحص الأسلاك والتأكد من عدم وجود خطر. وأعلنت الشرطة رفع حالة الطوارئ في منتصف ظهر نفس اليوم.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».