تبدأ السعوديات هذه الأيام رحلة البحث عن «جلابيات»، استعداداً لاستقبال شهر رمضان المبارك الذي يحل بعد أسابيع قليلة. فهذه الفترة تُعد الموسم الذهبي لارتداء «الجلابية»، مقارنة ببقية فترات العام، لذلك التقت «الشرق الأوسط» أمينة الجاسم، مصممة الأزياء وصاحبة محل «دار بريسم» للأزياء التراثية، للحديث عن الجلابية السعودية وتطورها في الآونة الأخيرة. وكانت المفاجأة أن الجاسم أبدت قلقاً من افتقاد التصاميم الحديثة منها إلى لمسات التراث السعودي، وجنوحها نحو التجديد المطلق.
وترى الجاسم أن الجلابية تُلبس وتُشترى طيلة العام، لكن «يبقى الموسم الأهم هو شهر رمضان المبارك، حيث تشهد مبيعاتها انتعاشاً ملحوظاً»، وتشير إلى أن المرأة السعودية كانت «في حقبة الثمانينات، لا تستغني عن هذه القطعة طيلة السنة. وفي التسعينات، قل إقبالها عليها، وزاد تراجعاً مع دخول الألفية، ورغم أننا نلمس هذا التراجع، لكن ما زالت للجلابية قيمتها المجتمعية، خصوصاً في رمضان، لأنها مريحة»، وتضيف: «يمكن القول إنها أصبحت لصيقة برمضان، بكل طقوسه واحتفالياته».
وبوصفها راعية للتراث السعودي، وعاشقة له، لا تتقبل أمينة الجاسم كل التجديدات التي تم إدخالها على الجلابية السعودية بحجة التطوير، موضحة: «من هذا المنطلق، أصبحنا نرى في السنوات الأخيرة جلابيات قصيرة ابتعدت عن هويتها الحقيقية. عن نفسي، لم أترك التراث، ولا زلت أحافظ عليه، بل أنشأت خطاً للجلابيات يخاطب الشابات بشكل حديث ومطور، من دون أن أنسى إضافة لمسة من التراث».
وتعتبر أمينة الجاسم مصممة لها تاريخ في المنطقة، بحكم أن تجربتها تتجاوز الـ30 عاماً، وهذا يعني أنها كونت خلال هذه السنوات علاقة طيبة مع زبوناتها من عمر سنة واحدة إلى 70 عاماً، فـ«الجلابية لا تتوقف على عمر معين»، كما تقول. وتتابع: «ومهما تغيرت الأعمار والعقود، أحرص دائماً على تطعيم تصاميمي بلمسات من التراث السعودي. هذا لا يعني أني لا أومن بالتطوير، بل العكس تماماً، وما أقوم به يصب في خانة تطويع التراث ليتماشى مع العصر».
بيد أنها تأسف لأن شريحة كبيرة من النساء لا يرغبن في الجلابية التراثية الثقيلة، ولا يُقبلن على اللون الأسود مثلاً، الأمر الذي دفعها، لكي تُساير تغيرات السوق والأذواق، للابتعاد عن الطراز الكلاسيكي بشكله القديم. المطلوب بالنسبة لها هو تشجيع المصممات الشابات على أن يدرسن التاريخ، ويفهمنه جيداً، حتى يتمكن من تطويعه والاستفادة منه بشكل عصري يُرضي كل الأطراف.
وقد تكون المبادرة التي تقام في شهر أبريل (نيسان) الحالي، وتتمثل في عرض أزياء تنظمه جمعية التراث السعودي، بمدينة الرياض، خطوة جيدة بهذا الاتجاه. فهي مبادرة تُشجع المصممات على الاستفادة من التراث، وتطويره للمحافظة عليه. لكن المشكلة بالنسبة للمصممة المخضرمة لا تقتصر على الجهل بالتراث الوطني، والابتعاد عنه، بل أيضاً تشمل الاستسهال والرغبة في تحقيق النجاح السريع. فهؤلاء المصممات المبتدئات، حسب رأيها، «يشترين الأقمشة الكويتية، ويحولنها سريعاً إلى جلابيات»، على أمل تحقيق الربح السريع والانتشار، بينما النجاح يتطلب أكثر من ذلك بكثير، فهو غالباً ما يُطبخ على نار هادئة، كما أن «تطوير التراث هو الإبداع الحقيقي، وذلك بالعمل على قماش خام تستعمله المصممة ككنفس تطرزه أو ترسمه بما يتماشى مع أسلوبها الخاص، وتطويره بما يتناسب مع الثقافة العربية وبيئتها».
وتسترجع الجاسم تجربة قامت بها في عام 2007، بتصميمها بدلات رسمية (جاكيت وبنطلون)، استخدمت فيها أقمشة ونقوشاً تراثية، شارحة: «أخذت تصاميم من عسير، ومن حائل، وأدخلتهما في بدلات يمكن أن تُلبس في الخارج. وعندما أقمت معرضي بلندن، نالت إقبالاً كبيراً من قبل الأجانب أكثر، فقد انبهروا بها لما تحمله من بصمات من التراث السعودي. وهذه برأيي هي الطريقة للوصول إلى العالمية».
ورغم أنها تعرف أنها تسبح ضد التيار، فإن الجاسم مقتنعة تماماً بأسلوبها، ولا تتخلى عنه. فهو لا يعبر عن هويتها الثقافية والفنية فحسب، بل أيضاً عن رؤيتها للعالمية التي تتلخص في أن انطلاقتها يجب أن تكون من صُلب التراث والأصالة، لا سيما أنه منجم غني لم يُستغل بالكامل.
7:57 دقيقة
أمينة الجاسم: خائفة على هوية الجلابية السعودية من التطوير الجامح
https://aawsat.com/home/article/906171/%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%AE%D8%A7%D8%A6%D9%81%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%84%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%AD
أمينة الجاسم: خائفة على هوية الجلابية السعودية من التطوير الجامح
تعتبر أن التراث منبع أساسي يجب ألا نستغني عنه
- الدمام: إيمان الخطاف
- الدمام: إيمان الخطاف
أمينة الجاسم: خائفة على هوية الجلابية السعودية من التطوير الجامح
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة