فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار ضد «كيماوي الأسد»

واشنطن تحذر من عواقب غياب تحرك جماعي دولي

فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار ضد «كيماوي الأسد»
TT

فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار ضد «كيماوي الأسد»

فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار ضد «كيماوي الأسد»

حذرت الولايات المتحدة، أمس، من أنه عندما تفشل الأمم المتحدة في التحرك بشكل جماعي فإن الدول عندئذ تضطر إلى التصرف من تلقاء نفسها. وجاء تصريحها بينما فشل مجلس الأمن الدولي من المضي قدما والاتفاق على إدانة الهجوم الكيماوي على خان شيخون، بسبب رفض روسيا مشروع قرار تقدمت به الدول الغربية (أميركا وبريطانيا وفرنسا) الذي اعتبرته موسكو «غير مقبول على الإطلاق».
وقالت السفيرة الأميركية لدى المنظمة الدولية، نيكي هيلي، في اجتماع لمجلس الأمن بشأن سوريا: «عندما تفشل الأمم المتحدة بشكل دائم في واجبها بالتصرف بشكل جماعي... فهناك أوقات في حياة الدول نكون فيها مضطرين للتحرك من تلقاء أنفسنا».
وعقد مجلس الأمن الدولي، أمس، اجتماعا كان مقررا أصلا للبحث في الملف الكيماوي السوري، إلا أنه تمت إضافة مصطلح «طارئ» له، كي يشمل المجزرة التي شنها طيران يعتقد أنه للنظام، في خان شيخون بإدلب، وأدت إلى مقتل 72 شخصا على الأقل بينهم أطفال. وأثار الهجوم تنديدا دوليا في وقت تحدثت الأمم المتحدة عن «جريمة حرب».
وتمحور الاجتماع حول هجوم خان شيخون الذي يعد ثاني أكبر اعتداء بـ«مواد كيماوية» تشهده سوريا منذ بدء النزاع الذي دخل عامه السابع.
وقدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مشروع قرار يدين الهجوم، ويطالب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بإجراء تحقيق في أسرع وقت ممكن.
وندد سفراء الدول الغربية بالحادثة، ووجهوا انتقادات واضحة للموقف الروسي، فيما عرضت المندوبة الأميركية، نيكي هيلي، صورا لأطفال سوريين راحوا ضحايا الهجوم الكيماوي، وموجهة كلمات لاذعة إلى نظيرها الروسي بالقول يجب ألا تكون هناك أي بقايا لأسلحة كيماوية في سوريا أصلا.
أما السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر فندد بما سماه «جرائم حرب الحكومة السورية بأسلحة كيماوية»، فيما انتقد البريطاني ماتيو ريكروفت موسكو لرفضها مشروع القرار. وكان اعتبر قبل الجلسة، أن فيتو روسيا محتملا يعني «أنهم يمضون مزيدا من الوقت في الدفاع عمن يصعب الدفاع عنه».
إلا أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اعتبرت أن «النص المطروح غير مقبول على الإطلاق»، مضيفة أنه «يستبق نتائج التحقيق، ويشير بشكل مباشر إلى المذنبين».
وتعقد جلسة مجلس الأمن في وقت يحاول فيه الأطباء إنقاذ المصابين الأكثر تأثرا من بين أكثر من 160 شخصا تتم معالجتهم بعد هجوم أول من أمس (الثلاثاء).
ويطلب المشروع المقترح من دمشق أن يسلّم المحققون خطط الطيران وكل المعلومات المتعلقة بالعمليات العسكرية التي كان يقوم بها حينها. كما يهدد مشروع القرار بفرض عقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون: «أعتقد أنه لا يمكن لأحد أن يعارض منطقيا قرارا مماثلا بوعيه الكامل».
وأدانت طهران أحد أبرز حلفاء دمشق «أي استخدام للسلاح الكيماوي أيا كان المنفذون»، تزامنا مع مسارعة روسيا للتأكيد على أن الطيران الحربي السوري قصف «مستودعا إرهابيا» يحتوي «مواد سامة» في المدينة الواقعة في محافظة إدلب (شمال غرب) تحت سيطرة فصائل مقاتلة ومتطرفة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.