وزير التجارة المصري: قانون حماية العقود من الطعن سيتبعه مزيد من التسهيلات للمستثمرين الأجانب

منير فخري عبد النور يكشف في حوار مع {الشرق الأوسط} عزم الحكومة إعادة ضوابط دعم الطاقة وزيادة استثمارات التنقيب

منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة المصري
منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة المصري
TT

وزير التجارة المصري: قانون حماية العقود من الطعن سيتبعه مزيد من التسهيلات للمستثمرين الأجانب

منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة المصري
منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة المصري

بدأت منذ شهور فكرة إصدار تشريع مصري يحمي عقودا بمليارات الدولارات بين الدولة والمستثمرين المحليين والعرب والأجانب، في مكتب وزير التجارة والصناعة والاستثمار، منير فخري عبد النور، إلى أن خرجت الفكرة أخيرا في قانون رسمي. ويطل مكتب الوزير القادم من حزب الوفد العريق، على تمثال «سيمون بوليفار» قرب ميدان التحرير. وشهدت هذه المنطقة، التي أصبحت هادئة الآن، اشتباكات ومظاهرات استمرت لأكثر من عامين، ضمن حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني ضربت البلاد وأدت لخسائر اقتصادية فادحة. وقال الوزير، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن إجمالي نسبة الدين إلى الناتج المحلي وصلت في بلاده لنحو 100 في المائة، وأن القانون الجديد الذي يحمي العقود من الفسخ، مجرد خطوة بين خطوات كثيرة لتشجيع المستثمرين وإنعاش الاقتصاد.
ومن بين الأوراق ورنين الهواتف، أكد عبد النور أن قانون حماية العقود، يعيد ثقة المواطن في قدرة الدولة على إنفاذ العقود التي تبرمها، وعلى الوفاء بالتزاماتها أمام الطرف الآخر، مع وضع حوافز وتسهيلات لرجال الأعمال الخليجيين والأجانب، خصوصا من السعودية والإمارات والكويت الذين يعملون جنبا إلى جنب مع مواقف حكوماتهم في مساندة لمصر، وأضاف أن بلاده تشهد تحسنا كبيرا على الصعيد الأمني، مما يمكن أن يزيد من الاستثمار ويعيد السياحة. وكشف عن زيادة في إنتاج القمح المحلي هذه السنة، وعن توجهات تخص إعادة ضبط الدعم على الطاقة والكهرباء، لكنه قال إن هذا لن يمس أصحاب الدخول المحدودة.
إلى جانب ميدان التحرير، حيث الطريق إلى مقر الوزارة، تقع عدة سفارات غربية وفنادق كبرى، ما زالت محاصرة بالقوالب الإسمنتية الضخمة والأسلاك الشائكة ومصفحات الأمن، مما يعكس حالة ترقب تعيشها البلاد انتظارا للانتهاء من انتخابات الرئاسة والبرلمان خلال الشهرين المقبلين، إلا أن الحكومة، رغم أنها «مؤقتة»، بدأت في اتخاذ العديد من الإجراءات الجوهرية لضبط الأمور في الدولة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 85 مليون نسمة.
وقال الوزير إن رئيس الحكومة الحالية، المهندس إبراهيم محلب، عملي أكثر من سلفه الدكتور حازم الببلاوي، الذي تتسم قراراته بالتأني «لكن لكل منهما ميزته»، مشددا على أن أي تأخير في اتخاذ الإجراءات الإصلاحية، اقتصاديا وتشريعيا وأمنيا، سيحسب على هذه الحكومة، لأن «مصر في سباق مع الزمن».
وكان يمكن لأي مصري التقدم بطلب للقضاء لفسخ أي عقد تبرمه الحكومة مع الشركات ورجال الأعمال، حتى لو لم يكن صاحب مصلحة في العقد «مما يحمل الدولة في نهاية المطاف بالتزامات لتعويض الطرف الثاني في التعاقد»، وفقا لفخري. وتوجد دعاوى قضائية منظورة حاليا تخص تعاقدات بين الدولة وعدد من المستثمرين، خصوصا في قطاع «النسيج» و«المراجل».
وتحدث الوزير عن موقف الاستثمارات الخاصة بعدة دول اتخذت مواقف سياسية منتقدة لمصر عقب عزل مرسي. وقال إن بلاده تفصل بين العمل الاقتصادي والسياسي، مشيرا إلى وجود توجهات وخطط من جانب شركات تركية وأميركية لزيادة استثماراتها في مصر، بالإضافة إلى استمرار عمل الشركات العقارية القطرية. وإلى أهم ما جاء في الحوار..
* ما سبب إصدار قانون يمنع الطعن على العقود المبرمة بين الحكومة وأي من الأطراف الأخرى التي ليس لها صلة مباشرة بتلك العقود؟
- في الحقيقة كان هذا الأمر محل شكوى لعدد كبير جدا من المستثمرين المصريين والعرب والأجانب. أي مستثمر كان يشكو من هذا المناخ الذي يعرض أي استثمار، وأي عقد يبرم مع الدولة، للفسخ أو لإعادة النظر فيه أو غير ذلك، لدرجة أن هذا الأمر أصبح عائقا كبيرا لجذب الاستثمارات، وأصبح ظاهرة تصعب جهودنا في الترويج للاستثمار في مصر، وكان من الواجب حلها.. أضف إلى ذلك أنه ترتب على بعض الأحكام أن الالتزامات التي كانت ستحمل على الاقتصاد المصري كبيرة بدرجة تفوق قدرة الاقتصاد على تحملها، وذلك في صورة تعويضات كان سيحكم بها من خلال قضايا ترفع أمام جهات التحكيم الدولية المختلفة، وكان يجب الخروج من هذا المأزق في أسرع وقت ممكن.
* القانون يبدو قصيرا؟
- الحقيقة أن القانون الذي صدر، وإن كان مقتضبا، لأنه عبارة عن مادتين، إلا أنه يوجد التوازن الدقيق ما بين ضرورة التأكيد على هيبة الدولة، وقدرتها على إنفاذ العقود، أو التزاماتها في إطار هذه العقود، أو هيبة الدولة وقدرتها على إنفاذ القانون على وجه العموم.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ضرورة إيجاد آلية للرقابة الشعبية والسياسية والقضائية على هذه العقود لحماية المال العام.. هذا التوازن كان توازنا دقيقا، وكان من الصعب إخراجه في صورة قانونية بسيطة وسهلة ومختصرة كما حدث أخيرا.
* أعتقد أن وزارتكم هي من تقدمت باقتراح بهذا القانون؟
- هذا الاقتراح خارج من هذه الوزارة ومن هذا المكتب بالتحديد. وأحب أن أقول إنه في الوزارة السابقة، أي في وزارة الدكتور الببلاوي، كانت هناك محاولة لمعالجة هذه المشكلة في إطار مراجعة شاملة لقانون حوافز الاستثمار، وكانت هناك مادة قانونية مقترحة تخص هذا الأمر، لكن هذه المادة، في الحقيقة، كانت تحصن، دون قيود، العقود المبرمة من الدولة، وتقصر حق الطعن على طرفي العقد. أما القانون الأخير الذي تقدمنا به، فإنه، في الحقيقة، يوسع الأمر بعض الشيء، لأنه بالإضافة إلى طرفي العقد، يمنح الحق للطعن في العقد لأصحاب الحقوق العينية والشخصية على المال محل العقد، وهذا شيء طبيعي.. أي لو كانت الحكومة تبيع قطعة أرض يملكها شخص من الأشخاص، وبالتالي تبيع ملك الغير، فلا بد في هذه الحالة أن تسمح للغير أن يتدخل وأن يطعن في صحة هذا العقد.. هذا شيء طبيعي لأن الملكية الخاصة محمية. لكن، كذلك، وفي خارج هاتين الحالتين؛ وهما طرفا العقد، وأصحاب الحقوق العينية والشخصية على المال محل العقد، يكون على من يريد أن يطعن في فساد القرارات أو في فساد العقود، اتخاذ الإجراءات القانونية من خلال الأدوات المتاحة، وفقا لأحكام القانون.. ومعنى ذلك أنه لا بد أن يلجأ للنيابة العامة، ومن خلالها إلى المحاكم الجنائية، التي هي الجهة المنوط بها الحكم في جريمة الاعتداء على المال العام أو جريمة فساد أو غير ذلك. وعندما يصدر مثل هذا الحكم النهائي البات على أحد طرفي العقد أو على كليهما، فيحق الطلب بفسخ العقود التي أبرمت استنادا إلى هذه الجريمة.
* هناك من يقول إن حماية طرفي العقد قد تفتح الباب للحكومة لعمل ما تشاء؟
- من يقول مثل هذا الكلام لم يقرأ القانون. أو يجوز أنه ينتقد مشروع المادة القانونية في إطار التعديل الذي كان مقترحا في قانون حوافز الاستثمار، والذي لم يصدر، وأعيد إلى الحكومة الجديدة للنظر فيه. وبالتالي هذا الاتهام، في الحقيقة، لا أساس له.. كل من ينظر ويقرأ ويتمعن في القانون الذي صدر، فسيجد أن الرقابة على المال العام وعلى التصرفات وعلى العقود، مكفولة للجميع، ولكن من خلال القنوات الشرعية والإجراءات القانونية التي ينظمها القانون.
* من خلال عملك في السابق نائبا في البرلمان، ومن خلال عملك لاحقا وزيرا في عدة حكومات، حتى الآن، هل توجد أمثلة على عقود تعرضت للفسخ وتسببت في خسائر للطرفين سواء للحكومة أو للمستثمرين؟
- توجد عقود صدرت فيها أحكام نهائية وباتة بالفسخ، وبإعادة المال الذي تم بيعه إلى الدولة. وتعلم أن الحكم النهائي والبات واجب النفاذ تحت أي ظرف من الظروف. وهذا قانون لا يتعامل مع الأحكام النهائية والباتة الصادرة في هذا الشأن، إنما يتعامل مع القضايا المتداولة في المحاكم حاليا، أو فيما يمكن أن يطرأ في المستقبل. هناك مثلا شركة «شبين الكوم للغزل والنسيج» وشركة «طنطا للكتان» وشركة «المراجل البخارية»، وغيرها، إذ يبلغ عدد هذه العقود نحو ستة، ولا يحضرني في الوقت الحالي القيمة المالية الإجمالية لها.
* القانون يتضمن نصا يقول إنه يسري على العقود التي أبرمت في السابق؟
- نعم.. كل العقود التي أبرمت في السابق.. وهو يسري أيضا على القضايا المرفوعة والمتداولة في المحاكم ولم يصدر في شأنها أي حكم نهائي وبات.
* تداولت وسائل إعلام محلية كلاما عن أن هذا القانون سيستفيد منه رجال نظام مبارك أيضا؟
- وما هي العلاقة.. أولا هذا القانون يخص العقود التي تبرمها الدولة ومؤسساتها والشركات المملوكة لها وخلافه، بغض النظر، لو كانت عقود استثمار أو عقود تصرفات عقارية أو غير ذلك. وتسييس هذا الموضوع في غير محله. هذا إجراء الهدف منه هو استعادة ثقة المستثمر.. واستعادة ثقة المواطن في قدرة الدولة على إنفاذ العقود التي تبرمها وعلى إنفاذ القانون وعلى الوفاء بالتزاماتها. وعملية التسييس لهذا الموضوع، في الحقيقة، في غير محلها، وأنا أعتقد أنه يجب الفصل بين السياسة والشأن التجاري والاقتصادي والاستثماري. أنا مندهش من هذه الأصوات التي ترتفع ولا تعطي أي أهمية للالتزامات التي ستقع على الدولة في حال صدور أحكام، وستصدر أحكام على مصر، تحملها التزامات كبيرة جدا لتعويض المستثمرين من حسني النية الذين استثمروا في مصر، مثل المستثمر الهندي الذي استثمر في «شبين الكوم للغزل والنسيج».. أين وجه الفساد هنا. أعتقد أنه هذه ردود أفعال سياسية في غير محلها.
* يجري حاليا اتخاذ خطوات لتيسير الاستثمار في مصر، وفي نفس الوقت تجد مشكلة في الطاقة. كيف يمكن حل هذه المعادلة؟
- توجد أزمة طاقة كبيرة في مصر، لدرجة أنها أصبحت تمثل قيدا على التنمية الصناعية والاقتصادية على وجه العموم. وستحل في المدى المتوسط من خلال زيادة الاستثمارات في مجال النفط والزيت، وأنت تعرف أن في مصر احتياطيا ومخزونا من النفط والغاز الأكيد، ولكن يجب ضخ الاستثمارات اللازمة للبحث والتنقيب عن هذه الاحتياطات لتنمية الحقول البترولية وحقول الغاز الموجودة حاليا، وإذا حدث هذا فنحن على ثقة أنه خلال ثلاث سنوات، ستحل المشكلة. أما على المدى الأبعد، فأنا أعتقد أن تنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، هي أيضا ستكون مصادر هامة للطاقة في مصر. كما تعرف.. الحكومة عازمة على تنمية مصادر الطاقة النووية، ولكن هذا الموضوع يستغرق ما لا يقل عن ست إلى سبع سنين لإقامة المفاعل النووي السلمي، للاستفادة من الطاقة المولدة من خلاله. إنما نحن في حاجة لحل المشكلة الآن.. وحاليا. وهناك مصادر يجب، ويمكن تنميتها، ويمكن استخدامها لحل المشكلة، منها استخدام المخلفات الصلبة، ومنها استخدام الفحم. كما تعلم هناك جدل كبير في هذا المجال هناك من يعترض على استخدامات الفحم لما له من آثار سلبية على البيئة. لكن من ناحية أخرى، معروف، ومعلوم، أن هناك وسائل تكنولوجية حديثة للتقليل من هذه الآثار السلبية مستخدمة في دول حريصة على الحفاظ على البيئة منها ألمانيا وإيطاليا واليابان، ومنها الولايات المتحدة الأميركية أيضا. على وجه العموم أنا أعتقد أن مصر في حاجة إلى تنوع مصادر الطاقة، لأن الاعتماد على مصدر واحد غير آمن، والاحتياط يتطلب أن تتعدد هذه المصادر. مصر تعتمد بنسبة 96 في المائة على الزيت والغاز مصدر طاقة وبنسبة ثلاثة في المائة على الطاقة المائية وهي الطاقة المولدة من السد العالي وتستخدم في إنتاج الكهرباء، و1 في المائة من الفحم وهو ما يستخدم في إنتاج الحديد والصلب بمصانع حلوان وفي مصنع الكوك وخلافه. هذا التوزيع غير آمن، وواجب، بالقطع، تنمية المصادر الأخرى التي أشرت إليها، وهي مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النووية والمخلفات والفحم أيضا.
* يوجد حديث عن خطط لاستيراد المزيد من الغاز والنفط من الخارج؟
- نعم.. طبعا. خلال الأشهر المقبلة نحن في حاجة إلى سد الفجوة الموجودة ما بين الإنتاج المحلي وما نحصل عليه من الدول العربية الشقيقة، وما يجب أن نستورده من الخارج.
* يقترن بهذا الحديث كلام عن خطط أخرى لخفض الدعم على الطاقة. ما حقيقة هذا؟
- دعم الطاقة، في الحقيقة، أصبح يمثل مشكلات كثيرة.. المشكلة الأولى أنه يحمل الموازنة العامة بأرقام خيالية، لا نستطيع أن نتحملها طويلا. المشكلة الثانية هو أن هذه النفقة الكبيرة لا تحقق الهدف منها في مساعدة محدودي الدخل. ولكن، وفي واقع الأمر، وبالطريقة الحالية لتوزيع هذه النفقة أو هذا الدعم، فإنه لا يصل إلى مستحقيه، وإنما يتسرب إلى جيوب القادرين.
* هناك من يضرب مثلا بأن مالك سيارة ثمنها نصف مليون جنيه يحصل على الوقود بنفس السعر المدعم الذي يباع به لمالك سيارة ثمنها 80 ألف جنيه؟
- المشكلة لا تتعلق بالمساواة فقط، بل هي أكبر من ذلك بكثير، لأن راكب السيارة التي ثمنها نصف مليون جنيه يستفيد من الدعم، بينما الذي لا يمتلك سيارة أصلا لا يحصل على نصيبه من الدعم. الوضع حاليا هو أن القادر يحصل على الدعم والمحتاج لا يحصل عليه لأنه لا يمتلك سيارة. وقس على ذلك في أسعار الكهرباء والغاز وغيره. فطريقة إنفاق هذا الدعم تجعل الغني يستفيد أكثر من الفقير، لأن الغني كلما أنفق استفاد من الدعم. هنا نقول إنه توجد مشكلة. فبالإضافة إلى أن الدعم لا يصل إلى مستحقيه، فإن دعم الطاقة أصبح اليوم عائقا نحو تنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة التي هي مكلفة، لكن ليس هناك أي حافز لتنمية هذه المصادر في ظل الدعم الذي ينفق على المصادر التقليدية، ويجعل من أسعاره، سواء للاستهلاك المنزلي أو الإنتاجي، صناعيا كان أو زراعيا، دون أي حافز.
* بمناسبة الاستيراد، تعد مصر من أكبر مستوردي القمح. ماذا عن خطط الحكومة في هذا الاتجاه، خصوصا وأن استهلاك القمح يصل لنحو تسعة ملايين طن؟
- أولا الحدود تعد آمنة جدا بنسبة لاحتياطات القمح في البلاد. والإنتاج المحلي بدأ هذه السنة الدخول في شون (صوامع تخزين) بنك الائتمان الزراعي وخلافه. ويقدر الإنتاج المحلي لهذا العام بنحو أربعة ملايين طن، وهو رقم قياسي لم يتحقق من قبل. وهذا الرقم تحقق بفعل تشجيع مزارعي القمح ومنحهم سعرا مشجعا على الزراعة والتوريد، خصوصا وأن السداد يتم مباشرة، عدا ونقدا، دون أي تأخير.
* حين يذكر القمح يذكر معه عادة دعم الخبز؟
- لن نمس دعم الخبز وليس من الوارد أن نمسه..
* لكن هناك كلام عن أن أسعار الكهرباء سترتفع خلال المرحلة المقبلة؟
- لا بد أن تزيد.. تزيد على الشرائح العليا. لا نستطيع أن نستمر في دعم الأغنياء والقادرين. هذا وضع يتنافى وأبسط مبادئ العدالة الاجتماعية. نحن كما قلت نريد توجيه هذه النفقة أو هذا الدعم إلى غير القادرين ومحدودي الدخل ويجب أن تكون هذه النفقة محققة للهدف منها. هذا الأمر ينطبق على دعم الطاقة عامة.
* بعض التقارير تقول إن إجمالي ديون مصر وصل إلى 1.7 تريليون جنيه. ما تعليقك؟
- أظن أن هذا الرقم مبالغ فيه إلى حد ما.. من الممكن أن يكون 1.6 تريليون جنيه، أو كما يكون، لكن ما أستطيع أن أقوله هو إن هذا الدين يشكل عبئا على الخزانة العامة وعبئا على الموازنة العامة، لأن خدمة هذا الدين مكلفة جدا، إنما يجب أن تخفض، لا أقول الرقم المطلق، ولكن، على الأقل تخفيض نسبته إلى الناتج المحلي.
* وكم تبلغ هذه النسبة؟
- إجمالي الدين العام والخاص والخارجي والداخلي وغيره، في حدود 100 في المائة أو 101 في المائة. ويجب أن نسعى إلى تخفيض نسبته إلى الناتج المحلي، وهذا سيتأتى من خلال زيادة معدلات النمو، ولذلك نحن في تحد.. أي لا بد من زيادة الاستثمارات من أجل زيادة معدلات النمو وتخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي، وهذا يعيدنا إلى بداية الحديث، حول حوافز الاستثمار وتهيئة المناخ المناسب للاستثمار.. وفي هذا الإطار صدر قانون العقود الذي بدأنا به حديثنا. هدفنا ضرورة استعادة ثقة المستثمر المصري والعربي والأجنبي.
* وما هي الآليات الأخرى لجذب المستثمرين؟
- هذا سيجري من خلال عدة محاور ليس أولها الحوافز، وإنما أولها: إعادة الأمن والاستقرار إلى الشارع المصرين. وثانيها: احترام القاعدة القانونية العامة المجردة، وتطبيقها على الجميع دون تفرقة. أي إقامة دولة القانون، واحترام سيادته. ثالثا: خلق المناخ المناسب لجذب المستثمر، والمناخ المناسب، أيضا، يقوم على كلمة واحدة هي التسهيل. أي تسهيل العمل في مصر وتسهيل التجارة والاستثمار والزراعة والإنتاج الصناعي. إن أسهل الإجراءات لكل من يتعامل مع السوق، وإزالة كل العوائق البيروقراطية والتناقضات، وإزالة الازدواجية الموجودة في الهيكل الإداري. ورابعا: منح الحوافز للمستثمر، وهذه الحوافز تبدأ من إتاحة البنية الأساسية اللازمة لمباشرة النشاط الاقتصادي سواء أراض مرفقة للنشاط الصناعي أو أراض زراعية أو قابلة للاستصلاح الزراعي، أو البنية الأساسية لوسائل الاتصال والانفتاح على العالم لكل من يريد أن يتعامل في النشاط المالي والتجاري. هذه الخطوة الأولى، ثم بعد ذلك توجد إضافات من خلال التسعير المناسب لهذه البنية الأساسية وغيرها من إجراءات التسهيل.
* هناك دول تأثرت علاقتها السياسية مع مصر بعد عزل مرسي، فهل انتقل هذا التأثير على العلاقة مع مستثمري تلك الدول، مثل تركيا وقطر وأميركا؟
- لا.. على الإطلاق.. نحن نفصل تماما بين الشأن الاستثماري والشأن السياسي. والاستثمارات التركية ما زالت تأتي إلى مصر، وليس أبعدها مجموعة اسمها «مجموعة الحياة» تسعى لإقامة مجمع صناعي لصناعة الورق في السويس، وكنت في استقبالهم منذ أسبوع. السوق المصرية مفتوحة للجميع، ونحاول ألا نخلط إطلاقا بين الشأن السياسي والاستثمار. وفيما يخص الولايات المتحدة الأميركية، في الواقع، هناك «شركة كوكاكولا» لديها خطة استثمارية بـ500 مليون دولار، في السنوات الثلاث المقبلة في مصر. وكذلك هناك «شركة جنرال إلكتريك». وبالنسبة للاستثمارات القطرية لم تتأثر أيضا، حيث إن المشروعات العقارية التي تقيمها بمصر تسير على قدم وساق.
* في المقابل هل يوجد زيادة في استثمارات الدول الأخرى التي وقفت مع مصر منذ أحداث الثلاثين من يونيو (حزيران) ؟
- طبعا.. طبعا. هناك الاستثمارات السعودية والإماراتية والكويتية أيضا.. كما أن القطاع الخاص من هذه الدول الشقيقة يصاحب حكوماته في مساندة مصر، ولذلك نحن من جانبنا نحاول بقدر الإمكان وبأسرع ما يمكن أن نحل مشكلات المستثمرين السعوديين والكويتيين والإماراتيين، لكي نهيئ المناخ المناسب لجذبهم للاستمرار في الاستثمار في مصر.
* كيف ترى تطور الوضع الأمني في مصر، وهل يوجد مؤشر عل تحسن قطاع السياحة؟
- الوضع الأمني تحسن إلى حد كبير. واضح أن قدرة القوى السياسية التي تتستر وراء الدين، على جذب الجماهير تراجعت كثيرا. والدليل أن المظاهرات التي كانت تخرج كل يوم جمعة بعد صلاة الجمعة، قلت فيها الأعداد كثيرا. كما أن انتشارها تراجع أيضا. وأعتقد أنه مع الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجري بإذن الله في نهاية مايو (أيار) الحالي، فإن الأمن والاستقرار سيعودان إلى الشارع المصري. السياحة والاستثمارات والوضع الاقتصادي.. كل هذا حزمة واحدة، ستتحسن مع عودة الأمن والاستقرار.. نحن في وضع أفضل بكثير مما كنا عليه منذ ستة أشهر. وأتصور أنه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة الوضع سيتحسن بشكل أكبر، وستعود المياه إلى مجاريها.
* هل يؤثر على عملك وزيرا كونك عضوا في حكومة مؤقتة؟
- أي تأخير في اتخاذ الإجراء السليم سيحسب على هذه الحكومة. وأي تأخير في اتخاذ الإجراءات الإصلاحية، في جميع المجالات، الاقتصادي والتشريعي والأمني.. سيحسب على هذه الحكومة. مصر في سباق مع الزمن، ويجب أن نحسب كل دقيقة تمر، ويجب ألا نؤجل إلى الغد ما نستطيع أن نفعله اليوم.
* وما الفرق بين عملك في حكومة الدكتور الببلاوي، وعملك في حكومة المهندس إبراهيم محلب؟
- واضح أن وتيرة العمل في حكومة المهندس إبراهيم محلب أسرع بكثير جدا من وتيرة العمل في وزارة الببلاوي. ورئيس الحكومة بأسلوبه يؤثر على وتيرة العمل وثقافته. والفرق بين الدكتور الببلاوي والمهندس إبراهيم محلب، فرق واضح جدا. أحدهما (الببلاوي) أستاذ اقتصاد ومفكر، وأستطيع أن أقول أيضا إنه فيلسوف في نظرته للأمور، وحكيم، ويفكر طويلا قبل أن يتخذ القرار، ويزن ما بين الاحتمالات المختلفة قبل أن يعطي إشارة البداية. أما المهندس إبراهيم محلب فهو رجل عملي.. رجل مقاول ورجل فاعل بمعنى الكلمة. الفرق بينهما واضح. محلب ينفعل مع الموضوع ولا يتركه قبل أن يتخذ فيه قرارا. ولكل منهما ميزته.
* يتخوف البعض من أن يكون للحكومة تأثير على الناخبين في الاقتراع على الرئاسة؟
- الحكومة.. السلطة التنفيذية، يجب أن تقف على الحياد، وإلا لماذا قمنا بثورتي 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو. نريد انتخابات حرة نزيهة. لا نريد أن نؤثر على إرادة المواطن المصري.. والناخب المصري له أن يختار من يشاء. وعلينا أن نضرب المثل على ذلك.. وبغض النظر عن الشخص الذي سأنتخبه؛ فهذا خياري الشخصي، لكن لن أظهر أبدا ميلي لمرشح على حساب الآخر. وتوجد تعليمات صارمة للوزراء والتنفيذيين بالوقوف على الحياد وبعدم اتخاذ موقف وعدم الإعلان عن موقف.
* في خضم كل هذا العمل هل تجد وقتا للزيارات العائلية أو القراءات الأدبية؟
- هذا أمر صعب.. أنا أعمل لنحو 14 ساعة في اليوم، دون توقف، وبالتالي فقدت جزءا كبيرا جدا من حريتي. وحين أخرج بالسلامة من الحكومة سأستعيد هذه العادات الطيبة والاستمتاع بالقراءة وزيارة الأهل والأقارب.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.