أطلقت كييف، فجر أمس، عملية عسكرية في مدينة سلافيانسك، معقل الحراك الانفصالي في شرق أوكرانيا، قُتل خلالها جنديان تابعان للجيش، وعدد من المتمردين، مما أثار غضب روسيا التي طلبت منها كييف «وقف الجنون والتهديدات».
وأعلنت وزارة الدفاع أنه جرى خلال العملية أيضا إسقاط مروحيتين بقاذفات صواريخ نقالة، متهمة «مجموعات تخريب محترفة» و«عسكريين أو مرتزقة أجانب» بتنفيذ ذلك.
واستهدفت العملية بشكل أساسي مدينة سلافيانسك وكراماتورسك المجاورة. ووفقا لوزارة الداخلية الأوكرانية، فإن الجيش استعاد السيطرة على تسعة حواجز كانت في يد الانفصاليين.
وفي القرى المحيطة بسلافيانسك، رفض السكان استقبال الجنود الأوكرانيين، وطلبوا منهم «العودة من حيث أتوا»، كما عمدوا إلى إغلاق الطرقات أمام المدرعات. وصرخت إحدى الساكنات، فالنتينا ليونتييفا: «أمهاتكم يردن أن تعودوا إلى منازلكم أحياء ومن دون أن تتلطخ أياديكم بالدماء».
وتطالب السلطات الأوكرانية «الإرهابيين بالإفراج عن الرهائن وإلقاء السلاح وإخلاء المباني»، وفق ما كتب وزير الداخلية أرسين أفاكوف على صفحته على «فيسبوك». وتحدث الرئيس الأوكراني فيكتور تورتشينوف عن سقوط «كثير من القتلى والجرحى والمعتقلين» في صفوف الانفصاليين، مؤكدا «مقتل عسكريين في الجيش، وإصابة سبعة آخرين». وطالب تورتشينوف أيضا من روسيا «وقف الجنون والتهديدات والتخويف»، حيال أوكرانيا.
أما روسيا، فرأت أن العملية العسكرية «هجوم انتقامي» يوجه الضربة القاضية لاتفاق جنيف الذي سعى لنزع فتيل الأزمة. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن «الزج بالجيش ضد الشعب جريمة، وستجر أوكرانيا إلى الكارثة»، مؤكدة أن «أجانب يتحدثون الإنجليزية» دعموا القوات الأوكرانية في عمليتها.
وأشارت وزارة الخارجية إلى أنه عبر دعمها سلطات كييف «تتحمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مسؤولية كبرى، ويعرقلان بحكم الأمر الواقع الطريق أمام حل سلمي للأزمة». وطالب الغرب بـ«التخلي عن سياسته الهدامة إزاء أوكرانيا».
بدوره، دعا رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف السلطات الأوكرانية إلى «التوقف عن قتل مواطنيها»، مشيرا إلى أن «اللجوء إلى القوة دليل عجز إجرامي من جانب سلطات الأمر الواقع في كييف».
وبطلب من روسيا، كان مفترضا أن يعقد مجلس الأمن الدولي عصر أمس جلسة رسمية لبحث الوضع في شرق أوكرانيا، كما أعلنت الأمم المتحدة. وسيكون هذا الاجتماع الـ13 منذ بدء الأزمة الأوكرانية، ولم تؤدِّ أي من الاجتماعات الرسمية السابقة أو جلسات المشاورات إلى أي موقف موحد من مجلس الأمن حول هذا الملف.
وسخر وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت، أمس، من موقف روسيا التي تؤكد منذ أشهر عدة عدم تورطها مع المجموعات الانفصالية في شرق أوكرانيا. وقال بيلدت: «سقطت مروحيات أوكرانية في سلافيانسك. أعتقد أن نساء طاعنات في العمر اشترين قذائف صاروخية أو صواريخ من محل البقالة».
وسلافيانسك واحدة من 12 مدينة وبلدة سيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا، لكن وضعها يبقى أكثر تعقيدا بسبب احتجاز مراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا فيها منذ نحو أسبوع. ولم تسفر المفاوضات للإفراج عن 11 مراقبا (سبعة أجانب وأربعة أوكرانيين) عن أي نتيجة حتى الآن، وهي تمر «بمرحلة حساسة جدا»، وفق ما قال وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير الجمعة في برن.
أما الكرملين، فأعلن، أمس، أنه أرسل منذ عدة أيام فلاديمير لوكين كمبعوث للمشاركة في المفاوضات. وبدوره، قال أحد قادة الانفصاليين في دونيتسك دنيس بوشيلين إن «الهجوم على سلافيانسك سيؤخر إطلاق سراح مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا»، مضيفا أن «قرار الإفراج عنهم لم يُتخذ بعد».
وبحث الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقائهما في البيت الأبيض، أمس، الوضع في أوكرانيا ومصير المراقبين. وخلال مؤتمرهما الصحافي المشترك، وتوعد أوباما روسيا بعقوبات جديدة إذا حدث ما يعرقل الانتخابات المقرر تنظيمها في أوكرانيا في 25 مايو (أيار) الحالي، وذلك في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وقال الرئيس الأميركي «إذا شاهدنا عرقلة أو زعزعة استقرار من شأنها عرقلة إجراء الانتخابات في 25 مايو (أيار) لن يكون أمامنا سوى فرض عقوبات قاسية جديدة».
أما ميركل، فحذرت من أن أوروبا على استعداد لإطلاق «المرحلة 3» من العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، التي تعارضها مؤسسات عدة. وقالت المستشارة الألمانية: «نحن مستعدون لمثل هذه المرحلة التي قمنا بالإعداد لها».
وبالعودة إلى الوضع الميداني، شارك سكان سلافيانسك من رجال ونساء من جميع الأعمار في إقامة الحواجز والسواتر في الشوارع، بعدما استيقظوا فجر أمس مذعورين على دوي الانفجارات وهدير الدبابات المشاركة في أول هجوم أوكراني واسع النطاق على الحركة الانفصالية المسلحة في هذه المدينة. وطلب زعيم الانفصاليين في المدينة فياتشيسلاف بونوماريف، عبر شريط فيديو من النساء والأطفال والكبار في العمر البقاء في منازلهم، ودعا «الرجال المسلحين إلى مساعدة» المتمردين. وقال بونوماريف «مدينتنا تتعرض لهجوم، وقد تعرضنا لخسائر. سندافع عن مدينتنا، وسننتصر».
وأفادت ثلاثة فرق صحافية تابعة لمحطات «سي بي إس» و«سكاي نيوز» وموقع «بازفيد» بأن الانفصاليين احتجزوها ساعات عدة أمس في سلافيانسك، وجرى الاعتداء على بعض أفرادها قبل الإفراج عنهم. واستطاع الانفصاليون توسيع سيطرتهم على مدن شرق البلاد، منذ الإطاحة بالرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش في فبراير (شباط) الماضي، ومن دون أن يواجهوا مقاومة شديدة من قبل قوات الأمن الأوكرانية. وهم يحتلون مواقع استراتيجية من مباني بلديات ومقار أجهزة أمنية ومراكز شرطة في أكثر من 12 مدينة.
وفي مدينة أوديسا هاجم عشرات الموالين لروسيا مظاهرة مؤيدة لوحدة أوكرانيا، مما أسفر عن سقوط قتيل وعشرات الجرحى. وفي مواجهة التهديد الذي يمس سلامة الأراضي الأوكرانية، بحسب قوله، أعاد تورتشينوف العمل بنظام الخدمة العسكرية الإجبارية، بعدما عد أن وحدة أراضي أوكرانيا مهددة.
وعلى صعيد ملف الغاز، وفي ختام اجتماع مع نظيره الأوكراني يوري برودان والمفوض الأوروبي لشؤون الطاقة غانتر أويتينغر في وارسو، قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن موسكو قد تخفض شحنات الغاز إلى أوكرانيا إذا لم تتسلم منها دفعة مالية مسبقة في مايو.
قتلى وإسقاط مروحيتين في معارك شرق أوكرانيا
مجلس الأمن يبحث التطورات * أوباما وميركل يطوران خطة «لكبح الطموحات الروسية»
قتلى وإسقاط مروحيتين في معارك شرق أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة