لبنان على أبواب أزمة سياسية جديدة... وعون يدرس الدعوة إلى «طاولة حوار»

«حزب الله» ينبه من ارتفاع «مؤشرات التشاؤم»

لبنان على أبواب أزمة سياسية جديدة... وعون يدرس الدعوة إلى «طاولة حوار»
TT

لبنان على أبواب أزمة سياسية جديدة... وعون يدرس الدعوة إلى «طاولة حوار»

لبنان على أبواب أزمة سياسية جديدة... وعون يدرس الدعوة إلى «طاولة حوار»

بدأت عملياً كل أجواء التفاؤل التي طبعت المرحلة الماضية منذ التفاهم على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتسمية سعد الحريري رئيساً للحكومة، تنحسر على خلفية تفاقم الخلاف بين الفرقاء السياسيين حول قانون الانتخاب المفترض أن تجرى على أساسه الانتخابات النيابية قبل نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل. وقد بدأ الرئيس عون يبحث بخيارات جديدة بعد فشل اللجنة الرباعية التي تضم ممثلين عن «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» وتيار «المستقبل» وحركة «أمل»، في التفاهم على أي من مشاريع القوانين المطروحة على الطاولة والتي أتى بالقسم الأكبر منها وزير الخارجية جبران باسيل الذي لوّح أخيراً بالعودة للمناداة بإقرار «القانون الأرثوذكسي» الذي يدعو لأن تنتخب كل طائفة نوابها.
وتكشف مصادر مقربة من الرئيس عون لـ«الشرق الأوسط» أنّه يبحث حاليا «جملة من الطروحات والأفكار والخيارات لخرق الجمود الذي يطبع النقاشات المتعلقة بقانون الانتخاب»، لافتة إلى أن «الدعوة لطاولة حوار تراوده بجدية، لكن لا شيء نهائياً في هذا الاتجاه حتى الساعة، تماماً كما في الاتجاهات الأخرى وأحدها إمكانية توجيه رسالة إلى مجلس النواب لتحمل مسؤولياته». وتشير المصادر إلى أن رئيس الجمهورية لم يتعاطَ مع مهلة 21 فبراير (شباط) كمهلة أساسية أو فاصلة، إلا أنه يركّز اهتمامه حاليا على مهلة 21 مارس (آذار) المقبلة والتي يحرص على ان تكون الأمور تبلورت قبلها باعتبار أن القانون ينص على وجوب دعوة الهيئات الناخبة قبل 90 يوماً من انتهاء ولاية مجلس النواب والذي يصادف في 21 يونيو المقبل. وتضيف المصادر: «الرئيس لا يزال يعتقد أن أمامنا بعض الوقت ولا لزوم للتهويل، إلا أنه لن ينتظر إلى النهاية وسيبادر بالوقت المناسب لقطع الطريق على كل من يفكر بالتمديد أو إجراء انتخابات وفق قانون الستين».
وسادت في الساعات الماضية أجواء حذرة نسفت كل المعلومات التي ترددت في الأسابيع الماضية عن قرب نضوج تسوية حول قانون الانتخاب. ففيما أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمام زواره أنّه لن يكون هناك رئاسة جمهورية ولا حكومة من دون المجلس النيابي، مشدداً على رفضه التمديد والفراغ، أشار عضو المجلس المركزي في «حزب الله» نبيل قاووق إلى «أن لبنان يشهد اليوم انحساراً في مؤشرات التفاؤل، وارتفاعاً في مؤشرات التشاؤم بسبب اعتماد بعض القوى السياسية منطق التسويف وازدواجية المواقف والمماطلة»، منبهاً من أن البلاد «باتت أمام خطر التمديد والفراغ والستين، الذين يمثلون الوصفة المثالية لأزمة سياسية جديدة تعيد التوتر والانقسام السياسي في البلد»، معتبراً خلال حفل تأبيني أن «الحل الوحيد الذي ينقذ البلد هو الاتفاق على قانون انتخابي جديد يعتمد النسبية، لأنها وحدها التي تعني صحة وعدالة التمثيل».
بالمقابل، نبّه النائب عن حزب «الكتائب اللبنانية» إيلي ماروني من أن يكون «التهويل بالفراغ النيابي بوابة لدفع اللبنانيين إلى (مؤتمر تأسيسي) كان (حزب الله) يريده أثناء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية»، لافتاً إلى أن «كل من سيسهم حالياً بجر البلاد إلى فراغ على المستوى البرلماني إنما يعمل لصالح (حزب الله) للوصول إلى المؤتمر المذكور». واعتبر ماروني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلاف السياسي يستفحل حالياً بعدما بتنا على بُعد شهرين من موعد الانتخابات النيابية ولا مؤشرات اتفاق في الأفق»، لافتاً إلى أنّه إذا تم إجراء الانتخابات وفق قانون الستين سنكون بأزمة تماماً إذا ما أجريت بقانون لا يحظى بتوافق كل الفرقاء»، وأضاف: «كذلك سنكون بأزمة إذا تم التمديد لمجلس النواب أو إذا دخلنا في الفراغ، وبالتالي الخيار الأخير المتاح حالياً هو أخذ رئيس الجمهورية المبادرة ووضع كل الفرقاء أمام مسؤولياتهم التاريخية».
من جهته، حث النائب بطرس حرب في حديث إذاعي على وجوب أن تحصل الانتخابات وفق «قانون يؤمن مصلحة اللبنانيين وليس مصلحة القوى السياسية، وهذا هو ما يؤخر التوافق على قانون انتخابي»، محذراً من «الوصول إلى الفراغ أو التمديد للمجلس الحالي». ورأى حرب أن «البعض يريد الوصول إلى التمديد من دون أن يحمل وزر ذلك»، مشيراً إلى «أن عدم التوافق على قانون انتخاب وفرض الأكثرية قانوناً على الأقلية سيؤدي إلى شرخ في البلد».
أما النائب عماد الحوت فاعتبر «أننا بتنا أمام معضلة بعد تجاوزنا المهلة الأولى في العشرين من فبراير، وبالتالي بدأنا ندخل في العد العكسي»، لافتاً إلى أنّه «إذا تجاوزنا المهلة الثانية في الـ20 من مارس يعني أننا دخلنا في المجهول وهذا يحتم على القوى السياسية أن تصل إلى قانون جديد يتضمن تأجيلا تقنيا للانتخابات». وأضاف الحوت: «أما إذا أخفقت النقاشات، سنجد أنفسنا أمام الحاجة إلى اجتهاد دستوري عما إذا كان المجلس سيستمر بتصريف الأعمال أم نكون أمام فراغ. وهذا يعني أننا سنُدفع حكماً إلى مؤتمر تأسيسي».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.