ندوة «النص التراثي التاريخي»... قضايا وأسئلة شائكة

نظمها معهد المخطوطات التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة

ملصق الندوة
ملصق الندوة
TT

ندوة «النص التراثي التاريخي»... قضايا وأسئلة شائكة

ملصق الندوة
ملصق الندوة

شهدت ندوة «النص التراثي التاريخي: تقاليد الكتابة وطرق التعامل» حضورًا لافتا مِن أساتذة الجامعات المصرية والمعنيين بالشأن التاريخي، أثاروا كثيرًا من القضايا والأسئلة الشائكة من خلال مداخلاتهم على الطروحات التي قدمت في الندوة. وكان معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، نظم هذه الفعالية يوم الثلاثاء الماضي مستهلاً بها برنامجه الثقافي للعام الحالي. وذلك في إطار ما التزمه المعهد منذ ثلاث سنوات بإقامة أربع منتديات تراثية في العام الواحد، لمناقشة بعض القضايا التراثية الشائكة التي تهمُّ المثقَّف العربي المعاصر.
استهلَّ د. فيصل الحفيان مدير المعهد الندوة بالقول إن النصَّ التراثي عمومًا هو نصٌّ تاريخي في الدرجة الأولى، إذ إنه قادمٌ مِن حقبةٍ تاريخية لم نكن فيها، ولفت إلى أن المؤرخين المسلمين الأوائل قد بذلوا جهدًا كبيرًا في تدوين التاريخ، وليس صحيحا أنْ نعدَّهم قصَّاصًا ونقلةً فحسب، فكل منهم قد أضافَ لبنةً في صرحِ التاريخ الإسلامي، حتى استوى هذا البناء على سوقه في هيئة نظريات تعلِّل وتنقد وتستخلص التاريخ.
وتحدث الدكتور أيمن فؤاد سيد، مدير مركز تحقيق النصوص بجامعة الأزهر، عن طرق الكتابة التاريخية وتقاليدها عند المؤرخين المسلمين، مشيرًا إلى أن الكتابة التاريخية بدأت في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري مع مدرسة المدينة ثم مدرسة العراق، وأن البداية الأولى كانت مرتبطة بمقتضيات دينية محضة، فكان الانطلاق بتدوين مغازي الرسول الكريم، الأمر الذي عده يوسف هوروفيتس صاحب كتاب «المغازي الأولى ومؤلفوها»، امتدادًا لأيام العرب في الجاهلية، ثم تدوين السيرة النبوية الشريفة، التي كانت بمثابة النواة الأولى للروايات الإخبارية، وشكَّلت العنصر الأهم في تطور علم التاريخ عند المسلمين.
وقال إنَّه في مقابل هذا الاتجاه (اتجاه أهل الحديث) الذي كان سائدًا في مدرسة المدينة، كان هناك اتجاه آخر أوجدته الصراعات والفتن المبكرة في الدولة الإسلامية، وهو اتجاه الحاميات القبلية، الذي كانت تمثله الكوفة والبصرة (مدرسة العراق).
وذكر أن التاريخ الإسلامي شهدَ أنساقًا تأليفية كثيرة، ككتب الحوليات، والتراجم العامة، والطبقات، والتاريخ العام، والرجال، والجرح والتعديل، وللأسف لم يُنشر منها إلا القليل.
أمَّا الدكتور بشَّار المؤرخ الإسلامي والمحقق المعروف لدواوين كتب التاريخ والحديث الشريف، فقد وقف عند طرق التعامل مع النصِّ التاريخي وآليات نشره نشرًا نقدياً، وما ينبغي أنْ يكون عليه محقق هذه النصوص مِن اشتراطات علمية، وصفاتٍ أخلاقية.
وأثارت المحاضرتان مداخلات وتعليقات مهمة لعدد من الحضور، تمحورت حول:
أهمّ كتبِ التاريخ الأولى، ككتب الطبري، والمسعودي، واليعقوبي، وابن الأثير، والبلاذري، وغيرها التي حقَّقها المستشرقون وسبقونا إليها، طبعها المحققون العرب بعد ذلك على طبعات المستشرقين، ووقعوا في الأخطاء نفسها التي وقع المستشرقون فيها مِن قبل، وأجدر بهم أنْ يعمدوا إلى جمع النسخ الخطية المعتَبَرة.
كما أكدت المداخلات أن بعض كتب التاريخ لم تسلم مِن زيادات هي مِن وضع الرُّواة لها، ولم يفطن المحققون العرب إليها، مشيرة إلى أن أعظم مؤرِّخ أنتجه الإسلام هو محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)، استخدم منهج المحدِّثين في التاريخ، وهو منهج يقوم بحصر الروايات المتعددة للخبر الواحد، ثم ينقد أسانيدها المختلفة ليصل بذلك إلى حقيقة الخبر. واعتبرت بعض المداخلات أن كتب الناقلين عن النصِّ الأول هي بمثابة نسخٍ ثانية للنصِّ، يُركن إليها لإقامة النص الأول وتقويم عوجِه، لافتةً إلى أن ابن خلدون دون المتوسط في الكتابة التاريخية، فهو غير مشتغل بالتاريخ، وقد نقلَ كتابَه مِن نسخة رديئة من كتاب «الكامل في التاريخ» لابن الأثير.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».