ترمب يدافع عن قراره بمنع المهاجرين... وتحركات داخل أميركا لإبطاله

الرئيس الأميركي سخر من دموع زعيم الديمقراطيين في «الشيوخ» ووصفها بالمزيفة

ترمب بعد توقيعه على قرار يدعو لتقليص اللوائح التنظيمية لدى المؤسسات الصغيرة في المكتب البيضاوي أمس (أ.ب)
ترمب بعد توقيعه على قرار يدعو لتقليص اللوائح التنظيمية لدى المؤسسات الصغيرة في المكتب البيضاوي أمس (أ.ب)
TT

ترمب يدافع عن قراره بمنع المهاجرين... وتحركات داخل أميركا لإبطاله

ترمب بعد توقيعه على قرار يدعو لتقليص اللوائح التنظيمية لدى المؤسسات الصغيرة في المكتب البيضاوي أمس (أ.ب)
ترمب بعد توقيعه على قرار يدعو لتقليص اللوائح التنظيمية لدى المؤسسات الصغيرة في المكتب البيضاوي أمس (أ.ب)

بينما دافع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن القرار التنفيذي الذي أصدره يوم الجمعة الماضي والذي منع بموجبه دخول المسافرين من سبع دول إسلامية إلى الأراضي الأميركية، تكثفت التحركات في الداخل الأميركي لإبطال القرار الذي أثار احتجاجات واسعة داخل البلاد وخارجها.
وأطلق ترمب سهامه في دفاع ناري عن قراره، ملقيًا اللوم على المتظاهرين، ومتهما زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر بالبكاء بدموع مزيفة على الصعوبات التي يواجهها المهاجرون في المطارات الأميركية، مشيرًا إلى أن 5 في المائة فقط من الدموع كانت حقيقية. وسخر ترمب من السيناتور شومر قائلا: «هل لاحظتم كيف كانت دموع تشاك شومر وهمية. أنا ذاهب لأطلب منه معرفة مدربه في التمثيل».
وحث ترمب خصومه السياسيين على «دراسة ما يجري في العالم». ووصف ترمب قراره بتغريدة على «تويتر» قال فيها: «لا شيء جميلا حول البحث عن الإرهابيين قبل أن يتمكنوا من الدخول إلى البلاد، هذا كان جزءا من حملتي، وعليكم دراسة العالم».
وكان السيناتور تشاك شومر قد عقد مؤتمرًا صحافيًا أول من أمس قاوم فيه دموعه وهو يتهم ترمب بتقسيم الأمة. ورد الرئيس ترمب صباح أمس بقوله إنه لم يكن هناك سوى 109 أشخاص محتجزين من مجموع 325 ألف شخص دخلوا الولايات المتحدة. وألقى ترمب باللوم في فوضى المطارات على أعطال الكومبيوتر في شركة «دلتا» للطيران.
وكان ترمب قد أصدر أمرًا تنفيذيًا يوم الجمعة فرض فيه وقفا لمدة 120 يوما من برنامج اللاجئين وفرض حظر لمدة 90 يوما على القادمين من سبع دول اعتبرها بؤرا للإرهاب، وتشمل العراق وسوريا والصومال والسودان وليبيا وإيران واليمن. وقد أثار القرار فوضى في المطارات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، في ظل معاناة موظفي الجمارك في تفسير النظام مع مظاهرات لجماعات حقوق الإنسان والحقوق المدنية والمظاهرات التي احتشدت في المطارات وأمام البيت الأبيض منددة بالقرار.
وأصدر ترمب بيانا قال فيه: «إنه ليس حظرًا على دخول المسلمين، وقد قال وزير الأمن الداخلي جون كيلي إن حاملي البطاقات الخضراء من مواطني الدول السبع في القائمة لن يتم بالضرورة حظر دخولهم إلى الولايات المتحدة، وسيكون محل إقامتهم عاملا مهما في تقرير كل حالة على حدة».
وأضاف ترمب أن «أميركا أمة تفخر بالمهاجرين، وسنواصل إظهار الرحمة لأولئك الفارين من الاضطهاد، لكننا سنفعل ذلك في الوقت الذي نحمي فيه المواطنين وحدودنا. كانت أميركا دوما أرضا للأحرار وموطنا للشجعان». وأشار ترمب إلى أن سياساته تتسق مع سياسات سلفه باراك أوباما، وقال: «سياساتي مشابهة لما قام به الرئيس أوباما في عام 2011 عندما منع تأشيرات دخول اللاجئين من العراق لمدة ستة أشهر والدول السبع التي وردت أسماؤها في اللائحة التنفيذية هي الدول نفسها التي سبق تحديدها من قبل إدارة أوباما كمصادر للإرهاب. لنكن واضحين هذا ليس حظرا للمسلمين كما تدعي وسائل الإعلام زورًا». وتابع الرئيس الأميركي أنه «ليس أمرًا متعلقًا بالدين وإنما بالإرهاب والحفاظ على سلامة وطننا، إذ هناك أكثر من 40 دولة مختلفة في جميع أنحاء العالم ذات غالبية مسلمة، ولن تتأثر بهذا الحظر. سنقوم بإصدار تأشيرات لجميع الدول مرة أخرى بعد أن نكون واثقين أننا قمنا بمراجعة وتنفيذ السياسات الأكثر أمنا خلال التسعين يوما المقبلة».
وحول الحظر الشامل على اللاجئين السوريين، قال ترمب: «لدي مشاعر هائلة للأشخاص الذين يواجهون أزمة إنسانية مروعة في سوريا، لكن أولى أولوياتي دائما ستكون حماية وخدمة وطننا، وكرئيس يتعين علي إيجاد سبل لمساعدة كل الذين يعانون».
كما دافع مسؤولون في البيت الأبيض عن القرار، مشيرين إلى أنه إجراء وقائي لوقف الهجمات الإرهابية مثل التي ظهرت في أوروبا العام الماضي. وقال ستيفن ميلر مساعد ترمب: «مهمتنا في هذه الإدارة الجديدة منع تكرار ما شهدته فرنسا وبلجيكا وألمانيا، في الولايات المتحدة».
في غضون ذلك، قال مسؤولون أميركيون أمس، إن عددا من الدبلوماسيين احتجوا على الأمر الذي أصدره الرئيس ترمب بوقف وصول اللاجئين وحظر منح التأشيرات لمواطني سبع دول إسلامية. وقال المتحدث بالإنابة باسم وزارة الخارجية مارك تونر: «لقد علمنا برسالة احتجاج تتعلق بالأمر التنفيذي»، مضيفا أن مذكرة الاحتجاج لم تسلم بعد.
وفي الاتجاه نفسه، دان وزراء العدل في 16 ولاية أميركية القرار، متعهدين بـ«التصدي له بكل الوسائل المتاحة أمامهم».
وقال الوزراء وجميعهم ديمقراطيون في بيان مشترك: «ندين الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب والذي يتعارض مع الدستور ومع قيم أميركا وهو غير شرعي، وسوف نعمل سويا لضمان أن تخضع الحكومة الفيدرالية للدستور، وأن تحترم تاريخنا كأمة تأسست على الهجرة، وألا تستهدف أحدا فقط بسبب جنسيته أو إيمانه». وإذ ذكر الوزراء بأن كثيرا من القضاة أصدروا أحكاما عطلت جزئيا الأمر التنفيذي، أكدوا أنهم لن يدخروا جهدا من أجل «حماية أمننا القومي وقيمنا الأساسية».
ووزير العدل في حكومة أي من الولايات الأميركية هو المدعي العام في هذه الولاية، ويمثل الموقعون على البيان ولايات يقطنها ثلث الشعب الأميركي. وإذ أعرب الوزراء في بيانهم عن ثقتهم بأن القضاء سيبطل الأمر التنفيذي الرئاسي، أكدوا أنهم في الانتظار سيبذلون قصارى جهدهم من أجل «أن يعاني أقل قدر من الناس من الوضع الفوضوي الذي تسبب به» قرار الرئيس الجمهوري.
والبيان المشترك الذي بادرت إلى صياغته وزيرة العدل في ولاية إيلينوي وقع عليه إضافة إليها نظراؤها في الولايات الـ15 الآتية: كاليفورنيا، وكونيتيكت، ومقاطعة كولومبيا (العاصمة)، وهاواي، وآيوا، وماين، وميريلاند، وماساتشوستس، ونيو مكسيكو، نيويورك، وأوريغون، وبنسلفانيا، وفيرمونت، وفرجينيا، وواشنطن.



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.