قام الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بزيارة غير متوقعة لمنطقة الحوض المنجمي بولاية (محافظة) قفصة (جنوب غربي) في وقت يحتفل فيه التونسيون بالذكرى السادسة للثورة، وتشتغل مناطق كثيرة بنيران الاحتجاجات والمسيرات المطالبة بالتنمية والتشغيل. وترافق هذه الاحتفالات تساؤلات عميقة حول المطالب الاجتماعية والاقتصادية لشريحة عريضة من التونسيين الذين حرموا من نتائج التغيير السياسي الذي عرفته البلاد برحيل النظام السابق وحلول طبقة سياسية جديدة.
ولدى وصوله إلى مطار قفصة القصر الدولي، قال الباجي إن زيارته إلى قفصة تندرج في إطار تكريم رجالات الجهة الذين ضحوا من أجل استقلال تونس وعزتها ومناعتها، ووعد بتقديم طلب إلى الحكومة لإجراء تحوير على المرسوم المتعلق بالتعويض لشهداء ومصابي ثورة 14 يناير (كانون الثاني) 2011؛ بهدف إدراج شهداء الحوض المنجمي واعتبارهم من شهداء الثورة التونسية.
وذكرت مصادر مطلعة من رئاسة الجمهورية، أن اختيار الباجي لولاية قفصة يشكل اعترافا بمساهمة الجهة في بناء الدولة وإنجاح الثورة التونسية، في إشارة إلى انتفاضة الحوض المنجمي التي اندلعت سنة 2008 ضد نظام بن علي.
وتضمن برنامج الزيارة التوقف عند منشآت اقتصادية تابعة لشركة فوسفات قفصة والمجمع الكيميائي التونسي بكل من المتلوي والمظيلة، والاطلاع على سير مشروعات فلاحية خاصة. وذكرت مصادر مطلعة، أن رئيس الدولة تحاشى التوجه إلى مقر ولاية قفصة، حيث يعتصم مجموعة من الشبان العاطلين عن العمل في بهو المقر منذ فترة طويلة.
من جانبه، توجه رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، إلى مقر نقابة الصحافيين، وأكد خلال مؤتمر صحافي أن حرية الإعلام والصحافة في تونس تعد حصنا للديمقراطية، وقال إن الحكومة ستعمل على دعم هذا القطاع ومرافقته، معلنا عن مجموعة من الإجراءات لفائدة قطاع الإعلام، من بينها تخفيض تسعيرة البث الإذاعي، وتطهير مجموعة من المؤسسات الإعلامية التابعة للحكومة، ودعم البعض الآخر ماديا.
وخلافا للاحتفالات الرسمية، فقد تدفق التونسيون على شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية، وهو الشارع الذي بات رمزا للثورة، ونظمت مجموعة من الأحزاب السياسية، ومن بينها حركة النهضة (حزب إسلامي) وتحالف الجبهة الشعبية (حزب يساري) مظاهرات احتفالية، وسط تعزيزات أمنية كبيرة. كما نظمت عائلات شهداء الثورة وجرحاها من جهتها مسيرة بالشارع نفسه، وأعادت مطالبتها بالكشف عن القائمة النهائية لشهداء الثورة.
ونظمت الجبهة الشعبية مسيرة رفعت خلالها شعارات مناهضة لسياسات القمع الموجهة ضد المحتجين، وأخرى رافضة لعودة الإرهابيين من بؤر التوتر، ونددت بالسياسات المالية لحكومة الوحدة الوطنية.
ولم تخل تدخلات القيادات السياسية من انتقاد للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، حيث أكد حمة الهمامي، زعيم الجبهة الشعبية المعارضة، في تصريح إعلامي أن «الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لا علاقة لها بالثورة»، وتابع محتجا «هذه الحكومات واصلت السياسة القديمة، وتريد أن تلتف على الحرية التي اكتسبها الشعب التونسي بعد الثورة، كما أنها عادت لاعتماد سياسات القمع، وهو ما يمكن ملاحظته في الاحتجاجات الأخيرة التي عاش على وقعها عدد من الجهات».
في السياق ذاته، قال رفيق عبد السلام، القيادي في حركة النهضة، في تصريح إعلامي إن «الثورة لها داعمون ومؤيدون كثر، تمثلهم التجمعات العفوية للتونسيين وتوافدهم على شارع الحبيب بورقيبة الجميل»، مشددا على أن تونس تعرف عددا كبيرا من الاحتفالات في شارع بورقية ومختلف مناطق البلاد، رغم وجود «أصوات تذمر واحتجاج وسوداوية» على حد قوله. كما اتهم جهات لم يسمها بمحاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لإشاعة أجواء من الندم على نظام بن علي، ودعا التونسيين إلى تحويل ثورة 2011 إلى ثروة، وحثهم على عدم مقارنة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الحالية بعهد بن علي، وقال في هذا الصدد إنه بالإمكان أن تكون أحوال التونسيين أفضل من النظام السابق.
وتخلل برامج الاحتفالات بالثورة لغة الاحتجاجات الاجتماعية؛ إذ واصل سكان سيدي بوزيد، مهد الثورة، أمس احتجاجهم على الظروف الاجتماعية الصعبة، ونظموا مسيرة جابت مختلف شوارع المدية، ورفعوا فيها الشعارات نفسها التي رفعت إثر إحراق محمد البوعزيزي مؤجج الثورة نفسه قبل نحو ست سنوات.
تونس تحيي الذكرى السادسة للثورة بمسيرات غضب واحتجاج
الرئيس الباجي يزور الحوض المنجمي لتكريم شهداء الثورة
تونس تحيي الذكرى السادسة للثورة بمسيرات غضب واحتجاج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة