تصفية عناصر «فتح الشام» خطة بديلة عن معركة إدلب

سجّل خلال 72 ساعة مقتل أكثر من 20 شخصًا من التنظيم بطيران التحالف

تصفية عناصر «فتح الشام» خطة بديلة عن معركة إدلب
TT

تصفية عناصر «فتح الشام» خطة بديلة عن معركة إدلب

تصفية عناصر «فتح الشام» خطة بديلة عن معركة إدلب

في خطّة يبدو أنّها بديلة عن العملية العسكرية التي كانت تحضّر لإدلب حيث يسجّل حضور بارز لـ«جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا)، بدأت حملة اغتيالات واسعة خلال 72 ساعة تقوم بها طائرات التحالف الدولي أدت إلى مقتل أكثر من عشرين عنصرا في التنظيم المصنّف إرهابيا، بينهم قياديون. ويأتي ذلك بعد ظاهرة التصفيات التي تشهدها المنطقة نفسها منذ أسابيع عدّة طالت أيضا عناصر وقياديين من الفصائل الموجودة في إدلب، وهو ما رأت فيه المعارضة خطّة لإنهاء الثورة في المنطقة موجهة أصابع الاتهام لخلايا النظام وتنظيم داعش وتحديدا «جند الأقصى».
ولم يستبعد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، وكذل القيادي في «الجيش الحر» في إدلب، أبو علي عبد الوهاب، أن تكون هذه الاستهدافات ضمن خطّة يقوم بها التحالف لتصفية القيادات في «فتح الشام» بعيدا عن العمليات العسكرية الميدانية. وإذا كانت التصفيات التي استهدفت في الأشهر الماضية أشخاص في فصائل معارضة عبر زرع عبوات ناسفة أو اغتيالات بكواتم صوتية، فإن اللافت في عمليات اغتيال عناصر «فتح الشام» دقّتها. ويقول عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» «يبدو أن هناك تصعيدا واضحا في العمليات ضدّ (فتح الشام) بعدما زرع الأميركيون عملاء لهم في المنطقة، لافتا إلى أن معظم الذين تم استهدافهم منذ بدء عام 2017 ينتمون إلى (فتح الشام) ما يدل على أن المعركة ضد التنظيم في إدلب قد بدأت».
من جهته، يقول عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، إن «العمليات التي استهدفت في الـ72 ساعة الأخيرة شخصيات من (فتح الشام) قتلت أربعة باستهداف سيارة لهم» منتصف ليل الأربعاء - الخميس.
وأشار «المرصد» إلى تصاعد عمليات طائرات من دون طيار تابعة للتحالف الدولي في إدلب عبر استهداف الفصائل المعارضة و«جبهة فتح الشام» منذ ظهر الأربعاء، مشيرا إلى أن القصف عبر طائرة من دون طيار، وبعدما كان قد أصاب سيارتين و4 دراجات نارية، أدى إلى مقتل 16 عنصرًا بينهم قياديان اثنان، عاد واستهدف بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس، آلية تقل عناصر من جبهة فتح الشام على طريق سلقين - كفرتخاريم بريف إدلب الشمالي، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص من الجبهة كانوا بداخلها، لم يعلم حتى الآن، فيما إذا كانوا جميعهم عناصر أم قادة في الجبهة. وبذلك يرتفع إلى 54 على الأقل عدد المقاتلين والقياديين الذين وثقهم المرصد ممن قضوا في عمليات الاغتيال عن طريق الاستهدافات الجوية من الأول من يناير (كانون الثاني) الجاري، بينهم القيادي أبو الحسن تفتناز وقيادي شرعي آخر وعدد من القياديين في ضربات جوية عدّة من طائرات التحالف كانت قد استهدفت مراكز وتجمعات لعناصر وقياديين في «فتح الشام».
ويلفت عبد الوهاب إلى أن عمليات الاغتيالات والتصفيات تزداد بشكل كبير في الفترة الأخيرة وتحديدا منذ نحو شهر، بحيث بات يسجّل يوميا عملية أو عمليتان ويسقط نتيجتها ليس فقط عناصر أو قياديون عسكريون أو ثوريون إنما أيضا مدنيون.
وقبل أن تبدأ خطة اغتيال عناصر وقياديين في «فتح الشام» كانت الأسابيع الأخيرة قد شهدت عشرات حوادث القتل والتصفية طالت عناصر من الجبهة و«حركة أحرار الشام»، وفصائل الجيش الحر، توزعت في غالبيتها على أطراف مدينة إدلب وبنش وبلدات الريف الجنوبي وجبل الزاوية، دون التمكن من الكشف عن الجهة التي تقوم بتنفيذ هذه العمليات التي تشترك في توقيتها، والذي يكون غالبًا في ساعات متأخرة من الليل عبر استخدام أسلحة مزودة بكواتم صوت، أو عبوات ناسفة استهدفت سيارات مدنية وعسكرية في معظم مناطق المحافظة، قضى فيها العشرات من الثوار والمدنيين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».