العام الثاني يطوي أوراقه في حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان. إنجازاته تواصلت مع الأيام الأولى، بحكم أسسه المبنية التي اتصلت مع الثبات في المواقف السعودية والمدرسة المعتادة في الحكم.
السياسة الخارجية في منهجها مع الملك سلمان سجلت كثيرا من الإنجازات خلال العامين الماضيين، بانتهاجها الحزم ضد خطط كل ما يهدد استقرار الإقليم، ويضع صياغة جديدة في تحقيق التوازنات الجيواستراتيجية، أعادت معها ترتيب الصفوف العربية والإسلامية.
وسجّل بدبلوماسية سعودية أكبر من مجرد حضور على المسرح الدولي، وجعلها ذات صيغة واحدة تتوازى مع الدول العظمى قوة وحضورا وأكثر قدرة على صياغة تحالفات ذات تميز بقوة عربية مساندة وإقليمية بوجه سعودي. شهد العام الثاني للملك سلمان، توسيع دائرة التحالفات.
خلال حكم الملك سلمان، واستقباله أكثر من أربعين زعيما ورؤساء حكومات، وزيارات متكررة تحمل في طياتها التفاصيل الدقيقة التي تنتهج مبدأ صياغة واقع أكثر فاعلية للمنطقة.
استمرار صد مخططات إيران
قبل أن يكمل الملك سلمان عامه الأول في سدة الحكم، أعلنت الرياض قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، على خلفية الاعتداء على السفارة السعودية وقنصليتها في طهران ومشهد، وجاء الاتجاه نحو تفعيل الدور الدبلوماسي للبلاد، وقادت السعودية قرارا عربيا جعلهم في خانة الاتفاق على الموقف السعودي، واستنكر مجلس الأمن الدولي هذه الاعتداءات على السفارة السعودية، وتسببت إيران بيدها في خلق عزلة لها من بعض الدول التي استدعت سفراءها لدى طهران.
وعلى المسار ذاته، شهد شهر مارس (آذار) حراكا سعوديا في المحيط الخليجي وكذلك جامعة الدول العربية، حيث تم تصنيف ميليشيات ما يسمى «حزب الله» اليد الأولى لجمهورية إيران في المنطقة؛ منظمة إرهابية، نظرا للأعمال العدائية التي يقوم بها أعضاء هذه الميليشيات لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بأعمال إرهابية، وتهريب الأسلحة.
«إعادة الأمل» إلى اليمن
استمر الدور السعودي في دعم العمل السياسي لحل الأزمة اليمنية، مع تأكيد الملك سلمان تجديد الوقوف مع الجمهورية ضد محاولات الانقلاب الحوثي، بدعم عسكري يكسر كل المحاولات الحوثية من تحقيق آمالهم في فرض واقع سياسي يرفضه المجتمع الدولي، ولم يقف الدور السعودي عندها، حيث دعمت الجهود الدولية من أجل الحلول السياسية، تطبيقا للقرار الأممي «2216»، ودعمها مشاورات الكويت التي استمرت متقطعة لأكثر من ثلاثة أشهر، وجمعت الشرعية بالانقلابيين، أملا في التوصل السلمي تجنيبا للمدنيين من كوارث الميليشيات الحوثية، لكن الحوثيين ظلوا على تعنتهم، وأكدته الهدن المعلنة التي لم يلتزموا بها، بل استثمروها في مواصلة تنظيم الصفوف ومعاودة الاعتداءات.
الحل السياسي في سوريا
الأزمة السورية ملف بارز في المنطقة، نظرا لتداعيات وارتباطات الأزمة على المحيط وتمدد الجماعات الإرهابية ودخول ميليشيات الصناعة الإيرانية في خطوط المواجهات دفاعا عن نظام بشار الأسد، وفي هذا الشأن جدد الملك سلمان، عبر منصات خطاباته، وقوف السعودية إلى جانب الشعب السوري الشقيق في سبيل تحقيق تطلعاته وتخفيف معاناته الإنسانية وخروجه من أزمته الحالية، ودعم المملكة الحل السياسي في سوريا وفقًا لبيان «جنيف1»، علاوة على الدعم المتواصل لدعم الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية التي تتخذ من الرياض مقرا.
العمل الاستراتيجي مع دول أفريقيا
استمرت العلاقات الدبلوماسية النشطة مع دول أفريقيا، منذ أشهر، اتضحت الجهود السعودية الحثيثة نحو دول القرن الأفريقي وبعض أواسط أفريقيا، فزار السعودية خلال الأشهر الماضية ثمانية زعماء ورؤساء حكومات أفارقة، حملت زيارات بعضهم توقيع اتفاقيات عدة لمشروعات بين البلدين، بغية تحقيق التكامل وبناء تحالفات على أوجه متنوعة، من جنوب أفريقيا وغينيا ونيجيريا وإثيوبيا، ضمّت في اتجاهاتها نقاشات دبلوماسية بأوجه الاقتصاد والأمن.
مع الخليج
في الأيام الأولى من الشهر الماضي، كان الملك سلمان، في جولة خليجية، حيث زار أربع دول، برز من خلالها كثير من معاني الدبلوماسية، فشارك في عقد ثقافي وطني ممتد مع دول الخليج، كانت من علاماته البارزة أيضا مدى الرغبة الشعبية في التجدد والوثوب الحقيقي من مجلس إلى اتحاد. كذلك شهدت القمة التشاورية الخليجية التي رأسها خادم الحرمين الشريفين وعقدت في جدة بشهر مايو (أيار) إصدار قرار تنموي خليجي بارز، تمثل في إنشاء هيئة الشؤون التنموية والاقتصادية.
في الخليج أيضا، وقعت السعودية والإمارات على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، بحضور خادم الحرمين الشريفين، والشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، وهو مجلس تنسيقي وزاري، سبقه بأيام إنشاء مجلس مشابه مع عدد من الاتفاقيات، كان مع الملكة الأردنية.
قمتان، في التاريخ ذاته، رأسهما الملك سلمان، واستضافتهما السعودية، كانت قمة خليجية - أميركية، غلب عليها الجانب الأمني، وقمة خليجية - مغربية، ركزت على دعم المواقف السياسية للرباط، والأخيرة هي قمة أولى بين البلد المغربي وبين الخليج.
مصر وتركيا
في أبريل (نيسان)، كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ضيفا على مصر، التي شهدت زيارته خلالها تفعيلا لجوانب كثيرة، بأبعاد اقتصادية وسياسية، كان من أبرزها الإعلان عن تعيين الحدود البحرية بعد عقود مرت على مسير العلاقة بالوئام الغالب، كذلك شهدت الإعلان عن إنشاء جسر الملك سلمان، الذي سيربط البلدين، وتوّجت الزيارة الجهود السعودية الكبيرة، لتحقيق أقصى درجات التعاون، حيث حملت بعض البنود في الاتفاقيات الجمة الموقعة، تعزيزا للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.
زيارة أخرى أداها الملك سلمان إلى تركيا، قبل ترؤسه وفد البلاد في القمة الإسلامية، وكان نتاجها التوقيع على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي، وهي أيضا زيارة رفيعة تسبق الكثير من الزيارات المهمة مع الجمهورية التركية، في إطار تعاون وثيق بين الرياض وأنقرة.
لبنان واستعادة الحياة
دعا الملك سلمان، الرئيس ميشال عون إلى زيارة السعودية، جاءت عبر رسالة أداها وفد سعودي برئاسة مستشار الملك أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، وهي زيارة تعقب وصول عون للرئاسة. وقال الفيصل: «لا نريد لبنان ساحة خلاف عربي بل ملتقى وفاق عربي»، في خطوة تعبر عن اهتمام سعودي كبير بالجمهورية، لاستعادة دورة الحياة الطبيعية سياسيا واقتصاديا بعد العزلة التي عاشها خلال الأعوام الماضية.