زيارة مفتي النظام السوري لآيرلندا تثير غضب المعارضين السوريين

البرلمان الآيرلندي لـ «الشرق الأوسط»: اللجنة الداعية لم تكن على علم بتصريحات أحمد حسون

سوريون هجروا ديارهم من الأحياء الشرقية لحلب ونزحوا عنها أول من أمس بسبب القصف العنيف من قبل الطيران الروسي والنظامي (إ.ب.أ)
سوريون هجروا ديارهم من الأحياء الشرقية لحلب ونزحوا عنها أول من أمس بسبب القصف العنيف من قبل الطيران الروسي والنظامي (إ.ب.أ)
TT

زيارة مفتي النظام السوري لآيرلندا تثير غضب المعارضين السوريين

سوريون هجروا ديارهم من الأحياء الشرقية لحلب ونزحوا عنها أول من أمس بسبب القصف العنيف من قبل الطيران الروسي والنظامي (إ.ب.أ)
سوريون هجروا ديارهم من الأحياء الشرقية لحلب ونزحوا عنها أول من أمس بسبب القصف العنيف من قبل الطيران الروسي والنظامي (إ.ب.أ)

أثار الإعلان عن استضافة وفد من النظام السوري وعلى رأسه المفتي أحمد بدر الدين حسون في البرلمان الآيرلندي، موجة عارمة من الغضب في أوساط معارضين سوريين؛ بسبب مواقفه المساندة لبشار الأسد، وتصريحاته السابقة المثيرة للجدل التي دعت النظام لاستكمال ضرباته على حلب رغم وجود المدنيين فيها، وتصريحات أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2011، حين هدد أوروبا وأميركا بإرسال انتحاريين لهم في حال مهاجمتهم للنظام.
ونشرت صحيفة «إيريش تايمز» المحلية على موقعها أمس، أن «وفدًا دينيًا من سوريا برئاسة مفتي النظام أحمد بدر الدين حسون وصل، أول من أمس الثلاثاء، في زيارة رسمية إلى دبلن بدعوة من البرلمان». وحسب خبر الصحيفة، تشمل الزيارة محاضرة ألقاها المفتي أمس في كلية «ترينيتي»، وجلسة برلمانية أمام اللجنة المشتركة للشؤون الخارجية والتجارة والدفاع اليوم. كما وجه مسجد في العاصمة الآيرلندية دعوة للمفتي بأن يؤم المصلين في صلاة الجمعة.
ليام أوبراين، المتحدث باسم البرلمان الآيرلندي، قال في تصريحات هاتفية لـ«الشرق الأوسط»: «لم تكن الهيئة الداعية على علم بتصريحات المفتي من عام 2011، لأنه تم تأسيسها بعد تاريخ صدور تصريحاته». وأضاف: «لكني لا أستطيع الجزم بأن جميع أعضائها لم يكونوا على علم، خصوصًا أنهم سياسيون متمرسون». وأكد المتحدث أن البرلمان سيمضي قدمًا نحو قرار استضافة المفتي رغم التصريحات، كونها فرصة لمساءلته عن أقواله السابقة. وتوقع المتحدث أن أعضاء الهيئة سيقومون باستجواب حسون.
وحول سؤال «الشرق الأوسط» إن كانت هناك آلية لإجراء عمليات بحث في سجلات الشخصيات المدعوة لدواعٍ سياسية أو أمنية قال المتحدث، «لا أعتقد ذلك، لم نشعر يوما بحاجة لتطبيقها». وتقام الجلسة التي تستضيف حسون اليوم قبل ساعتين من جلسة أخرى للناشط والكاتب السوري روبن ياسين قصاب، تحت رعاية حركة التضامن الآيرلندية - السورية.
وأوضحت فاليري هيوز، المتحدثة باسم الحركة، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحركة نسقت مع اللجنة المشتركة للشؤون الخارجية والتجارة والدفاع لاستضافة قصاب». وأضافت: «صدمنا عندما أخبرتنا اللجنة اليوم بأنها ستستضيف وفدًا من سوريا يتضمن مفتي النظام». واستطردت: «خذلنا البرلمان. ونعي أن عامة الشعب قد لا يكون على علم بحيثيات النزاع، ولكن أعضاء البرلمان سياسيون مطلعون، ومن المستحيل أنهم لا يعون جرائم النظام السوري بحق شعبه». وكشفت أن الحركة أصدرت بيانًا يخاطب لجنة البرلمان، ندد بـ«استضافة مؤيدي الأسد؛ لأن ذلك مجرد محاولة من النظام السوري لحشد دعم لاستعادة شرعيته التي خسرها بعد حرب دموية شنها في حق شعبه».
بدوره، عبر الكاتب والناشط السوري البريطاني روبن ياسين قصاب عن استيائه، بقوله في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بينما يستمر النظام السوري بارتكاب سلسلة جرائم في حلب، اختار البرلمان الآيرلندي الذي يصنف نفسه هيئة تؤمن بالديمقراطية استضافة أحد قادة إعلام هذا النظام، الأمر الذي أراه مخجلاً».
وعلق الإمام الدكتور علي سليم، المتحدث باسم المركز الثقافي الإسلامي في آيرلندا، حول الأنباء التي تحدثت عن أن حسون سيؤم المصلين لصلاة الجمعة في أحد مساجد دبلن: «نقول في هذا الرجل (أحمد حسون) أنه شريك في كل الجرائم التي ارتكبها النظام السوري في حق الأبرياء، وأن يديه ملطختان بالدماء، ويجب أن يعامل كمجرم حرب ويقدم للعدالة». وكشف الإمام أن المجلس كان على موعد أمس مع مقابلة على التلفزيون الآيرلندي للتنديد بقرار استضافة البرلمان لمفتي النظام.
كما أكد على أنباء عن إمام باكستاني موالٍ لإيران، علنًا، وهو زميل حسون سيستضيف المفتي في جامعة يوم الجمعة. وعن استضافة كلية «ترينيتي» للمفتي، قال منظم الفعالية البروفسور أندرو بيرس الإخصائي في مجال «المصالحة والسلام» لدى الجامعة قبيل المحاضرة أمس: «نحن على علم ببعض تصريحات المفتي، ولكننا قررنا دعوته تأهبًا لجلسات يوم غد في البرلمان». وأضاف بيرس: «أنا متأكد من أن الكثير من الحضور سيقومون بمساءلة حسون، ونحن نريد فتح باب الحوار». وأكد أن كلية ترينيتي لا تدعم بأي شكل نظام الأسد، وأن استضافتها للمفتي لا تعني تمسكها بإعلام ذاك النظام. وردًا على سؤال «الشرق الأوسط» حول مدى سهولة سفر حسون لآيرلندا وحصوله على تأشيرة دخول قال بيرس إن المفتي لم يواجه أي معوقات.
وحفل «تويتر»، أمس، «بعشرات التغريدات من حسابات الناشطين السوريين والمناصرين للشعب السوري إلى التظاهر في دبلن احتجاجًا على هذه الزيارة الرسمية».
يذكر أن المفتي كان قد هدد أوروبا وأميركا عام 2011 بعمليات انتحارية يقوم بتنفيذها أشخاص موجودون هناك في حال تعرضت سوريا لأي قصف أو اعتداء. وقال في مقطع فيديو تم بثه على الـ«يوتيوب»: «أقولها لكل أوروبا وأقولها لأميركا، سنعد (استشهاديين) هم الآن عندكم إن قصفتم سوريا أو قصفتم لبنان، فبعد اليوم العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، وأنتم من ظلمتمونا».
وفي مقابلة مع تلفزيون النظام السوري في أبريل (نيسان) من عام 2015، طالب مفتي النظام قوات الأسد بتدمير الأحياء المحررة في حلب عن بكرة أبيها، مهما كان فيها من مدنيين على حد تعبيره.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.