ولد الشيخ يدعو لمحادثات يمنية جديدة تدوم أسبوعًا وتتوج باتفاق

يتجه لزيارة عدن قريبا.. والحكومة: سنبلغه ملاحظاتنا المعترضة على خطته

ولد الشيخ بعد أحد الاجتماعات المخصصة لبحث الملف اليمني في جنيف (ا.ف.ب)
ولد الشيخ بعد أحد الاجتماعات المخصصة لبحث الملف اليمني في جنيف (ا.ف.ب)
TT

ولد الشيخ يدعو لمحادثات يمنية جديدة تدوم أسبوعًا وتتوج باتفاق

ولد الشيخ بعد أحد الاجتماعات المخصصة لبحث الملف اليمني في جنيف (ا.ف.ب)
ولد الشيخ بعد أحد الاجتماعات المخصصة لبحث الملف اليمني في جنيف (ا.ف.ب)

بينما يواصل المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ جولته في المنطقة أملاً في استئناف جهود إعادة إطلاق مشاورات السلام بين أطراف النزاع اليمني، أكدت مصادر متطابقة أن ولد الشيخ سيتوجه خلال الساعات المقبلة إلى العاصمة المؤقتة لليمن حيث سيلتقي الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي وصل هو الآخر إلى المدينة الجنوبية قبل يومين.
وقال وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي إن ولد الشيخ أحمد سيلتقي «خلال اليومين المقبلين الرئيس عبد ربه منصور هادي» في عدن، مضيفًا أن حكومته ستسلم في هذه المناسبة «ردها على خريطة الطريق» التي اقترحتها الأمم المتحدة.
بدورها، أكدت مصادر في الحكومة اليمنية أن الجانب اليمني سيسلم المبعوث الأممي ملاحظات «مشددة» على أنه لا حوار قبل إجراء تعديل على خطته لحل النزاع. وقال نائب وزير حقوق الإنسان اليمني، محمد محسن عسكر، لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة ستسلم ولد الشيخ رسالة تتضمن مجموعة من الملاحظات تتطرق خصوصًا للبنود التي تضمنتها خطة المبعوث الأممي وتلغي المبادرة الخليجية المحددة لصلاحيات وفترة الرئيس الانتقالي التوافقي. وأكد محسن عسكر أن المبادرة الخليجية تمثل دستورا انتقاليا مؤقتا للبلاد، موضحا أن خطة ولد الشيخ هي نفس المبادرة التي قدمها وزير الخارجية الأميركي جون كيري والتي قال: إنها تتعارض أيضا مع قرارات مجلس الأمن الدولي المشددة على انسحاب الانقلابيين من جميع المدن وتسليم السلاح للدولة، بينما تتحدث خطة المبعوث الأممي عن تسليم السلاح إلى طرف ثالث مبهم ولا يحمل أي صفة وطنية أو إقليمية أو دولية.
واعتبر محسن عسكر أن ما طرحته المبادرة الأممية يشرعن الانقلاب ويزيح الشرعية، لافتا إلى أن الخطة التي وضعها وزير الخارجية الأميركي وتبناها المبعوث الدولي، بصيغتها الحالية، أعجز من أن تؤسس لسلام دائم باليمن أو تمنع حدوث دورات صراع قادمة أعنف وأوسع. وتابع أن الخطة المعلنة «لا تبني سلاما ولا تحمي إنسانا». وأضاف أن صيغة الاتفاق بكل بساطة تكافئ الانقلاب وتجعله شريكا في الحكم على الرغم من أنه جاء من خارج الانتخابات وصناديق الاقتراع وكل شرعيته مبنية على القوة «غير المشروعة» التي تمثلت في انقلابه على كافة المؤسسات الدستورية للدولة.
وكان المبعوث الأممي قد توجه إلى الرياض في ختام زيارته إلى العاصمة العمانية مسقط، ودعا في تصريحات للصحافيين، إلى عقد مشاورات جديدة تنتهي بالتوقيع على اتفاق نهائي، كما دعا الأطراف اليمنية إلى «التعامل مع المتاح حاليا». وقال ولد الشيخ «سأبدأ غدا (أمس) زيارة للرياض ثم الكويت للحديث عن جولة جديدة، وأنا مستعد لزيارة الرئيس هادي في عدن إذا ما تطلب الأمر». وأضاف: «الجولة القادمة من المحادثات يجب أن تكون قصيرة وهدفنا الدخول في جولة جديدة لا تتجاوز أسبوعا إلى عشرة أيام من أجل التوقيع على اتفاق نهائي».
وقال ولد الشيخ أيضًا إنه اتفق مع الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح على «تفعيل لجنة التهدئة والتنسيق لدعم وقف إطلاق النار». وعقب لقاءاته في مسقط، قال ولد الشيخ إنه بحث مع وفد الحوثيين وصالح خريطة الطريق وتفعيل لجنة التهدئة، مضيفا أن الحكومة اليمنية أعدت جوابا بشأن خريطة الطريق. وأكد المبعوث الأممي أن الأمم المتحدة «تدعم وقف إطلاق نار حقيقيا في اليمن لأن هدنة الـ48 ساعة غير كافية»، مشيرا إلى أن الجانب الأميركي لديه اهتمام خاص باليمن.
وبينما أكدت مصادر يمنية أن ولد الشيخ «لم يلتق خلال زيارته للرياض أي مسؤول حكومي يمني»، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن «مصدر دبلوماسي غربي» قوله إن المبعوث الأممي التقى في العاصمة السعودية دبلوماسيين أجانب. وكان الموفد الأممي قد قام بزيارة إلى سلطنة عمان حيث التقى ثلاث مرات ممثلين عن الحوثيين وحلفائهم، أنصار صالح. وقبل مغادرته مسقط الليلة قبل الماضية، قال ولد الشيخ أحمد إنه لاحظ لدى محاوريه «الكثير من الجدية»، معربا عن «تفاؤله حيال إمكانية» التوصل إلى وقف إطلاق نار جديد. كما أكد أنه سيتوجه إلى الكويت في وقت لاحق.
واستضافت الكويت الجولة الأخيرة من المشاورات بين الحكومة اليمنية والمتمردين. وبدأت الجولة الأخيرة في أبريل (نيسان) الماضي ثم علقت مطلع أغسطس (آب) من دون تحقيق خرق جدي.
كذلك، أبدى ولد الشيخ أحمد استعداده للانتقال إلى مدينة عدن للقاء الرئيس هادي، الذي وصل إليها السبت آتيا من مقر إقامته في الرياض، في زيارة تستمر أياما عدة، وهي الأولى له منذ عام، وعدن هي المدينة التي أعلنها الرئيس هادي عاصمة مؤقتة لليمن في أعقاب سقوط صنعاء بيد المتمردين في سبتمبر (أيلول) 2014، وأفاد المبعوث الأممي بأنه أجرى اتصالات «مكثفة» مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ناقلا عن الأخير اعتباره أن ثمة «فرصة تاريخية لا تعوض لتحقيق السلام في اليمن»، وتأتي تصريحات ولد الشيخ أحمد بعد زهاء أسبوع من انتهاء هدنة لـ48 ساعة أعلنها التحالف، إلا أنها تعرضت لخروقات من المتمردين.
وكانت الحكومة اليمنية قد شددت مرارا على أن الطريق لحل الأزمة الناجمة عن الانقلاب هو التزام ميليشيات الحوثيين وصالح بـ«تنفيذ المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216»، مؤكدة أن أي خطوات أخرى ستعيق التوصل إلى السلام الشامل والعادل والذي يتطلع إليه كافة أبناء الشعب اليمني.
ولمحت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة إلى احتمال إجراء تعديل على الخطة التي قدمها كيري لحل الأزمة اليمنية. وقال السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر في هذا الصدد لـ«الشرق الأوسط» إن خطة وزير الخارجية الأميركي للتسوية اليمنية «ليست منقوشة على حجر»، وإنها قابلة للتعديل. واستثنى السفير تولر «تراتبية الخطوات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.