تعتبر إصابات الملاعب خصوصًا إصابة الرأس أو الارتجاج concussion من أكثر الأمور التي تواجه الأطفال في مرحلة المدرسة والمراهقة سواء كانت عند ممارسة الرياضة من أجل المتعة أو بشكل نظامي تنافسي في كثير من الأحيان.
إصابات الملاعب
وتختلف الإصابات من حيث الحدة والفترة الزمنية اللازمة للشفاء منها وأيضًا العودة إلى ممارسة الرياضة بعد تمام الشفاء. ويعتبر توقيت العودة من الأشياء المهمة جدا لتفادى الإصابة مرة أخرى وأيضًا تفادى حدوث مضاعفات قد تكون خطيرة.
وكان مركز مراقبة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة قد أصدر توصيات سابقة بعدم السماح للاعب بالعودة إلى ممارسة الرياضة في نفس يوم إصابة الرأس، حتى لو شعر بأنه على ما يرام. ونفس التوصية أصدرتها الجمعية الوطنية لرياضة الجامعات National Collegiate Athletic Association التي سمحت بإمكانية العودة في نفس اليوم شريطة أن يحمل اللاعب موافقة طبية بالسماح له باللعب مرة أخرى.
ومن المعروف أن ممارسة الرياضة تستحوذ على اهتمام طبي كبير حيث يوجد تخصص طبي يسمى الطب الرياضي معني بكل ما يتعلق بالرياضة وأثرها الصحي وأيضًا طرق علاج الإصابات الناجمة عن اللعب في مختلف الألعاب، وهناك كثير من الدراسات تتناول إصابات الملاعب وكيفية معالجتها.
وأوضحت أحدث دراسة قام بها علماء من المركز الطبي الرياضي بولاية تكساس Texas sports clinic أنه على الرغم من التوصيات السابقة، فإن معظم الأطفال والمراهقين والمدربين أيضًا يتجاهلون هذه التوصيات ولا يتعاملون معها بالجدية الكافية ولا يعتبرون الأمر خطيرًا.
وهذه الفرضية تقول إن الإصابة تعتبر إصابة بسيطة ما دامت لم تترك أثرا ولا جروحًا. وعلى الرغم من أن هذه الفرضية في أحيان كثيرة يمكن أن تكون صحيحة، فإنها في بعض الأحيان الأخرى يمكن أن تكون خاطئة تمامًا، إذ إن إصابات الرأس قد تتطور لتصبح عاملاً مهدِّدًا للحياة، لا سيما إذا اقترنت الإصابة بالرأس ببعض الأعراض الطبية الأخرى التي أهمها فقدان الوعي لفترة قصيرة ربما لا تتعدى دقائق قليلة، أو القيء بشكل معين PROJECTILE VOMITING، أو تيبس في عضلات الرقبة. وهذه الأعراض تستلزم نقل اللاعب إلى المستشفى على الفور ويجب أن يظل تحت الفحص لمدة 24 ساعة ويتم عمل أشعة مقطعية له فيما يعرف بحالة (ما بعد الارتجاج post concussion أو اختصارا P.C)
توقيت العودة
وتبعًا للباحثين، تُعتبر هذه الدراسة الأكبر من نوعها التي تناقش وقت عودة اللاعب بالنسبة للأطفال الصغار والمراهقين حيث تناولت 185 لاعبًا لمدة 10 شهور في عام 2014 وكانت أعمارهم تتراوح بين السابعة والثامنة عشر، وجميعهم كانوا قد تعرضوا لإصابات الرأس وتمت معالجتهم منها. ووجدت الدراسة أن ثلث هؤلاء اللاعبون قد تجاهلوا النصيحة الطبية، وعادوا للعب في اليوم ذاته.
وقد عرف مركز مراقبة الأمراض الارتجاج بأنه أذى يتعرض له المخ نتيجة للارتطام بالأرض أو توجيه لكمة إلى الرأس أو إصابة في الجسم تجعل الرأس يهتز بعنف سواء للأمام أو الخلف. كما أصدر المركز بيانًا كاملاً بالأعراض وعلامات الإصابة، ومن المعروف أنه في حالة تشخيص الارتجاج ينصح الأطباء اللاعب بالراحة الجسدية والنفسية وعدم التعرض للضغوط، خصوصًا أن الشفاء الكامل قد يستغرق ما يقرب من أسبوع، ولذلك يجب الانتظار لحين العودة إلى الملاعب.
وتبعا لنصائح المركز الطبي الرياضي، فإن النشاط الجسدي يجب أن يزيد بشكل تدريجي وتحت إشراف طبي، لا سيما أن الأبحاث السابقة أشارت إلى أن العودة مبكرة إلى الملاعب يمكن أن تتسبب في إصابة أعنف قد تكون شديدة الخطورة، إذ إنها تؤدي إلى عرض يسمى متلازمة الإصابة الثانية second - impact syndrome التي يمكن أن تؤدي إلى فشل المخ في تنظيم الحصول على الدم المتدفق إليه، مما يمكن أن يكون ذا عواقب وخيمة فضلا عن العواقب العصبية والنفسية التي تحدث للمراهق، إذا تمت العودة إلى الملاعب في اليوم ذاته، لا سيما أن هذه الأعراض لا يُشترط أن تحدث في اليوم ذاته.
وتشير التوصيات إلى أن الأطفال والمراهقين يجب أن ينالوا قسطا من الراحة أكثر من البالغين للإصابة ذاتها.
وأوصت الدراسة بوجوب عدم عودة اللاعب في اليوم ذاته، حتى لو كان مستواه الرياضي كما هو لم يتأثر، وذلك أن الرياضيين الصغار لديهم فرصة أكبر لحدوث المضاعفات الخطيرة، التي تُسمَّى بالمخاطر المرتبطة بالعمر، التي منها حدوث تورم كبير في المخ، وهو الأمر الذي يأخذ وقتًا أفضل حتى يتماثل المخ للشفاء. وأشارت الدراسة أيضًا إلى أنه حتى حدة الألم الناتج عن الارتجاج تكون أكثر بعد فترة من حدوث الارتجاج، وفي حالة العودة في اليوم ذاته، فإن الأطفال في الأغلب يختبرون أعراضًا، مثل الغثيان والدوار وعدم الشعور بالاتزان بشكل كامل.
وفى النهاية، وضعت الدراسة توصيات بأن يتلقى المسؤولون عن رياضة الصغار سواء في المدارس أو النوادي محاضرات توعية طبية للتعريف بالارتجاج ومخاطره، وتوقيت العودة لتفادي حدوث تلك المضاعفات الطبية، وأنه يجب أن يتم الاهتمام بصحة الرياضي أكثر من الانتصار في المباريات، خصوصًا أن هذه المحاضرات معدة بالفعل من خلال برنامج تتبناه الأكاديمية الأميركية لأطباء الأعصاب American Academy of Neurology يتم تدريسه في معسكرات خاصة بالشباب وفى وجود المدربين.
• استشاري طب الأطفال