الهندسة الوراثية لعلاج الأنيميا المنجلية

طريقة واعدة لإصلاح العيوب الجينية المسببة لها

الهندسة الوراثية لعلاج الأنيميا المنجلية
TT

الهندسة الوراثية لعلاج الأنيميا المنجلية

الهندسة الوراثية لعلاج الأنيميا المنجلية

لم يعد لفظ الهندسة الوراثية من الألفاظ الغريبة على الأذن بالنسبة لرجل الشارع العادي في العقود الأخيرة، خصوصا بعد النجاحات الكثيرة التي حققتها الهندسة الوراثية في مجالات الزراعة التي غيرت من شكل ومواسم ونكهة الخضراوات والفاكهة. وتعتمد فكرة الهندسة الوراثية على إصلاح خلل في الجينات التي تحمل طفرات تسبب أضرارا، سواء للنبات أو الحيوان أو الإنسان. ونظرا لصعوبة إجراء التجارب على البشر بشكل مباشر خشية التعرض للأعراض الجانبية لأي تقنية جديدة يمكن أن تتسبب في أخطار صحية، فإن التجارب تجرى على الفئران. وعلى الرغم من أن التجارب في هذا المجال بالنسبة للإنسان أحرزت تقدما كبيرا فإن العلاج بهذه التقنية لا يزال غير منتشر بشكل كبير.
* الأنيميا المنجلية
وربما يحمل المستقبل القريب انتشار هذه الطريقة، حيث كشفت دراسة حديثة عن احتمال التوصل إلى علاج جديد لأنيميا الخلايا المنجلية sickle cell anemia عن طريق الهندسة الوراثية لإصلاح العيب الذي يطرأ على كريات الدم الحمراء، ويحول شكلها إلى المنجل (ومن هنا سبب تسميتها) ويؤدي إلى الأنيميا. وأجرى الدراسة علماء من عدة جامعات أميركية مثل كاليفورنيا وسان فرنسيسكو وبيركلي، وشارك فيها أطباء متخصصون في أمراض الدم وأطباء تحاليل، سوف تنشر نتائجها في الإصدار الإلكتروني من مجلة علوم الطب الديناميكية journal Science Translational Medicine. وبالطبع تحمل هذه النتائج أملا جديدا للأطفال مرضى الأنيميا المنجلية الذي يصيب مئات الألوف من الأطفال حول العالم خصوصا الأفارقة ذوي البشرة السمراء.
من المعروف أن مرض الأنيميا المنجلية مرض وراثي يعتمد على وراثة جين معطوب من الوالدين، ويكون فيه نوع مختلف من الهيموغلوبين (الهيموغلوبين الطبيعي يرمز له بالرمز A بينما الهيموغلبين نتيجة للخلل الجيني يرمز له بالرمز S). ونظرا لتغير طبيعة الهيموغلوبين يحدث له نوع من التشوة في حالة وجود نقص الأكسجين، ويتسبب في تغيير شكل كريات الدم الحمراء من الشكل البيضاوي أو الكروي المعتاد إلى ما يشبه المنجل. وهو الأمر الذي يؤدي إلى تراكم كريات الدم الحمراء في الأوعية الدموية، وأيضا يؤدي إلى تحطم هذه الكريات في خلال 10 أو 20 يوما (كريات الدم الحمراء العادية تستمر في الدم قرابة 3 أشهر)، مما يحدث الأنيميا بأعراضها المميزة مثل الشحوب وسرعة ضربات القلب والتعب لأقل مجهود والصداع وعدة مضاعفات أخرى مثل تضخم الطحال. وأيضا يحدث نوبات من الآلام الشديدة لأعضاء معينة في حالة ضعف سريان الدم إلى هذه المنطقة، نتيجة لانسداد الأوعية الدموية من الكريات المتراكمة، فضلا عن المشكلات الصحية التي تحدث للعضو الذي يحدث الانسداد في الأوعية التي تغذيه.
* تعديل جيني
وتعتمد فكرة العلاج على تعديل الجين المعطوب الذي حدثت به الطفرة وإصابته بالخلل عن طريق استخدام الخلايا الجذعية stem cells المصنعة لكريات الدم الحمراء بعد فصلها من الدم وإصلاح الخلل الموجود في الجين، وبالتالي تقوم بتصنيع هيموغلوبين سليم، ثم تتم إعادة حقنها للمريض مرة أخرى. وعلى الرغم من وجود محاولات سابقة للتعديل الجيني فإنها المرة الأولى التي يتم فيها التعديل بنسبة كبيرة تمهد الطريق للعلاج.
وأوضح الباحثون أن الأمر يتطلب بطبيعة الحال كثيرا من الوقت لتعميم هذه التجربة في المستشفيات والعيادات واعتمادها في العلاج. لكن النتائج الأولية كانت مبشرة جدا في التجارب التي تمت على الفئران في المختبرات. واستمرت الخلية الأم التي تم حقنها بعد التعديل فترة تقرب من الأشهر الأربعة، وهي المدة التي تستغرقها كريات الدم الطبيعية، وذلك نتيجة لتغيير شفرتها الجينية لتصبح أقرب للكريات الطبيعية، وبالتالي لا يتغير شكلها عند التعرض لنقص الأكسجين، وبالتالي تكسيرها وتراكمها في الأوعية الدموية.
وكان هدف التعاون بين كثير من الجامعات الأميركية هو التوصل إلى تقنية تعتمد بالكامل على الهندسة الوراثية لتعديل الخلية الأم المسؤولة عن تصنيع كرية الدم الحمراء لتنتج خلية سليمة لا تحتوي على هيموغلوبين معطوب. وأوضح الباحثون أنهم سوف يجرون مزيدا من التجارب على أعداد أكبر من الفئران المصابة لاختبار مدى أمان هذه التقنية وتفاعل الجسم معها، وسوف تبدأ التجارب الإكلينيكية على الأطفال في غضون السنوات الخمس المقبلة.
ويرى الباحثون أن نجاح هذه التجربة ربما يفتح المجال واسعا لعلاج كثير من أمراض الدم الأخرى الوراثية التي تحدث نتيجة لخلل جيني أيضا مثل أنيميا البحر المتوسط (الثلاسيميا β-thalassemia)، وربما أيضا علاج بعض الأمراض الأخرى خصوصا الأمراض التي يعاني فيها المريض من ضعف المناعة بشكل حاد مثل مرض الإيدز، حيث إن تعديل الشفرة الجينية يفتح طريقا أمام الملايين من المرضى.
وتأتي أهمية هذه الدراسة من أنها الخطوة التي نقلت أبحاث تعديل الجينات من المختبرات إلى التجارب الإكلينيكية المباشرة على الحيوانات، وأن هذا التعديل تم بطريقة أكثر حداثة وسهولة من التجارب السابقة، خصوصا أن مرض أنيميا الخلايا المنجلية من الأمراض التي تحدث فيها طفرة واحدة single mutation فقط في الجين تؤدي إلى إحداث الخلل وحدوث التشوه في الهيموغلوبين. وبإصلاح هذه الطفرة الوحيدة يكون الطريق للعلاج قد أصبح سهلا.

* استشاري طب الأطفال



دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.