ليبيا: ترويكا عربية وأفريقية وأممية لحل الأزمة

السراج يدعو روسيا إلى رفع حظر السلاح.. والطائرات الأميركية تكثف غاراتها الجوية على تنظيم داعش في سرت

طلاب من قسم الهندسة الكيميائية في جامعة بنغازي يحتفلون أمس بتخرجهم أمام مبنى الجامعة الذي دمر بسبب القتال (أ.ف.ب)
طلاب من قسم الهندسة الكيميائية في جامعة بنغازي يحتفلون أمس بتخرجهم أمام مبنى الجامعة الذي دمر بسبب القتال (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: ترويكا عربية وأفريقية وأممية لحل الأزمة

طلاب من قسم الهندسة الكيميائية في جامعة بنغازي يحتفلون أمس بتخرجهم أمام مبنى الجامعة الذي دمر بسبب القتال (أ.ف.ب)
طلاب من قسم الهندسة الكيميائية في جامعة بنغازي يحتفلون أمس بتخرجهم أمام مبنى الجامعة الذي دمر بسبب القتال (أ.ف.ب)

في حين تم أمس الإعلان عن اتفاق ثلاثي بين الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتشكيل ترويكا بينها، لتشجيع المصالحة الوطنية في ليبيا ودفع الحوار السياسي، وتسهيل عملية تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات في المغرب نهاية العام الماضي، نفذت طائرات عسكرية أميركية سبع ضربات جوية جديدة ضد مواقع تنظيم داعش في مدينة سرت، فيما دعا فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، روسيا إلى المساعدة في رفع الحظر عن السلاح.
وقالت القوات الأميركية، إنها أغارت على مواقع «داعش» في مدينة سرت خلال ثلاثة أيام، استمرارا لدعم العمليات العسكرية لقوات العملية التابعة لحكومة السراج، التي أعلنت من جهتها أنها اكتسحت بعد ثلاثة أيام من المعارك معقلا مهما من آخر معاقل فلول «داعش»، لتغدو بذلك على بعد خطوة من إعلان تحرير مدينة سرت بالكامل، على حد زعمها.
وقال المركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص التي تشنها هذه القوات منذ منتصف العام الجاري، أحكمت قواتنا اليوم السيطرة على عمارات الستمائة بعد مقاومة يائسة من بقايا فلول «داعش» التي تحصنت بالعائلات محاولة إعاقة تقدمنا.
وأشار إلى أن سلاح الجو التابع لهذه القوات نفذ طلعتين جويتين واحدة استطلاعية جنوب سرت، والمنطقة الوسطى والأخرى لنقل الجرحى من المستشفى الميداني سرت إلى مصراتة.
سياسيا، وفي ختام اجتماع ثلاثي لبحث الوضع في ليبيا استضافه أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية بمقر الجامعة، بحضور جاكايا كيكويتي، الممثل الأعلى للاتحاد الأفريقي، ومارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، أكدت الأطراف الثلاثة في بيان رسمي: «أهمية وجود قوة عسكرية وأمنية ليبية متماسكة ومهنية تعمل تحت قيادة موحدة، كما هو منصوص عليه في اتفاق الصخيرات».
وأدانت الأطراف أعمال العنف الأخيرة في طرابلس، ومحاولة الاستيلاء على مقر المجلس الأعلى للدولة، واعتبرت أن هذه الأعمال غير المقبولة تعرقل العملية السياسية وتعوق الانتقال الديمقراطي لليبيا.
إلى ذلك، دعا فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من البعثة الأممية، روسيا إلى المساعدة في رفع حظر السلاح المفروض على ليبيا، والإفراج عن الأرصدة المجمدة، لتتمكن ليبيا من تجاوز أزمتها المالية الحالية. وقال السراج، وفقا لبيان أصدره مكتبه الإعلامي، إنه التقى مساء أول من أمس وفدا روسيا ضم السفير الروسي بطرابلس إيفان مولوتكوف، الذي أعرب عن تطلع بلاده إلى إعادة تفعيل اتفاقيات التعاون بين البلدين، واستعداد الشركات الروسية للعودة إلى ليبيا مع تحسن الوضع الأمني. كما أعرب عن أمله في عودة البعثة الدبلوماسية الروسية للعمل في العاصمة طرابلس في وقت قريب.
ورحب السراج في المقابل بعودة الشركات والاستثمارات الروسية، وأكد رغبة ليبيا في الاستفادة من الخبرات الروسية في مجالات عسكرية وأمنية متعددة، واستعدادها لتفعيل اتفاقيات التعاون وتحديثها وفقا للاحتياجات الحالية.
إلى ذلك، أعلن خفر السواحل الإيطالي إنقاذ نحو 2200 مهاجر قبالة السواحل الليبية، مشيرين إلى العثور على جثث 16 آخرين، ليرتفع بذلك عدد المهاجرين الذين تم إنقاذهم في تلك المنطقة خلال ثمانية أيام إلى 10 آلاف و700 شخص، وإلى 66 على الأقل عدد القتلى والمفقودين.
بينما شرعت نحو ست سفن إنقاذ بإنزال آلاف المهاجرين الذين تم إنقاذهم في الأيام الأخيرة أو كانوا في طريقهم إلى السواحل الإيطالية، تم الإبلاغ عن 21 زورقا بدائيا قبالة السواحل الليبية.
وشارك في عمليات الإنقاذ سفينة وزورقان لخفر السواحل، وملحق مشارك في عملية صوفيا الأوروبية لمكافحة المهرين، وقارب صيد، وأربع سفن تجارية مسيرة من خفر السواحل الإيطالي، وسفن مؤجرة من المنظمات غير الحكومية الألمانية «يوجيند ريتيت»، و«ميندين»، و«سي آي».
وأوضح المتحدث باسم خفر السواحل لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه تم العثور على 16 جثة على متن زوارق عدة، لكن أسباب مقتل هؤلاء المهاجرين غير معروفة. وبحسب الأمم المتحدة، لقي 3 آلاف و700 شخص على الأقل مصرعهم خلال عمليات العبور العام الحالي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».