زايد الزياني لـ«الشرق الأوسط»: رؤى البحرين والسعودية متوازية.. لكن التحديات مختلفة

وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني يكشف عن خطة نوعية لتحويل البلاد إلى وجهة سياحية عالمية

جانب من لقاء «الشرق الأوسط» مع وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني زايد بن راشد الزياني في سفارة البحرين بلندن (تصوير: جيمس حنا)
جانب من لقاء «الشرق الأوسط» مع وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني زايد بن راشد الزياني في سفارة البحرين بلندن (تصوير: جيمس حنا)
TT

زايد الزياني لـ«الشرق الأوسط»: رؤى البحرين والسعودية متوازية.. لكن التحديات مختلفة

جانب من لقاء «الشرق الأوسط» مع وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني زايد بن راشد الزياني في سفارة البحرين بلندن (تصوير: جيمس حنا)
جانب من لقاء «الشرق الأوسط» مع وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني زايد بن راشد الزياني في سفارة البحرين بلندن (تصوير: جيمس حنا)

استقبلنا بنفسه بكل تواضع في السفارة البحرينية وسط لندن. ومن دون مقدمات ورسميات، جلسنا معه بالصالون بعدما استطعنا اختطاف بعض من وقته بعد عودته من الجلسة الأولى للمنتدى البحريني - البريطاني في أمل الاستفسار عن مصير علاقات المنامة بشكل خاص، ودول مجلس التعاون مع بريطانيا و«الأوروبي» بعد خروج حليف الخليج الأكبر منه. ولشدة إلمامه وتفانيه لتحقيق رؤى التنمية في بلده، تحول اللقاء والأسئلة المحددة إلى جلسة «دردشة» مطولة وموسعة مع زايد الزياني.. وزير الدقة والأرقام.
وخلال اللقاء المسكون بالطاقة الإيجابية، كشف لنا وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني، بالإحصاءات المفصلة، عن أبرز مشاريع المملكة لتنمية الناتج المحلي من خلال تطوير القطاعات الصناعية والسياحية والبنكية بجميع جوانبها والاستثمار بالطاقات الشبابية ومنحهم «مسارا واضحا لتحويل أحلامهم إلى نجاحات كبيرة». وحول تشابه رؤى البحرين والسعودية أكد الزياني أنها متوازية، مضيفا أن تحديات المملكتين مختلفة.
وردا على تساؤل «الشرق الأوسط» حول منافسة البحرين مع دبي على مكانة المركز المالي لدول الخليج، أجاب الزياني ضاحكا، وقال: «السوق تتسع لأكثر من لاعب» ولكنه استغل الفرصة للكشف عما يميز البحرين عن غيرها.
وخلال احتسائنا القهوة العربية التي صاحبها التمر البحريني، أطلعنا الوزير على مشاريع البحرين في مجال السياحة أبرزها الجسر الجديد للقطارات والصفقة التاريخية التي ستعيد هيكلة هوية «طيران الخليج». وفيما يلي نص الحوار:
* ما الفرص الجديدة للتعاون بين المملكة المتحدة والبحرين بشكل خاص ومجلس التعاون بشكل عام بعد «بريكسيت»؟
- العلاقات البحرينية البريطانية قديمة جدا؛ إذ نحتفل هذه السنة بمرور مائتي عام على العلاقات بين البلدين وبريطانيا، بالنسبة لنا في البحرين وفي منطقة الخليج بصورة عامة بريطانيا شريك استراتيجي في مجال التجارة والاستثمار والتعاون في كثير من المجالات الأخرى كالدفاع والتعليم. بالنسبة للتغيرات التي تطرأ على الساحة بعد التصويت إلى صالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نحن ننظر لها بوصفها فرصة لبريطانيا لاتخاذ قرارات بمفردها عوضا عن القرارات الجماعية التي كانت ملزمة بها ضمن الاتحاد. وعمق العلاقات بيننا وبين بريطانيا إلى جانب سهولة اللغة والتنقل بينها وبين الخليج، وسهولة التعاون مع حكومة واحدة عوضا عن 27 حكومة، نعتبرها كلها عوامل إيجابية ستمنح زخما وستدفع العلاقات التجارية بين الخليج وبريطانيا إلى الأمام. نحن الآن في مرحلة انتظار بريطانيا لبدء عملية الخروج الرسمية بتفعيل المادة 50 من قانون الاتحاد التي ستليها فترة قد تتجاوز عامين لإنهاء المعاملات.
التقيت وزير التجارة الدولية البريطاني ليام فوكس ثلاث مرات منذ إعلان التصويت، وآخرها كان صباحا. كما زار الوزير البحرين قبل 10 أيام والتقى القيادة. والتوجه بتنمية العلاقات بين البلدين واضح ونعمل على ذلك من خلال مسارين: المسار الثنائي، ومن ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي.
جزء من تطوير العلاقات ليس فقط التركيز على التبادل التجاري، بل تطويره أكثر إلى الاستثمار المشترك سواء كان استثمارا على مستوى فردي أو مؤسساتي، في البحرين وفي بريطانيا. ونحن نتفق تماما أن وجود قاعدة استثمارية كبيرة من الطبيعي أن تنعكس إيجابيا على التبادل التجاري. ولكن الذي يوفره الاستثمار ولا يوفره التبادل التجاري هو العلاقة الطويلة الأمد المستدامة؛ لأن التبادل التجاري يتأثر بعوامل كثيرة كتفاوت أسعار النفط، والأوضاع الأمنية والمنافسة من الدول الثانية واختلاف العملة ولكن وجود الاستثمار يضمن قاعدة أبدية ومنها تخلق فرص جديدة.
* علما بأن بريطانيا هي الحليف الأقوى للبحرين في الاتحاد، ما مصير علاقة البلاد مع دول «الأوروبي» بعد خروج بريطانيا منه؟
- نحن نتفق مع البريطانيين أن تقاربنا معهم ليس على حساب تقاربنا مع دول الاتحاد، وهم كذلك. كل ما هنالك أنهم يعتقدون أن قرارهم بات في يدهم وبإمكانهم التحرك بمرونة أكبر. نرحب بالتعاون معهم ومع أوروبا أيضا. التقرب من جهة لا يعني الابتعاد عن أخرى.
* بحسب تقديرات مجلس التنمية الاقتصادية، من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بنسبة 3.2 في المائة في العام الحالي، وتشير الإحصاءات إلى أن الاقتصاد البحريني ماض بخطى ثابتة رغم التقلبات أبرزها تدهور أسعار النفط والاضطرابات الجيوسياسية. ولكن، كيف تؤثر التحولات السياسية على الأوضاع الاقتصادية في منطقة الخليج والبحرين خاصة؟ وكيف تخطط المملكة للوصول إلى هذا النمو؟
- معدل النمو في منطقة الخليج كلها هو 4.5 في المائة. الآن نمر بظروف صعبة منها انخفاض أسعار النفط. من الممكن القول إن البحرين من الدول السباقة في المنطقة في تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط والوضع السياسي في المنطقة في اليمن وسوريا والعراق.. ولكن بالنسبة للبحرين نرى أن الاقتصاد ما زال في نمو وأن هناك مشاريع مرتقبة على مدار الخمس سنوات المقبلة بقيمة 32 مليار دولار وهو تقريبا الناتج المحلي للبحرين سنويا، ما يعني أننا أضفنا عاما وستنعكس إيجابيا على معدل النمو. كثير من المشاريع تبناها القطاع الخاص وسيكون تأثير تذبذب النفط أقل لأن المشاريع مستمرة. كثير منها يستهدف تطوير البنية التحتية في البحرين تمهيدا لمشاريع ستليها، والآخر يركز على توسعة مشاريع حالية، التي ستخرج منها صناعات تحويلية. وبذلك بإمكاننا القول إن قاعدة الاقتصاد في البلاد في توسع والثقة في الاستثمار عالية. إلى ذلك، تعتبر نسبة نمو 3.2 في المائة بإمكاننا الوصول إليها واقعيا. وقمنا بتحرير سوق العمل بإدخال نظام الكفالة الشخصية للأجانب عن طريق وظيفتهم ونظام العمالة الجزئية للأجانب ونظام الرسوم الإضافية للشركات التي تعدت نسب بحرنة الوظائف وترغب في توظيف أجانب. إلى ذلك تؤكد إحصائية أن عدد العمالة في البحرين ازدادت خلال الستة أشهر الأولى من عام 2016 الحالي، إذ ارتفع عدد البحرينيين بنسبة 1 في المائة وازدادت نسبة الأجانب 8 في المائة، علما بأن معدل البطالة في البحرين أقل من 3 في المائة. وعليه، نما سوق العمل بنسبة 1 في المائة للبحرينيين و8 في المائة للأجانب في النصف الأول من 2016 مع الحفاظ على نسبة البطالة في حدود 3 في المائة. وهنا نستنتج أن الاقتصاد ينمو بوتيرة أسرع من معدل دخول البحرينيين إلى سوق العمل، ما يجبرنا على استقطاب العمالة الأجنبية. وفي الآونة الأخيرة قمنا بتوجيه من القيادة، على أن يكون دورنا في الوزارة بالتعاون مع مجلس التنمية الاقتصادية تحرير الاقتصاد أكثر وفتح المجالات للبحريني وللأجنبي للاستثمار وتسهيل إجراءات تسجيل الشركات. وبعد عام ونصف من التحليل والدراسة بدأنا بحصاد ثمار المبادرة.
* ما أهم نقاط التعاون بينكم وبين مجلس التنمية الاقتصادية؟
- قمنا بتغيير أربعة قوانين خلال العام الماضي بعضها قديم من ستينات القرن الماضي. وأصدرنا قوانين جديدة انعكست إيجابا على البحرين وظهر ذلك في عدد السجلات التجارية في البحرين، اليوم، الذي وصل إلى 93 ألف سجل من 77 ألف سجل أول العام الحالي، ما يؤكد نموا مطردا. وبالإضافة إلى ذلك، قمنا بإطلاق نظام إلكتروني لتسجيل الشركات واسمه «سجلات» وكان معدل المعاملات 8 آلاف معاملة شهريا في السجل التجاري، ووصل في شهر أغسطس (آب) الماضي إلى 19600 معاملة شهريا؛ حيث أصبح بإمكان المراجعين إتمام جميع عمليات التسجيل والسجل التجاري عبر برنامج «سجلات» إلكترونيا من داخل وخارج البحرين. ومنذ تدشين النظام في أبريل (نيسان) 2016 تمكنا من اختصار زمن إصدار السجل والآن الرقم القياسي لذلك 93 ثانية. وكل هذه المؤشرات تؤكد أن الاقتصاد يمشي في الاتجاه الصحيح.
* علما بأن البحرين أعلنت عن إنشاء مناطق جديدة للصناعة بقيمة تصل إلى 128 مليار دولار تقريبًا، وهو ما يؤدي إلى تعزيز ترتيب مركز المملكة اقتصاديا وماليًا على مستوى المنطقة والعالم. إلى أين وصلت تلك المناطق، وكم الوقت المتوقع لتبدأ التشغيل؟
- نواجه في البحرين تحديين بمجال الصناعة، الأول هو الأراضي الصناعية والثاني هو الطاقة، خصوصا الغاز. انتهينا الآن من إعادة هيكلة الأراضي الصناعية وتصدينا لكثير من المخالفات وخلال عام استطعنا حل أكثر من 70 في المائة من المخالفات واسترجعنا كثيرا من الأراضي التي أساء استخدامها بعض الناس لأغراض غير صناعية وخصصناها لمشاريع صناعية جديدة. نحن أيضا في طور إعداد مناطق صناعية جديدة ستكون جاهزة في أواخر 2018 أو في أول 2019 حدا أقصى. في الوقت نفسه، أحد المشاريع الكبيرة في البحرين هو بناء مرفأ للغاز المسال بحلول 2019، وبهذا نكون قد حللنا المشكلتين الرئيستين في القطاع الصناعي وهما تأمين الأراضي الصناعية والطاقة التشغيلية.
* ما الصناعات التي تهم البحرين؟
- رؤية مجلس التمنية الاقتصادية البحريني يرتكز على خمسة قطاعات ولكن هذا لا يعني أننا لا ننظر لقطاعات أخرى. وهي: القطاع المالي والمصرفي بما فيه التكنولوجيا البنكية، والقطاع اللوجستي ونطمح إلى أن تكون البحرين المركز اللوجستي في الخليج، خصوصا لتغذية سوق المملكة العربية السعودية وشمال الخليج وهو السوق الكبرى بحكم موقع البحرين الجغرافي والبنية التحتية الموجودة؛ حيث تم التركيز على قطاع الشحن (برا وبحرا وجوا) والعمليات اللوجستية لجعل البحرين مركزا إقليميا لتخليص البضائع وإعادة تصديرها وتمكنا من التوصل والالتزام بمدة لا تتجاوز 24 ساعة من وصول البضائع حتى تسليمها في المملكة العربية السعودية.
أما القطاع الثالث فهو التصنيع، ونحن نعمل بمواردنا ولكن في 2019 سيزيد مجالنا وستكون قفزة أكبر. القطاع الرابع هو السياحة. والقطاع الخامس هو تكنولوجيا المعلومات والتقنية، ونركز في الوزارة على دعم رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وكثير من المشاريع في هذا المجال عبارة عن ذلك. وتعاونا مع مجلس التنمية الاقتصادية والبنك البحريني في خطة نهوض بهذا القطاع، ومن المهام التي أسندت إلينا بصفتنا وزارة متابعة والإشراف على بورصة البحرين، وأحد الأسباب وراء هذا التوكيل هو أننا نطمح إلى خلق مسار لرواد الأعمال للبدء من أفراد إلى شركة مساهمة بما فيها المراحل التي تتخللها من تمويل. ونمنحهم مسارا واضحا لتحويل حلم إلى نجاح كبير.
* البحرين الأولى في مجال التقنية والاتصالات بالخليج فما الخطط للبقاء في الصدارة؟
- نحاول خلق بيئة محفزة في البحرين لهذا المجال؛ لأن اعتقادنا الراسخ يقوم على تطوير الطاقات الشبابية ودعم الإبداع. حتى ذكر ولي العهد البحريني الشهر الماضي أن الحكومة تتجه لدعم الإبداع الشخصي. وهذا القطاع مجال مفتوح ومرن جغرافيا. أحد الأهداف التي نحاول غرسها في عقول الشباب ألا تفكر بالتوظف بعد التخرج.. بل تطوير التفكير ليكون الخريج هو موفر العمل (صاحب العمل) عوضا عن أن يكون الباحث عن عمل. وبرنامج «تمكين» من أهم المبادرات التي اتخذناها لدعم الشباب، وهو صندوق أسس لدعم البحرينيين وتدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل، وصرف إلى الآن نحو ملياري دولار في 7 سنوات لتدريب البحرينيين، واستفاد منه 35 ألف مؤسسة ومائة ألف بحريني، وهذه الأموال تعتبر استثمارا في الاقتصاد لأنها تعود بفائدة. وتعتبر البحرين من الدول السباقة في المنطقة في عدة مجالات، منها التعليم (نحتفل بمائة عام في عام 2019)، كما بدأ تعليم المرأة في عام 1928. وكلها أمور موجودة، ولكن يتوجب إعادة الاستثمار بها وتحديثها لمواكبة الدول العالمية الأخرى.
* كثير من السبل التي ذكرتها لتنمية الاقتصاد تتوازى مع بنود رؤية المملكة العربية السعودية «2030» في مجال الاقتصاد بما فيها تخفيض الاعتماد على النفط، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، والتعاون بين القطاعين الخاص والعام إلى جانب تشجيع الصناعة المحلية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.. ماذا يمثل لكم التوافق في الرؤى؟
- طبعا البحرين كانت أول دولة في الخليج تطلق رؤية اقتصادية وكان ذلك في عام 2008، الملامح هي تقريبا الشيء نفسه، لأنها المنطقة ذاتها، وكل الحكومات عند تأسيسها كانت تلعب دور الحكومة والمستثمر والممول أي الراعي من الألف إلى الياء.. واليوم ليس ممكنا أن تستمر الحكومات كذلك، وولي عهد البحرين ركز على هذا، وقال إنه من الآن فصاعدا يجب أن تعلب الحكومة دورا رقابيا وتشريعيا مساندا، وقد تلعب دور الشريك ولكن لا تكون هي المحرك الرئيسي للاقتصاد. اليوم الضرورة تحتم على القطاع الخاص أخذ هذا الدور ويكون الاقتصاد مبنيا على أساس أن القطاع الخاص في الصدارة، من دون الاعتماد على النفط الذي سينفق عاجلا أم آجلا. في البحرين يمثل الاعتماد على النفط تحديا أصغر لنا مقارنة بباقي دول مجلس التعاون النفطية، وذلك لأننا بدأنا بتنويع دخلنا منذ الستينات. ولكن تحدينا يكمن في أن البلد صغير ولكن السكان في تزايد. الرؤى متوازية، ولكن بحكم الموقع الجغرافي والتعداد السكاني والاعتماد على النفط، قد تختلف التحديات.
* هل ما زالت البحرين تحتل مكانة المركز المالي لدول الخليج أم سحبت دبي البساط من تحتها؟ وما العوامل التي تميز البحرين عن غيرها؟
- لا أحد يسحب البساط من تحت أحد آخر وهذا ليس تفكير حكومات الخليج. اليوم أصبحت كل الأسواق متداخلة ومتشابكة، وللنمو يجب أن تفكر الدول بالعالمية. وأكبر دليل هو «بريكسيت».. فالدافع الرئيسي الذي دفع بريطانيا للخروج من الأوروبي هو إرادة التحرر من الاتحاد للتحرك وبناء علاقات خارج الأوروبي من دون فقدان العلاقات معه. أعتقد أن حجم السوق يكفي لأكثر من لاعب ودبي عندها استثمار كبير في التجارة ولا بد أن يتوفر قطاع بنكي لدعمه، ولكن لا يعني ذلك ضعف القطاع البنكي في البحرين، بل هو في نمو والمفرح فيه أنه يدار من بحرينيين أي أن فيه استدامة ونموا. واستفادت منه البحرين. وعندنا بنوك في البحرين تفوق نسبة البحرنة فيها الـ90 في المائة. والقطاع البنكي البحريني 70 في المائة منه بحريني. وهذا القطاع يعمل على مستوى عالمي ومهني، وهناك كثير من البحرينيين يعملون في المراكز البنكية العالمية وهم مؤهلون لأفضل الوظائف، وهذا فخر لنا، نحن لا نستورد القطاع، بل نعمل على استدامته ونموه.
* ما زالت مساهمة قطاع السياحة في البحرين دون المستوى المأمول فنسبته تقل عن 5 في المائة من مجمل الناتج المحلي الإجمالي، وذلك وفق آخر تقرير لمجلس التنمية الاقتصادية، بينما في دول مجاورة وصلت النسبة إلى نحو 17 في المائة، ما خطط المملكة لرفع نسبة القطاع السياحي بالنسبة للناتج المحلي؟
قدمنا استراتيجية السياحة إلى ولي العهد واعتمدت العام الماضي. وجزء من الاستراتيجية كان التزاما بتطوير الرقم إلى نحو 7 في المائة بحلول 2018، أي شبه مضاعفة النسبة في غضون ثلاث سنوات.
* كيف تنوون فعل ذلك؟
ابتدأنا بتحليل الوضع الراهن نظرا إلى النواقص والمعوقات وكيفية تصحيحها أو التغلب عليها. وأشارت تحاليلنا إلى أن 70 في المائة من سياحتنا من السعودية، استقبلنا تقريبا 11 مليون مواطن سعودي والرقم الثاني بعد ذلك هو الكويت 700 ألف سائح. والفجوة كبيرة جدا. والجنسيات الأجنبية الأخرى بحدود مليونين ونصف إجمالا. وابتكرنا استراتيجية تدعمها أربعة أعمدة: الهوية السياحية، والجذب السياحي، والمنافذ، والإقامة أو الإيواء.
في مجال الهوية السياحية، أطلقنا حملة جديدة بعنوان «بلدنا بلدكم» داخل وخارج البحرين ولاقت الحملة نجاحا باهرا. وتحت الجذب السياحي يندرج نوعان، وهما المنشآت والفعاليات. وبدأنا تطوير المجالين، ومن الأمور التي ننوي تطبيقها، بناء مركز جديد للمؤتمرات. وقمنا بإطلاق كثير من المهرجانات والفعاليات في البحرين بعضها محلي والآخر بمساهمات أجنبية. وأما في مجال المنافذ فيدخل 83 في المائة من السياح إلى البحرين عن طريق الجسر الذي يربطنا مع السعودية. ويعتبر هذا الجسر الشريان الرئيسي ولكنه بني عام 1986 ولم نتوقع أن يستقبل هذا الكم الهائل من حركة السير. لذلك هناك مشاريع لبناء جسر ثان، جسر الملك حمد، وبالإضافة إلى مسار السيارات، سيتضمن الجسر قطارا لنقل البضائع والمسافرين ليكون جزءا من منظومة الربط الخليجي بالسكة الحديدية. كما نظرنا إلى موضوع التأشيرات وتسهيلها لغير الخليجيين طبعا.. وقمنا بتخفيض تكلفة الفيزا من 25 دينارا إلى 5 دنانير بدءا من الأول من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. كما قمنا بإصدار تأشيرات لمدة سنة وسنتين لرجال الأعمال والمستثمرين. كما قمنا بزيادة عدد الجنسيات التي بإمكانها الحصول على التأشيرة عند الوصول ليصل عدد الدول إلى 47 دولة.
أما في مجال الإيواء فهناك مشاريع لتشييد فنادق أربع نجوم وفنادق ذات واجهة بحرية إلى جانب دعم الاستثمار في مجال تشييد الشقق المفروشة. كما لدينا خطط لتطوير الشواطئ.. لأننا حاليا جزيرة من دون شواطئ وهناك مناقصات لبدء ذلك. ولتنويع جنسيات السائحين في البحرين قررنا الوصول إلى العالمية.. فبعد النظر إلى الأسواق المحتملة، قمنا بتعيين سبع أسواق رئيسية وافتتحنا فيها مكاتب تمثيلية للسياحة، وهي بريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين والهند والمملكة العربية السعودية.
* لماذا وقع اختياركم على هذه الدول؟
لأنها الدول التي نوفر إليها رحلات جوية مباشرة على متن طيران الخليج. ولأن جميعها يحتوي على مؤسسات سياحية وشركات سياحة توفر عروضا للرحلات ولكثافتها السكانية. وفي الخطوة الثانية سنقوم بالتوسع، حتى في أميركا بعد عام 2018؛ إذ سيسير طيران الخليج رحلات مباشرة دون توقف إلى الولايات المتحدة الأميركية عند تسلمها الطائرات الجديدة. وحتى الآن لاقينا نجاحا باهرا، وأصبحنا وجهة عطلة نهاية الأسبوع، لأن معدل المنامة في البحرين تعدى اليومين، ونطمح للوصول إلى أربعة ثم إلى سبعة أيام. ونستثمر حاليا في افتتاح مدارس فندقة وطبخ. ونحن واثقون في أننا سنصل إلى أهدافنا كما بدأنا بتشجيع السياحة الداخلية.
* ما آخر الخطط لتحسين وضع «طيران الخليج» بعد التحديات التي جابهته.. علما بأن تمنية السياحة تستوجب شركة طيران قوية أيضا؟
جراء انسحاب سلطنة عمان وإمارة أبوظبي وقطر، اضطرت البحرين إلى تملك شركة الطيران بأكملها؛ ما رتب على «طيران الخليج» ديونا وخسائر متراكمة وفرض عليها التقشف بطريقة مفاجئة. ولكن في شهر أغسطس الماضي جرى تسديد آخر قسط من الديون. خلال الصعوبات التي مرت بها الشركة، حرصت على ألا نتوقف عن تقديم خدمات الطيران ودفع الأقساط لآخر قرش. واليوم «طيران الخليج» مقبلة على ثورة تحديث وعهد جديد؛ إذ سيتم إضافة 45 طائرة جديدة ابتداء من عام 2018 (16 طائرة من طراز 787 و29 طائرة من طرازي 320 و321). قبل يومين كان لدينا اجتماع للجنة التنفيذية وشغلت منصب عضو فيها، وكان معظم الاجتماع مخصصا للهوية الجديدة والطائرات الجديدة للشركة، وسنعيد إطلاقها بحلة جديدة. واليوم إحدى صعوبات الشركة هي محدودية الأسطول، ومن الصعب عليها التوسع بمحطات جديدة ولكن بوصول الطائرات بين 2018 و2022 سيكون بإمكان الشركة التوسع لوجهات جديدة، ما سيساعد البحرين في السياحة واستقطاب الاستثمارات وترويج البحرين عالميا.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.