العالم يترقب بحذر خطوات الرئيس التركي وسط مخاوف من عصفه بخصومه

أميركا دعت إلى ضبط النفس.. وفرنسا حذرت من اعتبار إحباط الانقلاب «شيكًا على بياض»

الرئيس رجب طيب إردوغان يلوح للمحتشدين، أمس، في أعقاب جنازة 7 ضحايا قضوا في محاولة الانقلاب العسكري مساء الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس رجب طيب إردوغان يلوح للمحتشدين، أمس، في أعقاب جنازة 7 ضحايا قضوا في محاولة الانقلاب العسكري مساء الجمعة (أ.ف.ب)
TT

العالم يترقب بحذر خطوات الرئيس التركي وسط مخاوف من عصفه بخصومه

الرئيس رجب طيب إردوغان يلوح للمحتشدين، أمس، في أعقاب جنازة 7 ضحايا قضوا في محاولة الانقلاب العسكري مساء الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس رجب طيب إردوغان يلوح للمحتشدين، أمس، في أعقاب جنازة 7 ضحايا قضوا في محاولة الانقلاب العسكري مساء الجمعة (أ.ف.ب)

عكست رسائل أطلقتها عدة عواصم غربية، أمس، حالة من الترقب الحذر لردة فعل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تجاه خصومه السياسيين، بعد أن نجح في إحباط تمرد في الجيش الجمعة الماضي. وبينما حث الخارجية الأميركية، تركيا، على ضبط النفس واحترام سيادة القانون، أبلغ جون كيري وزير الخارجية الأميركي نظيره التركي رفض بلاده لـ«تلميحات» بضلوع البيت الأبيض في المحاولة الانقلابية، فيما حذر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، من أن تعتبر القيادة التركية نجاحها في إفشال الانقلاب بمثابة «شيك على بياض» للرئيس إردوغان.
ونجح الرئيس التركي في إفشال محاولة انقلاب مجموعة من ضباط الجيش، على حكمه خلال ساعات، بعد أن دعا أنصاره للاحتشاد في الشارع، وسط إعلان قادة أحزاب معارضة رفضها لتحرك الجيش.
وبدأ السلطات التركية ما بدا أنه «حركة تطهير» لعدد من المؤسسات الرئيسية في البلاد على رأسها الجيش والقضاء. ونقل تلفزيون «إن تي في» عن وزير العدل التركي بكير بوزداج قوله أمس إنه جرى اعتقال ستة آلاف شخص حتى الآن فيما يتصل بمحاولة الانقلاب الفاشلة، ومن المتوقع اعتقال المزيد. ونسب التلفزيون إلى بوزداج قوله: «ستستمر العملية القضائية بشأن ذلك».
واستدعت الخطوات التركية المتلاحقة تعليقات من عدة عواصم غربية طالبت خلالها السلطات التركية بضبط النفس. وحث المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي أمس تركيا على ضبط النفس أثناء تحقيقاتها في محاولة الانقلاب العسكري على السلطة في البلاد.
وسبق رسالة الخارجية الأميركية اتصالاً هاتفيًا بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، نفى فيه الادعاءات بتورط واشنطن في المحاولة الانقلابية، وأكد دعم بلاده للحكومة التركية، بحسب تصريحات للمتحدث باسم الخارجية الأميركية.
وأجرى كيري مساء أول من أمس اتصالاً هاتفيًا بنظيره التركي للتأكيد على دعم بلاده للحكومة التركية بعد الانقلاب العسكري الفاشل الذي استهدفها، وكذلك لإبلاغه رفض الإدارة الأميركية للتصريحات والتلميحات التي اتهمتها بالضلوع في المحاولة الانقلابية.
وكانت الولايات المتحدة سارعت مساء الجمعة إلى إدانة الانقلاب العسكري، وأكدت «دعمها الكامل للحكومة المنتخبة ديمقراطيًا».
وكان الرئيس التركي قد دعا الولايات المتحدة إلى تسليم الداعية فتح الله غولن الذي يتهمه بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية. وردًا على دعوة إردوغان قال كيري خلال زيارة إلى لوكسمبورغ إن واشنطن لم تتلق طلبًا لتسليم غولن، داعيًا السلطات التركية إلى تقديم أدلة ضد المعارض المقيم في الولايات المتحدة.
وفي باريس، بعث وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أمس أيضًا برسالة أكثر وضوحًا، حيث قال إن محاولة الانقلاب في تركيا لا تعني «شيكًا على بياض» للرئيس رجب طيب إردوغان.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي، خلال مقابلة مع شبكة «فرنسا 3» التلفزيونية، أنقرة إلى احترام دولة القانون، وقال آيرولت إن بلاده تريد «أن تعمل دولة القانون بصورة تامة في تركيا»، مشيرًا إلى أن محاولة الانقلاب لا تعطي إردوغان «شيكًا على بياض» لتنفيذ عمليات «تطهير».
وأكد وزير الخارجية الفرنسي أن وزراء الاتحاد الأوروبي سيؤكدون، اليوم (الاثنين)، عند اجتماعهم في بروكسل، على أنه يجب على تركيا الالتزام بمبادئ الديمقراطية الأوروبية.
وتأتي التصريحات الفرنسية بعد ساعات من اعتقال السلطات التركية، 11 عسكريًا، من بينهم قائد قاعدة إنجرليك العسكرية بكير أرجان فان، في مدينة أضنة (جنوب تركيا)، فيما يتصل بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
وفيما يتعلق بالحرب على تنظيم داعش، قال وزير الخارجية الفرنسي إنه ينبغي طرح أسئلة عما إذا كانت تركيا شريكا حيويا في الحرب على «داعش» في سوريا، مضيفا أن «هناك أسئلة تطرح وسنطرحها. إنها (تركيا) حيوية بعض الشيء، لكن هناك شكوكا أيضا. دعونا نكن صادقين حيال هذا الأمر».
من جهتها، ناشدت الحكومة الكندية نظيرتها التركية التعامل وفقا للمبادئ الأساسية للديمقراطية، مشددة على ضرورة تجنب ما وصفته كندا بسياسة «العقوبة الجماعية».
وفي ألمانيا، اعتبر وزير الخارجية الألمانية فرانك - فالتر شتاينماير تهدئة الوضع في تركيا حاليا أمرا مهما بالنسبة للعلاقات الألمانية - التركية بصفة خاصة. وقال شتاينماير في تصريحات لصحيفة «بيلد أم زونتاج» الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر أمس إن «هناك حاليًا 200 ألف زائر من ألمانيا في تركيا، مما يعني أن هناك علاقات ودية وثيقة تربطنا بتركيا، ربما لا تربطنا مع أي دولة أخرى».
لكن الرئيس الألماني يواخيم جاوك قال فيما بدا أنه رسالة مبطنة إلى القادة الأتراك إنه يتوقع من الحكومة التركية أن يتم حماية المبادئ الدستورية والديمقراطية.
وفي غضون ذلك، قال الكرملين، أمس، إنه من المحتمل أن يجري الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لقاء مع نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، في أغسطس (آب) المقبل.
وبحسب بيان من الرئاسة الروسية، فإن بوتين قدم تعازيه لإردوغان في الضحايا المدنيين والأمنيين ممن سقطوا جراء محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، معربًا في اتصال هاتفي مع إردوغان، عن أمله في أن تستعيد تركيا الاستقرار الدستوري والأمني في أقرب الآجال.
وذكر بيان للكرملين أن بوتين أبدى أمله في أن يحظى السياح الروس بالحماية، وفق ما نقلته وكالة رويترز، وهو ما تعهد إردوغان بضمانه.
واستأنفت روسيا وتركيا علاقاتهما، أخيرًا، إثر اعتذار الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان عن إسقاط مقاتلة روسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وهو الحادث الذي أدى إلى توتر غير مسبوق بين البلدين.
ويأتي هذا في وقت أوضحت فيه الخارجية المصرية موقفها مما اعتبر عرقلة مصرية لصدور بيان عن مجلس الأمن بإدانة أعمال العنف التي وقعت في تركيا. وقال مصدر دبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية، بحسب بيان صدر مساء أول من أمس، إن مصر لا يوجد لديها اعتراض على مجمل بيان مجلس الأمن الخاص بإدانة أعمال العنف التي وقعت في تركيا، ولكنها طرحت تعديلاً طفيفًا في إحدى الصياغات.
وأضاف المصدر، بحسب البيان، أن مصر «تستغرب عدم التعاطي إيجابيًا مع التعديل حتى الآن والادعاء بعرقلة صدور البيان».
وأوضح المصدر أن بيان مجلس الأمن المقترح صدوره يتضمن ثلاثة عناصر رئيسية، أولها إعراب المجلس عن قلقه العميق لتطورات الأوضاع في تركيا، والعنصر الثاني هو إدانة المجلس العنف وحالة عدم الاستقرار في تركيا والتأكيد على أهمية إنهاء الأزمة، أما العنصر الثالث فيشير إلى دعوة المجلس لجميع الأطراف لاحترام الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا في تركيا وضبط النفس وتجنب العنف.
وتابع المصدر أن مصر اقترحت «استبدال العبارة الخاصة باحترام الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا في تركيا، بعبارة تطالب باحترام المبادئ الديمقراطية والدستورية وحكم القانون». وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أنه «من المستغرب جدا محاولة البعض تحميل مصر مسؤولية إعاقة صدور بيان به كل تلك المعاني والمضامين، في الوقت الذي اقترحت فيه مصر إجراء تعديل بسيط لا يمس صلب البيان».
وأعرب بيان مجلس الأمن، الذي وضعت الولايات المتحدة مسودته، عن قلق عميق بشأن الموقف في تركيا ودعا الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب أي أعمال عنف أو إراقة دماء. ودعت مسودة البيان أيضًا إلى نهاية عاجلة للأزمة والعودة إلى سيادة القانون.
وتوترت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013، مما أدى إلى تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين. ودأب الرئيس التركي على توجيه انتقادات لاذعة لإدارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».