اندلعت احتجاجات شعبية في عسلوية بإقليم بوشهر، بعد مقتل شاب عربي أول من أمس برصاص الأمن، فيما أكدت السلطات أمس صحة ما تناقلته وسائل الإعلام عن مواجهات واسعة بين متظاهرين وقوات الأمن في إقليم بوشهر ذي الأغلبية السنية جنوب البلاد.
وجاءت أحداث عسلوية، حيث أضخم منشآت الغاز جنوب إيران، غداة توجيه إنذار إلى وزير الداخلية رحمان فضلي، من 18 عضوا في البرلمان الإيراني، بسبب سوء التعامل مع أهل السنة، وإغلاق مصلّيات، ومنعهم من إقامة صلاة العيد في طهران.
وأفادت مصادر محلية بأن عناصر الأمن قتلت شابا إثر تلاسن بينه وبين خفر السواحل في الميناء، عندما كان في طريق عودته من سفينة صيد للأسماك.
بدورها ذكرت وكالة حقوق الإنسان الإيرانية «هرانا» أن محتجين أضرموا النار في عربات تابعة للشرطة الإيرانية، بعد مهاجمة وقفة احتجاجية، وفتح النيران على محتجين غاضبين من مقتل شاب في يوم عيد الفطر.
وأكدت الوكالة في تقريرها، نقلاً عن شهود عيان، جرح عدد من المتظاهرين بنيران الأمن الإيراني، فيما أعلن المساعد الأمني في إقليم بوشهر سيطرة قوات الأمن على الأوضاع في مدينة عسلوية وبلدة النعيمية والقرى المجاورة.
وأضافت المصادر أن الاحتجاجات توسعت بعد قمع وقفة «تجمع سلمي» أمام مركز للشرطة في عسلوية، ووفقا لإحصائية أولية فإن رصاص الشرطة أصاب 5 متظاهرين، حالة اثنين منهم حرجة بسبب خطورة الجروح.
وذكر موقع «علوم الدار» الذي يُتهم بنشر أخبار العرب في الساحل الشرقي للخليج العربي، عبر حسابه في شبكة «تليغرام»، أن السلطات أعلنت حالة الطوارئ أمس، واستدعت وجهاء المنطقة والشيوخ إلى اجتماع مشترك مع المسؤولين المحليين للسيطرة على الأوضاع الأمنية، وإعادة الهدوء إلى المناطق المضطربة.
في هذا الصدد، نقلت وكالة «تسنيم» التابعة للحرس الثوري، أن قوات الأمن فرضت سيطرتها على بلدة النعيمية وعسلوية المتوترة.
ووفقا للموقع، فإن المحتجين طالبوا بـ«إقالة المسؤولين الأمنيين في المدينة ومحاكمة المسؤولين عن الحادث، ووضع حد لتجاوزات الجهات الأمنية». ويعد ميناء عسلوية ذو الأغلبية السنية من أهم المراكز الاقتصادية، حيث يستقر فيها أكبر منشآت لتصدير الغاز في إيران، بسبب القرب من حقل غاز الشمال المشترك بين إيران وقطر في الخليج العربي.
من جهتها، أشارت المصادر الرسمية الإيرانية، إلى سقوط قتيل على الأقل وجرح اثنين آخرين، كما قال قائد الشرطة في إقليم بوشهر إن قواته فتحت النار على مهربين في بلدة النعيمية. ومن جانبه، قال المدعي العام في إقليم بوشهر علي حسن بور، إنه لم يعثر على أدلة تثبت صحة ما أعلنه قائد الشرطة حول إطلاق النار على مهربين. وعقب ذلك أصدرت الشرطة الإيرانية بيانا أمس دعت فيه إلى ضبط النفس، كما وصفت التقارير التي تناقلتها المواقع الإيرانية بـ«الكاذبة» واتهمتها بتحريض الرأي العام.
وارتبط اسم ميناء عسلوية خلال العام الماضي بالإضرابات العمالية الواسعة، احتجاجا على الأوضاع المعيشية وتأخر السلطات في دفع الرواتب. كما أن سكان المنطقة يتهمون السلطات بتهميش أبنائهم في الوظائف والاعتماد على الوافدين من المناطق الإيرانية الأخرى، في محاولة للإخلال بالتركيبة السكانية.
ويواجه سكان المنطقة، كغيرهم من الأحوازيين العرب وأبناء الشعوب الأخرى في إيران، مضايقات السلطات بسبب انتمائهم المذهبي والعرقي، كما تحرمهم السلطات من ممارسة الشعائر الدينية والتواصل مع أقاربهم في دول مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن فرض رقابة أمنية مشددة على أبناء المنطقة، وبخاصة في الجزر القريبة من عسلوية بالخليج العربي.
وتستقر فروع تابعة لشركة «خاتم» الذراع الاقتصادي للحرس الثوري الإيراني في المنطقة، كما أنها تعتبر أهم المستثمرين في المنشآت النفطية منذ بداية الاستثمار الإيراني في حقل الشمال، وبينما يعاني أهل المنطقة من البطالة والتمييز في الوظائف، فإن شركات الطيران الإيرانية تنقل يوميا آلاف الموظفين من طهران وأصفهان.
في المقابل، قدمت وكالات الأنباء الحكومية الإيرانية رواية مغايرة للصور التي تناقلتها مواقع محلية وشبكات التواصل الاجتماعي، وأفادت وكالتا «مهر وفارس» في تقارير متباينة بأن اشتباكات حدثت بين عناصر الأمن ومهربين في عسلوية.
وجاء في بيان ثان أصدرته الأجهزة الأمنية أمس حول الأحداث، أن الشرطة الإلكترونية «فتا» فتحت تحقيقا لمعرفة المصادر التي تناقلت الأخبار والصور والمقاطع المصورة حول الحادث، فيما تناقلت شبكات التواصل الاجتماعي صورا قالت إنها تظهر لحظات من دخول قوات إضافية إلى مدينة عسلوية وبلدة النعيمية.
وجدير بالذكر أنه خلال اليومين الماضيين أصدر الأمن الإيراني ما لا يقل عن 3 بيانات لشرح ملابسات الأحداث في عسلوية.
في سياق متصل، نشب حريق هائل في مصفى معشور للبتروكيماويات، الذي يعتبر ثاني أكبر مصافي النفط في الأحواز جنوب غربي البلاد، وبينما لم تعرف أسباب الحريق المستمر منذ أول من أمس، إلا أن الجهات الرسمية قالت إنه حدث نتيجة انفجار بسبب ارتفاع درجة الحرارة خلال اليومين الماضيين.
وأكدت وكالات أنباء رسمية أمس، تجدد الحريق في منشأة «ابن سينا» الواقعة في المنطقة الحرة بميناء معشور، بعدما قالت، في وقت متأخر أول من أمس، إنها سيطرت على الحريق، فيما تطرقت التقارير بحذر إلى أسباب اندلاع الحريق.
وقال المدير التنفيذي في شركة الصناعات البتروكيماوية في معشور عادل سليم نجاد، إن «الحريق مستمر ليومين إضافيين على الأقل، مضيفا أن فرق الإطفاء تعجز عن إطفاء الحريق قبل انتهاء الخزان الذي نشب فيه الحريق».
وتعتمد إيران على مصفاة معشور بشكل أساسي في إنتاج الوقود والمنتجات البتروكيماوية التي تستهلكها المصانع الإيرانية، كما تعتبر معشور من أهم منافذ الاستيراد والتصدير في الجانب الإيراني من الخليج العربي.
وعلى الرغم من أن العرب يشكلون أكثر من 90 في المائة من سكان أهم مدينة استراتيجية في الاقتصاد الإيراني، فإن المهاجرين العاملين في المنشآت النفطية والدوائر التابعة للجمارك والموانئ، يملكون الأفضلية في الامتيازات.
من جانبها، أفادت وكالة أنباء «إيرنا» الرسمية، أن الحريق نشب إثر ارتفاع درجة الحرارة وتسرب البترول من مخزن في المنشأة، ما أدى إلى اتساع نطاقه. ولم تذكر طهران حجم الخسائر المادية والبشرية بعد يومين من توسع نطاق الحريق، لكن وكالة «تسنيم» ذكرت أن خلية أزمة في المدينة كانت قد حذرت من تجدد النيران واتساع نطاقها، وطالبت بإجلاء العاملين من منشأة «ابن سينا» التابعة لمصفاة معشور للبتروكيماويات.
وعلى مدى اليومين الماضيين تناقلت مواقع رسمية إيرانية مقاطع مصورة من الحريق، الذي التهم أهم أجزاء المنشأة، ولم تذكر المواقع الإيرانية تأثير الحريق على أداء المصفاة.
وشهدت المدينة خلال الآونة الأخيرة أكبر إضرابات في قطاع النفط في إيران، بسبب مشكلات معيشية يعاني منها العمال في المصفاة، كما أن المصفاة أعلنت طرد عدد من العمال العرب خلال الفترة الأخيرة.
توتر في عاصمة الغاز الإيراني.. وجرحى وقتلى في صفوف العرب برصاص الأمن
متظاهرون غاضبون أضرموا النيران في سيارات الشرطة عقب قمعها احتجاجًا سلميًا
توتر في عاصمة الغاز الإيراني.. وجرحى وقتلى في صفوف العرب برصاص الأمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة