الأمم المتحدة تحذر: عدد المحاصرين في الفلوجة قد يصل إلى 90 ألفًا

إعادة هيكلة مجلس الأنبار وجبهة إصلاح جديدة لضرب الفساد

جندي عراقي من قوات مكافحة الإرهاب على دبابة في حي الشهداء بمدينة الفلوجة أمس (أ.ب)
جندي عراقي من قوات مكافحة الإرهاب على دبابة في حي الشهداء بمدينة الفلوجة أمس (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تحذر: عدد المحاصرين في الفلوجة قد يصل إلى 90 ألفًا

جندي عراقي من قوات مكافحة الإرهاب على دبابة في حي الشهداء بمدينة الفلوجة أمس (أ.ب)
جندي عراقي من قوات مكافحة الإرهاب على دبابة في حي الشهداء بمدينة الفلوجة أمس (أ.ب)

قالت الأمم المتحدة إن أعداد المحاصرين في مدينة الفلوجة، التي يسيطر عليها تنظيم داعش، قد يقدر بتسعين ألف شخص. وكان تقدير سابق قد عبر عن احتمال وجود 50 ألف محاصر داخل ثاني أكبر مدينة في محافظة الأنبار، والتي تقع غرب البلاد.
وقالت منسقة العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في العراق، ليز جراند، إن من نجحوا في الخروج من المدينة أعطوا انطباعًا بأن عدد من لا يزالون في الداخل يتراوح بين 80 و90 ألفا. وأضافت جراند أن أكثر من 20 ألف شخص فروا من المدينة في ظروف «بالغة الصعوبة». إذ اضطر بعضهم للسير لأيام ومواجهة نيران تنظيم داعش إلى أن وصلوا إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية. بينما لم ينجح بعضهم في الوصول بعد أن غرقوا لدى محاولتهم عبور نهر الفرات. ووصل عدد هؤلاء إلى 10 أشخاص.
ووجهت المسؤولة الأممية نداء عاجلاً لتمويل عمليات الإغاثة في العراق، مؤكدة على أن ما تم توفيره لا يتجاوز 30 في المائة من 860 مليون دولار طلبتها الأمم المتحدة. وعبرت عن العجز عن توفير المساعدات ما لم تحصل الأمم المتحدة على التمويل العاجل. وقالت: «من الصعب أن نفهم كيف للمجتمع الدولي أن ينفق كل هذه الأموال في عملية عسكرية ثم يهمل الضحايا».
وكان الجيش العراقي قد بدأ في 23 مايو (أيار) هجومًا مسلحًا لطرد عناصر تنظيم داعش من الفلوجة التي لا تزال تحت الحصار، ولا تصلها أي إمدادات منذ نحو ستة أشهر.
وفي ظل تصاعد وتيرة العمليات العسكرية لتحرير الأنبار من قبضة «داعش»، انبثق تحالف سياسي جديد داخل مجلس المحافظة يهدف إلى إصلاح الواقع السياسي والخدمي وتقويم المؤسسة الشرعية في المحافظة. وسيعمل المجلس على إحداث تغييرات تشمل رئاسة المجلس والحكومة المحلية ورؤساء الدوائر العاملة في المحافظة ضمن عملية إصلاحية شاملة. وقال عضو مجلس محافظة الأنبار ورئيس كتلة الإصلاح جاسم محمد حمد الحلبوسي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوضاع المأساوية والفساد الإداري وانعدام تقديم الخدمات بشكل كامل لأهالي محافظة الأنبار دعانا إلى تشكيل جبهة الإصلاح من أجل تغيير هذا الواقع المأساوي الذي يعيشه أكثر من مليون مواطن بين مهجّر ونازح وقابع في قبضة تنظيم داعش؛ لذا قرر 17 عضوا من أعضاء مجلس المحافظة تشكيل جبهة إصلاح، ستقوم بإعادة ترتيب المجلس، ومن ثم تغيير القيادات التي لم تعمل لصالح المحافظة وأهلها».
وأضاف الحلبوسي «إن مجلس المحافظة سيقوم باستدعاء رئيس المجلس من خلال جلسة استجواب، وإن لم يقتنع الأعضاء بطروحاته ستتم إقالته على الفور. وربما سيقبل المجلس طلب إعفائه من المنصب قبل جلسة الاستجواب التي من المقرر انعقادها يوم الأحد المقبل، ثم سيتجه المجلس لتغيير شامل في حكومة الأنبار المحلية التي عجزت عن تقديم ما ينتظره منها أهالي الأنبار خلال الفترة الماضية».
كما ستقوم الجبهة بترشيح شخصيات لتسلم إدارة المؤسسات الحكومية والخدمية في المحافظة من أجل النهوض بالواقع الذي تعيشه محافظة الأنبار، خاصة بعد التدمير الذي طال بنيتها التحتية جراء سيطرة «داعش» على معظم مناطق ومدن المحافظة.
إلى ذلك، طالب مجلس محافظة الأنبار وحكومتها رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بسحب ميليشيا الحشد الشعبي من أطراف مدينة الفلوجة على الفور، وإسناد مهمة تحرير المدينة لقوات الجيش والشرطة ومقاتلي عشائر الأنبار بعد الانتهاكات التي راح ضحيتها المئات من أهالي المدينة بين قتيل ومختطف. وعقد مجلس محافظة الأنبار وحكومتها وأعضاء في البرلمان العراقي من ممثلي محافظة الأنبار اجتماعا أمس (الأربعاء) لبحث الانتهاكات التي مورست بحق أهالي الفلوجة بعد خروجهم من قبضة تنظيم داعش. وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «هؤلاء الذين فروا من التنظيم المتشدد وجدوا أنفسهم أمام إجرام آخر نفذته عناصر وفصائل تابعة للحشد الشعبي مارست أبشع أنواع التعذيب بحق أبناء الفلوجة والصقلاوية والكرمة»، وراح ضحيتها المئات من أبناء الفلوجة «بين مغدور ومعذب جسديا وأكثر من 2500 معتقل». وأضاف كرحوت «لقد قررت حكومة الأنبار ومجلسها وقادتها السياسيون مطالبة رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة بسحب ميليشيا الحشد الشعبي بالكامل من الفلوجة وكل مدن الأنبار، وإناطة تحرير الفلوجة وباقي مدن الأنبار الواقعة بيد تنظيم داعش الإرهابي لقوات الجيش والشرطة المحلية ومقاتلي عشائر الأنبار فقط».
من جانبها، أكدت النائب في البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار، لقاء وردي، عدم السماح للحشد الشعبي المشاركة في تحرير مدينة الفلوجة، حتى يحسب النصر للقوات الأمنية، ويكون تواجد الحشد الشعبي في أطراف المدينة فقط. وقالت، إن عملية تحرير الفلوجة وصلت إلى ذروتها، وأن هناك خطة قد وضعت لتحرير الفلوجة خلال اليومين المقبلين، حيث ستشارك قيادة العمليات المشتركة، وقيادة عمليات الأنبار، وجهاز مكافحة الإرهاب، وقيادة شرطة الأنبار، ومقاتلو العشائر في المحافظة. وأضافت وردي «أصبحنا نخشى على حياة المدنيين في داخل الفلوجة وخارجها؛ فالسكان أصبحوا بين مطرقة (داعش) وسندان نيران وممارسات عناصر الحشد الشعبي؛ لذا نخشى وقوع ضحايا من المدنيين. وأكدنا سحب قوات الحشد الشعبي على الفور من أجل الحفاظ على أرواحهم، وألا يكون هناك استهداف عام لهم»، موضحة أن «المواطنين ليسوا أحرارا في مدينة الفلوجة؛ لأنهم مستهدفون من (داعش) ونعول على الأجهزة الأمنية بتفعيل الجهد الاستخباراتي لتجنيب استهداف المدنيين».
ميدانيا، أكد قائد عمليات تحرير الفلوجة اللواء الركن عبد الوهاب الساعدي، استمرار القوات الأمنية في عمليات التقدم لتحرير مدينة الفلوجة، مؤكدا أن قواته أصبحت على بعد ثلاثة كيلومترات من مركز المدينة. وقال الساعدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» «إن قطاعاتنا المسلحة تمكنت من تحرير منطقة حي الشهداء الثانية ومنطقة جبيل عند المحور الجنوبي للمدينة. وهي الآن تشتبك مع مسلحي تنظيم داعش في حي الشهداء الأولى، حيث وصلت قواتنا إلى داخل المدينة وأصبحت على بعد ثلاثة كيلومترات من مركزها».
وألحقت القوات خسائر بشرية في صفوف تنظيم داعش؛ فقد قتلت ثمانين مسلحا من عناصره في عمليات نوعية من قبل جهاز مكافحة الإرهاب والأفواج التكتيكية التابعة لشرطة الأنبار، مشددا على أن «الفلوجة أصبحت بمتناول اليد، ولا تحتاج سوى بعض الوقت لتطهيرها وتحريرها بالكامل».
من جانبه، قال قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية بصنوفها المختلفة تتأهب لشن هجوم واسع لاستعادة مناطق الحصي والحلابسة والبو علوان والفلاحات والصبيحات جنوب الفلوجة وغربها، بالتزامن مع قصف عنيف للطيران الحربي على تلك المناطق».
وأضاف المحلاوي، أن «القوات الأمنية طوقت المناطق المستهدفة ومن محاور مختلفة وقطعت كافة طرق إمداد (داعش)»، مبينا أن «الحملة على هذه المناطق تأتي بالتزامن مع انهيار معنويات عناصر التنظيم الإجرامي وهرب عدد من قيادييه خارج المدينة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».