قلق أممي على حياة المدنيين في الفلوجة بعد مشاركة الحشد الشعبي

القصف العشوائي يخلف 181 ما بين قتيل وجريح أغلبهم من الأطفال والنساء

قلق أممي على حياة المدنيين في الفلوجة بعد مشاركة الحشد الشعبي
TT

قلق أممي على حياة المدنيين في الفلوجة بعد مشاركة الحشد الشعبي

قلق أممي على حياة المدنيين في الفلوجة بعد مشاركة الحشد الشعبي

وسط انطلاق العمليات المشتركة لمعركة فلوجة، التي انطلقت أمس، تزايد قلق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بشأن أمن المدنيين بعد إعلان مشاركة الحشد الشعبي في المعركة.
وأصدرت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بيانات، مساء أمس، ناشدتا فيها الأطراف بحماية المدنيين الذين يواجهون صعوبة شديدة للحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية ومعرضين للاستخدام كدروع بشرية.
ومن جانبه، قال رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي النائب رعد الدهلكي لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما يحدث في مدينة الفلوجة هو عمليات انتقامية وحشية تستهدف أرواح الأبرياء؛ لأنهم من المكون السني فقط ليس إلا، وما عمليات القصف الوحشي والعشوائي الذي تشنه قوات الميليشيات للحشد الشعبي الموجودة على حدود المدينة إلا دليل واضح على تنفيذ عمليات انتقامية ستشق الصف بين مكونات الشعب العراقي من أجل تنفيذ أجندات خارجية».
كما تابع بالقول: «نحن كنا نطالب ونأمل بسرعة تحرير مدينة الفلوجة وإنقاذ أهلها المحاصرين جوعا ويتعرضون للموت حرقا من خلال البراميل المتفجرة، وطالبنا بتحرير المدينة بواسطة القوات الأمنية العراقية من الجيش والشرطة وأبناء الأنبار الذين تمكنوا من تحرير كبرى مدن المحافظة وهي مدينة الرمادي، وتوجهوا إلى تحرير مدينة هيت بعمليات عسكرية متميزة وبخسائر تكاد لا تذكر، فلماذا هذا الإصرار الحكومي على مشاركة الحشد الشعبي في معركة محسومة أصلا لصالح قواتنا الأمنية؟».
وأضاف الدهلكي: «صرنا نسمع اليوم بوجود الجنرال الإيراني قاسم سليماني قرب الفلوجة واجتماعه بقيادات من الحشد الشعبي، وكل هذه أكاذيب وتأويلات مغرضة الهدف منها زعزعة الشارع السني العراقي الذي يرفض تماما تدخلات إيران وغير إيران في الشأن السياسي والعسكري العراقي».
وأشار إلى أن «نحن نعلم جيدا بعدم وجود سليماني في المنطقة ولكن هذه الأخبار تؤكد لنا أن هناك من يريد خلق رعب في صفوف أهالي مدينة الفلوجة وباقي المدن، كما أن هناك مقاطع فيديو تم نشرها تحرض على قتل جميع المدنيين في داخل مدينة الفلوجة، ووصفهم أحد قادة الميليشيات بالإرهابيين ويجب قتلهم جميعا بمن فيهم العلماء، وهذا التصريح غاية في الخطورة، ويجب على الحكومة العراقية والقيادات العسكرية منع تلك التصريحات ومعاقبة من يدلون بها».
وعن وجود قوات الحشد الشعبي، قال الدهلكي: «إننا نطالب بسحب قوات الحشد الشعبي فورا من أطراف الفلوجة ووقف عمليات القصف الوحشي الذي تسبب في حصد أرواح مئات الأبرياء من أهالي المدينة المنكوبة، وهنا أطالب المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والدولية بالتدخل الفوري، وأخذ دورها في عمليات إنقاذ عشرات الآلاف من الأهالي المحاصرين داخل الفلوجة، الذين كنا قلقين جدا على حالتهم المعيشية بعد النفاد التام في الغذاء والدواء، واليوم ازداد قلقنا على أرواحهم بعد سقوط آلاف الصواريخ والقذائف عليهم على مدار الساعة».
وكشف المتحدث الرسمي لقيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الزبيدي لـ«الشرق الأوسط» أن «المرحلة الثانية من مراحل تحرير مدينة الفلوجة انطلقت اليوم (أمس) بعدما تم عزل المدينة بالكامل بعد تحرير قضاء الكرمة، التي كانت من خلالها تتم عملية وصول التعزيزات العسكرية للمسلحين داخل المدينة».
ومن جانبه، أكد مصدر طبي في مستشفى الفلوجة وصول أكثر من 61 قتيلا وإصابة أكثر من 120 آخرين جراء القصف الكثيف بالراجمات والمدفعية والصواريخ شديدة الانفجار لأحياء متفرقة من المدينة.
من جهة أخرى، تمكنت عائلات من أهالي مدينة الفلوجة من الخروج من المدينة والإفلات من قبضة تنظيم داعش والقصف الوحشي، وقال عضو المجلس المحلي لناحية عامرية الفلوجة خضير الراشد لـ«الشرق الأوسط»: «إن أكثر من 75 عائلة من العائلات المحاصرة داخل مدينة الفلوجة تمكنت من الهرب من قبضة مسلحي تنظيم داعش الإرهابي ووصلت إلى القوات الأمنية المتمركزة عند المحور الجنوبي لمدينة الفلوجة».
وأضاف الراشد أن «العائلات وعلى الرغم من تمكنها من الإفلات من قبضة المسلحين، فإنها تعرضت إلى إطلاق نار من قبل عناصر التنظيم الإرهابي وبصورة عشوائية، ما تسبب في خلق حالة من الرعب بين الأطفال والنساء، ولكنهم أصروا على مواصلة الطريق والوصول إلى القطعات العسكرية من دون وقوع أي إصابات بينهم، وبدورها قامت قواتنا بنقل العائلات على الفور إلى المناطق الآمنة، وقدمت لهم المساعدات الطبية والغذائية، ومن ثم قامت بإيصالهم إلى ناحية عامرية الفلوجة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.