قبل عدة سنوات، غزت المسلسلات المدبلجة، خصوصا التركية منها، وما زالت، القنوات الفضائية العربية، لتغطي ساعات البث الطويلة لها، وكانت الدبلجة، وما زالت، بأصوات فنانين سوريين، منهم من عمل بالدوبلاج كنوع من أنواع الدراما، فكان يشارك فيها عندما يكون لديه الوقت مع أدائه لأدواره في المسلسلات التلفزيونية السنوية، فيما عمل الكثيرون فيها كمصدر رزق لهم، بسبب تغييبهم عن التمثيل في المسلسلات لأسباب كثيرة، أبرزها الشللية التي تحكم الوسط الفني السوري.
وفي ظل الأزمة السورية، ومع الوضع الاقتصادي الصعب، ظلّ الفنانون المدبلجون يعملون مع شركات الإنتاج التي زادت من نشاطاتها وتنوعت، فلم تقتصر على دبلجة المسلسلات التركية، بل الهندية والأميركية اللاتينية والأوروبية وغيرها، واستغلتهم ماديًا لمعرفتها بحاجتهم للمال للعيش بأدنى حد ممكن، مما اضطر العشرات من الفنانين المدبلجين لرفع الصوت، وتشكيل تجمع لهم تحت عنوان (صوتنا فن)، وقاموا بحملة واسعة مستثمرين صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها لتحقيق مطالبهم، وهذا ما تحقق لهم أخيرا.
رئيس التجمع الوليد والمبادر الرئيسي له، الفنان إياس أبو غزالة، تحدث شارحًا ولادة التجمع الفني الجديد لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «ولدت فكرة تأسيس هذا التجمع من خلال الظلم الذي لحق بفناني الدوبلاج، حيث ظلت شركات الإنتاج تعطيهم أجورهم كما كانت قبل الأزمة في حين أن الدولار تضاعف أكثر من عشر مرات مقابل الليرة السورية في سنوات الأزمة الخمس.
والمعروف أن شركات الإنتاج تبيع المسلسلات المدبلجة بأصواتنا بالدولار الأميركي، مما يعني أنها لم تتأثر بانخفاض قيمة الليرة السورية أمامه، فيما تحاسبنا بسعر الليرة كما كان قبل الأزمة. من هنا، فما نأخذه كان بالكاد يكفي أجرة الطريق للوصول إلى استوديو الدوبلاج، وكانت المبادرة مني بدعوة كل الفنانين الذين يعملون بالدوبلاج إلى اجتماع، كقطاع خاص، دون الرجوع لنقابة الفنانين، أو لأي جهة أخرى، حيث استأجرت نادي الفيحاء الرياضي بمشروع دمر غرب دمشق، وأمهلنا شركات الإنتاج عشرة أيام إذا لم ترفع أجورنا خلالها سنقاطعها، ولن نعمل معها، وأطلقنا على التجمع الذي تأسس من الاجتماع اسم (صوتنا فن)، وبالفعل رضخت الشركات لمطالبنا، ورفعت أجورها، وعندما علمت نقابة الفنانين بتجمعنا ومطالبنا دعمتها، وأصدرت بيانًا دعمت الحراك الذي قمنا به.
وإجابة عن سؤال حول عددهم عند تأسيس التجمع، قال أبو غزالة: «كان العدد 170 فنانًا، ولكن بعد نجاح اجتماعنا التأسيسي، وتحوله لجهة مدافعة عن فناني الدوبلاج، صار كل من يعمل بفن الدوبلاج يريد الانتساب إلى تجمعنا، وهذا ما يحصل بالفعل حاليًا، ومن هؤلاء فنانين أكاديميين من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، وبعد هذا النجاح سنقوم بإجراء انتخابات لتشكيل مجلس إدارة للتجمع يمثلنا أمام الشركات الإنتاجية، وأمام الجهات المعنية، كنقابة الفنانين والإعلام».
وعن مستقبل التجمع الوليد، يرى أبو غزالة أن الدوبلاج فن قائم بذاته، كغيره من فنون الدراما، ولذلك سيعمل التجمع إلى جانب حماية أعضائه ماديًا على تقريب الدوبلاج للناس، والتوضيح لهم بأنه فن عالمي موجود في كثير من دول العالم، وفي العالم العربي كذلك، ولكن نحن في سوريا كنا المتفوقين في المسلسلات المدبلجة، وبشهادة المعنيين، بسبب محبة المشاهدين العرب للهجة السورية الشامية التي تدبلج فيها المسلسلات التركية وغيرها.
«صوتنا فن».. أول تجمع لفناني «الدوبلاج» السوريين لحماية حقوقهم
انطلق بـ170 فنانًا.. ويزداد حاليًا بعيدًا عن نقابة الفنانين
«صوتنا فن».. أول تجمع لفناني «الدوبلاج» السوريين لحماية حقوقهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة