«أطباء بلا حدود» تحذر من وضع حرج يعانيه 100 ألف نازح إلى أعزاز

معارك حلب تفاقم الوضع الإنساني

«أطباء بلا حدود» تحذر من وضع حرج يعانيه 100 ألف نازح إلى أعزاز
TT

«أطباء بلا حدود» تحذر من وضع حرج يعانيه 100 ألف نازح إلى أعزاز

«أطباء بلا حدود» تحذر من وضع حرج يعانيه 100 ألف نازح إلى أعزاز

حذّرت منظمة «أطباء بلا حدود» من الوضع الحرج الذي يعيشه أكثر من 100,000 شخص عالقين في منطقة أعزاز التابعة لمحافظة حلب شمال سوريا، والذين حوصروا بين جبهة مشتعلة لتنظيم «داعش» والمناطق التي يسيطر عليها الأكراد والحدود التركية، علمًا بأن الحدود مغلقة منذ عام أمام الجميع باستثناء السوريين الذين يعانون من إصابات خطيرة جدًا وبعض الطواقم الإنسانية التي تتطلب أذونًا خاصة.
وتفاقم الوضع الإنساني في الشمال، إثر ثلاث جبهات اندلعت قبل أسبوعين في شمال مدينة حلب وجنوبها، وانخرطت فيها أربعة أطراف رئيسية هي النظام و«داعش» و«جبهة النصرة» وحلفاؤها من فصائل المعارضة السورية، وقوات كردية في منطقة الشيخ مقصود. ودفع تجدد القتال العنيف خلال الأسبوع الماضي بأكثر من 35,000 شخص إلى الفرار، إما من مخيمات للنازحين سيطر عليها تنظيم «داعش» أو نظرًا لقربهم الشديد من جبهات القتال، في حين تجمّع أكثر من مائة ألف شخص في مناطق حدودية مع تركيا على بعد سبعة كيلومترات فقط من الاشتباكات.
وقال الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي في سوريا باول كرزيسيان أن الوضع الإنساني في حلب يستمر بالتدهور وخصوصًا في الريف الشمالي وفي حي الشيخ مقصود، حيث تندلع معارك عنيفة، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «تقارير عن موجة جديدة من النزوح في الريف الشمالي»، لكن «لا نعرف مستوى هذه الموجة، نظرًا لعدم القدرة على الوصول إلى المنطقة».
وقال كرزيسيان أن أولوية الصليب الأحمر والهلال الأحمر في الوقت الراهن، هي «إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة، كما فعلنا في الأسابيع الماضية»، مشيرًا إلى أن ذلك «يبدو تحديًا في الوقت الراهن في ظل اشتداد المعارك». وأدى القتال إلى إقفال الكثير من المرافق الطبية نظرًا لفرار العاملين الطبيين جراء اقتراب الاشتباكات، علمًا بأن مستشفى أطباء بلا حدود الذي يضم 52 سريرًا والواقع في منطقة أعزاز شمال البلاد لا يزال يعمل ويعطي الأولوية للحالات الطارئة.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة بعثة المنظمة إلى سوريا موسكيلدا زانكادا: «ها نحن نرى مجددًا عشرات الآلاف من الناس وقد أجبروا على الفرار وبالكاد يجدون ملاذًا آمنًا، فهم عالقون وسط هذا النزاع الدموي الوحشي. وتعمل طواقمنا الطبية في ظل ظروف صعبة بشكل يفوق التصور، وقد قررنا نظرًا لشدة الأزمة أن نركز على المداخلات الطارئة التي من شأنها إنقاذ حياة الناس، وقد عاينا الأسبوع الماضي ما يقرب من 700 مريض في غرفة الطوارئ بينهم 24 جريح حرب».
وإذ جددت منظمة «أطباء بلا حدود» دعوتها للأطراف المتحاربة إلى احترام المرافق المدنية والصحية، أعربت عن اعتقادها بأن هناك تناقضًا مجحفًا بين الأوضاع في شمال سوريا وبين الأولويات الحالية للاتحاد الأوروبي فيما يخص اللاجئين السوريين. وقال مدير برامج «أطباء بلا حدود» في الشرق الأوسط بابلو ماركو: «من غير المقبول أن تركز الجهود الحالية للاتحاد الأوروبي على كيفية إعادة اللاجئين السوريين إلى تركيا بدلاً من كيفية ضمان سلامة وحماية الناس المتكدسين على الحدود التركية السورية». ودعت المنظمة الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى العمل معًا لإيجاد حل إنساني لهذه الحالة الطارئة بما يضمن حماية الناس الذين يفرون للنجاة بحياتهم.
إلى ذلك، أعلن ناشطون سوريون أن الطيران الحربي النظامي استهدف مستشفى ميداني في مدينة تلدو الخاضعة لسيطرة المعارضة في سهل الحولة بريف حمص الشمالي، ما أدى إلى مقتل مدنيين وخروج المشفى الميداني فيها عن الخدمة.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن الناشط الإعلامي المعارض عبد الغفار الحمصي، قوله إن الطيران شن ست غارات على أحياء تلدو والمشفى الميداني، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين بينهم عامل في المشفى، إضافة لخروجه عن الخدمة بسبب الأضرار التي لحقت به.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».