شهد مطلع عام 2015 رحيل سادس ملوك السعودية الملك عبد الله بن عبد العزيز، وتحديدا في الثالث والعشرين من يناير (كانون الثاني). واختصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي تولّى مقاليد السلطة في بلاده عقب وفاة الملك عبد الله، الحديث عن الملك الراحل في كلمة، عزى فيها الشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية بقوله: «إن فقيد الأمة الغالي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمضى حياته مبتغيًا طاعة ربه، وإعلاء دينه، ثم خدمة وطنه وشعبه، والدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية».
نجح الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، في وضع بلاده قطبًا مؤثرًا في جميع المحافل الدولية، وساهمت رؤية الملك الذي وُصف بـ«رائد التنمية الحديثة ورجل القرارات الفاعلة» في جعل السعودية رمزًا للدولة العصرية التي تتمسك بثوابتها وموروثها الديني والثقافي، ولا تتنازل عن خصوصيتها، في حين أنها تتعامل برؤية عصرية تجعلها محط احترام كل الدول والشعوب.
اختصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تولّى مقاليد السلطة في بلاده عقب وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، في الثالث والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني)، من العام الماضي (2015)، الحديث عن سادس ملوك الدولة السعودية الراحل في كلمة، عزّى فيها الشعب السعودي، والأمتين العربية والإسلامية في وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، بقوله: «إن فقيد الأمة الغالي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمضى حياته مبتغيًا طاعة ربه، وإعلاء دينه، ثم خدمة وطنه وشعبه، والدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية»، متوجهًا إلى المولى (عز وجل) ليتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه خير الجزاء عما قدمه من أعمال جليلة في خدمة دينه ثم وطنه وأمته.
وزاد الملك سلمان: «كما نسأله سبحانه أن يرزقنا الصبر والأجر، ولا نقول إزاء هذا المصاب الجلل إلا ما أمرنا الله به (إنا لله وإنا إليه راجعون)».
وعدّ الملك عبد الله من الشخصيات النادرة في الوطن العربي التي تتعامل مع الأحداث بكل الصراحة والوضوح والحكمة والاعتدال، والشجاعة في مواجهة المواقف، كلماته تخرج حاسمة من نفس مؤمنة بما تقول وتعتقد، وكان الملك عبد الله يحترم من يتعامل مع بلاده بالندية، فكرامة وطنه ينبغي ألا تمسّ، فالعالم وجد ليتعاون، والمهم أن يكون التعاون متكافئًا، كما كان يؤمن بالوحدة والتضامن ويشعر بالألم حيال من يظهرون خلاف ما يبطنون في الساحة العربية، في وقت تحقق فيه المطامع الدولية أهدافها في العالم العربي، قدره غير هذا، ووطنه كان يمكن أن يكون أفضل وأقوى من هذا الواقع.
وتمكن الملك الراحل من وضع بلاده خلال سنوات قليلة من عمر الدول والشعوب في مصاف الدول ذات الحضور السياسي والاقتصادي اللافت على مستوى العالم، كما أصبح رقمًا صعبًا في كثير من المواقف والأحداث، وتميز بطروحاته الواضحة وجرأته في الكثير من المواقف والرؤى.
واختصر الملك عبد الله بن عبد العزيز نهج هذه البلاد منذ مرحلة التأسيس، عندما وضع منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم في البلاد، الأداء السياسي والاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والفكري في بلاده التي واجهت صعوبات وتحديات كبيرة بسبب ظروف وأحداث طالت الجميع.
ورسم الملك الراحل ملامح سياسته الخارجية في توازن ما بين احتياجات الداخل ومتطلبات الخارج، حيث استهل الملك عبد الله عهده في خطاب البيعة التاريخي، بالتأكيد على أن شغله الشاغل هو إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة، كما توجه إلى المواطنين في الخطاب، طالبًا منهم أن يشدوا من أزره، وأن يعينوه على حمل الأمانة، وألا يبخلوا عليه بالنصح والدعاء.
وقال الملك عبد الله: «إن التاريخ علمنا أن الفترات التي شهدت وحدة الأمة هي عصورها الذهبية المزدهرة، وأن فترات الفرقة والشتات كانت عهود الضعف والهوان والخضوع لسيطرة الأعداء، ومن هذا المنطلق فإن كل جهد، سواء كان سياسيًا أو اقتصاديًا أو فكريًا يقرب بين أبناء الأمة هو جهد مبارك مشكور، وكل جهد يزرع بذور الفتنة والشقاق هو نكسة تعود بنا إلى الوراء».
وإذ استطاع الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز أن يحقق توازنًا بين الداخل والخارج، فيمكن القول إن الملك عبد الله أصبح القائد المدافع عن قضايا الأمة، كما نجح بحكمته في أن يخرج علاقات بلاده والأمة العربية مع الدول الكبرى من الاختبارات الصعبة التي وضعتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) من عام 2001، كما نجح في القضاء على الفئة الضالة داخل بلاده، وأطلق في عاصمته مبادرة عالمية لمكافحة الإرهاب، كما لاحق فلول تنظيم القاعدة داخل الجزيرة العربية بهدف القضاء على هذا التنظيم مع دول العالم الأخرى التي اكتوت هي الأخرى بناره.
وحمل الملك عبد الله شعار «دبلوماسية التنمية»، واستطاع بحنكته وحكمته أن يجعل من هذا الشعار واقعًا ملموسًا لخدمة اقتصاد البلاد وتحقيق التنمية في الداخل، في فترة توليه مقاليد الحكم في البلاد، وأن يستكمل ما بدأه منذ سنوات عندما كان وليًا للعهد، من خلال استثمار علاقات بلاده بالدول الأخرى في مجال تبادل المصالح الاقتصادية، وعقد شراكات وتوقيع اتفاقيات اقتصادية مع الشرق والغرب، ولعل جولاته التي شملت الصين والهند وهونغ كونغ وماليزيا وباكستان قد أسفرت عن توقيع اتفاقيات اقتصادية وصلت مبالغها إلى عدة مليارات من الدولارات، كما فتحت هذه الجولات أمام قادتها وفعاليتها السياسية ملفات دولية حساسة، خصوصًا تلك المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط وما يجري في أرض العراق وفلسطين، كما تحركت الدبلوماسية السعودية لاحتواء الأزمة التي تفجرت في لبنان.
وتميز الملك عبد الله بصراحته ورغبته في تعزيز العلاقات العربية - العربية، وإصلاح البيت العربي، كما عمل على محاربة الإرهاب الذي كانت بلاده إحدى ضحاياه، وكان يدعو دائمًا إلى الوسطية في الدين والابتعاد عن جميع أنواع التطرف والغلو.
وحقق الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز منجزات ضخمة وتحولات كبرى في مختلف الجوانب التعليمية والاقتصادية والزراعية والصناعية والثقافية والاجتماعية والعمرانية.
رحيل الملك عبد الله.. رجل القرارات الفاعلة
رحيل الملك عبد الله.. رجل القرارات الفاعلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة