تقديرات البنك الدولي لمعدلات نمو المنطقة خلال عام 2015 لا يمكن وصفها بالتقديرات السيئة ولا التقديرات الجيدة، فمعدلات النمو لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ظلت أقل من 2.8 في المائة، كما شهد عام 2015 تدنيا في أداء الموازنات العامة وارتفاعا في عجز الموازنات وانخفاضا في الحساب الجاري لميزان المدفوعات. ويضع البنك الدولي شروطا لكي تشهد المنطقة تحسنا في الأداء الاقتصادي خلال عام 2016 مع توقعات لارتفاعات في معدلات النمو وتحسن في إصلاح العجز في الموازنات العامة.
ويتحدث الدكتور محمود محيي الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولي لأجندة 2030 للتنمية والعلاقات مع الأمم المتحدة والمشاركات في حواره مع «الشرق الأوسط» حول التغيرات العالمية وتأثيراتها على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط في ظل المشكلات السياسية والصراعات التي تشهد بعض الدول في المنطقة. وإلى نص الحوار:
* شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية تغييرات سياسية واقتصادية كبيرة. في رأيك ما أهم المتغيرات الدولية التي حدثت خلال عام 2015 وكيف كانت تأثيراتها على الاقتصاد في المنطقة؟
- لا بد في البداية أن أوضح أن استشراف المستقبل الاقتصادي للمنطقة يشكل صعوبة في ظل قصور المعلومات والبيانات المتاحة حول الدول العربية، خصوصا تلك الدول التي تعاني من صراعات جعلتها غير قادرة مع إتاحة المعلومات بالقدر المطلوب وبعض الدول التي لم تحدث بياناتها. من جانب آخر، فكل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرهما من مؤسسات تضع تعريفات متباينة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل مستقل ومختلف عن الآخر، ولذا يجب مراعاة تعريف هذه الجهات للمنطقة. كما أن النظر للدول العربية باعتبارها اقتصاديا «في سفينة واحدة» به قدر من المبالغة وإن كان من الممكن النظر إلى هذه الدول باعتبار أن كلا منها «سفينة مستقلة» وإن كانت متصلة بالسفن الأخرى سواء في حركة التجارة البينية التي ما زالت محدودة أو حركة الاستثمار أو حركة العمالة وتحويلاتها المالية، مع الأخذ في الاعتبار التباين الشديد في هياكل الاقتصاد لدى كل دولة وقدراتها المتفاوتة على الاستجابة للمتغيرات الدولية.
وأهم المتغيرات التي شهدتها الساحة الاقتصادية الدولية تمثلت في استمرار تداعيات الأزمة المالية التي وقعت في 2008 واستمرت تأثيراتها قائمة ومؤثرة في الاقتصاد العالمي. ومنذ الأزمة لم يتجاوز النمو المتراكم للاقتصادات المتقدمة 4 إلى 5 في المائة، بينما حققت الصين تراكما في النمو بنسبة 70 في المائة، وهذا يشير إلى متغيرات جديدة في معدلات النمو الاقتصادي ومراكز الثقل الاقتصادي على المستوى العالمي.
المتغير الثاني هو الانخفاض في أسعار النفط، وتقلب سوق المنتجات التعدينية والخامات والسلع الزراعية، وهي مجموعة من العوامل لها تأثيرات متفاوتة على الدول العربية سواء المصدرة أو المستوردة للنفط وتلك المنتجة والمستوردة للسلع الزراعية والمواد الخام. وتقديرات البنك الدولي تشير إلى أنه بين عامي 2014 / 2015 حدث انخفاض في أسعار الطاقة يقدر بنحو 46 في المائة.
وتشير التوقعات إلى أن العام القادم 2016 سيشهد انخفاضا محدودا بنسبة 2 في المائة مع توقعات بزيادة أسعار النفط بنهاية عام 2016 وبداية عام. والتوقعات التي تتم مراجعتها يشير آخرها إلى سعر يتراوح بين 51 و56 دولارا للبرميل خلال الفطرة حتى عام 2018، وهي توقعات كما ذكرت تتم مراجعتها دوريا لأن عوامل العرض والطلب على النقط في تغير مستمر على مستوى العالم وتتأثر باعتبارات سياسية وفنية واقتصادية في تقلب مستمر.
أما أسعار المنتجات التعدينية فقد انخفضت بنسبة 19 في المائة خلال عام 2015 مقارنة بعام 2014 مع توقعات بزيادة طفيفة في أسعار المنتجات التعدينية لا تتعدى 1 في المائة في عام 2016.
وقد انخفضت أسعار السلع الزراعية بنسبة 13 في المائة خلال عام 2015 مع توقعات بارتفاع أسعارها بنسبة 1.3 في المائة ما لم تتسبب حدوث تغييرات مناخية حادة في تغيير تلك التوقعات، وبصفة عامة فإن أي زيادات في أسعار السلع الزراعية ستكون طفيفة.
المتغير الثالث هو انخفاض النمو والطلب في الأسواق الناشئة إما بسبب انخفاضات أسعار المنتجات والسلع الأولية، وإما تغييرات في النموذج التنموي مثلما حدث في الصين، التي قررت تغيير نهج النمو من الاعتماد على التصدير وجذب الاستثمارات الأجنبية الذي تبنته منذ عام 1979 إلى نموذج أكثر تقديرا للطلب المحلي والاستهلاكي الداخلي وقطاع الخدمات المحلية. وتشير تقارير البنك الدولي إلى قوة ارتباط انخفاض النمو في الصين، بانخفاض الطلب على السلع الأولية والنفطية.
المتغير الرابع هو تأثيرات المشكلات الجيوسياسية والصراعات في المنطقة وتفاقم مشكلات مثل أزمة المهجرين والنازحين واللاجئين، وهي أزمة إنسانية في المقام الأول بتداعيات اقتصادية سلبية، فضلا عن سقوط أعداد غفيرة من القتلى والمصابين وما يصعب ذلك من مآسٍ وأزمات.
في ظل كل هذه التغييرات فإن عام 2015 لم يكن جيدا من حيث معدلات النمو التي تراوحت حول 2.8 في المائة يضاف إلى ذلك تدني أداء الموازنات العامة مع عجز بلغ 9.2 في المائة في المنطقة وزيادة العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات حتى وصل إلى 2.6 في المائة في 2015 بعدما كان يشهد فائضا في سنوات ماضية.
* ركز المنتدى الاستراتيجي العربي الذي أقيم في دبي بداية الأسبوع الماضي على محاولة استشراف المعطيات الاقتصادية لعام في 2016 وتقييم قدرة الاقتصادات في الدول المتقدمة والدول الناشئة على مواجهة تحديات النمو الضعيف وضعف الاستثمار وانخفاضات أسعار النفط. في ظل هذه المعطيات، ما توقعات البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط في عام 2016؟ وكيف ترى قدرة منطقة الشرق الأوسط على مواجهة التحديات سواء السياسية أو الاقتصادية؟
- توقعات البنك أن يحدث تحسن نسبي خلال عام 2016، لكنه تحسن مشروط ومعلق بعدة أشياء، أهمها حدوث انفراجة في مناطق النزاعات والصراعات واستعاده الاستقرار. هناك تفاؤل لدى البعض من خطوات مثل عقد اجتماع في الأمم المتحدة حول الأزمة السورية، وإبرام اتفاق الصخيرات لحل الصراع الليبي واجتماعات جنيف لحل الصراع اليمني. ويرى الخبراء هذه الاجتماعات والاتفاقات كبادرة أمل لبداية إعادة الاستقرار للمنطقة وفض النزاعات والحروب الأهلية. يضاف إلى ذلك التأثير الإيجابي لمنطقة اليورو، حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع معدل النمو لمنطقة اليورو من 1.5 في المائة إلى 1.8 في المائة، وهذا الارتفاع مفيد، خصوصا لدول شمال أفريقيا المرتبطة اقتصاديا بمنطقة اليورو.
ويتوقع البنك الدولي انخفاضات في عجز الموازنات في دول منطقة الشرق الأوسط الذي يقدر في عام 2015 بنحو 9.2 في المائة ليصل إلى 5.9 في المائة في عام 2016، كما يقدر البنك الدولي أن الحساب الجاري لميزان المدفوعات سيتحسن لينخفض من 2.6 في المائة ليصل إلى 1.3 في المائة في عام 2016.
وتقديرات البنك أن معدل نمو منطقة الشرق الأوسط خلال 2016 سيبلغ 4.6 في المائة، لكن تعريف منطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي يشمل إيران إلى جانب الدول العربية، ومع إلغاء الحظر الاقتصادي على إيران فإن هناك توقعات قوية بارتفاع معدلات النمو للاقتصاد الإيراني، وهو ما يدفع معدلات النمو في المنطقة، أخذا في الحسبان نمو الاقتصاد الإيراني. وتوقعات البنك أن ينمو الاقتصاد الإيراني من 1.7 في المائة في عام 2015 إلى 6.1 في المائة في عام 2016.
* في ظل كل المتغيرات الاقتصادية والتوقعات لعام 2016، ما نصيحة البنك الدولي للمنطقة العربية والخليجية؟
- هناك فرص ذهبية أمام منطقة الشرق الأوسط لاستغلال الانخفاضات في أسعار الخامات والسلع التعدينية والاتجاه إلى مشروعات البنية التحتية والاهتمام بالاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة مع المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي ومشروعات التوافق البيئي لاحتواء للأثر السلبي لانبعاثات الكربون. وتتميز مشروعات البنية الأساسية في عدد من الدول العربية بارتفاع كثافة العمالة بها، بالمقارنة بذات المشروعات في الدول الصناعية بما يجعلها مجالا هاما للتشغيل المباشر وغير المباشر.
ومع انخفاض أسعار السلع الزراعية دون توقع بارتفاعها في المستقبل القريب فإن هذا يعطي الفرصة للدول التي تتوفر لها سيولة مالية وقدرة ائتمانية أن تبرم تعاقدات طويلة الأجل في استيراد سلع أساسية مثل القمح مع ربط أسعار التسليم للفترة القادمة.
وهناك فرص كبيرة متاحة للاستثمار في تكنولوجيا المعلومات وإدراج هذا القطاع في النشاط الاقتصادي مثل تحويل الأموال عبر تقنيات الهاتف الجوال وغيره من حلول وابتكارات. وهناك أهمية كبرى الآن لزيادة الاستثمار العام في مسندة مشروعات البحث والتطوير والابتكار التي لا يقوى عليها القطاع الخاص منفردا. هذا وقد طرح البنك الدولي استراتيجية جديدة للتعامل مع التحديات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد على بعد قطري لتطوير الأداء التنموي لكل دولة وفقا لاعتباراتها وظروفها الاقتصادية والاجتماعية، وهناك بعد إقليمي لهذه الاستراتيجية يتمثل في مشروعات في مجالات التعليم والتدريب والطاقة والمياه ويقوم حافظ غانم نائب رئيس البنك الدولي وفريق العمل معه بتطوير برامج تمويل هذه الاستراتيجية باستخدام المنح لتخفيض تكلفة التمويل مع استخدام ضمانات لتيسير توفير التمويل والائتمان للدول التي لا تستطيع الحصول على تمويل إلا بتكلفة عالية.
* في ما يتعلق بإيران، كيف يرى البنك الدولي تأثير رفع الحظر الاقتصادي ورفع العقوبات عن إيران بعد إبرام الاتفاق النووي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والقوى الدولية وتأثير انخراط إيران في الاقتصاد الدولي على أوضاع المنطقة؟
- رفع الحظر الاقتصادي عن إيران سيكون له أثران، الأول يتمثل في ضخ إيران لمليون برميل من النفط بما يزيد من المعروض في الأسواق الدولية الذي به بالفعل فائض كبير.
والأثر الثاني يرتبط بمدى الاستفادة من النمو المحتمل في الاقتصاد الإيراني، بعد رفع الحظر، على حركة التجارة والاستثمار في المنطقة.
* اتخذت السعودية والدول الخليجية إجراءات اقتصادية لمواجهة الانخفاضات في أسعار النفط وقامت عدة دول بخطوات جريئة في هياكل السياسات المالية وتنويع مصادر الدخل. كيف يرى البنك الدولي تلك الخطوات؟ وكيف ستكون تأثير تلك الإصلاحات على وضع الموازنات العامة الخليجية؟
- هناك توقعات أن تتأثر الدول الخليجية المصدرة للبترول ومعها الجزائر بانخفاضات أسعار النفط، إلا أن هناك ترحيبا بالإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الدول الخليجية لإصلاح السياسات المالية العامة وتنويع مصادر الدخل، لذا فإن توقعات البنك الدولي لمعدلات النمو في الدول الخليجية ستكون في حدود 3.2 في المائة مع توقعات بتحسن في مستويات العجز في الموازنات العامة خلال عام 2016، وأن تكون أفضل مما كانت عليه خلال عام 2015. وقد بلغ عجز الموازنة العامة في دول الخليج إلى 9.4 في المائة من الدخل القومي الإجمالي وتقديرات البنك الدولي أن ينخفض عجز الموازنة العامة إلى 6 في المائة بفضل تلك الإصلاحات المالية الخليجية الجديدة.
من جانب آخر، فالإجراءات التي اتخذتها الدول الخليجية من بداية طرح ضرائب على أرباح الشركات وضرائب على القيمة المضافة فإن تقديرات البنك أنها سياسة جيدة، وتؤدي إلى تنويع في إيرادات الموازنة العامة. هناك أهمية كبرى بالاستمرار في دفع الاستثمارات والإنفاق على التعليم والصحة ومشروعات البنية الأساسية وبعضها يمكن أن يتم من خلال المشاركة بين الاستثمارات العامة والاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية.
* ماذا بشأن الدول العربية المصدرة للنفط خارج مجلس التعاون الخليجي؟ وما التوقعات للدول العربية المستوردة للنفط خلال عام 2016؟
- باقي الدول العربية المصدرة للنفط مثل ليبيا والعراق وسوريا واليمن يعاني من تأثير الاضطرابات الأمنية والسياسية أكثر من المعاناة من تأثير انخفاض أسعار النفط. أما الدول العربية المستوردة للبترول فستستفيد من انخفاضات أسعار النفط لكنها تتأثر أيضًا بالتداعيات الاقتصادية والآثار الجيوسياسية التي تؤثر سلبا على حركة التجارة وتحويلات العاملين وغيرها، وتوقعات البنك الدولي أن ترتفع معدلات النمو للدول العربية المستوردة للنفط في المتوسط من 3.5 في المائة في 2015 إلى 3.6 في المائة في 2016.
* توقعات البنك الدولي حول ارتفاع معدلات النمو لمنطقة الشرق الأوسط خلال عام 2016 إلى 4.6 في المائة، هل سيتم ترجمة هذا النمو على صعيد التشغيل وخفض معدلات البطالة المرتفعة بالفعل في المنطقة؟
- هذه معضلة يجب حلها لأن نهج النمو في كثير من دول المنطقة ليس شديد الارتباط بالتشغيل، والتشغيل ليس مرتبطا بتحقيق مستويات دخول مرتفعة للعاملين، والدخل أيضًا ليس مرتبطا بالإنتاجية، ونرى في بعض الحالات في المنطقة نموًا اقتصاديًا بلا عمل، وحالات عمل بلا نمو، وحالات أخرى لا يوجد ارتباط بين العمل والنمو وتحسن الإنتاجية.
وما نتطلع إليه هو أن تعمل الدول لتحقيق تكامل بين السياسات المالية والنقدية والاستثمار في التنمية البشرية والبنية الأساسية بما يحقق قدرًا من التحسن في مستوى التنافسية لأداء الاقتصادات في المنطقة. وهناك أهمية لكيفية قيام الدول باتباع سياسات إصلاحية، وتحسين في مستويات التنافسية والأداء والاستثمار بشكل أفضل في التنمية البشرية، والأصول المالية والبنية الأساسية.
* بعد قرار البنك الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة بنسبة 0.25 في المائة، كيف يرى البنك الدولي تلك الخطوة وتأثيراتها على السياسات النقدية للمنطقة في الشرق الأوسط؟
- المهم ليس مقدار الرفع وإنما المهم هو ما يتعلق بمسار السياسة النقدية الأميركية، فالأسواق المالية ترى أنه بداية لتطبيع السياسة النقدية الأميركية، بمعنى عودتها إلى الأوضاع الطبيعية يتجاوز بما سعر الفائدة مستوى الصفر الذي استمر عليه لسنوات، هذا علما بأن زيادة سعر الفائدة على الدولار هي أول زيادة تحدث منذ يونيو (حزيران) 2006، مع توقعات لمسار صعودي لأسعار الفائدة. لذا فالمهم هنا هو مسار السياسة النقدية الأميركية وما يمكن أن تحدثه من تغييرات في حركة الأموال وتكلفة التمويل، خصوصا في ما يتعلق بإصدار سندات دولية على أساس تكلفة متغيرة. وقد تزامن رفع أسعار الفائدة مع انخفاض التدفقات في رؤوس الأموال الأجنبية للمنطقة العربية.
هناك أيضًا بعد آخر يتعلق بالسياسات النقدية وأسعار الفائدة على العملات الرئيسية فقد دخلت العملة الصينية اليوان لأول مرة، كعملة جديدة في وحدات حقوق السحب الخاصة بمقدار 11 في المائة تقريبًا كوزن نسبي في حقوق السحب الخاصة، وهو ما يجعلها تحتل المرتبة الثالثة بعد الدولار (الوزن النسبي 42 في المائة) واليورو (الوزن النسبي 31 في المائة) ويليها الين (الوزن النسبي 8 في المائة) والإسترليني (8 في المائة)، لذا يجب الأخذ في الاعتبار ليس فقط سعر الفائدة على الدولار لكن أيضًا حركة وتأثير اليوان الصيني في المستقبل، خصوصا للدول التي لها حركة تجارة مع الصين، بالإضافة إلى أوضاع العملات الأخرى من حيث أسعار الصرف والفائدة واتجاهاتها.
وعلى المدى المنظور سيكون هناك تأثير على العملات ومعدلات التضخم والتنافسية مع شركاء التجارة والاستثمار والتأثير يتوقف على مدى القدرة على التعامل مع التغيرات في أسواق النقد والمال، خصوصا مع انخفاض تدفقات رؤوس الأموال. وهناك ثلاثة تدابير يمكن للبنوك المركزية وصناع القرار اتخاذها للتعامل مع هذه التغيرات: الأول تخفيض الاحتياطي النقدي. الثاني رفع سعر الفائدة المحلية، ويكون لذلك تأثير على الاقتصاد المحلي وتكلفة الاقتراض. والثالث أن يتم السماح بقدر من المرونة للعملة المحلية لاستيعاب التغيير في الدولار.
وأود التأكيد أنه من الأهمية أن تنظر المؤسسات المعنية لكل هذه المتغيرات، وأن تنظر بعين الاعتبار لما حدث من تغير في هيكل الاقتصاد العالمي وحركة التجارة والاستثمار وتغير الأوزان المقابلة للعملات الرئيسية في إدارتها للاحتياطي من النقد الأجنبي وسياسات سعر الصرف، فالدولار رغم أهميته ليس هو العملة الدولية الوحيدة، وإذا ما نظرت إليه منفردا فقد يكون ذلك على حساب إهدار منافع التجارة والاستثمار مع مناطق اقتصادية وقطاعات سلعية وخدمية كبيرة لا يمكن تجاهلها.
والطريق الأمثل بالطبع هو عدم الاعتماد فقط على السياسة النقدية، بل الدفع لزيادة الإنتاجية والتنافسية على المدى المتوسط والطويل مع حسن إدارة الدين العام سواء الحكومي أو في المؤسسات شبه الحكومية مع تطوير سوق السندات المحلية وتفعيل دورها في تمويل التنمية، وما زال هناك عمل كبير متطلب في هذه الجوانب.
* تم في باريس في 11 ديسمبر (كانون الأول) اتفاق تاريخي حول التغييرات المناخية، ما التأثير الاقتصادي لهذا الاتفاق في إطار تطبيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 التي وقع عليها عدد كبير من قادة الدول على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وتنص في بندها الثالث عشر على مكافحة التغييرات المناخية، كما تنص على مكافحة الفقر وتوفير الرعاية الصحية وتحقيق المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية؟
- اتفاق باريس يعد نصرا للدبلوماسية الدولية، كما سيكون عام 2016 هو بداية التطبيق لأهداف التنمية المستدامة وفقا لأجندة 2030، وبالتالي من الضروري لكل دولة عربية ساندت تلك الأهداف من خلال مشاركة قادتها في اجتماع قمة التنمية في سبتمبر الماضي في نيويورك أن يكون لها سياسة قومية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبالتالي الحصول على التمويل من المؤسسات المختصة، وبعض الدول لا تحتاج إلى تمويل خارجي لكنها تحتاج إلى خبرات ومساعدة فنية لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، وهي أهداف ترتبط بمكافحة الفقر والتطوير الاقتصادي والتشغيل والاستثمار في التنمية البشرية والرعاية الصحية. أما بالنسبة إلى قمة المناخ في باريس فارتبط بها عدد من المبادرات الدولية للدول التي ترغب في تبني الاقتصاد الأخضر والقيام بمشروعات للطاقة المتجددة وتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وأرى أنه من أهم ما تحقق في قمة المناخ هو إنشاء هذا صندوق الجديد لابتكارات الطاقة المتجددة بمشاركة من بيل غيتس، وتبنته السعودية والإمارات العربية المتحدة وأميركة والبرازيل وكندا وشيلي والصين والدنمارك وألمانيا وجنوب أفريقيا والسويد، لخفض تكلفة الحصول على الطاقة النظيفة والتوسع في مد الناس بما يحتاجون إليه من منتجات الطاقة، وهو مجال جديد للاستثمار والنمو، هذا إضافة إلى ما تم الإعلان عنه من توفير 100 مليار دولار سنويا حتى عام 2020 للتعامل مع التغييرات المناخية والعبرة هنا أن تكون لكل دولة عربية برامجها التفصيلية للتقدم باحتياجاتها سواء للتمويل أو التعاون الفني لتطوير قطاعاتها الاقتصادية والاجتماعية.
البنك الدولي يرحب بالإصلاحات المالية والاقتصادية في الدول الخليجية لتنويع مصادر الدخل والإيرادات
النائب الأول لرئيس البنك لـ {الشرق الأوسط}: توقعات بارتفاع طفيف لمعدلات النمو وانخفاض في عجز الموازنات في 2016
البنك الدولي يرحب بالإصلاحات المالية والاقتصادية في الدول الخليجية لتنويع مصادر الدخل والإيرادات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة