مغامرة جديدة في عالم الواقع الافتراضي

رباط حول اليد يتيح الشعور بتفاعلات اهتزازية

مغامرة جديدة في عالم الواقع الافتراضي
TT

مغامرة جديدة في عالم الواقع الافتراضي

مغامرة جديدة في عالم الواقع الافتراضي

نجح باحثون ألمان في تطوير تقنية لرباط، أو مشد يمكن ارتداؤه حول المعصم يتيح لمستخدمه الشعور بتفاعلات افتراضية. وتتمثل أهمية هذا التطور في أن المحتوى الذي يجري تصميمه للواقع الافتراضي قد يكتسب قيمة أكبر بكثير حال إمكانية الشعور بتفاعلات ملموسة.
تخيل أنك تخوض مباراة في الملاكمة في إطار الواقع الافتراضي تضم خصما قويا يسدد لكمات قوية باتجاهك، وترفع أنت يديك بما تحملانه من قفازات في الوقت المناسب للتصدي لها، لكنك لا تشعر بشيء لدى مجابهتك لضربة الخصم، الأمر الذي يقضي على متعة التجربة برمتها.

رباط افتراضي

يحمل الجهاز الجديد المبتكر اسم «إمباكتو» Impacto، وهو عبارة عن نموذج أولي طوره باحثون من مختبر «هيومان كومبيوتر إنتراكشن» داخل معهد هاسو بلاتنر في ألمانيا. ويتغلب الجهاز على هذا العيب المذكور، في إطار تجارب للواقع الافتراضي. وتتألف التقنية الجديدة من رباط حول اليد يجمع بين أداة للنقر أو خلق اهتزازات على الجلد وجهاز محاكاة لعضلات كهربية لدفع وسحب أطراف المستخدم على نحو يحاكي التأثير الفعلي.
في هذا الصدد، قال باتريك باوديش، الذي يترأس فريق العمل بالمختبر: «إنه نوع من الوهم. إننا نود أن يعتقد المستخدم الذي يرتدي جهاز الواقع الافتراضي الذي يوضع على الرأس بأن شيئا ما قد ضربه بالفعل».
وعمل الفريق البحثي بقيادة بيدرو لوبيز على محاكاة هذه القوة المادية الملموسة من خلال إعادة خلق التأثير الذي ستتركه على جسم المستخدم. وبدأ الفريق محاولاته بمباراة للملاكمة بالاعتماد على جهاز «أوكيلوس ريفت» الذي يجري ارتداؤه على الرأس. ومن أجل خلق الشعور بالتعرض للكمة من الخصم، طور الفريق رباطا يجري ارتداؤه حول المعصم ينقر على جلد المستخدم عند النقطة المقصود الشعور عندها بالتأثير الافتراضي. ويتولى زوجان من الأقطاب الكهربائية تحفيز العضلة ذات الرأسين العضدية كي تنقبض في الوقت ذاته.
وأوضح باوديش في حديث نقلته «تكنولوجي ريفيو» أن كل هذا يتمخض عن: «ترك خصمك يوجه إليك لكمة، وتشعر في ذات اللحظة بشيء على جلدك وبذراعك يطير باتجاه الخلف». ويخلق كل ذلك الإحساس بالتعرض للضرب. ويمكن تزويد «إمباكتو» كذلك بدعائم لخلق تجارب مقنعة بالتعرض للضرب من كرة سلة أو ارتداد كرة قدم لقدم المرء - أو أي فكرة أخرى تتضمن المبدأ الكلاسيكي الذي أقره نيوتن حول تساوي الفعل ورد الفعل بالقوة.

وهم الأحاسيس

حاليًا، يعد هذا «الوهم» مقنعًا بالنسبة لتأثيرات لا تتجاوز 200 ملي ثانية أو أقل، لكن فريق العمل يعكف بالفعل على محاولة توسيع نطاق الفكرة لخلق تأثيرات مستمرة تمتد على فترة من الزمن (مثل قيادة سيارة داخل لعبة سباق).
وعلى النقيض من «أوكيلوس ريفت»، فإن «إمباكتو» يمثل مجرد دليل على فكرة معينة ومصمم بهدف إظهار أن الوصلات البينية اللمسية التي تعمل في حالة من التناغم بإمكانها خلق تجارب حسية قوية تستلزم حاليًا تقنيات كثيرة باهظة التكلفة. وأوضح باوديش أنه: «السبل التقليدية لتحفيز العضلات تعتمد على محركات وبطاريات، لكن هذا لا يقدم أداءً جيدًا. إذا كنت ترغب في توصيل تجربة افتراضية تؤثر على الجسد بأكمله، ربما بقوة كبيرة، سرعان ما ستجد نفسك داخل موقف أشبه بانتقالك إلى عالم الفضاء الخارجي حيث تفاجئ بنفسك مدفونًا داخل هيكل خارجي عملاق. في المقابل فإن الفكرة التي يقوم عليها إمباكتو أننا نملك بالفعل هذا الهيكل - لذا دعونا نستخدمه».
ويعتبر باوديش «إمباكتو» نموذجًا أوليًا للألعاب الإلكترونية مستقبلاً. ومع توافر أجهزة يجري ارتداؤها على الرأس مثل «غوغل كاربورد» تجعل تجارب الواقع الافتراضي أقل كلفة وأكثر انتشارًا، فإن أبعادًا حسية إضافية حتمًا ستتبع هذا التطور بهدف تعزيز هذه التجارب الحسية.
وتبعًا لسيان ويتمور، المحلل لدى مؤسسة «غرينلايت في آر» العاملة بمجال الأبحاث والاستشارات المتخصصة في صناعة الواقع الافتراضي، فإن «إحكام التعامل مع العلاقة بين العناصر السمعية البصرية الأساسية والمستخدم» يحمل أهمية أكبر للعاملين بمجال التطوير حاليًا عن إضافة مزيد من الوصلات البينية اللمسية التي قد لا تنضم لعالم الأجهزة واسعة الانتشار قبل عام 2020 أو بعده.
من جهتها، قالت جودي فانس، بروفسورة الهندسة الميكانيكية بجامعة ولاية أيوا بأن الجمع بين محفزات حسية متباينة بهدف خلق تأثيرات محددة يعد أمرًا مثيرًا.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».