مصادر عسكرية: «دواعش» ليبيا يتدربون على قيادة الطائرات

حصلوا على جهاز محاكاة.. ولديهم مطار في سرت

أعضاء تنظيم «داعش» في ليبيا يحرقون آلات موسيقية بإحدى مدن ليبيا
أعضاء تنظيم «داعش» في ليبيا يحرقون آلات موسيقية بإحدى مدن ليبيا
TT

مصادر عسكرية: «دواعش» ليبيا يتدربون على قيادة الطائرات

أعضاء تنظيم «داعش» في ليبيا يحرقون آلات موسيقية بإحدى مدن ليبيا
أعضاء تنظيم «داعش» في ليبيا يحرقون آلات موسيقية بإحدى مدن ليبيا

كشفت مصادر عسكرية ليبية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، عن أن الدواعش في بلدة سرت في شمال وسط البلاد يتدربون على قيادة الطائرات من خلال جهاز محاكاة «سميوليتر» واحد على الأقل للطيران. وجرى تحديد عملية تحريك لموقع التدريب قرب مطار سرت الدولي الذي يسيطر عليه «داعش»، وتوجد فيه عدة طائرات معطوبة.
وغير معروف المصدر الذي حصل منه الدواعش على جهاز المحاكاة الذي يبلغ حجمه حجم سيارة صغيرة، ويشبه مقصورة الطائرة بما فيها من أدوات تحكم في الإقلاع والهبوط، وتحديد المواقع بخطوط الطول والعرض، والاتصال بأبراج المراقبة.
وبعد أن ساد الاعتقاد بين المحققين في ليبيا بأنه ربما جرى الاستيلاء عليه من إدارات التدريب في مطارات القذافي المنهوبة، تقول المعلومات، إن «الجهاز حديث.. ما يعني أنه وارد من خارج البلاد».
وقال أحد قادة الجيش في مقابلة خلال زيارة أخيرة للقاهرة، إن مجموعة من قادة «داعش»، بينهم ضباط متقاعدون من ليبيا وعدة بلدان مجاورة، حصلوا على أول جهاز «سميوليتر» للطيران خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويخص قيادة طائرات مدنية، مشيرًا إلى أن السلطات الأمنية جمعت معلومات جديدة من سرت خلال الأسبوعين الماضيين ترجح وصول جهاز محاكاة آخر لطائرات حربية، لكن غير معروف نوعها. وقال مسؤول أمني يعمل ضمن فريق في متابعة نشاط «داعش» في شمال أفريقيا ويتردد على العاصمة المصرية، إنه توجد بالفعل معلومات عن تدرب الدواعش في ليبيا على قيادة الطائرات المدنية. وأضاف أن طائرات من القوات الجوية الليبية ضعيفة التسليح، حاولت مرارًا تدمير موقع واحد على الأقل تجري فيه عمليات تدريب الدواعش، خلال الشهر الماضي، لكن لم تحقق نتائج تذكر.
وبينما أكد المسؤول نفسه أن الضربات العسكرية الليبية أسفرت فقط عن نقل الدواعش لمقر التدريب من منطقة إلى أخرى، لحمايته من الاستهداف، تقول معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، إن محققين إقليميين مرروا معلومات لأجهزة أمنية في بلدان تتعاون معها في مكافحة الإرهاب، عن التطور النوعي لنشاط «داعش» في ليبيا وخطورته على دول الجوار وعلى الدول المطلة على البحر المتوسط.
وأعرب المسؤول الأمني الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول له التحدث لوسائل الإعلام، عن أن مركز التدريب الجديد على قيادة الطيران يقع في منطقة قرب مطار سرت، وهو مطار يعرف أيضًا باسم «مطار القرضابية الدولي» ويبعد نحو عشرين كيلومترًا إلى الجنوب من المدينة التي استولى عليها التنظيم في شهر مايو (أيار) الماضي. ويعد مطار القرضابية آخر المطارات التي كانت محل اهتمام كبير من النظام السابق قبل انهياره. وجهز القذافي المطار على أعلى مستوى لاستقبال الزعماء أثناء عقد القمة العربية في سرت في 2010.
وتعاني ليبيا من الفوضى والاقتتال منذ أربع سنوات. ويطالب الجيش الليبي الأمم المتحدة برفع الحظر عن شراء الأسلحة. وتدعم مصر هذه المطالب. لكن الأمم المتحدة تقول إن رفع الحظر يرتبط بتشكيل حكومة وفاق وطني. وفشلت محاولات مبعوث الأمم المتحدة التي استمرت نحو سنة في إنجاز اتفاق على حكومة موحدة.
وفي أعقاب تنفيذ تنظيم داعش لهجمات دامية في وسط باريس قبل أسبوعين، وجهت الولايات المتحدة الأميركية ضربات لـ«داعش» في سرت، هي الأولى من نوعها ضد فرع التنظيم في ليبيا، لكن معلومات المصادر العسكرية الليبية تقول إن مركز التدريب على قيادة الطيران لم يصب بأذى.
وتشعر دول الجوار وبلدان أوروبية بالقلق من توسع نفوذ «داعش» في ليبيا. ومن بين هذه الدول مصر التي لها حدود مع ليبيا يبلغ طولها نحو 1150 كيلومترًا. ووجه الطيران المصري ضربات لمواقع «داعش» في بلدة درنة الواقعة على البحر المتوسط شرق بنغازي. كما عزز الجيش من وجوده على الحدود مع ليبيا لصد أي محاولة لتسلل المتطرفين إلى داخل البلاد.
ويقول أحد مصادر الجيش: «لا توجد قوات حرس حدود في الجانب الليبي، وهذا يزيد من الأعباء على السلطات المصرية». ومنذ مطلع هذه السنة، منعت السلطات أي تحرك لسيارات الدفع الرباعي خارج الطرق الرئيسية في الصحراء الغربية دون تصريح مسبق. وقامت بتوجيه ضربات بالطيران لقوافل قالت إنها لـ«إرهابيين» حاولوا اجتياز الحدود إلى داخل البلاد.
وفي أعقاب انفجار الطائرة الروسية، قبل شهر، فوق شبه جزيرة سيناء التي ينشط فيها فرع لتنظيم داعش، سادت شكوك لدى المحققين عن احتمال تعاون متسللين من دواعش ليبيا مع دواعش سيناء أو الخلايا المتطرفة «النائمة» في منتجع شرم الشيخ الذي أقلعت منه الطائرة المنكوبة، في تدبير العملية التي ضربت القطاع السياحي في مصر في مقتل. وقال ضابط كبير في الجيش الليبي، إن انتقال دواعش مصريين من ليبيا إلى داخل الأراضي المصرية «أمر وارد»، رغم الضربات التي نفذها الطيران الحربي المصري في الفترة الأخيرة ضد محاولات الدواعش التسلل إلى داخل البلاد.
وأشار إلى أن أسهل طرق تسلل المتطرفين من ليبيا إلى مصر يجري عبر واحة سيوة، مشيرًا إلى أن الفوضى في ليبيا وضعف إمكانات الجيش الليبي، تجعل من الصعب على السلطات هناك مراقبة الطرق الصحراوية المهجورة الممتدة من سرت إلى واحة سيوة على حدود مصر.
وكان يوجد في مطار سرت، وفقًا للمصادر، ما لا يقل عن خمس طائرات منها طائرتان مدنيتان، وثلاث مروحيات، وتعرضت للعطب بسبب الاقتتال الذي جرى في مطلع العام بين الميليشيات المتطرفة، إلى أن تمكن تنظيم داعش من السيطرة على المدينة، ومن ثم طرد باقي الميليشيات، وأصبح يملك المطار والقصور والمقار الحكومية.
وقال المسؤول العسكري الليبي: «في الشهور الثلاثة الأخيرة تمكن دواعش سرت، من جنسيات ليبية وتونسية ومصرية، من جلب جهاز محاكاة. ويتولى ضباط متقاعدون وفارون من بلادهم، تدريب عدة عناصر على قيادة الطائرات».
وأضاف المسؤول العسكري في مقابلة مسجلة، أن «الدواعش في بلاده ممن يتدربون على قيادة الطائرات قاموا خلال الشهرين الأخيرين بتنفيذ أكبر عملية لإعادة الانتشار، جنوب سرت، بما معهم من أجهزة ومعدات، حيث انسحبوا من الكثير من المناطق التي تشهد قتالاً بين الجيش الليبي وعناصر التنظيم، وانتقلوا إلى مواقع يعتقدون أنها أكثر أمنًا، ويصعب وصول الطيران الحربي الليبي إليها».



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.