المعارضة السورية ترتب بيتها الداخلي للمشاركة في «مؤتمر الرياض»

صبرة: المؤتمر سيخرج بلجنة تنفيذية تتولى المفاوضات مع الأطراف الدولية والنظام

مقاتلون من الجبهة الشامية ولواء السلطان مراد استعادوا قرية حرجلة قرب مدينة حلب بعد أن طردوا منها تنظيم داعش (غيتي)
مقاتلون من الجبهة الشامية ولواء السلطان مراد استعادوا قرية حرجلة قرب مدينة حلب بعد أن طردوا منها تنظيم داعش (غيتي)
TT

المعارضة السورية ترتب بيتها الداخلي للمشاركة في «مؤتمر الرياض»

مقاتلون من الجبهة الشامية ولواء السلطان مراد استعادوا قرية حرجلة قرب مدينة حلب بعد أن طردوا منها تنظيم داعش (غيتي)
مقاتلون من الجبهة الشامية ولواء السلطان مراد استعادوا قرية حرجلة قرب مدينة حلب بعد أن طردوا منها تنظيم داعش (غيتي)

فيما قالت المنسقة العليا لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، يوم أمس، إن الاتحاد سيتحدث مع تركيا وروسيا هذا الأسبوع لضمان ألا يؤثر التوتر بينهما على العملية السياسية في سوريا، تعمل المعارضة السورية العسكرية على ترتيب بيتها الداخلي لتشكّل وفدا موحدا لتمثيلها في مؤتمر الرياض المتوقع عقده منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. هذا في الوقت الذي توقع فيه جورج صبرة رئيس المجلس الوطني السوري، لـ«الشرق الأوسط»، أن تطال تبعات التوتر الروسي التركي موعد لقاء فيينا المرتقب.
ولفت صبرة إلى أن الجانب الروسي، ربما قلّ حماسه للقاء فيينا، إثر أزمة سقوط الطائرة، منوها أن مؤتمر أطياف المعارضة السورية المقرر في السعودية، سيجري قبل لقاء فيينا، وسيحظى بالجدية الكافية، لأن الرياض لديها العزم لإنجاحه، والخروج بوثائق سياسية توحد رؤية المعارضة تجاه الحل، وسينجم عنه شكل من أشكال اللجنة التنفيذية التي ستتولى معالجة الشأن السياسي، وترتيب أمور المفاوضات مع الأطراف الدولية والنظام.
من جانبه، قال المستشار القانوني في «الجيش الحر» أسامة أبو زيد، إن الدعوات الرسمية من السعودية لم توجّه للأطراف المعنية بعد، إنما يتم العمل وفق المعلومات الأولية المتوفرة. وشدد أبو زيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على أنّ تنظيم داعش و«جبهة النصرة»، خارج أي مفاوضات أو اجتماعات، وأنه يتم التنسيق فيما بين الفصائل التي ستكون ممثلة من دون استثناء في الاجتماع، وتبقى التفاصيل المتعلقة بعدد الممثلين الذي سيحدّد بناء على الدعوة والعدد المطلوب للمشاركين. وتابع قوله بأنه «من المرجح أن نلجأ إلى اعتماد صيغة ممثلي الجبهات، بحيث تتفق مجموعات الفصائل الموجودة في كل جبهة على اختيار ممثلين لها، مع الأخذ بعين الاعتبار، حجم وحضور كل فصيل، على غرار مثلا (أحرار الشام) و(جيش الإسلام) اللذين قد يكون لكل منهما ممثل خاص». ولفت أبو زيد إلى أن هناك أجواء إيجابية جدا بين كل الفصائل، بعيدا عن أي خلافات. وتعقد لهذا الهدف اجتماعات دورية، لا سيّما أن هناك رغبة من الجميع بإنجاح مؤتمر الرياض والخروج برؤية واحدة، ما يعني أن المعارضة موحدة وقادرة على تسلم زمام الأمور، على عكس كل الاتهامات والحجج التي كان البعض يتسلّح بها لعدم العمل باتجاه الحل السياسي.
في المقابل، قال العقيد طلال سلو، الناطق باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، إنهم لم يتلقوا دعوة للمشاركة في مؤتمر الرياض، كما أنه لم يتم التواصل معهم من قبل أي جهة معارضة، معتبرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن هذه القوات التي تضم 15 فصيلا كرديا وعربيا وتسيطر على مناطق عدة في شمال شرقي سوريا، يجب أن تكون ممثلة في أي بحث لحل سياسي. وهو ما كان قد طالب به رئيس الحزب الديمقراطي، صالح مسلّم قبل يومين، بأن تكون «قوات سوريا» ممثلة في الرياض، على اعتبار أنها تحارب «داعش» والنظام.
غير أن جورج صبرة، قال: «إن الهجوم الذي شنته - أخيرا - جبهة سوريا الديمقراطية ضد وحدات للجيش الحر في حلب مرفوض»، مؤكدا أن الصدامات الميدانية المحلية تجري بين حين وآخر، وهناك محاولات جادة لتطويقها، لمواجهة ما سماه الغزوة الروسية، مضيفا أن «ما يطمئن هو أن الفصائل المسلحة ذات الحجم والوزن الحقيقي، توجه بنادقها بشكل صحيح، في حلب وريف اللاذقية الشمالي وغيرهما، ضد جهد روسيا، التي تسعى إلى تغيير موازين القوى على الأرض، تمهيدا لإقامة حضور لها في الميدان».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.